تحاول قيادة «التيار الوطني الحر» استيعاب تداعيات عمليات الفصل والاستقالة التي طالت عدداً من نوابه في الأسابيع والأيام الماضية. خصوصاً أن الشخصيات الخارجة من كنف «التيار» لها تأثيرها على القاعدة الشعبية، نظراً لتاريخها الطويل في العمل الحزبي والسياسي.
وكتبت " الشرق الاوسط": وبدأت قيادة «التيار»، وعلى رأسها النائب جبران باسيل، في تنفيذ تحذيراتها لـ 4 نواب لطالما عدوا من المتمردين على قراراتها، بفصل النائب إلياس بو صعب، في نيسان الماضي، تلاه فصل النائب آلان عون، مطلع آب الحالي، ومن ثم استقالة النائب سيمون أبي رميا، من دون استبعاد إقالة أو فصل قريباً لرئيس لجنة المال والموازنة الذي دعته القيادة لـ«الانضباط» بعد خروجه في مؤتمر صحافي للدعوة لحل الخلافات وإعادة المفصولين والمستقيلين إلى صفوف «التيار».

ويُتهم كل هؤلاء بالتمرد على النظام الداخلي لـ«التيار» وعلى قرارات القيادة.
ولم تمر كل هذه التطورات بسلاسة على صعيد القاعدة الحزبية، بل أحدثت حالة من التململ الكبير. ويقول أحد النواب الخارجين حديثاً من «التيار» إن «هناك العشرات من الاستقالات، إن لم نقل المئات، وُضعت في تصرفنا، وقسم كبير منها لمنسقي بلدات وقرى ومناطق»، مؤكداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه وزملاءه لم يطلبوا من أحد الاستقالة من التيار تضامناً معهم، «لكن حالة الاستياء من أداء القيادة كبيرة جداً».
ويتحدث النائب نفسه عن أن «المناصرين والمحازبين اليوم انقسموا إلى 3 أقسام: قسم متضامن معهم حتى النهاية وقدم استقالته أو يستعد لذلك، وقسم يعيش في ضياع كبير ولا يعرف ماذا يقرر وهو يرى المسار الانحداري للتيار، وقسم ملتزم بقرارات القيادة أياً كانت».
وتعقد القيادة اجتماعات مع مسؤولي المناطق والمنسقين لوضعهم في صورة التطورات الأخيرة ولمحاولة استيعاب استياء كثيرين منهم، وللاتفاق معهم على كيفية مقاربة هذه الأحداث مع المحازبين والمناصرين على الأرض من خلال نقل وجهة نظر القيادة إليهم.
ويجد كثير من منسقي المناطق صعوبة كبيرة في التأقلم مع هذه المستجدات، خصوصاً أولئك المقربين من النواب الـ3 الذين خرجوا من كنف «التيار». ففي حين أقدم بعضهم مباشرة على تقديم استقالته، يحاول البعض الآخر الإبقاء على علاقته وصداقته بهؤلاء النواب، ولكن البقاء منضوياً في صفوف «الوطني الحر».
ولا يعترض أحد هؤلاء النواب على هذه الاستراتيجية مؤكداً «أننا لا نريد أن ينفرط عقد التيار ولم ولن نسعى لذلك، لكن يهمنا في الانتخابات المقبلة أن نبقي على الناس الذين انتخبونا ونحاول اجتذاب أصوات جديدة تعويضاً عمن سيقررون الالتزام بالتصويت لمرشحين جدد ستطرحهم القيادة».
ويقول أحد منسقي المناطق في «الوطني الحر»، مفضلاً عدم ذكر اسمه: «لا شك إننا نحب ونقدّر النواب الخارجين من كنف التيار. لكننا نعد أنهم أخطأوا بعدم الالتزام بالنظام الداخلي وبقرارات القيادة. فلو فعل كل نائب أو قيادي عوني ما يحلو له، عندها سيتداعى الحزب، وستستفيد أحزاب أخرى من ذلك»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الوضع قد يكون صعباً بعض الشيء، لكننا قادرون على لملمة صفوفنا وتجاوز هذه المحنة بنجاح، فالمطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى أن نعود لنلتف حول القيادة وندعو للخارجين بالتوفيق».
ويُعد مؤيدون لباسيل أن «ما يقوم به طبيعي ومفهوم جداً، وهو يحصل في كل الأحزاب، لكن بعيداً عن الأضواء»، ويرون أن «ترك الحرية لكل نائب أو قيادي باتخاذ القرارات التي تناسبه يضرب مفهوم الانتماء الحزبي ويؤدي إلى تضعضع التيار وإضعافه».

