في إحدى ليالي يناير الباردة من العام 2023 تلقت سيدة خرطومية مكالمة من سمسار شهير، قدم لها عرضاً مغرياً لشراء منزلها، كان عبد الرحيم دقلو وراء صفقة شراء ذلك المنزل الذي يطل على أحد المقار العسكرية، لم يترك لها السمسار خياراً، ولكن ما أثار فضولها أن منزلها الذي باعته، ظل خالياً لأكثر من شهر دون أن تقطُنه عائلة، وتحول بعيد ذلك إلى مخزن للأسلحة، هذا ما أخبرها به جارها !!

شعرت السيدة الخرطومية أن دوي حرب قادمة يجتاح مخاوفها، إذ أنها لم تكن وحدها قد تبددت ذكرياتها المكانية، فقد قام الدعم السريع بشراء واستئجار أكثر (480) منزلاً خلال الأيام التي سبقت الرصاصة الأولى، تحديداً بالتركيز على بيوت ومقار ذات قيمة استراتيجية عالية، في كافة أنحاء الخرطوم، تحوطاً للخطة البديلة، وهى (حرب المُدن).

ما وراء حل هيئة العمليات
حين بدأ يتمكن من السلطة، عقب أبريل 2019 ، تم تنوير قائد الدعم السريع بتلك الخطة الجهنمية، فيما سوف تُخدّر أحلامه السُلطوية، ولن ترعبه تلك الكوابيس التي كانت تقض مضجعه، من بينها هيئة العمليات بجهاز المخابرات العامة، فقد ظلّ لشهور عديدة ينتظر قرار حلها، ويطمح في مصادرة مقارها ليرثها، لا كما ورث سليمان دَاوُد، في حين لم يكن ذلك المشهد المحبوك في مطلع 2020 سوى بداية الهبّة الماكرة. وقد تولى المجلس العسكري ساعتها كِبر المؤامرة ظاهريًا، لكنها في الحقيقة رغبة الدوائر الخارجية التي كانت تخطط لانقلاب الدعم السريع، والتخلص – مرة واحدة وإلى الأبد – من هيئة العمليات، لأن تلك القوة التي يُقدّر عدد أفرادها بـ 13 ألف مقاتل، تدربوا على حرب المدن ومكافحة الإرهاب والعمليات الخاصة، فتقرر هكذا بضربة لازب حلهم وتخييرهم بين الدمج في أحد “الجيشين” أو التسريح، وفي نفس الوقت تمّ تقديم مغريات لبعضهم للالتحاق بالدعم السريع ليكون دقلو قد ضرب عصفورين بحجر واحد، تخلص من الهيئة وخنق الجيش، في عقر داره.

لم يكتف دقلو بضم بعض منسوبي هيئة العمليات لقواته، بل عهد لشركة فاغنر بتدريب مجموعة من قواته – المُنتقاة عشائرياً – على حرب المُدن، فتشكلت لديه قوة مدربة على ذلك، وهو ما دفعه صباح الحريق أن يطلق تصريحه الشهير الذي توعد فيه ضباط الجيش السوداني:” حا نوريهم الشئ الما درسوه في الكلية الحربية”، وقد كان يقصد بذلك حرب المدن والقناصة، فقد اقتضت خطة الإنقلاب الاستعداد لأي مقاومة محتملة وزرع القناصة والخلايا النائمة في البنايات والأزقة، ليكون دقلو أيضاً قد أفقد سلاح المدرعات فاعليته، فهو لطالما شعر بأن تلك المجنزرات الثقيلة سوف تدوس على مملكته في دقائق عندما تتحرك، وعليه التحوط والحذر، لكنه لم يكن يعرف ما تخبيئه له الأيام من مفاجآت غير سارة.

