الجزيرة:
2025-05-01@16:32:21 GMT

نحو سلام عادل ومستدام في السودان

تاريخ النشر: 16th, August 2024 GMT

نحو سلام عادل ومستدام في السودان

لا شكّ أن العالم يراقب التطوّرات المأساوية في السودان، التي أثارتها الحرب بين مليشيا قوات الدعم السريع ضد الشعب والدولة السودانية منذ أبريل/نيسان 2023. تهدفُ هذه الحرب إلى إعادة تشكيل السودان ودولته وديمغرافيته وربما خريطته، لتحقيق أهداف قوة إقليمية بموافقة ضمنية أو لامبالاة من بعض الجهات الفاعلة العالمية.

يدرك المجتمع الدولي تمامًا الفظائع والانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي التي ترتكبها المليشيا ضد الشعب السوداني. وأؤكد أن قواتنا المسلحة قادرة تمامًا على هزيمة المليشيا. تخوض القوات المسلحة السودانية هذه الحرب بعزم لا يتزعزع على استعادة السلام والاستقرار، وتمكين شعبنا من إعادة بناء حياته وإصلاح الوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي اللذين هدّدتهما الحرب بشكل خطير.

لماذا تستمر الحرب؟

لم تكن هذه الحرب لتستمر لفترة طويلة بدون الدعم اللوجيستي والسياسي والإعلامي الذي تتلقاه المليشيا من بعض دول المنطقة. لذلك، ندعو في السودان جميع الدول المحبة للسلام، وكذلك المنظمات الدولية والإقليمية، إلى إدانة التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للسودان بشكل لا لبس فيه، ومطالبة هذه الدول بالكفّ عن دعم المليشيا المتمردة بالمال والأسلحة والمرتزِقة. نعتقد أن هذا هو أقصر طريق لإنهاء الحرب.

كما نناشد جميع الدول، ولا سيما بلداننا الشقيقة والصديقة، أن تدين الجرائم والفظائع التي ترتكبها المليشيا، إلى جانب انتهاكاتها الخطيرة للقانون الإنساني الدولي. إن خرق المليشيا إعلان جدة بشأن حماية المدنيين وإيصال الإغاثة، يستدعي استجابة دولية حاسمة ورادعة.

السعي من أجل السلام

يرحب السودان بجميع المبادرات الجادة الرامية إلى استعادة السلام والاستقرار. ومع ذلك، يظلّ السودان ثابتًا في التزامه بمنهاج جدة كمنتدى للتفاوض على وقف إطلاق النار. نحن نصرّ على تنفيذ قرارات منصة جدة، التي تشمل حماية المدنيين والسماح لهم بالعودة إلى ديارهم كشرط أساسي للتوصل إلى اتّفاق نهائي بشأن وقف إطلاق النار.

يظل إعلان جدة الإطار الملزم والعملي الوحيد لمعالجة القضايا الإنسانية وحماية المدنيين، وهو يوفر الأساس الأكثر جدوى لوقف إطلاق النار والسلام الدائم. ولو تم تنفيذه بحسن نية منذ توقيعه بعد أربعة أسابيع فقط من بدء الحرب، لكان من الممكن أن يؤدي إلى تسوية سلمية مبكرة. ومن ثم فإن أية محاولة لتقويض إعلان جدة أو التغاضي عنه، سوف تعرقل الحل السلمي للأزمة.

للأسف، فإن الموقف المتساهل أو المتعاطف من قبل العديد من الأعضاء المؤثرين في المجتمع الدولي تجاه تجاهل المليشيا للإعلان وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وخاصة القرار 2736 (2024)، لا يؤدي إلا إلى تعزيز إستراتيجية المليشيا المتمثلة في شراء الوقت والتهرب من التزامات السلام الجادة.

لا مجاعة وشيكة

فيما يتعلق بالحالة الإنسانية، يلتزم السودان بحماية وتقديم المساعدات للمحتاجين. ومع ذلك، لا بد لي من توضيح أن السودان لا يواجه مجاعة وشيكة، على الرغم من الحملة المتضافرة والمتعمدة للمليشيا لتجويع السكان في مناطق معينة من البلاد.

