تقرير: حرب غزة هي إحدى أكثر الحروب دموية في القرن الحالي
تاريخ النشر: 16th, August 2024 GMT
مع اقتراب حصيلة القتلى من 40 ألف قتيل، تتجه الحرب في غزة لتدخل التاريخ كواحدة من أكثر الحروب دموية في القرن الحادي والعشرين، وفق تقرير من صحيفة "هآرتس" اعتمد تدقيقا للبيانات من منظور عالمي، ومعدل ووتيرة الوفيات إضافة إلى الظروف المعيشية للسكان في القطاع.
وتقول الصحيفة إنه في الوقت الذي يتشبث فه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، وغيره من المتحدثين الإسرائيليين بحجتهم المفضلة وهي اتهام المجتمع الدولي بالنفاق فيما يتعلق بالحرب في قطاع غزة، والادعاء بأنه يتجاهل الصراعات والكوارث الإنسانية الأخرى، فإن الأرقام المسجلة حتى الآن تجعل من الحرب في غزة تتجاوز دموية النزاعات في كل من العراق وأوكرانيا وميانمار (بورما).
وقتل ما لا يقل عن 40 ألف شخص في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر. وتشير الصحيفة إلى أنه من حيث النسبة المئوية فذلك يمثل 2 في المئة من السكان البالغ عددهم حوالي مليوني شخص. وعلى سبيل المقارنة، فإن 2 في المئة من سكان إسرائيل هم حوالي 198 ألف شخص.
يقول البروفيسور، مايكل سباغات، من جامعة لندن للصحيفة: "من حيث العدد الإجمالي للقتلى، أفترض أن غزة لن تكون من بين أكثر 10 صراعات عنفا في القرن الـ21"، مضيفا ولكن بالمقارنة مع النسبة المئوية للسكان الذين قتلوا، فإنها بالفعل ضمن الخمسة الأسوأ في المقدمة.
ويضيف سباغات، وهو باحث في الحروب والنزاعات المسلحة ويراقب عدد الضحايا في تلك الأزمات "إذا أخذنا في الاعتبار مقدار الوقت الذي استغرقه قتل واحد في المئة من هؤلاء السكان، فقد يكون ذلك غير مسبوق".
تستند الأرقام المتعلقة بعدد القتلى في قطاع غزة إلى معلومات نشرتها وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، التي تسيطر عليها حماس. ومنذ بداية القتال، تم فحص المعلومات من قبل عدد كبير من المنظمات الدولية والحكومات ووسائل الإعلام، وهناك إجماع واسع على أن المعلومات ذات مصداقية.
وأصدرت "إيرورز"، وهي منظمة بريطانية تقيم الخسائر في صفوف المدنيين، تقريرا استقصائيا واسعا يدرس بعناية قائمة 3000 اسم نشرتها وزارة الصحة التابعة لحماس، لأشخاص قتلوا في الأيام الـ 17 الأولى من الحرب. قامت المنظمة بمقارنة هذه الأسماء بأخرى من مصادر معلومات أخرى، مثل وسائل التواصل الاجتماعي وتقارير وسائل الإعلام.
وظهرت 75 في المئة من الأسماء التي جمعها نشطاء في قوائم وزارة الصحة، ووجد التحقيق ارتباطا كبيرا بين البيانات الرسمية لوزارة الصحة وما نقله المدنيون الفلسطينيون على الإنترنت، وفق المنظمة، التي أشارت إلى أنه في الأشهر الأخيرة تضررت البنية التحتية الصحية في غزة بشدة بسبب الحرب، و"تشير الأدلة إلى أن أرقام وزارة الصحة أصبحت أقل دقة".
درس سباغات أيضا القوائم ووجد نسبة منخفضة من البيانات الإشكالية، مثل أرقام الهوية المفقودة أو غير المتطابقة. في القائمة المحدثة، حدد حوالي 700 من البيانات الإشكالية من أصل 28,185.
وكشف تحليل للبيانات أن 10,418 من المدرجين على أنهم متوفون هم من النساء (بما في ذلك الأطفال الإناث والمراهقات)، و 6,095 من الأطفال دون سن 12 عاما و 566 من الرضع الذين تقل أعمارهم عن عام واحد.
وقال: "إنها ليست قائمة مثالية، ولكن في الصورة الكبيرة، فإن المعلومات موثوقة للغاية". ويضيف أن "حقيقة أن وزارة الصحة الفلسطينية تنشر التفاصيل تمكّن مصادر مستقلة من التحقق منها. في المقابل، لا تقدم الحكومة الإسرائيلية أي معلومات تتعلق بعدد القتلى باستثناء عدد الإرهابيين الذين قتلوا، وهذا أيضا يتم توفيره دون أي أساس".