اكتفى الجيش في الأيام الأولى للحرب بالدفاع عن مقاره العسكرية (القيادة العامة – مدرعات الشجرة – سلاح المهندسين – سلاح الإشارة – وادي سيدنا وغيرها)، مع بعض الضربات الجوية المُركزّة، وأشهرها ضربة البرج، لكنه لم يتحوط بالقدر الكافي لتعقيدات القتال في شوارع الخرطوم، أو الدفع بالوحدات الخاصة، فيما أدرك قادته على (طاولة الرمل) أن غابات الأسمنت والتضاريس الحضرية لم تكن حيادية أيضاً، وأن قناصة الدعم السريع من فوق المباني الشاهقة هم الخطر الحقيقي الماثل. وقد غلب عليهم المرتزقة من خارج الحدود، ومن المؤكد أن بنادق القنص لديهم سوف تعيق تحركات الجيش، مع حالات الالتفاف والكمائن التي لم يفلت من قبضتها سوى متحرك اللواء أيوب عبد القادر، الذي عبر قرى الجزيرة، وتمكّن عبر مناورة ذكية – في الأنحاء الجنوبية الغربية للخرطوم – من الوصول إلى سلاح المدرعات دون خسائر.

تكساس في الموعد
العقيد إبراهيم حسين، معلم التكتيك في كلية القادة والأركان، الذي أعدّ هو وزملاؤه خطة حصار وتدمير قوات التمرد المُتمركزة في مباني الإذاعة والتلفزيون، ألقوا نظرة بالمقابل على أرخبيل مجازي لشكل المعارك المتوقعة، وسط أم درمان، وكيفية التعامل مع الأهداف الخفية، لتمتد الحاجة لذلك أكثر داخل سلاح المهندسين، الذي كان شبه محاصر وقتها، جزيرة معزولة وسط أمواج نيران العدو، ويحتاج إلى توسيع رقعة التأمين، فلم يكن ثمة خيارٌ أمام العميد قصي من تكوين أول مجموعة هجومية لتنفيذ بعض المهام الخاصة العاجلة خلف خطوط العدو، وقد وجد الدعم المباشر والمتابعة الدقيقة من قائد سلاح المهندسين اللواء ركن ظافر عمر، ومن خلفهم جميعاً الفريق ياسر العطا، وذلك بعد تحديد نوع الحرب التي يخوضونها بالضرورة، وتجميع قوات نخبة من مختلف الوحدات المقاتلة.

ثمة تجارب عالمية مماثلة للوحدات المتخصصة، رينجرز روجرز، كشافة لوفات في الحرب العالمية الأولى، ومجموعة الصحراء طويلة المدى والخدمة الجوية الخاصة في حملة الصحراء الغربية وشمال غرب أوروبا، ووحدات مماثلة مثل القوة 136 في شرق آسيا، ووحدات المشاة الخفيفة الفنلندية الخاصة خلال الحرب العالمية الثانية، ويبدو أن الجيش للسوداني قرر أن يستفيد من تجاربه ومن التجارب العالمية، ويطوّر وحدات مماثلة في كافة مقاره العسكرية، وينفذ بها العديد من الهجمات المباغتة، كما سوف نرى، تمهيداً للضربة الكبرى عند ساعتها المواتية.

أول هجوم وآخر ضحية
من الصعب تحديد أول مهمة قامت بها قوات العمل الخاص في أم درمان، بيد أن سلاح المهندسين “تكساس” كان تقريباً أول من حَرك قوة من العمل الخاص بقيادة الملازم أول نوباوي وهيثم دلدوم عندما قادوا أول هجوم خاطف ومفاجئ ضد قوات التمرد التي كانت تتمركز في “صيدلية محمد سعيد”، وأحدثوا في تلك القوة خسائر فادحة، بل كان الأمر في حقيقته هجوماً ناسفاً، كشف المزيد من الثغرات في صفوف العدو الذي يتحصن بالمباني، يستمد منها قوته الزائفة، ويتحرك عبر صيحات الفزع الميدانية، مراهناً على بطء الجيش مقابل خفة تاتشراتهم.