تتضمن إستراتيجية المليشيا منع الزراعة في المناطق الرئيسية المنتجة للغذاء عن طريق سرقة الآلات الزراعية والمدخلات والمحاصيل، وإغلاق قنوات الري، وإرهاب المزارعين، وعرقلة عمليات تسليم الإغاثة، ونهب مستودعات المواد الغذائية الرئيسية.

ومع ذلك، وَفقًا لآخر مسح مشترك أجرته وزارة الزراعة والوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة، لا يوجد سوى عجز طفيف في الحبوب الأساسية في البلاد، وهو أمر يحدث أحيانًا لأسباب مختلفة، مثل قلة الأمطار.

كخطة طوارئ، سنزرع كميات كافية من الذرة الرفيعة، الحبوب الأساسية الرئيسية، في حالات آمنة، حتى في تلك التي لا تزرع فيها تقليديًا. بالنسبة للقمح، الذي يتم استهلاكه بشكل أساسي في المراكز الحضرية، ستستمر البلاد في الاعتماد على الواردات.

إن تصوير التحدي الإنساني على أنه يعتمد على ممر حدودي معين أمر مضلل. حاليًا، هناك خمسة ممرات حدودية مفتوحة لمرور المساعدات، بالإضافة إلى سبعة مطارات دولية جاهزة لاستقبال رحلات المساعدات.

إن البيان الذي أصدرته منظمة "أطباء بلا حدود" مؤخرًا بشأن مصادرة شاحناتها المحملة بالأدوية والإمدادات الغذائية العلاجية من قبل المليشيا بالقرب من الفاشر، بعد عبورها من تشاد، يسلط الضوء على أن المشكلة الحقيقية تكمن في خطّة المليشيا المتعمّدة لعرقلة إيصال المساعدات، وليس في استخدام نقطة دخول محددة.

علاوة على ذلك، يدعو السودان المجتمع الدولي ومنظمات الإغاثة إلى الوفاء بتعهداتها بالمساعدات الإنسانية. حتى الآن، تمّ تحقيق حوالي 17% فقط من هذه التعهدات.

أخيرًا، أودّ أن أؤكد مجددًا عزمنا على تحقيق أهداف ثورة ديسمبر/كانون الأول 2019 المجيدة، والانتقال إلى الديمقراطية وتشكيل حكومة انتقالية بعد الحرب. وستكون أهم مهام هذه الحكومة حل المليشيات لصالح جيش وطني موحد وإجراء انتخابات عامة نزيهة، مما يسمح للشعب السوداني باختيار قادته والتعبير عن آماله وتطلعاته لمستقبل أفضل.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات

إقرأ أيضاً:

هل معادن أوكرانيا النادرة التي أشعلت الحرب ستوقفها؟

تحظى المعادن النادرة بحضور قوي على طاولة المفاوضات الجارية لوقف الحرب الروسية الأوكرانية، حيث أبدت الولايات المتحدة اهتماما بالغا بتوقيع اتفاق مع كييف لإدارة هذه المعادن، وهو ما تم فعلا أمس الأربعاء.

ووفقا لتقرير أعده مراسل الجزيرة في كييف حسان مسعود، فإن هذه المعادن -التي تمتلك الصين نصف الاحتياطي العالمي منها- تعتبر واحدة من أهم ساحات التنافس الدولي نظرا لأهميتها الكبيرة في العديد من الصناعات الإستراتيجية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2اشتباكات صحنايا تكشف هشاشة السلام بين الدروز والحكومة السوريةlist 2 of 2الأمن يستعيد السيطرة على أشرفية صحنايا بعد اشتباكات مسلحةend of list

وإلى جانب خصوبتها، تُعرف الأراضي الأوكرانية بغناها بالفحم والمعادن الثقيلة والنادرة التي تشد أنظار الغرب والشرق على حد سواء، وهو ما أحال السيطرة عليها من صراع إقليمي إلى نزاع دولي.