وأعلن الجيش الإسرائيلي، الخميس، أنه قضى على أكثر من 17 ألف مسلح منذ اندلاع الحرب مع حركة حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى في قطاع غزة قبل أكثر من عشرة أشهر.
وقال المتحدث باسم الجيش دانيال هاغاري: "تواصل قواتنا القتال في غزة.. قضينا حتى الآن على أكثر من 17 ألف إرهابي".
ولم تعلن حركة حماس حصيلة القتلى من عناصرها منذ اندلاع الحرب، كما لا يمكن التدقيق في الحصيلة التي أوردها الجيش الإسرائيلي.
وتنوه "هآرتس" إلى أن المقارنة الإحصائية بين عدد الضحايا في النزاعات العنيفة هي مسألة معقدة للغاية: أسباب اندلاع العنف، وحجم القوات المقاتلة والاختلافات بينها، وساحات القتال والأسلحة، كل هذه تختلف كثيرا عن بعضها البعض. بالإضافة إلى ذلك، فإن للأطراف المتحاربة دائما مصلحة في تشويه البيانات، وغالبا ما يكون الخط الفاصل بين المسلحين والمدنيين غير المتورطين رفيعا وغير واضح.
ولفحص شدة الحرب في غزة مقارنة بالحروب الأخرى، استخدمت صحيفة "هآرتس" قاعدة بيانات برنامج أوبسالا لبيانات الصراع (UCDP) ومقره جامعة أوبسالا في السويد، والتي تعتبر واحدة من أفضل قواعد البيانات في العالم بشأن مثل هذه الأمور.
ويقول البروفيسور دان ميوداونيك، من قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية في الجامعة العبرية في القدس، وهو خبير في الصراعات، للصحيفة إن قاعدة البيانات تعتمد على تقارير مؤكدة عن حوادث مع وفيات وتسمح بالوصول إلى قاعدة البيانات لتحديد مصدر المعلومات لكل شخص يقتل.
ومن منظور عالمي، هناك عدد غير قليل من الصراعات الأكثر فتكا من الصراع في قطاع غزة، لكن الحرب تسببت بالفعل في وفيات أكثر بكثير من عدد من حالات العنف الأخرى التي اندلعت في أماكن أخرى من العالم في السنوات الأخيرة.
ففي الإبادة الجماعية للروهينغا في ميانمار، على سبيل المثال، قتل حوالي 25 ألف شخص، وفقا للأمم المتحدة. في الإبادة الجماعية للإيزيديين على يد تنظيم داعش، في عام 2015، تشير تقديرات الخبراء إلى أن 9,100 شخص قتلوا، نصفهم من خلال العنف المباشر والنصف الآخر بسبب الجوع والمرض، بالإضافة إلى الآلاف الذين اختطفوا.
ولكن من حيث وتيرة الوفيات، تصنف الحرب في غزة كواحدة من أكثر الصراعات فتكا منذ مطلع القرن.
ومنذ بدء الحرب، بلغ متوسط معدل الوفيات في غزة حوالي 4000 وفاة شهريا. بالمقارنة، في السنة الأولى من الحرب في أوكرانيا، بلغ معدل الوفيات 7736 شهريا، بينما في أكثر سنوات الحرب دموية في العراق، 2015، كان عدد القتلى حوالي 1370 شهريا. في هاتين الحربين، كان العدد الإجمالي للقتلى أعلى بكثير مما كان عليه في الحرب في غزة، لكن هذين الصراعين استمرا، وما زالا مستمرين، لفترة أطول بكثير.
الحرب في غزة تبرز أيضا بالمقارنة مع الحروب من تسعينيات القرن العشرين، على سبيل المثال تلك التي وقعت في دولة يوغوسلافيا السابقة. واحدة من هذه المناطق كانت البوسنة، وفي أسوأ عام من الصراع، 1991، كان متوسط عدد القتلى شهريا 2097، والعدد الإجمالي للقتلى على مدى أربع سنوات كان 63 ألفا.
الفرق الأبرز بين بقية حروب القرن الـ 21 والحرب في قطاع غزة هو حجم الأراضي التي تدور فيها المعارك وعدم قدرة المدنيين غير المشاركين على الفرار من المعارك، وخاصة نسبة الضحايا بين إجمالي السكان.
