سرايا - قالت مجلة فورين بوليسي إن أي حملة عقوبات متعددة الأطراف على الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية لن تكون فعالة ما لم تكن مدعومة بقوة الدولار الذي يهيمن على التجارة العالمية.

وتقصد التقارير الغربية بـ"الأراضي الفلسطينية المحتلة" تلك التي تقع في حدود ما قبل الخامس من يونيو/حزيران 1967، والتي تُقترح ضمن حل الدولتين.



وأشارت -في مقال بقلم المحامي محسن فرشنشاني- إلى أن المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة وحلفائها يواجه خيارا حاسما في معالجة الحرب على غزة مع اقتراب الشرق الأوسط من حرب شاملة، فإما أن يراهن على سلام محتمل في ظل حكومة إسرائيلية محاربة، وإما أن يفرض سياسة جديدة بتنفيذ حكم قانوني تاريخي.

وأوضحت المجلة أن محكمة العدل الدولية أصدرت قبل أسابيع رأيا استشاريا تعلن فيه أن استمرار احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية غير قانوني، وتحث على إنهائه "في أسرع وقت ممكن" بما في ذلك نقل "المدنيين الإسرائيليين" إلى الأراضي المحتلة، ومصادرة الأراضي الفلسطينية، واستغلال الموارد الطبيعية لصالح المستوطنين.

ولكي يكون هذا الرأي خطوة نحو المساءلة، يجب على الولايات المتحدة وحلفائها إظهار الاحترام للنظام القائم على القواعد التي ساعدوا في تأسيسها ذات يوم، ولكنهم يتنكرون لها كلما تعلق الأمر بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، كما يقول الكاتب.

وسيبقى هذا الحكم مجرد لفتة جوفاء من أعلى سلطة قضائية في القانون الدولي ما لم تفرض واشنطن عقوبات اقتصادية على الاحتلال غير القانوني ومستوطناته، مع أن رأي المحكمة هذا مؤشر على وجود إجماع عالمي متزايد على أن إسرائيل لا ينبغي السماح لها بالتصرف دون عقاب في الأراضي الفلسطينية.

وأشار الكاتب إلى أن هناك بعض الحركة في هذا الاتجاه، وبالفعل قال مصدر رفيع المستوى في الحكومة الأسترالية إن رأي محكمة العدل الدولية "لا يمكن تجاهله".

وبدأت أستراليا بعد ذلك فرض عقوبات، كما أقرت وزيرة خارجية ألمانيا أنالينا بيربوك بخطورة الحكم، وقد فرضت كندا عقوبات على "أمانة"، وهي منظمة استيطانية رائدة في الضفة الغربية تقدر أصولها بنحو 160 مليون دولار، كما خصت بالذكر دانييلا فايس، وهي شخصية مثيرة للجدل تقود حركة ناشالا التي تركز على إنشاء بؤر استيطانية "غير قانونية".

وحتى الآن لم تشهد إسرائيل أي تداعيات خطيرة على انتهاكاتها الصارخة للقانون الدولي، كما يرى الكاتب، إذ لا يزال القادة والشركات والمنظمات الإسرائيلية المشاركة في الاحتلال وتوسيع المستوطنات غير القانونية تتمتع بعلاقات عالمية وهم ينتهكون القانون الدولي ومعايير حقوق الإنسان.

وكانت العقوبات الأميركية التي تستهدف عنف المستوطنين وعدم الاستقرار بطيئة لكنها فعالة حتى الآن، وقد أصدر الرئيس جو بايدن أمرا تنفيذيا لمعالجة التهديدات التي يتعرض لها "السلام والأمن والاستقرار في الضفة الغربية".

واستهدفت الجولة الأولى من العقوبات أربعة أشخاص فقط، وعلى الفور أوقفت البنوك الإسرائيلية المعاملات المالية معهم، مما أثار ردود فعل عنيفة في إسرائيل.

غير أن التدابير المعزولة التي تتعامل مع العنف والاستيلاء على الأراضي وانتهاكات حقوق الإنسان باعتبارها حالات شاذة وليست سمات متأصلة في الاحتلال، غير كافية للالتزام برأي محكمة العدل الدولية، كما يرى المحامي، وبالتالي يجب أن يستهدف برنامج العقوبات الفعال مرتكبي أعمال العنف المباشرين وأيضا البنية التحتية الأوسع التي تدعم الاحتلال.

وذكر فرشنشاني أن منظمة "دون"، التي تعمل على تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، قدمت طلبات متعددة لحكومة الولايات المتحدة لفرض عقوبات وإنفاذها بحق الكيانات المتورطة في أفظع أشكال العنف والانتهاكات غير القانونية، مثل "تساف 9" المعروفة بشن هجمات على شاحنات المساعدات المتجهة إلى قطاع غزة.

ومن أجل التصرف بناء على رأي محكمة العدل الدولية والهدف الرسمي للسياسة الخارجية الأميركية المتمثل في حل الدولتين، دعا الكاتب إدارة بايدن إلى أن تعترف صراحة بأن عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي هو السبب الجذري للعنف وعدم الاستقرار في الضفة الغربية، وبالتالي يستطيع برنامج العقوبات الهادف أن يشمل في نهاية المطاف كيانات رئيسية مثل البنوك التي تمول أو تدعم المستوطنات غير القانونية.

