نحو سلام عادل ومستدام في السودان
تاريخ النشر: 16th, August 2024 GMT
لا شكّ أن العالم يراقب التطوّرات المأساوية في السودان، التي أثارتها الحرب بين مليشيا قوات الدعم السريع ضد الشعب والدولة السودانية منذ أبريل/نيسان 2023. تهدفُ هذه الحرب إلى إعادة تشكيل السودان ودولته وديمغرافيته وربما خريطته، لتحقيق أهداف قوة إقليمية بموافقة ضمنية أو لامبالاة من بعض الجهات الفاعلة العالمية.
يدرك المجتمع الدولي تمامًا الفظائع والانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي التي ترتكبها المليشيا ضد الشعب السوداني. وأؤكد أن قواتنا المسلحة قادرة تمامًا على هزيمة المليشيا. تخوض القوات المسلحة السودانية هذه الحرب بعزم لا يتزعزع على استعادة السلام والاستقرار، وتمكين شعبنا من إعادة بناء حياته وإصلاح الوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي اللذين هدّدتهما الحرب بشكل خطير.
لماذا تستمر الحرب؟لم تكن هذه الحرب لتستمر لفترة طويلة بدون الدعم اللوجيستي والسياسي والإعلامي الذي تتلقاه المليشيا من بعض دول المنطقة. لذلك، ندعو في السودان جميع الدول المحبة للسلام، وكذلك المنظمات الدولية والإقليمية، إلى إدانة التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للسودان بشكل لا لبس فيه، ومطالبة هذه الدول بالكفّ عن دعم المليشيا المتمردة بالمال والأسلحة والمرتزِقة. نعتقد أن هذا هو أقصر طريق لإنهاء الحرب.
كما نناشد جميع الدول، ولا سيما بلداننا الشقيقة والصديقة، أن تدين الجرائم والفظائع التي ترتكبها المليشيا، إلى جانب انتهاكاتها الخطيرة للقانون الإنساني الدولي. إن خرق المليشيا إعلان جدة بشأن حماية المدنيين وإيصال الإغاثة، يستدعي استجابة دولية حاسمة ورادعة.
السعي من أجل السلاميرحب السودان بجميع المبادرات الجادة الرامية إلى استعادة السلام والاستقرار. ومع ذلك، يظلّ السودان ثابتًا في التزامه بمنهاج جدة كمنتدى للتفاوض على وقف إطلاق النار. نحن نصرّ على تنفيذ قرارات منصة جدة، التي تشمل حماية المدنيين والسماح لهم بالعودة إلى ديارهم كشرط أساسي للتوصل إلى اتّفاق نهائي بشأن وقف إطلاق النار.
يظل إعلان جدة الإطار الملزم والعملي الوحيد لمعالجة القضايا الإنسانية وحماية المدنيين، وهو يوفر الأساس الأكثر جدوى لوقف إطلاق النار والسلام الدائم. ولو تم تنفيذه بحسن نية منذ توقيعه بعد أربعة أسابيع فقط من بدء الحرب، لكان من الممكن أن يؤدي إلى تسوية سلمية مبكرة. ومن ثم فإن أية محاولة لتقويض إعلان جدة أو التغاضي عنه، سوف تعرقل الحل السلمي للأزمة.
للأسف، فإن الموقف المتساهل أو المتعاطف من قبل العديد من الأعضاء المؤثرين في المجتمع الدولي تجاه تجاهل المليشيا للإعلان وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وخاصة القرار 2736 (2024)، لا يؤدي إلا إلى تعزيز إستراتيجية المليشيا المتمثلة في شراء الوقت والتهرب من التزامات السلام الجادة.
لا مجاعة وشيكةفيما يتعلق بالحالة الإنسانية، يلتزم السودان بحماية وتقديم المساعدات للمحتاجين. ومع ذلك، لا بد لي من توضيح أن السودان لا يواجه مجاعة وشيكة، على الرغم من الحملة المتضافرة والمتعمدة للمليشيا لتجويع السكان في مناطق معينة من البلاد.
تتضمن إستراتيجية المليشيا منع الزراعة في المناطق الرئيسية المنتجة للغذاء عن طريق سرقة الآلات الزراعية والمدخلات والمحاصيل، وإغلاق قنوات الري، وإرهاب المزارعين، وعرقلة عمليات تسليم الإغاثة، ونهب مستودعات المواد الغذائية الرئيسية.
ومع ذلك، وَفقًا لآخر مسح مشترك أجرته وزارة الزراعة والوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة، لا يوجد سوى عجز طفيف في الحبوب الأساسية في البلاد، وهو أمر يحدث أحيانًا لأسباب مختلفة، مثل قلة الأمطار.