ولعل أكبر وأهم المعارك في أم درمان، بعد التحام جيش كرري والمهندسين، وتحرير مباني الإذاعة والتلفزيون، تحققت بعمليات خاصة، قادها اللواء ظافر بنفسه، وأشهرها معارك نظافة الفتيحاب، أحياء المنصورة، حمد النيل، كرور وخلاء سوق ليبيا، وهو أمر مثير للغاية أن تتكشف عورات الضعف البائن للمليشيا، حد الرعب الذين يدفعهم للهروب، فقد كانوا يعتقدون أن أشباحاً خفية تقاتلهم، وأن البيوت المسكونة بالشياطين تطاردهم في الظلام، وقد وصل بهم الأمر حد أن العديد منهم أصيبوا بالجنون عندما اكتشفوا في الصباح أن رفاقهم اختفوا فجأة، أو تحولوا إلى جثث مُتفحمة، دون أن يعرفوا من الذي أطلق عليهم الرصاص !!

أهداف عالية القيمة
لم تكن فكرة العمل الخاص جديدة داخل القوات المسلحة، لكن حرب المدن كشفت مدى الحاجة لها، وهى تتكون من وحدات مختلفة من الجيش السوداني، ومن جهاز المخابرات وشرطة الاحتياطي، على درجة عالية من التدريب والتناغم، تعمل تحت قيادة واحدة وفاعلة، وتعرف – بلا شك – كيف تتعاطى مع حرب العصابات والجريمة العابرة، والمُداهمات الليلية، القتال عندهم نزهة، ومطاردة العدو لديهم لعبة، بارعون في الهجوم غير التقليدي على أهداف عالية القيمة.

الشواهد التاريخية على هذا النوع من القتال حاضرة بكثافة، تصادم وتفضح جهل حميدتي بالدروس التي تُعلمها الكلية الحربية لضباطها، فمعالم الخرطوم يمكن لها أن تعيق خطة العدو مثل ما تعيق حركة الجيش، أي لا تساعد أيًا من الجانبين. وهذا ليس صحيحًا في الحرب، وليس صحيحًا في الأدغال، وبالتأكيد ليس صحيحًا في القتال في المناطق الحضرية.

على تخوم القصر
دعك من كل ذلك فما تقوم بها القوات الخاصة في القيادة العامة من جهة، وسلاح المدرعات من جهة آخرى بطولات يصعب رصدها، ولندع التفاصيل جانباً ربما نستدعيها لاحقًا، ولكن قوات العمل الخاص في القيادة العامة نفذوا العديد من المهام الخطيرة، من بينها المشاركة في إجلاء القائد العام، وتوسيع نطاق جغرافيا التأمين، ولعلّ المهمة الأكثر فدائية عندما قاموا بتمشيط شارع النيل إلى ما بعد جامعة الخرطوم، وقضوا تماماً على دعاية “حصار البدرون”، وقامت أيضًا بالتخلص مع عشرات القادة بصفوف المليشيا المتمردة، وربما لا يصدق الناس أنها نفذت عمليات ناجحة على تخوم القصر الجمهوري، وفوق جسر المك نمر، وان استعادة القصر نفسه بالنسبة لها، ليس مستحيلاً، ولكن تدمير العدو في – المرحلة الأولى – أهم من اكتساب الأرض.

أبطال الحلقة الأخيرة
من الصعب حصر العمليات الناجحة التي نفذتها قوات العمل الخاص، الحارق منها والمُميت، ولعل أهمها ضرب مخازن الأسلحة والوقود، أو السيطرة عليها بالكامل، وأشهرها بالطبع عملية السيطرة على معسكر الشهيد حمودة، تلك العملية النوعية المُدهشة، حين تمكنت وحدة كوماندوز برية من السيطرة على معسكر الشهيد حمودة، غرب أم درمان، ووضعت يدها على 5 دبابات ت 72 وعدد 3 مدرعة BTR وعدد 2 مدرعة كشكش وفيض من الأسلحة والذخائر والمعدات والمهمات المتطورة، وكان المعسكر يضم مدربين من قوات فاغنر لتدريب المليشيا التي هربت وتركت خلفها أجهزة اتصال روسية الصُنع.