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

مُعد اتفاقات أوسلو يحذر من تداعيات احتلال غزة على إسرائيل ويدعو لانسحاب شامل

حذر الخبير القانوني الإسرائيلي ومعد اتفاقات أوسلو جويل سنجر من الاستحقاقات الثقيلة التي يفرضها احتلال قطاع غزة على إسرائيل، ودعا إلى الانسحاب الكامل من غزة لتجنب دفعها.

وقال سنجر، الذي عمل مستشارا قانونيا في حكومات سابقة -في مقال كتبه بصحيفة هآرتس- إن إصرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على الاحتفاظ بالسيطرة على محوري فيلادلفيا ونتساريم في أيدي إسرائيل في "اليوم التالي للحرب" يدل على أنه يسعى للسيطرة العسكرية الإسرائيلية على غزة، بصرف النظر عن التوصل إلى اتفاق مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإخلاء الجيش الإسرائيلي، أو عدمه.

وأضاف أن ذلك يعني أن المنطقة بأكملها ستبقى محتلة من إسرائيل حتى لو سحب الجيش الإسرائيلي معظم قواته منها، معتبرا أن "الاختبار القانوني لاعتبار الأراضي محتلة أم لا هو اختبار واقعي، ويعتمد على سؤال واحد: هل الجيش الأجنبي (الجيش الإسرائيلي في هذه الحالة) لديه سيطرة فعلية على الأراضي أم لا؟".

وأكد أنه من وجهة نظر قانونية فإنه "ليس من الضروري أن يوجد الجيش نفسه طوال الوقت في إقليم معين، لكي يعتبر هذا الإقليم محتلا؛ بل يكفي أن تسيطر القوة العسكرية على عدة أماكن إستراتيجية في الأراضي أو حولها، ومن ثم تمنع أي قوة عسكرية أخرى من الاستيلاء".

وقال "بمجرد اعتبار إقليم ما محتلا، فسينطبق عليه القانون الدولي الذي يتعامل مع الاحتلال العسكري (أو الاحتلال الحربي، كما ينطبق عليه التعبير القانوني الرسمي)".

وأشار في هذا السياق إلى اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين في وقت الحرب (1949)، التي تركز على التزام المحتل باستعادة النظام العام وضمان الاحتياجات الإنسانية للسكان المدنيين في الأراضي المحتلة.

يذكر أن إسرائيل ادعت منذ عام 1967 أنه بسبب مطالبتها بالسيادة في الضفة الغربية وقطاع غزة، فإن الأراضي غير محتلة وإن اتفاقية جنيف لا تنطبق عليها، ومع ذلك، فقد تعهدت للمجتمع الدولي بالعمل فيها وفقا للأحكام الإنسانية للاتفاقية.

وتطرق الخبير الإسرائيلي إلى التناقض بين نية نتنياهو الحفاظ على السيطرة العسكرية الإسرائيلية على غزة، ورفض وزير الدفاع يوآف غالانت إقامة حكومة عسكرية هناك، حينما قال إن "الحكومة العسكرية الإسرائيلية في غزة ستصبح الجهد الأمني الرئيسي لإسرائيل خلال السنوات المقبلة على حساب الساحات الأخرى. سيكلف (هذا الجهد) الدم والضحايا ويجلب ثمنا اقتصاديا باهظا".