امتدت الجبهات في أكبر حروب هذا القرن، في سوريا والعراق وأوكرانيا، على مدى آلاف الكيلومترات ووقعت المذبحة في مئات المواقع المختلفة. والأهم من ذلك، أن المدنيين في تلك الأماكن يمكنهم، حتى ولو بثمن مؤلم، الفرار إلى مناطق أكثر أمانا. ومن سوريا، غادر أكثر من مليون لاجئ إلى بلدان أخرى، مثل الأردن وتركيا ودول أوروبية. كما غادر مئات الآلاف من اللاجئين الأوكرانيين مناطق خط المواجهة وانتقلوا غربا.
ومساحة غزة 360 كلم مربعا، أي جزء بسيط من حجم أوكرانيا، وقد اندلع القتال في كل مكان تقريبا في قطاع غزة. لقد تم تهجير معظم سكان القطاع، لكن هروبهم إلى المناطق التي حددها الجيش الإسرائيلي كمناطق آمنة لم يساعد دائما، وقتل العديد منهم في هذه المناطق أيضا. بالإضافة إلى ذلك، فإن الظروف المعيشية في هذه المناطق الإنسانية قاسية للغاية ويعاني اللاجئون من الاكتظاظ والمرض ونقص المأوى الآمن ونقص الأدوية وأكثر من ذلك.
لكن الرقم الذي يوضح أكثر من أي شيء آخر حجم الكارثة الإنسانية في غزة هو النسبة المئوية للوفيات مقارنة بحجم إجمالي السكان. إن وفاة 2 في المئة من سكان منطقة ما في أقل من عام هو حدث استثنائي للغاية في عصر ما بعد الحرب العالمية الثانية، وخاصة خارج أفريقيا، وفق التقرير.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الحرب فی غزة وزارة الصحة فی المئة من فی قطاع غزة عدد القتلى أکثر من إلى أن
إقرأ أيضاً:
في تقرير لوكالة فيتش الائتمانية.. توقعات بتحسن اقتصادي وتعافي قطاعات الملاحة والخدمات والسياحة بمصر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يواجه الاقتصاد المصري خلال الفترة الحالية مزيجًا من التحديات والفرص، في ظل ضغوط داخلية وخارجية تؤثر على مسار النمو الاقتصادي، وجاء تقرير وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني ليعكس هذه التحديات بوضوح، حيث خفضت الوكالة توقعاتها لنمو الاقتصاد المصري للسنة المالية الحالية، وأبرزت تأثير التوترات الجيوسياسية وتراجع إيرادات قناة السويس كعوامل رئيسية في تباطؤ الأداء الاقتصادي.
ومع ذلك، لم يخل التقرير من إشارات تفاؤلية على المدى المتوسط، إذ توقعت الوكالة أن يشهد الاقتصاد تحسنًا تدريجيًا مع تعافي قطاعات حيوية مثل الملاحة والخدمات والسياحة.
وصرح الدكتور محمد عبدالهادي، الخبير الاقتصادي، بأن التقرير الأخير لوكالة “فيتش” يعكس مزيجًا من التحديات والفرص التي يواجهها الاقتصاد المصري خلال الفترة الراهنة، وأشار إلى أن خفض الوكالة توقعاتها للنمو في السنة المالية الحالية إلى 3.7% بدلًا من 4.2% يأتي كنتيجة مباشرة لتباطؤ الأداء الاقتصادي في الربع الأخير من السنة المالية السابقة، بالإضافة إلى الضغوط الناجمة عن التوترات الجيوسياسية وتراجع إيرادات قناة السويس.
تحديات الاقتصاد المصريوأوضح عبدالهادي أنَّ الانخفاض الحاد في إيرادات قناة السويس، والذي وصل إلى أدنى مستوى له منذ 19 عامًا، يعكس التأثير المباشر للصراعات الإقليمية على التجارة العالمية. وأضاف: ”قناة السويس تمثل أحد أهم شرايين الاقتصاد المصري، وأي تراجع في أدائها يؤثر بشكل مباشر على الميزان التجاري وعائدات النقد الأجنبي”.
كما أشار إلى أن ارتفاع تكلفة الاقتراض وتراجع قيمة الجنيه المصري إلى مستويات قياسية، تجاوزت 50 جنيهًا للدولار، يزيد من الضغوط على الاقتصاد، لا سيما مع اقتراب استحقاقات ديون كبيرة خلال العامين المقبلين.
