موسكو- تتواصل عمليات إجلاء المدنيين من مناطق حدودية بين روسيا وأوكرانيا بالتوازي مع إعلان حالة الطوارئ الفدرالية بمقاطعة بيلغورود بسبب ما وصفها حاكمها، فياتشيسلاف غلادكوف، بـ"الأوضاع الصعبة".

وعلى وقع ذلك، تخوض القوات الروسية معارك ضارية مع نظيرتها الأوكرانية على أكثر من محور لمنع مزيد من تقدمها وإجبارها على التراجع من المناطق التي سيطرت مؤخرا عليها.

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، أمس الخميس، أنها استخدمت الصواريخ والطائرات المُسيّرة والهجمات الجوية لاستعادة السيطرة على بلدة كروبيتس في مقاطعة كورسك، بعد أن كانت القوات الأوكرانية سيطرت عليها في وقت سابق، في سياق "عملية لمكافحة الإرهاب" شملت كلا من بيلغورود وبريانسك وكورسك المتاخمة لأوكرانيا.

سباق مع الزمن

ويشكل ذلك حلقة جديدة من مفاعيل التوغل البري المباغت الذي شنته كييف في السادس من أغسطس/آب الجاري في كورسك بعمق 20 كيلومترا وعرض نحو 40 كيلومترا، والذي يصنف بأنه أول توغل عسكري أجنبي داخل الأراضي الروسية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

وتقع مقاطعة بيلغورود على بعد نحو 40 كيلومترا عن الحدود مع أوكرانيا، في حين تبعد كورسك 150 كيلومترا عن هذه الحدود.

وبينما تسابق القوات الروسية الزمن لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل التوغل الأوكراني الأخير واستعادة السيطرة على المناطق التي خسرتها، يتواصل الحديث عن شكل "الانتقام الروسي" الذي قد يترافق مع العمليات التي تقوم بها لإيقاف التقدم الأوكراني.

إلى جانب ذلك، أثار القتال بين الجيشين الروسي والأوكراني في كورسك مناقشات حول ما إذا كان الوضع في المنطقة الحدودية يمكن أن يتسبب بموجة جديدة من التعبئة في موسكو.

فقد ذكرت وكالة "بلومبيرغ" الإخبارية في 13 من الشهر الحالي -نقلا عن مصادر وصفتها بالقريبة من الكرملين ووزارة الدفاع- أنه قد يتم الإعلان عن التعبئة في روسيا في نهاية العام الحالي. ووفقا لما قالت الوكالة إنه نقل عن أحد محاوريها، سيتم تقديم ذلك للرأي العام على أنه تناوب للأفراد العسكريين على خطوط المواجهة.

بصمات غربية

في المقابل، وصفت قناة التليغرام الروسية "الحرب على التزييف" ما نشرته بلومبيرغ بـ"الأكذوبة والرواية التي تعمل لصالح الدعاية الأوكرانية". وقالت إن تجديد القوات المسلحة الروسية يتم بجنود متعاقدين وإن عددهم كافٍ.

وهذا ما أكده رئيس لجنة مجلس الدوما للدفاع، أندريه كارتابولوف، الذي نفى وجود حاجة للتعبئة بسبب الأوضاع في كورسك، مضيفا أن "هناك ما يكفي من المقاتلين في الجبهة". بينما صرح نائبه، أليكسي جورافليف، بأنه "كحد أدنى، نحن بحاجة إلى إعداد احتياطي التعبئة، ليس من أجل الحرب مع أوكرانيا، بل من أجل المواجهة مع الغرب".

وبرأي محلل الشؤون العسكرية، يوري كنوتوف، فإن الهجوم على كورسك جرى بالتعاون مع جهات غربية وإن كل هذا لا يمكن أن يحدث بدون التنسيق والإدارة مع أجهزة المخابرات والتقنيات الغربية.

وفي تعليق للجزيرة نت، قال كنوتوف إن التوغل الأوكراني "لن يمر بدون رد فعل صارم يجب أن يراه العالم كله". ولم يستبعد المتحدث أن يطال "العقاب الروسي" وزارة الدفاع ومديرية المخابرات في أوكرانيا، متابعا أنه يوجد في كييف الكثير من الأهداف "التي من الممكن والضروري ضربها، ولدى موسكو أسلحة طويلة المدى عالية الدقة لن تفوتها".