وبعد أن كانت السيطرة على إقليم دونباس -الذي يحمل اسم المناجم الضخمة التي يزخر بها- واحدة من أهم عوامل اشتعال الحرب قبل ثلاث سنوات، فإن حفاظ كييف على ما تبقى منه قد يكون سببا لتوقف هذه الحرب، كما يقول التقرير.

فقد خسرت أوكرانيا خُمس أراضيها في هذه الحرب، بما فيها أهم المناطق التي تحوي موارد طبيعية تقليدية كالفحم والحديد ورواسب النفط والغاز، وأجزاء من المعادن النادرة والحساسة.

وقف الحرب حفاظا على المعادن

ويبدو السعي الأميركي الحثيث إلى وقف الحرب محاولة لإنقاذ ما تبقى من هذه المعادن خارج السيطرة الروسية، حتى يتسنى لكييف وحلفائها الغربيين الاستفادة منها.

إعلان

وبعد بحث معمق، خلص التقرير إلى أن غالبية هذه المعادن بالغة الأهمية والندرة، تمثل مطمعا للدول الكبرى وكبار صناع التكنولوجيا في العالم- تقع في مناطق لا تزال خاضعة للسيطرة الأوكرانية.

فعلى حدود دونباس مباشرة، تقع مدينة دنيبروبتروفسك التي تسيطر عليها كييف بشكل كامل، وهي مدينة تختزن أرضها عددا من هذه المعادن النادرة مثل النيكل، الكوبالت، اليورانيوم، والمنغنيز وغيرها من المواد التي تدخل في الصناعات النووية والعسكرية الحساسية.

كما تحتضن منطقة "كريفي ريه"، أكبر مناجم الحديد الأوكرانية، الذي تمكنت الجزيرة من الدخول إليه والتعرف إلى طريقته في التنقيب عن الحديد والخامات الأخرى.

ووفقا لمدير منجم الحديد في شركة "بي آي سي" (BIC) بمقاطعة كريفي ريه، أوليغ غرافشينكو، فإن كييف لا تزال تستخرج الحديد منخفض التركيز من أحد محاجر المقاطعة، رغم أنهم لا يعملون بكامل طاقتهم بسبب الحرب.

الفولاذ الإلكتروني

وعلى ضخامتها، فإن المعدات والأجهزة الموجودة في هذا الموقع تظل صغيرة أمام حجم الموارد التي تخفيها الأرض الأوكرانية، وهذا ما جعل "سيرغي" يواصل العمل في مصنع "كريفي ريه ستال"، طوال مدة الحرب.

يقول هذا المواطن الأوكراني للجزيرة، إن خسارة بلاده مصنع آزوف ستال الشهير للصلب، دفعه أكثر إلى مواصلة العمل سبيلا للحفاظ على موارد البلاد.

ويمثل "كريفي ريه ستال"، أكبر مصانع الصلب المتبقية بيد الأوكرانيين، وهو لا يتوقف عن إنتاج ملايين الأطنان سنويا لإطفاء شيء من نار الطلب العالمي على الفولاذ وأنواع الحديد المختلفة.

ورغم أهمية ما ينتجه المصنع من الفولاذ والحديد المتنوع، إلا أن التركيز الأكبر ينصب على ما يسمَّى بالفولاذ الإلكتروني، الذي يدخل في صناعة محركات السيارات الذكية والمحولات وتوربينات الطاقة الكهربائية.

وينتج مصنع "كريفي ريه"، الفولاذ من خام الحديد، بينما تنتج مصانع أخرى أكثر تخصصا الفولاذ الكهربائي من خردة الحديد الذي يعالج بواسطة السيليكون.

إعلان

تريليونات الدولارات

وتقدر المعادن التي تحويها الأرض الأوكرانية بنحو 11 تريليون دولار، وهي قيمة ما تمكن العلماء من تقديره وبحثه حتى الآن، حيث تحتفظ جامعة دينبرو بقرابة 120 نوعا مختلفا منها.