وحول توقعات “فيتش” بانخفاض التضخم إلى 16% بحلول فبراير 2025، اعتبر الدكتور عبدالهادي أن هذا التراجع قد يكون محدود التأثير إذا استمرت زيادات أسعار الوقود والكهرباء، والتي من المتوقع أن تُبقي التضخم أعلى من المستويات المستهدفة من قِبل البنك المركزي. وأضاف: ”مرونة سعر الصرف أحد العوامل الرئيسية التي تبقي الاقتصاد تحت ضغط. في ظل الظروف الحالية، يجب أن تتم إدارة هذه السياسة بحذر لضمان استقرار الأسواق”.
رغم هذه التحديات، أبدى الدكتور عبدالهادي تفاؤلًا حذرًا بشأن آفاق الاقتصاد المصري على المدى المتوسط،وأوضح أن توقعات “فيتش” بارتفاع النمو إلى 5.1% في السنة المالية 2026/2025 تعد مؤشرًا إيجابيًا إذا تم استغلال الفرص المتاحة بشكل جيد. وأكد أن عودة الملاحة في البحر الأحمر إلى طبيعتها وتحسن أداء قطاع الخدمات يمكن أن يكونا عاملين محوريين لدفع عجلة الاقتصاد.
وحول قطاع السياحة، قال: ”قطاع السياحة أظهر مرونة استثنائية رغم التوترات الإقليمية، وهو ما يجب أن يبنى عليه في الفترة المقبلة لدعم عائدات النقد الأجنبي وتعزيز الاستثمارات في هذا القطاع الحيوي”.
وأضاف عبدالهادي أن تقادم حقول النفط والغاز يمثل تحديًا كبيرًا أمام قطاع الطاقة، وهو ما يتطلب تسريع الاستثمارات في هذا المجال وتشجيع الاكتشافات الجديدة لتقليل الاعتماد على واردات الطاقة.
وأكد الدكتور محمد عبدالهادي أن الاقتصاد المصري يحتاج إلى خطة متكاملة للتعامل مع التحديات الحالية والاستفادة من الفرص المستقبلية، وشدد على أهمية تعزيز الشفافية الاقتصادية وتشجيع الاستثمارات الأجنبية، مع ضرورة التركيز على تحسين أداء القطاعات الإنتاجية، مثل الصناعة والزراعة، لتحقيق نمو مستدام.
وختم حديثه قائلًا: ”المرحلة القادمة تتطلب سياسات اقتصادية متوازنة تعالج التحديات قصيرة المدى دون إغفال أهمية بناء أساس قوي للنمو على المدى البعيد”.
انعكاسات الخفض على الاقتصاد المصريوحول انعكاسات الخفض على الاقتصاد المصري، أشارت الدكتورة مروى خضر الخبيرة الاقتصادية، أن خفض التوقعات قد يؤدي إلى تزايد حذر المستثمرين الأجانب، مما يقلل من تدفق رؤوس الأموال إلى السوق المصرية.
بالإضافة إلى أنه ضغط على خطط الحكومة للإصلاح الاقتصادي، حيث يضع القرار ضغوطًا إضافية على الحكومة المصرية لمواصلة تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي، مثل تحسين مناخ الأعمال وتحرير أسعار الصرف، بخلاف ارتفاع تكلفة الاقتراض، فقد يؤدي هذا القرار إلى زيادة تكلفة الاقتراض الحكومي في الأسواق الدولية، مما يزيد من أعباء الدين العام.
وأوضحت، أن “خفض توقعات وكالة فيتش لنمو الاقتصاد المصري يعكس الحاجة إلى تسريع تنفيذ إصلاحات هيكلية لتعزيز قدرة الاقتصاد على مواجهة التحديات الخارجية”، وأكدت أن “تنويع مصادر النقد الأجنبي وزيادة الصادرات سيكونان عنصرين أساسيين لدعم النمو خلال الفترة القادمة”.
واختتمت الخبيرة مشددة على ضرورة النظر إلى قرار فيتش كتحذير لتحسين كفاءة السياسات الاقتصادية، لضمان استعادة ثقة الأسواق المالية الدولية”.
ويأتي خفض توقعات النمو الاقتصادي في وقت حساس بالنسبة لمصر، حيث تعمل الحكومة على تنفيذ إصلاحات طموحة لمواجهة التحديات الاقتصادية. ومع ذلك، فإن تحقيق أهداف النمو يتطلب تسريع وتيرة الإصلاحات ودعم القطاعات الإنتاجية لخلق بيئة اقتصادية أكثر استقرارًا وجاذبية للاستثمار.