وذكر المحامي أن العقوبات الأميركية هي وحدها التي تميل إلى أن يكون لها تأثير عالمي بسبب هيمنة الدولار الأميركي على التجارة العالمية باعتباره العملة الاحتياطية الرئيسية في العالم، مما يمنح واشنطن نفوذا كبيرا على الأنشطة المالية العالمية، ويمكن عقوباتها من تعطيل المعاملات خارج حدودها.

إن العقوبات الأميركية الأحادية الجانب أو العقوبات المتعددة الأطراف المدعومة من الولايات المتحدة هي وحدها القادرة على ممارسة الضغط اللازم على إسرائيل لوقف أنشطتها غير القانونية في الأراضي المحتلة.

ويمكن أن تحقق العقوبات أهدافها بطريقتين، إما عقوبات الأمم المتحدة وإما عقوبات متعددة الأطراف، غير أن الأولى تتطلب اتخاذ واشنطن خطوة غير مسبوقة بالامتناع عن استخدام حق النقض (الفيتو) ضد أي قرار يصدره مجلس الأمن تحت الفصل السابع بشأن أنشطة إسرائيل غير القانونية.

وأما الخيار الأخير فهو يتطلب من الولايات المتحدة تنظيم عقوبات متعددة الأطراف بالتنسيق مع حلفائها مثل تلك التي بدأت ردا على الغزو الروسي لأوكرانيا.

وسيكون الهدف -كما يقول الكاتب- هو زيادة التكلفة الاقتصادية لاستدامة الاحتلال وسياسات الفصل العنصري المرتبطة به بشكل كبير، مما يفرض تحولا في السياسة على أعلى مستويات الحكومة الإسرائيلية.

ويوفر حكم محكمة العدل الدولية الأساس القانوني والأخلاقي لمثل هذا الجهد، وقد يكون بمثابة الأساس لحل جيوسياسي عادل وطويل الأمد يستحقه الشعبان الفلسطيني والإسرائيلي.


المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: محکمة العدل الدولیة الولایات المتحدة متعددة الأطراف غیر القانونیة إلى أن

إقرأ أيضاً:

أستاذ علوم سياسية: إسرائيل السبب الرئيسي للأزمات التي تشهدها المنطقة (فيديو)

أكد الدكتور جهاد الحرازين، أستاذ العلوم السياسية، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يسعى لإشعال المنطقة من خلال استمرار حكومته في الاستفزازات داخل المسجد الأقصى ومناطق الضفة الغربية، إضافة إلى تهجير المواطنين الفلسطينيين، موضحًا أن إسرائيل هي السبب الرئيسي وراء الأزمات التي تشهدها المنطقة، بما في ذلك عمليات الهدم والتدمير والاعتقالات.

عاجل| نتنياهو: إسرائيل تواجه خطرا أيديولوجيا.. وسيتم بحث تداعيات حادث معبر الكرامة خبير شئون إسرائيلية: الوضع بالضفة الغربية قابل للانفجار في ظل الاجتياحات المستمرة

وأوضح الحرازين، خلال مداخلة هاتفية عبر فضائية "إكسترا نيوز"، اليوم الأحد، أن نتنياهو يسعى لخلط الأوراق في المنطقة بهدف مواصلة جرائم حكومته ضد الشعب الفلسطيني، مشيرًا إلى تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، التي دعا فيها إلى تهجير الفلسطينيين ونقل نموذج قطاع غزة إلى الضفة الغربية، والتي دفعت وزير الخارجية الأردني للرد في مؤتمر مشترك مع نظيره الألماني، معتبرًا تلك التصرفات الإسرائيلية بمثابة إعلان حرب على المملكة الهاشمية الأردنية، مما يزيد من التوتر في المنطقة.

وأضاف أستاذ العلوم السياسية، أن نتنياهو يحاول إيجاد ذرائع لمواصلة جرائمه ضد الفلسطينيين، مما يؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي هو المشكلة الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط، في ظل نهج حكومي يميني متطرف يسعى لإثارة الذعر وعدم الاستقرار.

مقالات مشابهة

  • "فورين بوليسي": الأفكار الروسية حول القيم التقليدية حظيت بدعم في الولايات المتحدة
  • هددت بالمزيد..واشنطن تفرض عقوبات على روسيا وإيران
  • بريطانيا تلغي التأشيرة الإلكترونية الخاصة بالأردنيين لهذا السبب
  • واشنطن تعلن فرض عقوبات على موردين إيرانيين لمسيّرات وصواريخ لروسيا
  • ماسك: هذه آخر انتخابات حقيقية في أمريكا إذا خسر ترامب.. لهذا السبب
  • ماسك: هذه آخر انتخابات حقيقية في أمريكا حال خسر ترامب.. لهذا السبب
  • قائد القيادة المركزية للجيش الأمريكي يزور إسرائيل لهذا السبب
  • أستاذ دراسات إسرائيلية: يوجد اتجاه في إسرائيل إلى مزيد من التصعيد.. لهذا السبب
  • عقائدي ومكيافيلي وواعظ وجاسوس.. فورين بوليسي: الوجوه المتعددة لآبي أحمد
  • أستاذ علوم سياسية: إسرائيل السبب الرئيسي للأزمات التي تشهدها المنطقة (فيديو)