إمساك العصا من المنتصف

واعتبر سنجر أن هناك خلافا بين احتلال إسرائيل للبنان عام 1982 واحتمال احتلال غزة، فقال إن جيش الاحتلال لم يقم بتشكيل حكومة عسكرية في الأراضي اللبنانية المحتلة، "لأن الحكومة اللبنانية استمرت طوال هذا الوقت في تقديم الخدمات للسكان في الأراضي المحتلة دون أي تدخل أو حتى تشجيع من الجيش الإسرائيلي"، أما في حالة قطاع غزة، فلا توجد حكومة شرعية في غزة اليوم يمكنها الاستمرار في تقديم الخدمات للسكان، حسب رأيه.

وساق الخبير القانوني مثالا آخر، وهو المنطقة (ب) من الضفة الغربية، حيث استمر الجيش الإسرائيلي، وفقا لاتفاقات أوسلو، في السيطرة على الأمن، لكنه سحب الحكومة العسكرية ونقل المسؤولية عن الشؤون المدنية إلى السلطة الفلسطينية، وقال "لا يوجد قانون في غزة كمنطقة (ب) في الضفة الغربية، بسبب معارضة نتنياهو لدخول السلطة الفلسطينية إلى غزة"، مشيرا إلى تصريحه: "لست على استعداد لاستبدال فتح بحماس".

وانتقل من هذه القاعدة للقول إن إسرائيل أمام استحقاق الانسحاب إذا أرادت إزالة مسؤوليتها القانونية عن رعاية جميع احتياجات سكان غزة، بما في ذلك مسؤولية الدراسة المنتظمة في المدارس، وإعادة تأهيل المستشفيات، وتوفير الغذاء والكهرباء والمياه، وما إلى ذلك.

وقال "يجب على إسرائيل إكمال الانسحاب الكامل من غزة وألا تستمر في السيطرة على القطاع عسكريا، سواء من خلال الحفاظ على السيطرة على محور فيلادلفيا ونتساريم، أو غير ذلك، وأن تؤكد أنها غير ملزمة برعاية السكان المحليين، ما دامت لا تتدخل مع عناصر أخرى للقيام بذلك".

وحذر من أنه إذا أرادت إسرائيل أن تحافظ على سيطرتها العسكرية على قطاع غزة، فسيتعين عليها التعامل مع السكان المدنيين هناك، وفقا لاتفاقية جنيف. ويمكن لإسرائيل أن تفعل ذلك عن طريق إعادة إنشاء آلية الحكم العسكري، أو عن طريق إيجاد بديل شرعي على استعداد لتحمل المسؤولية عن معاملة السكان المدنيين تحت المسؤولية العسكرية العليا لإسرائيل.

وختم بالقول إن "إسرائيل لا تستطيع أن تمسك العصا من المنتصف، ولن تتمكن الحكومة من دفن رأسها في الرمال، فإما الاحتفاظ بالسيطرة العسكرية على المنطقة، أو الانسحاب والتنصل من مسؤوليتها القانونية للتعامل مع السكان المدنيين، وإذا استمرت بالنهج الحالي فإن هذا الموضوع سيصل إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي وسيكون مطروحا على الأجندة الأميركية".

مقالات مشابهة

  • عصابة مسلحة تحاول اختطاف شاب في عدن بعد وضع ‘‘حبوب’’ في حقيبته
  • ترامب: هاريس تكره إسرائيل.. وحديث عن "الكارثة الإنسانية"
  • ولاية أمريكية تحاول «هاريس» كسب أصواتها.. خسر فيها بايدن
  • حزب الله بحث في تداعيات العدوان الاسرائيلي مع وفد جبهة التحرير الفلسطينية
  • رئيس عربية النواب : فلاحو مصر نجحوا فى تحقيق الأمن الغذائى لمصر
  • مُعد اتفاقات أوسلو يحذر من تداعيات احتلال غزة على إسرائيل ويدعو لانسحاب شامل
  • كيربي: الولايات المتحدة تحاول التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة
  • "شباب النواب" تهنئ البعثة البارالمبية.. وتؤكد: القيادة السياسية الداعم الأول لهم
  • هل سيتأثر الدولار بتوقيف سلامة؟
  • “دستورية النواب”: أنهينا أكثر من 500 مادة بمشروع قانون الإجراءات الجنائية