مِن المهم الإشارة إلى أن تمسك الدعم السريع بعدم تنفيذ اتفاق جدة، والذي قضى بخروجهم من الأعيان المدنية وبيوت المواطنين هو سِر هذه الحرب – ولو شئنا الدقة – هو سبب تطاول أمدها، لأن خطة القتال التي تم تصميمها بالخارج، على يد شركات أمنية ذات طبيعة استخباراتية تقوم على التمسك بالقوات داخل الأحياء السكنية، ونشر القناصة فوق المباني الحكومية وأسطح المنازل، بحسبان أن الجيش لا يمكن أن يدمر البيوت والمؤسسات العامة، وهذا يضمن لهم – على الأقل – البقاء في مأمن لأطول فترة ممكنة، حتى يتم تفعيل بقية السيناريوهات، لكن قوات العمل الخاص أبطال الحلقة الآخيرة بالمرصاد، فكيف تعاملت معهم؟
نواصل

المحقق – عزمي عبد الرازق

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: قوات العمل الخاص سلاح المهندسین هیئة العملیات الدعم السریع أم درمان حرب الم

إقرأ أيضاً:

طرح شركات الجيش فى البورصة يعزز ثقة القطاع الخاص

مليار جنيه حجم المشروعات المنفذة من المكتب

هى ليست مجرد كلمات متراصة، بل أفكار تتجسد فى أروع صورها، تنقلك إلى عوالم أكثر حداثة، تجدد بداخلك الشغف والإلهام.. عبارات تحمل فى طياتها قوة التأثير وسحر الإبداع، كلمات تدعو إلى التفاؤل والأمل، تجعلك تسطر مسيرة صفحاتها تحمل القوة، تدفع إلى مسار التفكير الإيجابى، والقدرة على أن تكون قيمة مضافة.. عليك أن تفتش فى عمق الأشياء وليس ظاهرها.. وكذلك محدثى سلك فلسفة طريق العقلية الفارقة، ليُحدث أثراً، ويترك بصمة.
الأحلام هى بذور الواقع، فلا تتركها تذبل بل اسْقِها بالعمل، والإصرار، لا تندم فكل يوم فى مشوارك يعلمك درسا جديدا، فثقتك بنفسك تجعلك قادرا على تحقيق كل ما تريد، حتى لو واجهت تحديات صعبة، ومطبات وعرة.. وعلى هذا الأساس كانت مسيرة محدثى منذ الصبا.
محمد خضير، الشريك المؤسس والمدير لمكتب خضير للاستشارات القانونية، والرئيس التنفيذى الأسبق لهيئة الاستثمار.. الموهبة فى قاموسه وحدها لا تكفى للوصول إلى الهدف، لكن العزيمة والإصرار هما الفيصل، أسلوبه يُبنى على السهل الممتنع، يصنع معجزته بنفسه، يحمل الشكر لكل من ساهم فى صناعة شخصيته وأولهم والداه وزوجته.
تصميم رائع، أفكار مبتكرة تضفى لمسة من الأناقة، واحة خضراء، تتوسطها أرض عشبية، تتخللها مسارات ضيقة للمياه، على أطرافها نباتات عطرية، بموازاة السور شريط من الأشجار المثمرة.. الواجهة مصممة برسومات هندسية.. عند المدخل الرئيسى اللون الأبيض الكريمى يسود الجدران، تزين بمجموعة من اللوحات المنقوشة برسومات يدوية تحمل تراث العصور القديمة، مجسمات وأنتيكات ترصد محطات مهمة من التاريخ، نباتات عطرية، وفازات ديكورية تملأ أرجاء المكان.. بالطابق الثانى تبدو غرفة مكتبه، وقد اتسم ديكورها بالكلاسيكية، صورة والديه تزين الغرفة، أرفف مكتبته تضم قرابة ألف كتاب من النوادر، وملفات التاريخ والعظماء، سطح مكتبه أكثر تنسيقا، وترتيبا، قصاصات ورقية يدون فى سطورها تفاصيل عمله اليومى، أجندة ذكريات تحمل محطات فارقة فى حياته، وكل مشواره وما تحقق له من نجاحات، بدأ افتتاحيتها بقوله «اجعل رصيد رحلتك أن ليس لك إلا ما سعيت».