ولفت كذلك إلى أن كبار جنرالات الجيش الروسي الذين يعملون في "المناطق الجديدة بروسيا" قد يصبحون الهدف التالي ذي الأولوية للقوات الاوكرانية، وذلك على ضوء توفر معلومات تفيد بأن المخابرات الأوكرانية تعمل على مراقبة مواقعهم من أجل شن ضربات بمنظومة صواريخ "هيمارس"، لا تلحق الضرر بالجيش فحسب، بل بالمدنيين أيضا.

وأوضح أن هذه العمليات المفترضة تأتي في سياق مسارعة كييف لتحقيق نجاحات تضمن لها مزيدا من الدعم الغربي على أعتاب الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، وبعد مواقف عدة لمسؤولين غربيين شككت في جدوى المساعدات لكييف.

خطر نووي

بدوره، لفت محلل الشؤون الدولية، ديمتري كيم، إلى ضرورة اتخاذ خطوات أمنية سريعة لمواجهة مخاطر الهجوم الأوكراني الذي يشكل تهديدا مباشرا لمحطة الطاقة النووية في كورسك الواقعة على بعد أقل من 50 كيلومترا من مناطق القتال.

وقال -للجزيرة نت- إن هناك خطرا حقيقيا من وقوع ضربات واستفزازات من جانب الجيش الأوكراني تجاه المحطة، ولا ينحصر الأمر في محاولة كييف تحقيق نصر إعلامي أو مجرد نقل مؤقت للمعارك إلى داخل الأراضي الروسية.

وأكد كيم أن القوات الأوكرانية لن تقوم أبدا بعملية هجومية كبيرة في اتجاه بيلغورود أو كورسك لأنها "تخشى" الاشتباك مع القوات الروسية في المناطق الحدودية، وكذلك الرد الروسي.

ووصف التصريحات المتعلقة بالهجوم الوشيك على كورسك وبيلغورود بأنها دعاية حصرية، مضيفا أن كييف ستحاول تنظيم "هجمات تخريبية" -كما هو الحال الآن- لكنها لن تمتلك القوة الكافية للقيام بأكثر من ذلك.

وحسب رأيه، فإن الرد الروسي سيكون من خلال اختيار الأهداف الأكثر قيمة لأنه من "السخافة إنفاق صواريخ باهظة الثمن على بعض المكاتب الحكومية، كما أنه من وجهة نظر الإستراتيجية العسكرية، من الأفضل ضرب مستودعات الأسلحة والقطارات التي تحمل المعدات القادمة من الغرب ومحطات القطار نفسها".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی کورسک

إقرأ أيضاً:

بوتين يزعم سيطرة قواته على إقليم كورسك.. والجيش الأوكراني يرد

(CNN)-- زعم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، السبت، أن بلاده استعادت السيطرة على منطقة كورسك الحدودية التي شنت عليها أوكرانيا هجوما مفاجئا العام الماضي، على الرغم من أن الجيش الأوكراني أكد أن القتال لا يزال مستمرا.

وقال بوتين، السبت: "مغامرة نظام كييف فشلت فشلا ذريعا"، مهنئا القوات الروسية التي قال إنها هزمت الجيش الأوكراني في المنطقة، فيما يمثل دفعة رمزية لموسكو في مرحلة حاسمة من الحرب.

وفي المقابل، نفت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية في منشور على تيليغرام ادعاء بوتين بشأن انتهاء الأعمال العدائية في كورسك، مؤكدةً أن "ادعاء بوتين بانتهاء الأعمال العدائية في كورسك غير صحيح".

وأضاف المنشور: "العملية الدفاعية لقوات الدفاع الأوكرانية تتواصل في المناطق المحددة في منطقة كورسك. الوضع العملياتي صعب، لكن وحداتنا تواصل الاحتفاظ بمواقعها وأداء المهام الموكلة إليها".

ولم يتسن لشبكة CNNالتحقق بشكل مستقل من تقارير ساحة المعركة، لكن كلا الجانبين يكافحان لتحقيق مكاسب في أماكن أخرى على خطوط المواجهة.

وشنت أوكرانيا توغلها المفاجئ في كورسك في أغسطس/آب الماضي، وسيطرت بشكل سريع على الأراضي، فيما كان أول غزو بري لروسيا من قِبل قوة أجنبية منذ الحرب العالمية الثانية.

