قبل 18 عاماً من الآن، ويوم 15 آب عام 2006 بشكلٍ خاص، انقلبت الحكاية بالنسبة لـ"حزب الله". حينها، وجدَ الأخير نفسه خارجاً من حربٍ شعواء دارت بينه وبين إسرائيل لـ33 يوماً، فيما شعارهُ الأساس حينها هو "الإنتصار".   منذ ذلك الوقت وحتى الآن، تبدلت الكثير من المفاهيم العسكرية بالنسبة للحزب، فباتت القوة مُضاعفة بشكل كبير، حتى أن تشكيلاته تغيّرت وباتت قدراته العسكرية أكثر تقدّماً وتطوراً.

  صحيحٌ أن حرب الحزب عام 2006 أثبتت تفوّقه على صعيد الحرب البريّة ضدّ إسرائيل، وصحيحٌ أن الحرب الحالية التي بدأت يوم 7 تشرين الأول الماضي كشفت عن وجه قوّة الحزب الجويّة عبر الطائرات المُسيرة.. ولكن، ما الذي اختلف استخباراتياً بالنسبة للحزب منذ ذلك الحين وحتى الآن؟ وهل يمكن اعتبار حرب تمّوز مماثلة لتلك القائمة الآن؟   يوم الأربعاء الماضي، حطّ الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين في بيروت حاملاً رسائل واضحة وهي أنّ الأميركيين لا يريدون حرباً في لبنان. التصريحُ هذا كان علنياً ومباشراً، وهو يختلفُ تماماً عن سياق الكلام الأميركي الذي كان قائماً عام 2006. حينها، جاءت وزيرة الخارجية الأميركي كونداليزا رايس لتؤكد أن حرب لبنان ستكون مُمهدة لـ"شرق أوسطٍ جديد".   في ذلك الحين، كان "حزب الله" في حالة حرب تامّة، فمؤسساته وكل ألويته في صراعٍ وجودي، بينما قادتهُ كانوا تحت ستار الميدان، يجلسون ويمكثون فيه متنقلين بين الضاحية الجنوبية والجنوب. في ذلك الحين، كان قاسم سليماني، الجنرال الإيراني الذي قتلته أميركا في العراق عام 2020، يُدير العمليات العسكرية، بينما كان عماد مغنية، قائد الجناح العسكري لـ"حزب الله" على قيد الحياة، ويمارس التخطيط للعمليات القتالية. أيضاً، كان مصطفى بدر الدين حاضراً ضمن قيادة الحزب، بينما كان أيضاً فؤاد شكر ومحمد نعمة ناصر وطالب عبدالله وغيرهم.   اليوم، وخلال أي حرب قد تندلع، فإنّ كل هؤلاء غير موجودين ضمن "حزب الله" بعدما اغتالتهم إسرائيل بشكلٍ تدريجي على قاعدة أنها تستطيع ضرب بنية "حزب الله" العسكرية عبر تصفية قادته، وبالتالي "ضرب العقول التخطيطية".
عملياً، فإن إسرائيل أرادت الإنتقام مما شهدته خلال حرب تموز عبر اغتيال القادة وخرق "حزب الله" استخباراتياً. بالنسبة لها، فإنّ مسألة استمرار هذه المعركة الأمنية هو لصالحها من دون الدخول في حرب، لأنه في حال حصول ذلك فإن "حزب الله" سيعودُ إلى وضعية حرب تموز، وبالتالي سيشن معارك قتالية واضحة فيما ستُفتح جبهات عديدة مع لبنان.   انطلاقاً من كل ذلك، سيُقال ما الذي يختلف بين حرب تموز وهذه الحرب الحالية:   - أولاً، يتبين هو أن "حزب الله" لن يكون في المعركة وحيداً، فإسرائيل ستتلقى ضربات من 4 جبهات وهي: لبنان، العراق، اليمن، وسوريا.   - ثانياً: المعركة هذه المرة لا تحظى بغطاء أميركي. لو كان هذا الأمرُ متوافراً لكانت إسرائيل استغلت يوم 8 تشرين الأول الذي فتح خلاله "حزب الله" جبهة الإسناد لغزة، وشنت حرباً ضد الحزب حينما لم يكن حاضراً فعلياً للمواجهة الجديدة.   - ثالثاً: خلال حرب تموز، كان قادة "حزب الله" يتواجدون في الميدان، فلا اغتيالات حصلت مثلما يجري الآن. وأصلاً، من صالح الحزب أن تكون هناك حرب للحفاظ على قادته أقله من الاغتيالات، فالمعركة الأمنية تطالهم بشكلٍ واضح ويجعل الساحة تحت خطر الخرق الاستخباراتي.   - رابعاً: المعركة الحالية أسست لتضامنٍ مع "حزب الله" في الداخل اللبناني رغم وجود اعتراضاتٍ على أدائه ودوره في مساندة غزة. خلال حرب تموز، كانت الدولة اللبنانية مترددة في تأييد الحرب التي خاضها الحزب على قاعدة أنه هو من بدأها عبر عملية أسرٍ لجنديين إسرائيليين في خلّة وردة ببلدة عيتا الشعب – جنوب لبنان. أما الآن، فإنّ المعركة مرتبطة بغزة، وكشفت عن حدة الإجرام الإسرائيلي المتمادي، كما أثبتت أن إسرائيل "فتحت على حسابها" في حربها، جاعلة يدها تمتد إلى أي بلد لتنفيذ اغتيالات وشنّ عمليات قصف من دون أي رادع.   الأمر الأخير لم يحصل خلال حرب تموز، وما يحدث هو أن إسرائيل فتحت حربها على مختلف الساحات وباتت تستهدفها جميعها باعتبار أنها تمثل المحور الإيراني في المنطقة. ولهذا السبب، فإن المعركة لم تعد محصورة بساحة واحدة بعكس ما حصل في حرب تموز، بل باتت تشمل ساحات تواجهها إسرائيل من جهة، وبلدان أخرى توجه صواريخها وطائراتها المُسيرة نحو تل أبيب.   - خامساً: المعادلة الأكثر تأثيراً حالياً ترتبطُ بوجود "قوة الرضوان" التابعة لـ"حزب الله". هذه القوة لم تكن موجودة عام 2006، فيما لم تكن هناك عمليات تسلل أو كومندوس لـ"حزب الله" في الداخل الإسرائيلي. أمّا الآن، فما الذي يمنع حصول ذلك؟   كما قلنا في مقال سابق، فإن ردّ "حزب الله" المنتظر على اغتيال إسرائيل القيادي الكبير في صفوفه فؤاد شكر، قد يكون على شكل عملية اقتحام عسكرية، يرفع خلالها مقاتلو "الحزب" علمهم ويعودون إلى لبنان. هنا، سيكون الردّ كبيراً، وستكمنُ الإجابة على السؤال الذي طرحناه في مطلع المقال: "ما الذي اختلف استخباراتياً بالنسبة للحزب منذ ذلك الحين وحتى الآن؟". إن تمكن "حزب الله" من تنفيذ عملية الاقتحام، عندها ستكون إسرائيل قد وجدت نفسها أمام يوم 7 تشرين أول جديد، فهيبتها الإستخباراتية مع كل الإستنفار ستنكسر.. والسؤال الأساسي هنا: كيف ستردّ على ذلك؟ هل ستُدمّر؟ هل ستفتح حرباً كبيرة انطلاقاً من "الجنُون الإستخباراتي؟".. حتماً فلننتظر وسنرى ما سيحدث ميدانياً! المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: ذلک الحین حزب الله ما الذی عام 2006