وخفضت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني توقعاتها لنمو الاقتصاد المصري للسنة المالية الحالية من 4.2% إلى 3.7%. يأتي هذا التعديل على خلفية الأداء الأضعف من المتوقع في الربع الأخير من السنة المالية السابقة، إلى جانب استمرار التحديات الاقتصادية والجيوسياسية. وتشمل الأسباب تراجع حركة الملاحة في قناة السويس، التي تعتبر مصدر دخل رئيسي للاقتصاد المصري.
أداء اقتصادي ضعيفوأشارت “فيتش” في تقريرها الأخير إلى أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لمصر شهد تباطؤًا ملحوظًا في الربع الأخير من السنة المالية 2023/2024، مسجلًا نموًا بنسبة 2.4% فقط مقارنة بالتقديرات الحكومية الأولية التي بلغت 4%. ويرجع هذا التراجع إلى الصراعات الإقليمية، التي أثرت على حركة الملاحة في البحر الأحمر وقناة السويس، مما أدى إلى تراجع إيرادات القناة لأدنى مستوياتها خلال 19 عامًا.
ووفقًا لبيانات البنك المركزي المصري، سجلت إيرادات قناة السويس نحو 870 مليون دولار في الربع الثاني من عام 2024، بانخفاض 65% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، مع انخفاض عدد السفن العابرة للقناة بنسبة تقارب النصف.
توقعات متفائلة على المدى المتوسطرغم التحديات الراهنة، أبدت “فيتش” تفاؤلًا حذرًا بشأن آفاق الاقتصاد المصري على المدى المتوسط. حيث توقعت الوكالة أن يسجل الاقتصاد المصري نموًا بنسبة 5.1% في السنة المالية 2026/2025، وتعزى هذه التوقعات الإيجابية إلى سيناريو عودة الملاحة في البحر الأحمر إلى طبيعتها، إلى جانب تحسن أداء قطاع الخدمات، وانخفاض التوترات الجيوسياسية، كما من المتوقع أن تساهم تكاليف الاقتراض المخفضة في جذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز النشاط الاقتصادي المحلي.
قطاع السياحة والصادرات غير النفطيةوعلى الرغم من الصراعات الإقليمية، أثبت قطاع السياحة المصري مرونة ملحوظة، حيث استقبلت البلاد 7.1 مليون سائح في النصف الأول من عام 2024، وهو عدد مماثل تقريبًا لما تحقق في 2023. كما تتوقع “فيتش” أن تشهد الصادرات غير النفطية نموًا مدعومًا بانخفاض قيمة العملة المحلية، ما يعزز تنافسية المنتجات المصرية في الأسواق العالمية.
انخفاض قيمة العملة وتوقعات التضخموشهدت العملة المصرية انخفاضًا تاريخيًا، متجاوزة حاجز 50 جنيهًا مقابل الدولار، وهو ما أثار تساؤلات حول استقرار سعر الصرف في ظل اتفاق مصر مع صندوق النقد الدولي. وصرح رئيس الوزراء مصطفى مدبولي أن حركة العملة ضمن نطاق ±5% تعتبر طبيعية وفقًا لآليات العرض والطلب.
ومن جهة أخرى، توقعت “فيتش” تراجع معدل التضخم السنوي إلى 16% بحلول فبراير 2025 بفضل تأثيرات سنة الأساس، ومع ذلك أشارت إلى أن زيادات أسعار الوقود والكهرباء قد تبقي معدلات التضخم أعلى من النطاق المستهدف للبنك المركزي المصري البالغ 5%-9%.
الحساب الجاري والديونكما توقعت “فيتش” تقلص عجز الحساب الجاري لمصر من 6.8% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2023/2024 إلى 4.8% في السنة الحالية، وإلى 3.8% في السنة المالية 2026/2025، ولكن مصر تواجه تحديات في سداد ديون مستحقة تصل إلى 15 مليار دولار خلال العامين المقبلين، ما يتطلب تغطية هذا العجز عبر إصدار ديون جديدة وزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
أزمة الطاقةويشهد قطاع النفط والغاز تحديات تتعلق بتقادم الحقول، وتأخر الاستثمارات، ونقص الاكتشافات الجديدة، مما أدى إلى انخفاض الإنتاج وزيادة الاعتماد على واردات الهيدروكربونات لتلبية الاحتياجات المحلية.
كما يظل الاقتصاد المصري يواجه تحديات كبيرة على المدى القصير، إلا أن توقعات “فيتش” تشير إلى آفاق إيجابية على المدى المتوسط، مدعومة بتحسن ظروف الملاحة والاستقرار الجيوسياسي، وزيادة تنافسية الصادرات، واستمرار مرونة قطاع السياحة.