تحليله يبنى على التفكير العميق، والقرارات الحاسمة، عقلية تتسم بتحقيق الفارق، وطنى بدرجة كبيرة، تجده مهموما بكل ما يتعلق بالنمو والتنمية، لا يتردد فى التحفظ، والانتقاد للأمور التى تتطلب ذلك.. يقول إن «تحليل مشهد الاقتصاد الوطنى يتطلب تفسير ما شهده الاقتصاد العالمى، والمتغيرات التى شهدها على مدار الـ5 سنوات الماضية، والتى مثلت ضغوطا، وخطرا على اقتصاديات الدول، ومنها الاقتصاد الوطنى الذى يتعرض لضغوط، ومؤامرات مضاعفة.
لم تقصّر الدولة فى تجهيز البنية التحتية، بحسب قول الرجل بهدف استقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، وزيادة الإنتاج، بما يحقق مستهدفات الدولة فى تعظيم الصادرات، وترشيد الواردات، لكن هذا الملف لم تحقق الدولة به أى نجاحات، كونه من الملفات التى تتطلب تخطيطا فنيا دقيقا، واستراتيجية عميقة، يحتاج رؤية متكاملة، ومن أجل ذلك كان العمل بالاهتمام بملف الاستثمار لخدمة زيادة الإنتاج، من خلال خريطة استثمارية بمفهومها الصحيح تتناسب مع المحافظات، وميزاتها التنافسية، وهو ما يحتاج توحيد إجراءات الاستثمار بصورة مركزية لدى الأشخاص والقطاعات والجهات التى تمتلك خبرة عميقة فى المجال الاستثمارى.
* إذن ما رؤيتك لمستقبل الاقتصاد الوطنى؟
- بثقة وتفكير عميق يجيبنى قائلا إن «المشهد القادم يحمل التفاؤل والثقة، لكن بتوافر 5 عناصر رئيسية تتمثل فى تعظيم فكرة سيادة القانون بشكل متكامل، بحيث يكون المركزية التى يتم التحرك من خلالها، وتعميمها، بالإضافة إلى العمل على إعادة صياغة التخطيط الاستراتيجى ورؤية الدولة للاحتياجات القومية فى الاقتصاد الوطنى، بما فيها رؤية 2030، التى تتطلب تطويرا، وكذلك العمل على الخطة القومية فيما يتعلق بمبادرات لاستضافة أعظم الخبراء المصريين، من أجل تحديد روشة متكاملة، تتم صياغتها، والعمل على تنفيذها، بما يسهم فى معالجة القصور، فى ظل المتغيرات الخارجية الصعبة، وكذلك أيضاً زيادة حجم الشفافية فى التعامل مع الشائعات التى يهاجم بها الدولة، حيث إن الصمت عنها، تضر بالدولة، بالإضافة إلى ضرورة عودة مؤتمرات الشباب التى كانت همزة وصل مع المواطنين».
قطع مشوارا طويلا وكاملا فى العلم، وهو ما يميز الرجل فى كل ملف يتحدث عنه، تجده يتساءل بشأن أسعار الفائدة، وهل رفع الفائدة يحقق استفادة لرجل الشارع؟.. يعود ليجيب قائلا إن «رفع الفائدة لمواجهة التضخم، وله فوائده المحددة من جانب الحكومة، لكن فى هذا الملف لا بد أن يتحقق تناغم بين السياسة النقدية، والمالية، والسياسات الحكومية من خلال خطة واضحة، ومتكاملة».
يعلم أن للإنسان ما سعى، واجتهد، لذلك تكون رؤيته قائمة على السعى والاجتهاد، ونفس الأمر عندما يرى أن الحكومة سارعت إلى تفعيل الرخصة الذهبية، كونها تعمل على تسهيل وتيسير الإجراءات الخاصة بالمشروعات الاستراتيجية والقومية الكبرى، بما يسهم للتوسع فى المشروعات الاستثمارية، بعيدا عن الإجراءات الروتينية فى دهاليز المصالح الحكومية والهيئات.