كخطة طوارئ، سنزرع كميات كافية من الذرة الرفيعة، الحبوب الأساسية الرئيسية، في حالات آمنة، حتى في تلك التي لا تزرع فيها تقليديًا. بالنسبة للقمح، الذي يتم استهلاكه بشكل أساسي في المراكز الحضرية، ستستمر البلاد في الاعتماد على الواردات.
إن تصوير التحدي الإنساني على أنه يعتمد على ممر حدودي معين أمر مضلل. حاليًا، هناك خمسة ممرات حدودية مفتوحة لمرور المساعدات، بالإضافة إلى سبعة مطارات دولية جاهزة لاستقبال رحلات المساعدات.
إن البيان الذي أصدرته منظمة "أطباء بلا حدود" مؤخرًا بشأن مصادرة شاحناتها المحملة بالأدوية والإمدادات الغذائية العلاجية من قبل المليشيا بالقرب من الفاشر، بعد عبورها من تشاد، يسلط الضوء على أن المشكلة الحقيقية تكمن في خطّة المليشيا المتعمّدة لعرقلة إيصال المساعدات، وليس في استخدام نقطة دخول محددة.
علاوة على ذلك، يدعو السودان المجتمع الدولي ومنظمات الإغاثة إلى الوفاء بتعهداتها بالمساعدات الإنسانية. حتى الآن، تمّ تحقيق حوالي 17% فقط من هذه التعهدات.
أخيرًا، أودّ أن أؤكد مجددًا عزمنا على تحقيق أهداف ثورة ديسمبر/كانون الأول 2019 المجيدة، والانتقال إلى الديمقراطية وتشكيل حكومة انتقالية بعد الحرب. وستكون أهم مهام هذه الحكومة حل المليشيات لصالح جيش وطني موحد وإجراء انتخابات عامة نزيهة، مما يسمح للشعب السوداني باختيار قادته والتعبير عن آماله وتطلعاته لمستقبل أفضل.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات
إقرأ أيضاً:
إحصائية بالخسائر التي خلفتها حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة .. تقرير
الجديد برس|
كشفت معطيات إحصائية جديدة حجم ما ألحقته آلة القتل والتدمير الإسرائيلية في القطاع غزة على مدار 470 يومًا من حرب الإبادة الجماعية التي طاولت كل مقومات الحياة الإنسانية.
وقدر المكتب الإعلامي الحكومي في تقرير إحصائي نشره اليوم الثلاثاء، الخسائر الأولية المباشرة للحرب بأكثر من 38 مليار دولار، فيما بلغت نسبة الدمار 88%.
وبين أن جيش الاحتلال ألقى طوال فترة الحرب على غزة 100 ألف طن من المتفجرات، استشهد على إثرها 46 ألفًا و960 مواطنا، بينهم 17 ألفًا و861 طفلًا منهم 214 رضيعًا و808 أطفال دون عمر السنة، بالإضافة لارتقاء 12 ألفًا و316 امرأة، مشيرا إلى نسبة الأطفال والنساء تشكل 70% من إجمالي عدد الضحايا.
وسجل الإعلام الحكومي 14 ألفًا و222 مفقودًا، ونحو 110 آلاف و725 إصابة، بينهم 15 ألفًا بحاجة لعمليات تأهيل طويلة الأمد، و4 آلاف و500 حالة بتر، موضحا أن 18% من إجمالي حالات البتر سجلت بين الأطفال، فيما يحتاج 12 ألفًا و700 جريح للعلاج في الخارج.
وأوضح الإعلام الحكومي أن 38495 طفلًا يعيشون بدون والديهم أو بدون أحدهما، فيما فقدت 13901 من النساء أزواجهن خلال الحرب.
وفي تفاصيل ممارساته الإجرامية، ارتكب الاحتلال مجازر مروّعة ضد العائلات الفلسطينية طيلة أشهر الحرب، حيث أباد 2092 عائلة بمجموع عدد أفراد 5967 شهيدًا، في حين أنّ 4889 عائلة أخرى فقدت جميع أفرادها باستثناء فرد واحد (الناجي الوحيد)، ليصل عدد شهداء هذه العائلات إلى أكثر من 8980 شهيدًا.
النزوح والجوع
في حين أجبرت حرب الإبادة مليونين من مواطني قطاع غزة البالغ عددهم حوالي 2.3 مليون فلسطيني، على النزوح في أوضاع مأساوية مع شح شديد متعمد في الغذاء والماء والدواء، حسب إحصاءات المكتب الإعلامي الحكومي. وأشار إلى أنّ 110 ألف خيمة اهترأت وأصبحت غير صالحة للنازحين، فيما أُصيب أكثر من مليونين و136 ألفًا بأمراض معدية نتيجة النزوح، فيما انتقلت عدوى التهابات الكبد الوبائي لنحو 71 ألفًا و338 نازحًا.