وفي محاولة لتلخيص القصة الكبيرة للمعادن الأوكرانية النادرة، يقول رئيس قسم الجيولوجيا العامة بجامعة دينبرو، سيرغي شافشينكو، إن هذه العناصر الأرضية النادرة "تدخل في كل ما يحيط بنا".

ويضيف شافشينكو "لولا هذه المعادن ما كانت الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر موجوة في أيدينا، فضلا عن تقنيات الصواريخ والطائرات ووسائل الفضاء"، مؤكدا أن هذه العناصر "بالغة الأهمية، وهي جزء من الصراع لأن أوكرانيا ثرية بها".

وبعيدا عن مناطق القتال، تزداد قيمة المعادن النادرة الموجودة في وسط وغرب البلاد، بما فيها حقل التيتانيوم الواقع في "جيتومر"، حيث تمتلك أوكرانيا أكبر احتياطات أوروبا (ما يعادل 7% من الاحتياطي العالمي) من المعدن الذي يعتبر أساسيا في الصناعات الفضائية والطبية والبحرية.

ومع ذلك، فإن ما تمتلكه أوكرانيا من المعادن النادرة يعتبر بسيطا إذا قورن بما تمتلكه الصين التي تمتلك ثلث احتياطات العالم، وهو ما يعكس تمسك الولايات المتحدة بالوصول إلى ما تبقى خارج أيدي خصومها من هذه المعادن، وخصوصا أوكرانيا التي تعوم على بحر مما تحتاجه أميركا لصناعات الذكاء الاصطناعي مثل الغرافيت.

ففي مقاطعة كريفوغراد، جنوب وسط البلاد، حيث يقع أحد أضخم حقول الغرافيت، يبذل الأوكرانيون جهودا لتكرير المعدن الثمين وتجهيزه للاستخدام.

ويرى الخبير في المعادن النادرة، فلوديمير كادولين، أن الصين تعتبر أكبر لاعب عالمي في مجال المعادن النادرة اليوم، مؤكدا أنها تحتكرها تقريبا بعدما أزاحت الولايات المتحدة من سوقها العالمية.

وبالنظر إلى امتلاك أوكرانيا هذه الثروات وعدم قدرتها على استخراجها منفردة، سيكون من الجديد -برأي كادولين- اختيار أفضل الأطراف التي يمكنها تقديم أفضل شروط استثمارية لكييف، ما أدى إلى وضع قوانين خاصة بهذه الاستثمارات.

إعلان

في الوقت نفسه، يقول كادولين "إن هذه المعادن الأوكرانية لا يجب احتكارها من طرف واحد في ظل التنافس العالمي المحتدم عليها".

مقالات مشابهة

  • هل معادن أوكرانيا النادرة التي أشعلت الحرب ستوقفها؟
  • والي شمال دارفور وقائد الفرقة السادسة يهنئان البرهان بالإنتصارات التي حققتها القوات المسلحة على المليشيا بالفاشر
  • السلطات بالخرطوم تشرع في إزالة ونظافة أكبر البؤر التي كانت تستخدمها المليشيا للمسروقات والظواهر السالبة
  • زيلينسكي: نريد أن تنتهي الحرب بشكل عادل..والكرملين يعتبر اتفاق سلام أمر معقد
  • الجيش السوداني لرويترز: السودان كشف تورُّط الإمارات الإجرامي وضلوعها في قتل السودانيين بدعمها ورعاية المليشيا.. والآن تحاول ذر الرماد في العيون وتختلق التهم الباطلة
  • 50 عاما على نهاية حرب فيتنام التي غيّرت أميركا والعالم
  • مبادرة من لجنة الإسناد المدني بدرع السودان لإسناد إعمار جامعة الجزيرة
  • وسط التصعيد في كييف .. دعوات أممية لاتفاق سلام فوري بين روسيا وأوكرانيا
  • قراءة نقدية لمقال المجتمع الدولي والسودان
  • البرهان في القاهرة… دلالة الزيارة ومآلاتها والرسائل التي تعكسها