لا بد أن تترك بصمة وأثرا يحقق الإفادة العامة، هو ما يؤمن به محدثى، تجده يتحدث عن الاقتراض الخارجى، وتداعياته، والبدائل التى اعتمدت عليها الدولة، منها عملية بيع الأصول، كهدف استثمارى، وكذلك تمكين القطاع الخاص، خاصة أن الاستثمارات والتوسع فى المشروعات الاستثمارية، تعتبر عمقا استراتيجيا، واقتصاديا، وتعمل على استقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، ولا تمثل خطرا.
رغم الجدل الواسع حول الأموال الساخنة، ومدى إفادتها للاقتصاد إلا أن محدثى له رؤية خاصة فى هذا الصدد، حيث يعتبرها ضرورية، إذ إنها تدعم الاستثمار المباشر، وتعتبر شهادة ثقة للاقتصاد، خاصة أنه فى عام 2017 كان هناك حجم كبير من التدفقات النقدية، فى ظل تحرير سعر الصرف، والشهادة الكبيرة من مؤسسات الائتمان الدولية بالاقتصاد الوطنى، لكن لم يقم الجناح الاستثمارى بدوره للاستفادة من هذه التدفقات بتحويلها إلى استثمارات مباشرة، تخدم مصلحة الاقتصاد.
التفاصيل مهمة لدى محدثى من خلالها يتمكن من الوصول إلى النتائج الدقيقة، ونفس الحال حينما يتحدث عن السياسة المالية، يعتبر أنها شهدت تحسنا كبيرا من خلال إعادة الصياغة فى الملف، وكذلك منظومة الضرائب التى لا بد التعامل معها على أنها لا تمثل عبئا على العملاء والمستثمرين، بما لا تدفع الاستثمارات الأجنبية للتخارج، وهو ما تسعى إليها المنظومة الضريبية، التى شهدت مرونة كبيرة، بما يحقق استقطاب الكثير من الاستثمارات الأجنبية، بالإضافة إلى الجهد الكبير المبذول للوصول إلى الاقتصاد غير الرسمى وضمه إلى المنظومة الرسمية، من خلال العديد من المحفزات، والمميزات.
* كيف ترى المشهد فى ملف الاستثمار الأجنبى المباشر.. وما المطلوب لزيادة حجمه بما يتناسب مع مكانة السوق المصرى؟
- علامات تفاؤل ارتسمت على ملامحه قبل أن يجيبنى قائلا إن «استقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، تتطلب حزمة تحفيزات، تسهم فى جذب المستثمرين، وهو ما يتطلب إعادة صياغة الملف، خاصة أنه ملف يعتبر ميكانيكا الاستثمار، ومع عودة وزارة الاستثمار سوف تسهم فى جذب المزيد من التدفقات، بالإضافة إلى الدور الكبير الذى قد تلعبه المناطق الاقتصادية ذات القوانين الخاصة، والجهد المبذول فى هذا الملف إلى أن تم تأسيس مركز المال والأعمال فى أفريقيا بالعاصمة الإدارية، باعتباره منظومة مستقلة من شأنها تحقيق طفرة فى الاقتصاد، حيث حققت مثل هذه النماذج قفزات كبيرة فى العديد من الدول المحيطة».
الوضوح والصراحة من السمات التى تميز الرجل، يتبين ذلك فى حديثه عن برنامج الطروحات الحكومية والاتجاه إلى المستثمر الاستراتيجى، بهدف توفير العملة الصعبة، فى السوق، ثم لجأت مرة أخرى إلى الاكتتابات العامة، مع التوسع فى المشروعات الاستثمارية، بحيث تعمل هذه البدائل فى اتجاه واحد، خاصة أن السوق مؤهل لاستقبال مثل هذه الطروحات، ونجاحها، مع مراعاة التسعير والمحفزات التى تستقطب مزيدا من المستثمرين.
* بعد الإعلان عن طرح شركات القوات المسلحة بالبورصة.. فما تعقيبك؟