وفي غزة، شدد المكتب على أن “الناس ماتت جوعًا ومن البرد أيضًا”، إذ استشهد 8 فلسطينيين بينهن 7 أطفال من شدة البرد في الخيام، فيما استشهد 44 نتيجة سياسة التجويع التي انتهجها الاحتلال خلال أشهر الحرب ضد سكان القطاع تحديدًا محافظتي غزة وشمالها لحملهم على الهجرة القسرية، ولا يزال الموت يتهدد نحو 3 آلاف و500 طفل في القطاع بسبب سوء التغذية.
وعلى مدار أكثر من 15 شهرا من الإبادة التي ارتكبها الاحتلال بغزة، لم يسلم القطاع الصحي من دائرة الاستهداف المباشر والحصار المشدد، حيث وصل عدد شهداء الطواقم الطبية ألف و155 شهيدًا ونحو 360 معتقلًا أعدم منهم 3 أطباء داخل السجون.
المستشفيات والدفاع المدني
ومنذ السابع من أكتوبر ألو 2023، طال العدوان 34 مستشفى في قطاع غزة من خلال حرقها أو الاعتداء عليها أو إخراجها من الخدمة، فيما تعمل بقية المستشفيات بقدرات محدودة للغاية.
وأدى العدوان، وفي معطيات الإعلام الحكومي، لإخراج 80 مركزا صحيا عن الخدمة بشكل كامل، كما استهدف الاحتلال 162 مؤسسة صحية أخرى، فضلًا عن استهداف وتدمير 136 سيارة إسعاف مما أدى إلى شلل كبير بقدرة الطواقم الطبية على الاستجابة لحالات الطوارئ.
أما طواقم الدفاع المدني فقد استشهد منهم 94 عاملًا، واعتُقل 26 آخرين من إجمالي 6 آلاف و600 حالة اعتقال نفذها الاحتلال في قطاع غزة منذ بادية الحرب، ووضعتهم تحت ظروف قهرية بدنية ونفسية قاسية، ومارست عليهم شتى أنواع التعذيب والتنكيل، وواجه بعضهم عمليات اغتصاب وتحرش جنسي.
وخلال الحرب دمر الاحتلال 19 مقبرة بشكلٍ كلي وجزئي من أصل 60 مقبرة، وانتهك حرمة الأموات بسرقة ألفي و300 جثمان من المقابر. كما اكتشفت الطواقم المختصة 7 مقابر جماعية أقامها الاحتلال داخل المستشفيات، جرى انتشال 520 شهيدًا منها.
كما لم تسلم بيوت العبادة من العدوان، حيث تعرض 823 مسجدًا للهدم الكلي بفعل الاستهداف المباشر، و158 مسجدا بشكلٍ بليغ بحاجة لإعادة ترميم، إلى جانب استهداف وتدمير 3 كناس في القطاع، و206 مواقع أثرية.
وشدد الإعلام الحكومي على تعمد جيش الاحتلال منذ بداية الحرب، استهداف الصحفيين وملاحقتهم في محاولة لطمس الحقيقة التي أصروا على نقلها رغم المخاطر التي أحاطت بهم، إذ أسفرت الغارات الإسرائيلية عن استشهاد 205 صحفيين، إصابة 400 آخرين، واعتقال 48 صحفيًا معلومة هوياتهم.
البنية التحتية السكانية والخدماتية
ووفق الإحصاءات، تعرضت 161 ألفًا و600 وحدة سكنية في قطاع غزة للهدم الكلي بفعل القصف الإسرائيلي، إلى جانب 82 ألفا أخرى أصحبت غير صالحة للسكن، و194 ألفًا تضررت بشكل جزئي بدرجات متفاوتة.
وهدم جيش الاحتلال 216 مقرًا حكوميًا بشكل كلي، وارتكب 150 جريمة استهدف فهيا عناصر شرطة وتأمين مساعدات، خلّفت 736 شهيدًا. وطالت سياسة التدمير القطاع التعليمي في غزة، حيث هدم الاحتلال كليًا 137 مدرسة وجامعة، فيما تضررت 357 مدرسة وجامعة بشكلٍ جزئي.
أما ما عدد ما قتله الاحتلال من طلبة ومعلمين وأساتذة وباحثين، فقد أحصى “الإعلام الحكومي” استشهاد 12 ألفًا و800 طالب وطالبة، و760 معلمًا وموظفًا تربويًا في سلك التعليم، و150 عالمًا وأكاديميًا وأستاذًا جامعيًا وباحثًا.