الكتابة في زمن الحرب (37): العلاقة ما بين المثقف والمصلح الاجتماعي
تاريخ النشر: 16th, August 2024 GMT
“المثقف الذي يلوذ بالصمت أكثر خراباً من النظام الديكتاتوري والقمعي الذي يمارس القتل ضد أبناء شعبه” - تشي جيفارا
في ظل الحديث عن دور المثقف والمصلح الاجتماعي في المجتمعات الحديثة، عليه يمكن القول أن هناك تقاطعات واختلافات في المهام والمسؤوليات التي يتحملها كل منهما. فكلاهما يسعى إلى تحسين المجتمع بطرق مختلفة، ولكنهما يؤديان أدوارهما من منطلقات فكرية ومهنية مختلفة.
دور المثقف:
1.البحث عن الحقيقة:
•المثقف مسؤول عن السعي وراء الحقيقة من خلال دراسة الأدلة والمعطيات بعمق، وعليه أن يعلنها بلا خوف من العواقب.
2.التنوير والتوعية:
•يلتزم المثقف برفع مستوى الوعي في المجتمع عبر نشر المعرفة والأفكار النقدية التي تساعد الأفراد على التفكير بعمق.
3.الاستقلالية:
•يجب أن يكون المثقف مستقلاً في تفكيره وأحكامه، رافضًا لأي ضغوط تمارس عليه من أجل تحقيق مصالح ضيقة.
4.العدالة والإنصاف:
•يقع على عاتق المثقف مسؤولية الدفاع عن العدالة والمساواة، من خلال الاهتمام بالحقائق التي تدعم قضايا حقوق الإنسان.
دور المصلح الاجتماعي:
1.إحداث التغيير الاجتماعي:
•يركز المصلح الاجتماعي على تغيير الأوضاع الاجتماعية غير العادلة، والعمل على تحسين حياة الأفراد والجماعات.
2.التنظيم المجتمعي:
•يسعى إلى تنظيم المجتمع وتحفيز العمل الجماعي لتحقيق أهداف الإصلاح الاجتماعي.
3.التأثير السياسي والاجتماعي:
•يعمل المصلح الاجتماعي على التأثير في السياسات والقرارات العامة لتحقيق العدالة والمساواة.
4.التركيز على الفئات المهمشة:
•يركز جهوده على دعم الفئات المهمشة والمظلومة، والعمل على تحسين أوضاعهم المعيشية والاقتصادية.
التقاطعات بين المثقف والمصلح الاجتماعي:
•مواجهة الظلم:
•كلاهما يلتزم بكشف الحقائق ومحاربة الظلم والفساد.
•العدالة والإنصاف:
•يشتركان في الالتزام بمبادئ العدالة والمساواة والإنصاف.
•التحديات المشتركة:
•يواجهان تحديات وضغوطًا سياسية واجتماعية تسعى لتقويض جهودهما.
الفروق بين المثقف والمصلح الاجتماعي:
•التركيز والنهج:
•يركز المثقف على البحث والتحليل ونشر الوعي النظري، بينما يركز المصلح الاجتماعي على العمل الميداني والتنظيم المجتمعي لتحقيق التغيير العملي.
•النطاق والتطبيق:
•المثقف قد يبقى في إطار التنظير والنقد الفكري، بينما يسعى المصلح الاجتماعي إلى إحداث تغييرات ملموسة وواقعية على الأرض.
المثقف الحقيقي:
1.البحث عن الحقيقة:
•المثقف الحقيقي يسعى بكل نزاهة إلى البحث عن الحقيقة من خلال التحقق من الأدلة والمعطيات.
2.الاستقلالية:
•يمتنع المثقف عن التجارة بقلمه، ولا يرهنه لمصالح غير مشروعة أو ضغوط.
3.العدالة والإنصاف:
•يركز على الحقائق التي تساند المضطهدين وتدعم القضايا العادلة.
4.الشجاعة:
•يتحلى المثقف بالشجاعة في التصريح بالحقائق، دون الخوف أو السعي وراء مكاسب شخصية.