- علامات ارتياح ترتسم على ملامح الرجل قبل أن يجيبنى قائلا إن «هذه الاتجاه يصب فى مصلحة الاقتصاد، خاصة أن إفساح المجال لصالح القطاع الخاص أمر جيد، ولكن تأخر تخارج الدولة سيعمل على زيادة التحديات، وبالتالى فإن طرح شركات الجيش بالبورصة يسهم فى تمكين وتعزيز ثقة القطاع الخاص لتحقيق قيمة مضافة للاقتصاد».
الصدق والوفاء من السمات التى يتميز بها الرجل، فى حديثه يتكشف ذلك عبر مقترحاته للحكومة بعد حالة الجدل المثارة حول اختيار المسئولين فى المناصب المختلفة والمهمة، بحيث يكون اختيار الكفاءات فى المناصب دقيقة، وقادرة على تنفيذ السياسات، ووضع مؤشرات قياس أداء عند توليهم المسئولية، بحيث إن التنفيذى قادر على إدارة الملفات المختلفة.
ليس النجاح فى مفرداته هدفا، ولكن كل ما يشغله أن يضيف قيمة، وفى كل مكان عمل به نجح فى أن يضيف كل ما يسهم فى دفع عجلة الوطن، وهو ما ينتهجه فى شركته، مع مجلس الإدارة، حيث نجح خلال الفترة القليلة الماضية فى حصد العديد من الجوائز المهمة، وهذا نتيجة لانتهاجه استراتيجية احترافية تقوم على تقديم خدمات أكثر تميزا للعملاء فى مجال الاستشارات القانونية، والأعمال، سواء كانت عمليات تأسيس أو صفقات، أو منازعات، إذ نجح فى تأسيس عدد كبير من الشركات، وتنفيذ عدد من الاستحواذات، بالإضافة إلى حجم أعمال لمشروعات تتجاوز المليار جنيه والمنفذة من خلال المكتب، مع النجاح فى الاستمرار بالتوسع فى حجم الشركاء، بعد أن أصبحت أسرة المكتب تتجاوز عن 60 فردا.
اذهب نحو أحلامك بثقة، وأحيى مسيرتك كما تخيلتها، وعلى هذا الأساس يسير الرجل فى كل مشواره العملى، لذا تجد مستهدفاته تبنى على 6 مستهدفات تتمثل فى الاستمرار فى تحقيق النجاحات، والعمل على التوسع الإقليمى من خلال التحالفات بدول الخليج، وكذلك الاستمرار فى تدريب جيل جديد من المحامين الذين يدركون قيمة المحاماة، والتوسع فى حجم الصفقات المدارة من قبل المكتب للعملاء، واستهداف 10 صفقات خلال عام 2025، مع تعظيم نجاحات قسم المنازعات بقيادة الشريك أحمد قطب سواء فى التحكيم أو التقاضى.
الصفات فى شخصه كانت كفيلة بأن تجعله أكثر توازنا، وعقلانيا، يحث أولاده على الرضا والاجتهاد، لكن يظل شغله الشاغل خدمة وطنه، والوصول بالمكتب إلى الريادة.. فهل يستطيع ذلك؟

مقالات مشابهة

  • معاوية عوض الله: العقوبات التي تصدر تجاه قادة الجيش لن تزيدنا إلا قوة وصلابة
  • في عكّار.. ما الذي ضبطه الجيش؟
  • طرح شركات الجيش فى البورصة يعزز ثقة القطاع الخاص
  • (عودة وحيد القرن) كانت من أنجح العمليات التي قام بها قوات الجيش السوداني
  • بيرييلو يناقش مع لعمامرة الدور الحاسم الذي يجب أن تلعبه الأمم المتحدة في حل الأزمة بالسودان
  • بعد عرض الحلقة الأولى.. مسلسل "فقرة الساحر" يتصدر محركات البحث
  • اليوم.. شاهد يعرض الحلقة الأولى من مسلسل "جودر"
  • الأمم المتحدة : غزة أخطر مكان على وجه الأرض في الوقت الراهن
  • عرض الحلقة الأولى من مسلسل "جودر" لـ ياسر جلال على شاهد.. تفاصيل
  • ترند ونجاح ساحق من أول حلقة.. أهم أحداث مسلسل عائلة شاكر باشا