سودانايل:
2025-03-15@18:52:45 GMT

قرع طبول الحرب من الجهل أم الخوف

تاريخ النشر: 16th, August 2024 GMT

زين العابدين صالح عبد الرحمن

وصلت إلي في الواتساب؛ العديد من البوسترات، و المقالات، و التصريحات، بعض منها يطرح استفسارات، و بعض أخر يرسلها باعتبارها تهديدا أمريكيا، و بأن التهديد سوف يكون نتيجة رفض ذهاب السلطة في السودان للمفاوضات في جنيف، و البعض الأخر متخوف من الدخول في مخاشنات مع أمريكا تؤثر سلبا على السودان، و البعض الأخر يهدد أيضا بالغزو الأمريكي و الدولي أو مساندة أمريكية لقوات أفريقية مع دعمها من قبل أمريكا و الغرب.

. الأمر الذي يؤكد ان الذين يطرحون التساؤلات هدفهم الوصول لطريق الوعي الذي ينمو و يتوسع من خلال الحوار العقلاني، و هناك البعض قصدهم التهديد، لكن للأسف أن أدوات التهديد نفسها تفتقد المنطق، و الجهل بالسياسة الخرجية الأمريكية، و حتى الجهل بالمواثيق الدولية و كيفية استخدامها و تطبيقها، و أيضا جهل بالصراع الإستراتيجي الدولي في العالم..
أن مبعوث وزارة الخارجية الأمريكية للسودان توم بيرييلو، جاء لكي يكون مشرفا على العملية السياسية التي كانت تقوم بها من قبل مساعدة وزير الخارجية الأمريكي " مولي في" صاحبة فكرتي " الاتفاق الإطاري" كحل للمشكلة السياسية قبل الحرب، و أيضا فكرة " ورشة نقابة المحاميين" كان الهدف منها توسيع قاعدة المشاركة في "الاتفاق الإطاري" من القوى السياسية التي حضرت ورشة المحاميين. و عينت أمريكا لها سفير في السودان جون غودفيري لكي يكون متابعا في " الرباعية و الثلاثية" بعد الحرب تم إنهاء دور السفير و كذلك "مولي في" و أصبح بيرييلو هو الذي يمثل الإدارة الأمريكية في القضية السودانية.. للأسف أنه بدأ عمله بإطلاق التصريحات و التلويح بالعصى و الجزرة و غيرها، و أصبح متجولا بين عدد من عواصم الدول التي تجاور السودان، لكنه لم يحضر للسودان للسماع من المسؤولين، أو من المواطنين السودانيين داخل السودان..
فكرة جنيف من خلال الأجندة المطروحة، هي مختصة بتوصيل الإغاثة للمحتاجين لها داخل السودان، مع وقف لإطلاق النار يسهل عملية مرور الإغاثة.. و أمريكا بدعم سويسري و توافق سعودي؛ هم الذين هندسوا مفاوضات جنيف، و هم الذين حددوا الدول المنظمات التي تحضر المفاوضات، دون استشارة السلطة السودانية، هو التعامل بفرض الأمر..يقول الفريق أول شمس الدين الكباشي عضو مجلس السيادة و نائب القائد العام للجيش في لقاءه مع الوفد الإعلامي المصري لبورتسودان قال (رفضنا مخاطبة بلينكن للرئيس البرهان بجنرال ، تمسكنا بوفد يمثل الحكومة، كما نرفض توسعة منبر جدة و لا نريد وسطاء جدد غير السعودية و أمريكا و الاتحاد الأفريقي كما كان الحال في جدة، و أكد أن أمريكا غير حريصة على تنفيذ اتفاق جدة، و هي تراوغ و نحن نريد أتفاق سلام عادل يحقق مطلوبات الشعب.. و ليس هناك جهة تستطيع أن تملي علينا قرارأ ) بين الرؤيتين يتبين أن الخلاف عميق و هناك هوة بين الطرحين..