إقرأ أيضاً:

رمضان عبد المعز: خبيب بن عدي كان مثالا حيا للصحابي الذي باع نفسه لله

فسر الشيخ رمضان عبد المعز، الداعية الإسلامي، الآية القرآنية «ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله»، راويًا قصة الصحابي الجليل خبيب بن عدي الذي ضحى بنفسه في سبيل الله، موضحًا كيف أن خبيب كان أحد الصحابة الذين أرسلهم النبي لتعليم الناس القرآن في منطقة نجد، وقد أُسر خبيب على يد المشركين في مكة وواجه مصيرًا قاسيًا عندما تم صلبه.

التمسك بالعقيدة

وتساءل «رمضان عبدالمعز»، خلال تقديم برنامجه «لعلهم يفقهون» على قناة «dmc»، اليوم الاثنين: كيف أن خبيب لم يبدِ أي خوف من الموت، بل أصر على التمسك بعقيدته، قائلاً: «ما سلمت من الأذى ولا أصاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم حتى ولو تساقطت قطرة دم من أنفه».

وأضاف: «خبيب بن عدي أصر على إتمام صلاته قبل تنفيذ قتله، ليعلمنا درسًا في الصبر والإيمان، حتى في أصعب الظروف، خبيب بن عدي كان مثالًا حيًا للصحابي الذي باع نفسه لله، كما ذكر في القرآن الكريم عن الذين يبيعون أنفسهم ابتغاء مرضاة الله».

مقالات مشابهة

  • اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَدْمِ.. دعاء في شهر رجب |ردده الآن
  • إسرائيل توجّه رسالة عاجلة لسكان غزة.. ومحور «فيلادلفيا» قد يطيح بالاتفاق
  • لماذا اختار الله شهر رجب الذي تصب فيه الرحمات لفرض الصلاة؟ علي جمعة يوضح
  • أحمد الفيشاوي يوجه رسالة مؤثرة لوالده الراحل: «أتمنى أن تكون فخورا بي الآن»
  • شركات بريطانية: سفن الحاويات ستتأثر بشدة من الشحن في البحر الأحمر 
  • بعد انتظار طويل.. إسرائيل تودع الجندي أورون شاؤول الذي قتل في غزة عام 2014 بعد استعادة جثمانه
  • رمضان عبد المعز: خبيب بن عدي كان مثالا حيا للصحابي الذي باع نفسه لله
  • كيف تبخرت جثث 2800 شهيد في قطاع غزة؟ وما السلاح الذي استعملته إسرائيل؟
  • واشنطن بوست: هذا حجم الدمار الذي أحدثته إسرائيل بلبنان بعد الهدنة
  • الاحتلال يعثر على جثة جندي أسرته كتائب القسام عام 2014