التحديات التي تواجه المثقف في المجتمع:
1.الضغوط السياسية والاجتماعية:
•يواجه المثقف تحديات من السلطات والقوى الاجتماعية التي تحاول فرض قيود على حريته الفكرية.
2.التهميش والإقصاء:
•يمكن أن يتعرض المثقف للإقصاء من وسائل الإعلام أو الدوائر الرسمية إذا كانت آراؤه تتعارض مع المصالح السائدة.
3.الصراع الداخلي:
•قد يواجه المثقف صراعًا داخليًا بين التمسك بمبادئه ورغبته في الحفاظ على مكانته الاجتماعية.
4.التحديات الاقتصادية:
•يواجه المثقف تحديات اقتصادية تؤثر على قدرته على ممارسة دوره بحرية واستقلالية.
الوضع في السودان بعد سقوط نظام البشير:
1.ظهور كتاب دعائيين:
•بعد سقوط النظام، برزت فئة جديدة من الكتاب يركزون على “كعوبية” الكيزان دون تقديم تحليلات موضوعية أو إضافات فكرية.
2.فقدان الموضوعية:
•اتسمت هذه الفئة بنقص في الموضوعية، حيث كانت إنتاجاتهم مجرد دعاية لا تقدم قيمة تحليلية حقيقية.
3.تحزب الكتاب:
•كشف انهيار النظام عن كتاب يفتقرون إلى الاستقلالية والأمانة الفكرية، ويعملون بمنهجية حزبية بحتة.
الختام:
ينبه الكاتب الي عدم الانزلاق في فخ الدعاية المتحزبة، ويدعو إلى ضرورة التمسك بالحقيقة والموضوعية في التحليل والكتابة. يجب على المثقف الحقيقي أن يكون بعيدًا عن الأهواء الشخصية والجماعية، متمسكًا بكشف الحقيقة وخدمة العدالة والإنصاف.
عثمان يوسف خليل
المملكة المتحدة
osmanyousif1@icloud.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: العدالة والإنصاف
إقرأ أيضاً:
لوفيغارو: كيف أقدمت فرنسا على مواجهة الجزائر في اختبار قوة؟
أفادت صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية في تقرير لها بأن العلاقات بين فرنسا والجزائر تشهد توترًا حادًا وصل إلى مرحلة الجمود، وسط توقعات باستمراره حتى انتهاء ولاية الرئيس إيمانويل ماكرون.
وأرجعت الصحيفة هذا التصعيد إلى نهج النظام الجزائري، الذي يشبه في سياساته أنظمة مثل روسيا بقيادة بوتين وأمريكا خلال عهد ترامب، حيث لا يتم التعامل إلا بلغة القوة في عالم يتجه نحو المزيد من التوترات والتحديات، بحسب تعبيرها.
ويعتبر الإنذار الذي منحته فرنسا للجزائر (لمدة 4 إلى 6 أسابيع) لقبول "قائمة طوارئ" لأشخاص مُرحّلين من الأراضي الفرنسية وإلا سيُعاد النظر في اتفاقية 1968 التي تُسهل إقامة الجزائريين في فرنسا، ردًا مباشرًا على التوترات الأخيرة بين البلدين. ومن أبرز هذه التوترات هجوم مولهاوز، الذي نفذه جزائري مُلزم بمغادرة فرنسا، لكن الجزائر رفضت استعادته 14 مرة، ومحاولة ترحيل المدون المؤثر "دوالمن" بعد تهديداته لمعارضي النظام الجزائري، والتي فشلت بسبب رفض السلطات الجزائرية استقباله.
ترفض الجزائر استعادة 90% من مواطنيها المُرحلين من فرنسا، حيث لا يتجاوز معدل التنفيذ 10% إلى 12%. وتتردد باريس في استخدام ورقة التأشيرات، بحجة "عدم معاقبة الجزائريين بسبب سياسة رئيسهم"، وذلك وفقًا لدبلوماسي. كما أن فضاء شنغن يجعل إغلاق باب واحد عديم الجدوى إذا بقيت الأبواب الأخرى مفتوحة في أوروبا. ورغم الأزمات، زاد عدد التأشيرات الممنوحة بين عامي 2022 و2023، لكن هذه السياسة قد تتغير. فبدون إثبات نوايا حسنة من الجزائر، قد تُلغى إعفاءات التأشيرات للزيارات القصيرة.