أن أتصال وزير الخارجية الأمريكي بلينكن برئيس مجلس السيادة البرهان يحثه على إرسال ممثلين لمفاوضات جنيف، تؤكد فشل المبعوث الأمريكي في مهمته، و هذا الفشل تحاول بعض الجهات التي تعمل لصالح الميليشيا إعلاميا أن تروج بأن رفض السودان إرسال مفاوضين سوف يجعله في مواجهة مع أمريكا، و الذين يروجون للتدخل الخارجي و يلوحون بالعصى الأمريكية، هؤلاء يؤكدون جهلهم بالسياسة الأمريكية، و كيفية اتخاذ القرار فيها، و جهلهم حتى بالمواثيق الدولية، مما يؤكد حالة الحيرة التي هم فيها.. تيم برييلو لا يستطيع أن يدخل في مناكفات، و هو يعلم أن وظيفته لا تعطيه حق التلويح بالعصى.. و حتى إذا خرجت منه كلمة تشير لذلك يلحقها بأخرى لكي تغطي عليها.. اليس هو الذي قال في القاء مع سعد الكابلي أن الميليشيا ليس لها مستقبلا في السودان.. و اشاد من قبل بالجيش الذي عمره مائة عام..
خرجت هناك مقولة نسبت إلي المبعوث الأمريكي، بأنه قال: أن حضور الأمارات كمراقب في مفاوضات جنيف جاء بطلب من القوى المدنية.. و لكنه لم يعرف من هي القوى المدنية التي قبل طلبها، ورفض طلب الجهة التي تمثل الدولة السودانية، و التي ترفض حضور الأمارات، و توسعة منبر جدة.. أن أصرار بيرييلو على حضور الأمارات ليس رغبته الشخصية، أنما هي رغبة أمريكا، حتى لا تتضرر الأمارات مستقبلا من مشاركتها مع الميليشيا في تدمير البني التحتية للسودان، و نهب و سرقة ممتلكات المواطنين و قتلهم.. فالصراع في السودان خرج من دائرة السياسة إلي إنتهاك حرمة البلاد و ضرب وحدته، و دخول عشرات الآلاف من المرتزقة من دول الجوار بغرض النهب و السرقة و الاغتصابات و غيرها من الجرائم..
ليس هناك جديدا في مفاوضات جنيف، خاصة أن السودان متمسك بمنبر جدة دون مشاركة أي دول أخرى غير السابقة.. لكن أصرار أمريكا على جنيف و توسيع المنبر، يؤكد أنها ليس ساعية من أجل توصيل الإغاثة بهدف نجدة السودانيين الذين هم في امس الحاجة إليها، أنما هي تريد أن تخرج الأمارات من مأزقها إذا طلب منها المثول أمام المنظمات و المحاكم الدولية بعد وقف الحرب، و إلا أن الأمارات سوف تعترف بكل الدول التي كانت وراء جدار، تقدم الدعم المادي و اللوجستي و الاعلام و الخبرات الفنية و العسكرية للميليشيا، و تبين حدود المؤامرة التي أحيكت ضد السودان و شعبه.. أما الذين ينتظرون الغزو الخارجي أيضا عليه أن يتدربوا على كيف الإمساك و تعلق بأجنحة الطائرات عند إقلاعها.. نسأل الله حسن البصيرة..