منذ ذلك الوقت، تقاتل روسيا، بدعم جنود من كوريا الشمالية، لطرد القوات الأوكرانية من حدودها، بينما ضخت كييف موارد عديدة للتمسك بسيطرتها على الأراضي هناك، بهدف استخدامها كورقة مساومة رئيسية في أي محادثات سلام. كما تم تنفيذ الهجوم لتخفيف الضغط عن خط المواجهة الشرقي المحاصر.

وفي خطابه، قال بوتين إن استعادة كورسك "تهيئ الظروف لمزيد من العمليات الناجحة لقواتنا في مناطق أخرى مهمة على الجبهة".

وفي منشور على تطبيق تيليغرام، شكر فاليري غيراسيموف، رئيس هيئة الأركان العامة الروسية، الجنود الكوريين الشماليين، مشيدا بـ"مهنيتهم العالية وصمودهم وشجاعتهم وبطولتهم في المعركة".

وكشف مسؤولون أوكرانيون وتقارير استخباراتية غربية أنه تم إرسال حوالي 12 ألف جندي كوري شمالي للقتال في روسيا.

وإذا صحت مزاعم بوتين، فإن آمال أوكرانيا في استخدام كورسك كأداة للتفاوض قد تلاشت الآن، ومن المحتمل أن يُضعف انسحاب أوكرانيا النفوذ السياسي لكييف، وكذلك معنويات جيشها، بعد 3 سنوات من الحرب، وفي ظل جهود مكثفة مبذولة من أجل تحقيق السلام.

ورغم أن الولايات المتحدة حاولت التوسط في محادثات سلام بين أوكرانيا وروسيا خلال الأشهر الأخيرة، إلا أن التوترات بين قادة الدول الثلاث لم تحقق الكثير من النتائج.

وكان الأسبوع الماضي حافلا، حيث اتهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بـ"صعوبة تسوية هذه الحرب" لرفضه قبول ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، ثم قال في وقت لاحق إن روسيا وأوكرانيا "قريبتان جدا من التوصل إلى اتفاق".

وخلال جنازة البابا الراحل فرنسيس في الفاتيكان، السبت، التقى زيلينسكي لفترة وجيزة مع ترامب لإجراء محادثات حول مفاوضات السلام المحتملة. ووصف متحدث باسم البيت الأبيض الاجتماع بأنه "مثمر"، بينما شكر زيلينسكي ترامب على الاجتماع، وكتب على حسابه عبر منصة "إكس"، تويتر سابقا، أنه "من الممكن أن يصبح تاريخيا، لو حققنا نتائج مشتركة".

وأضاف زيلينسكي أنه عقد اجتماعا "مثمرا" مع الرئيس ترامب على هامش جنازة البابا.

وقال: "اجتماع رائع. ناقشنا العديد من الأمور على انفراد. نأمل في تحقيق نتائج في كل ما تناولناه".

وأكد الرئيس الأوكراني موجها الشكر لترامب: "حماية أرواح شعبنا. وقف إطلاق نار كامل وغير مشروط. سلام موثوق ودائم يحول دون اندلاع حرب أخرى. اجتماع رمزي للغاية، ومن الممكن أن يصبح تاريخيا إذا حققنا نتائج مشتركة".

أمريكاأوكرانياروسياالأزمة الأوكرانيةالإدارة الأمريكيةالبابا فرنسيسالجيش الأوكرانيالجيش الروسيالحكومة الأوكرانيةالفاتيكاندونالد ترامبرومافلاديمير بوتيننشر السبت، 26 ابريل / نيسان 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

مقالات مشابهة

  • روسيا: انسحاب القوات الأوكرانية من أجزاء بكورسك الروسية
  • الرئيس الروسي يعلن استعادة كورسك بشكل كامل من القوات الأوكرانية
  • موسكو تعلن استكمال تحرير مقاطعة كورسك الروسية
  • القوات الروسية تعلن سيطرتها الكاملة على كورسك والجيش الأوكراني ينفي
  • بوتين يزعم سيطرة قواته على إقليم كورسك.. والجيش الأوكراني يرد
  • الجيش الأوكراني: عملياتنا داخل منطقة كورسك الروسية مستمرة
  • الكرملين يعلن تحرير كورسك بالكامل من القوات الأوكرانية
  • المخابرات الأوكرانية تستولي على إحدى سفن "أسطول الظل" الروسي
  • الدفاع الروسية: مقتل 75 ألفًا و870 عسكريًا بالجيش الأوكراني في "كورسك" منذ 6 أغسطس
  • آثار الدمار الناجم عن القصف الروسي في العاصمة الأوكرانية كييف