طغى الخط المتشدد لوزير الداخلية الفرنسي ورئيس الوزراء على سياسة التهدئة التي تتبناها وزارة الخارجية برئاسة كاي دورسي. ففي الوزارة الأخيرة، يُفضلون تجنب التصعيد عبر حوافز مثل خفض الرسوم الجمركية للدول المتعاونة. لكن مصدرًا مقربًا من الملف انتقد الدبلوماسيين قائلا "إنهم يتمسكون بأساليب قديمة لا تُجدي. قسم شمال إفريقيا والشرق الأوسط مُشتت بسبب حرب غزة وعودة ترامب. الرئيس تبون ملزم باحترام التزاماته القنصلية".
وصف دبلوماسي الأزمة بأنها "عميقة وطويلة الأمد، مع مستوى سُميّة غير مسبوقة"، مشيرًا إلى أن العلاقة وصلت إلى شبه "قطيعة دبلوماسية". وأضاف: "جميع محركات التعاون متوقفة. العلاقة الفرنسية-الجزائرية معلقة فعليًا. عام 2025 سيكون عامًا فارغًا".
بدايةً، بدت العلاقة بين تبون وماكرون واعدة. فزيارة ماكرون إلى الجزائر في آب/ أغسطس 2022 أطلقت آمالًا بإصلاح العلاقات. وقال الرئيس الجزائري وفق مصدر دبلوماسي: "إذا لم يحدث شيء معه، فلن يحدث شيء أبدًا". أما ماكرون، فكان يحلم بـ"مصالحة الذكريات".
لكن قضية الذاكرة الاستعمارية تحولت إلى سلاح في يد الجزائر. فلم تُجدِ اعتذارات فرنسا عام 2017، ولا اعترافها بأن الاستعمار "جريمة ضد الإنسانية"، ولا الإجراءات الرمزية، أي تحسن في العلاقات. وقال مصدر مقرب: "ثورة 1962 تظل محور العلاقة. الجزائر مهووسة بماضي لا يُمحى. النظام يشوه الذاكرة ويجعل من القضية الاستعمارية قضية مقدسة".
بعد اعتراف فرنسا بـ"مغربية الصحراء الغربية" في تموز/ يوليو 2024 (الذي اعتبرته الجزائر خيانة)، قطعت الجزائر جميع قنوات الاتصال مع باريس، باستثناء أجهزة الاستخبارات. كما انتقمت باحتجاز الكاتب الفرنسي-الجزائري بوعلام صنصال منذ 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، ومُنع من اختيار محامٍ يهودي (فرانسوا زيمراي) للدفاع عنه. وأصبحت قضية الصحراء عائقًا أمام أي تطبيع، بينما تبدو الثقة بين الرئيسين مقطوعة. في الوقت نفسه، يدرس ماكرون تشديد اتفاقية 1968، بينما تفضل وزارة الخارجية سياسة "الوقت ذاته". لكن الأزمات الأخيرة دفنت هذه الاستراتيجية.
رغم التوتر، لا تستطيع فرنسا تجاهل أكبر دولة في المغرب العربي، بسبب الجالية الجزائرية الكبيرة في فرنسا، والمصالح الأمنية المشتركة في مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية. وقال دبلوماسي: "لدينا مصلحة في استقرارها. شئنا أم أبينا، الجزائر ستفرض نفسها".
تملك فرنسا وسائل للضغط على الجزائر، مثل فرض ضرائب على التحويلات المالية (20% من الناتج المحلي الجزائري يعتمد على أموال المغتربين)، أو تجميد برامج التعاون (بقيمة مئات الملايين من اليوروهات)، أو إعادة النظر في اتفاقية 1968. لكن الجزائر، المعزولة دوليًا والضعيفة اقتصاديًا بعد تراجع عائدات النفط، قد تضطر إلى أن تكون أكثر مرونة. وفي انتظار ذلك، منحت فرنسا تأشيرات لأئمة جزائريين خلال رمضان، رغم استمرار رفض الجزائر استعادة مرحّليها.