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فی السودان

إقرأ أيضاً:

على أبرسي.. وتبقى المآثر (2/2)

1من يسمع اسم علي أبرسي، يظن أنه ورث المجد والثروة، ولكن الحقيقة أن أبرسي شيد إمبراطوريته المالية بشقاء الليالي والجهد المضني. فمن تاجر صغير في نواحي نيالا والأبيض وزالنجي وإلى واحد من أشهر وأميز رجال الأعمال السودانيين، ارتاد آفاقًا شتى في مجال الأعمال الكبرى، وظلت مغامراته التجارية الناجحة مستمرة حتى آخر يوم في حياته.
لم يكن طريق أبرسي سهلاً ولا ميسوراً، فقد حكى لي صديقه وقريبه عوض كرار أنه التقى بأبرسي في ستينيات القرن الماضي في مجاهل دارفور، أشعث أغبر، يطارد رزقه هناك ويقود لاندروفر قديمًا.
يحكي أبرسي عن أيامه تلك في غرب السودان:
“كنا جميعًا بإحساس مشترك أبناء هذا البلد، نشق بجمالنا الأرياف والحلال، حلة حلة، وفريق فريق، نبيت ليالينا تحت الجميزة، ونصطاد الغزلان برفرف اللوري، ونشويها تحت القمر. كنا نصطاد دجاج الوادي ببندقية الخرطوش، وما زلت أتذكر ليلة رأس السنة في عام 1962، ونحن تحت جميزة، ومعي ابن عمي نشرب الشاي في ليل بهيم، إلا صوت المرفعين.”
2
بدأ أبرسي حياته التجارية بين الدويم ونيالا وزالنجي وبورتسودان، ثم عاد إلى أم درمان وأسس شركةً لاستيراد الشاي،الدقيق والاقمشه ثم اتجه إلى مجال تصدير زيت الزيوت إلى السعودية ولبنان وهولندا. وحين قدم أبرسي إلى العاصمة، كان قد أسس نفسه واسمه كتاجر ذكي يعرف أصول المهنة، وبدأت ثروته تنمو، وكذلك طموحه الذي لم يهدأ حتى آخر لحظات حياته.
بنى أبرسي لنفسه ولبلده إمبراطورية تجارية داخل السودان وخارجه. أسس في بدايته كرجل في العاصمة شركة “أبرسي للنقل”، وله حكاية معها.
يقول أبرسي:
“كنت أحلم بامتلاك (لوري) وفتح دكان، وبفضل الله امتلكت 30 (قندران)، وعمري لم يتجاوز الـ24 سنة.”
ويحكي قصة بداية إمبراطورية “أبرسي للنقل” قائلًا:
“لاحظت أن هناك فجوة في النقل، حيث بدأت السكك الحديدية في التدهور، والبضائع تتكدس في الميناء، ففكرت في تأسيس شركة نقل، لكن لم يكن لدي ما يكفي من رأس المال. طرقت عدة أبواب، ولكنني لم أفلح في إيجاد مصدر للتمويل. ألهمني الله فكرة التعامل مع البنك، فذهبت إلى عمي عمر عبد السلام وطرحت عليه الفكرة، وطلبت منه أن يضمنني لدى البنك، فنظر إليّ وقال لي: ‘أضمنك بماذا؟’. واخذت علي خاطري وخرجت من عنده، لكنه لحق بي وأوضح لي أنه أراد فقط أن يختبر مدى تصميمي على الفكرة. وبالفعل، وفر لي كل الضمانات للبنك دون أي ضمان من جانبي، إذ كانت سمعتي في السوق ممتازة. استوردت 30 شاحنة ماركة فيات الايطاليه(إيفكو)، مما جعلني أحصل لاحقًا على توكيل الشركة في السودان.”
من هنا كانت بداية إمبراطورية علي أبرسي، الذي ولج مجالات عديدة، وكلها ناجحة، فلم يبدأ عملًا أو استثمارًا إلا وأتمه على أكمل وجه.
حينما اندلعت الحرب في 15 أبريل، كان موجودا بالاراضي المقدسه لاداء العمره غادر البلاد تاركًا وراءه كل ما امتلكه من ثروة جمعها بالكفاح عبر سنوات طويلة، وشيد بها المصانع التي دمرها الجنجويد كليًا. حين يروي لك مأساة تدمير مصنع أبرسي لاسطوانات الغاز بالمنطقة الصناعية بحري، تحس بالأسى؛ فقد تم تدمير المصنع تمامًا، وتحولت عشرات الملايين إلى رماد بين يوم وليلة، كما نُهبت أكثر من 70 ألف أسطوانة غاز. لكن أبرسي لم يبالِ بما دمره الجنجويد، وكان يقول لي: “المهم أن يتعافى السودان.”
3
عندما وقعت كارثة الحرب، لم يلبث إلا قليلًا حتى واصل أعماله واستثماراته بالخارج، فعزز استثماراته القائمة في أوغندا في مجال إنتاج البن والقهوة، ثم افتتح مصائد الأسماك للتصدير.
كان يحلم بتأسيس شركة طيران عملاقة في السودان “أبرسي للطيران”، وقد بدأ خطواتها بالفعل. أرجو أن يوفق الله أبناءه لإكمال ما بدأه والدهم.
4
ويُضاف إلى رصيده التجاري، ممارسته للعمل السياسي الراشد. يقول د. أبوشوك:
“سطع نجم أبرسي عندما كان رئيسًا لبلدية أم درمان، وأصدر قرارًا شهيرًا في مطلع الثمانينيات يقضي بإغلاق البارات (حانات بيع الخمور) ومنع بيع الخمور بمدينة أم درمان، الأمر الذي أغضب الرئيس نميري ودفعه إلى إلغاء القرار، قبل أن يتخذ نميري نفسه القرار ذاته لاحقًا.”
لعب أبرسي أدوارًا سياسية متعددة منذ سبعينيات القرن الماضي، وظل دائم الحضور في الساحة السياسية، عضوًا في عدة برلمانات ومجالس شعب، وكان صوته عاليًا في نقد السياسات الاقتصادية التي انتهجتها الإنقاذ.
5
حين وقعت كارثة الحرب، كان أبرسي أول من مدّ يده لدعم القوات المسلحة بمليارات الجنيهات، التي لم يفصح عنها لأحد.
يروي لي أحد قادة الجيش المرابطين بمنطقة جبل سركاب:
“كان لعلي أبرسي مزرعة ضخمة في تلك المنطقة بها كل أنواع الفواكه ومئات من الأبقار والدواجن والبيض وكل شيء. كنا في أمسّ الحاجة للغذاء لإطعام آلاف الجنود، فقررنا الاتصال بأبرسي لشراء كل ما في المزرعة على أن يدفع الجيش له بعد انتهاء الحرب. وعندما تحدثنا إليه، صمت قليلًا ثم قال: ‘يا ولدي، أنتم تقدمون أرواحكم فداءً للسودان، فمزرعة شنو البتشتروها مني؟ هي لكم بكل ما فيها، ولا تتحدثوا معي عن قروش، نحن كلنا وأموالنا فداء للسودان.’ فأغلقنا الهاتف وبكينا جميعًا.”
6
قبل وفاته بأسبوع، تبرع أبرسي بحفر عشرات من آبار المياه في مناطق المسلمين بأوغندا، كما تكفل بمئات الأسر التي شردتها الحرب، وعشرات الطلاب، وكل ذلك دون أن تعرف يمينه ما فعلت شماله.
7
بإمكاني أن أكتب عشرات الصفحات عن علي أبرسي، حياته ومآثره وأعماله، وشخصيته الحبيبة، إلا أن ذلك لن يوفيه حقه. فهو رجل له بصماته في خدمة الشعب، سياسيًا واقتصاديًا، وله في خدمة الإسلام أيادٍ بيضاء ممتدة داخل السودان وخارجه، سواء عبر الطريقة الختمية التي أفنى عمره في خدمتها أو غيرها.
اللهم إني أشهد بأن صديقي علي أبرسي كان كريمًا، فأكرمه، وكان صادقًا مع نفسه ووطنه والناس، فاجعله مع الصديقين والشهداء، وكان محبًا لرسول الله، فانزله بقربه، واجعل الجنة مثواه.
العزاء لكافة أسرة الكوارتة الممتدة داخل وخارج السودان، وأولاده وبناته وأصهاره وأصدقائه وكل من عرفه.
أعزي فيه الشعب السوداني الذي رحل عنه وهو في أمسّ الحاجة إليه، في وقت تتكاثر فيه الزعاع، وتتناقص فيه أوتاد البلد.
لا حول ولا قوة إلا بالله. وداعًا أيها الحبيب.

عادل الباز

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • أمريكا تدرس حظر أو تقييد سفر مواطني 43 دولة بينها السودان
  • كيكل: الوحدة التي حدثت بسبب هذه الحرب لن تندثر – فيديو
  • رفض المقترح الأمريكي.. السودان ينفي تلقي أي طلب لتوطين مهجرين من غزة
  • الدول التي تدرس إدارة ترامب فرض حظر سفر عليها
  • المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط: أمريكا قدمت اقتراحا يضيق الفجوات لتمديد وقف إطلاق النار في غزة
  • كيف علق ترامب على اجتماع بوتين مع المبعوث الأمريكي؟
  • "أسوشيتد برس": أمريكا وإسرائيل تتطلعان إلى إفريقيا لنقل الفلسطينيين من غزة
  • وزير الخارجية الأمريكي يشعل تفاعلا برد على قضية محمود خليل وتأييد حماس داخل أمريكا
  • على أبرسي.. وتبقى المآثر (2/2)
  • ‏مندوب السودان  بـ”جنيف” يقدم رؤيته لوقف تدهور الأوضاع الإنسانية