اسرار علاقة الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش وإدوارد سعيد
تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT
علاقة صداقة جمعت بين الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، الذي تحل اليوم ذكرى رحيله، والمفكر ادوارد سعيد، بدأت تلك العلاقة نهاية عام ١٩٧٤ واستمرت حتى رحيل الثاني.
حكاية محمود درويش مع ادوارد سعيد
وكشف دوريش في حوار نادر له عن تلك الصداقة قائلا: «تعرفت على ادوارد سعيد في نوفمبر ١٩٧٤ عندما ذهبت مع المرحوم ياسر عرفات ليلقي خطابه الشهير في الأمم المتحدة، هناك قيل لي بوجود نابغة فلسطيني و تعرفت عليه لنصبح منذ ذلك الوقت اصدقاء، لم تنقطع علاقتنا منذ 1974 حتى وفاة ادوارد سعيد ودون تردد فهو من مفاخر الامتياز الفلسطيني على المستوى العالمي، هو ليس كما صوره بعض العرب بانه نتاج ثقافة عربية استطاعت أن تجد ندية في حوارها مع الثقافة العالمية، لا .
وتابع: «بدور المثقف النقدي والمثقف الذي لا يرضى بالمركزية الثقافية والهيمنة السياسية الدولية، ادوارد سعيد ليس معروفا لدى الكثيرين من العرب بماهيته الحقيقية وهو مفكر ادبي كبير وليس معروفا فقط بمقالاته السياسية ودوره في النقد الثقافي وفي تطوير النظرية الادبية الغربية، اساسي ولا يمكن ان تنجو اية كتابة دون ان يكون فيها ادوارد سعيد احد المراجع في النقد الثقافي بدرجة كبيرة نفخر به لأنه يدافع بشكل انتمائي حر ولاختياراته الثقافية الحرة المعبرة عن توتر وانتباه الضمير المثقف لديه وليس لأنه من اصل فلسطيني فحسب، وبهذا كان ادوارد سعيد محاربا على جبهة صعبة جدا، خصومه كثيرون ولكنه انتصر بسلاح الفكر لثقافته الموسوعية والتزامه بقضايا العالم الثالث في التحرر وعلى رأسها القضية الفلسطينية».
من هو محمود درويش؟محمود درويش، أحد أهم الشعراء الفلسطينيين والعرب الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة والوطن، ويعتبر درويش أحد أبرز من ساهم بتطوير الشعر العربي الحديث وإدخال الرمزية فيه، في شعر درويش يمتزج الحب بالوطن وبالحبيبة الأنثى، وقام بكتابة وثيقة إعلان الاستقلال الفلسطيني التي تم إعلانها في الجزائر.
اعتقل محمود درويش من قبل السلطات الإسرائيلية مرارًا بدءًا من العام 1961 بتهم تتعلق بتصريحاته ونشاطه السياسي وذلك حتى عام 1972 حيث توجه إلى الاتحاد السوفيتي للدراسة، وانتقل بعدها لاجئًا إلى القاهرة حيث عمل في جريدة الاهرام في ذات العام حيث التحق بمنظمة التحرير الفلسطينية، ثم لبنان حيث عمل في مؤسسات النشر والدراسات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، علمًا أنه استقال من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير احتجاجًا على اتفاقية أوسلو. كما أسس مجلة الكرمل الثقافية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: محمود درويش ياسر عرفات ثقافة عربية محمود درویش
إقرأ أيضاً:
نجم الشولة
لطالما كان للنجوم حضور قوي في الثقافة العربية، ولا تزال الكثير منها تحمل أسماء عربية حتى اليوم، وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى في سورة الأنعام: "وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۗ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ"، وارتبط العرب بالنجوم بشكل وثيق، فأطلقوا عليها أسماء ووصفوها بدقة، ولم يقتصر تأثيرها على علم الفلك وحسب، بل امتد أيضًا إلى الشعر والأدب، حيث تغنّى بها الشعراء وحيكت حولها الأساطير، مستخدمينها لرسم صور خيالية تربط بين النجوم وتوضح مواقعها في السماء ضمن حكايات وقصص مشوقة.
والنجم الذي نتحدث عنه اليوم هو نجم الشولة، ويسمى أيضا الشول، وهو نجم نراه في الليل بلونه الذي يمتزج البياض فيه بالزرقة، وهو ثاني ألمع نجم في كوكبة العقرب بعد نجم قلب العقرب، ويعتبر أيضا من ضمن ألمع 25 نجم في السماء، وفي حقيقته هو ليس نجما مفردا وإنما هو نجم ثلاثي يتكون من نجم رئيسي ونجمين مرافقين، وتدور هذه الأنجم حول بعضها البعض، وقد أطلق العرب على هذا النجم الذي يقع في أعلى ذيل العقرب، اسم الشولة، لأنها تشبه في شكلها وظهورها الذيل المرفوع.
وقد اكتسب هذا النجم مكانة مهمة في التقويم العربي الفلكي، حيث اعتدوا عليه تحديد الفصول والمواسم الزراعية، فهو يعتبر جزء من "نوء العقارب"، وهي مجموعة من النجوم التي تشير إلى تغيرات الطقس، فظهوره يرتبط بظهور البرودة بعد الحرّ، وكان يُستخدم قديمًا كنذير لنهاية الصيف وبداية فصل الخريف.
وأما من حيث خصائصه الفلكية لنجم الشولة مقارنة بالشمس، فنجد أن قطره يُقدَّر بحوالي 8 أضعاف قطر الشمس، ودرجة حرارته السطحية تقدر بحوالي 25,000 كلفن ،أعلى بكثير من حرارة الشمس التي تبلغ حوالي 5,778 كلفن، تبلغ شدة إضاءته حوالي 36,000 ضعف لمعان الشمس، يبعد عنا 570 سنة ضوئية تقريبًا.
وبما أن هذا النجم يرمز عند العرب إلى جزء من أهم الحيوانات التي يمتلكونها في الصحراء وهي الناقة، فلذلك أوردوه في ثقافتهم الشعبية، وكذلك أورده الشعراء في قصائدهم، فالشعر ديوان العرب، فهو الذي يذكر مآثرهم وتفاصيل حياتهم، كما أن هذا النجم لم يكن غائبا عن الشعراء العمانيين، وعن ملاحيهم، فهذا البحار العماني أحمد بن ماجد يذكر في منظومته هذا النجم فهو يذكره مع نجم القلب، ونجم النعائم فيقول في منظومته الفلكية:
والقَلــبُ والشــَّولَةُ والنَعَـائِم
وَبَعــدَهَا البَلــدَةُ تَطلُـع دائِم
ثُــمَّ السـُّعُودُ الأَربَعَـه والفَـرغُ
يـا طـال مـا فُصِّل عليها الشُّرعُ
وهذا الشاعر العماني اللواح الخروصي يذكر هذا النجم، ويصفه وصفا صحراويا يشبه فيه أن نجم سهيل هو فحل لنج الشولة وقد أخافها فقال:
والشـهب فـي لجج الجرباء تحسبها
نحـو المغيـب نفيـس الدر منتشرا
تشـول كالشـول بعـد الحشر روعها
سـهيل وهـو لهـا فحـل وقـد جفرا
وهذا الوصف يتفق مع ما قاله الشاعر المخضرم عَمرُو بنُ الأَهْتَمِ المِنقَرِيِّ الذي عاش في الجاهلية وأدرك الإسلام ولا أستبعد ان اللواح أخذ التشبيه منه فالمنقري يقول:
إِذا ما نُجُومُ اللَّيْلِ صارَتْ كَأَنَّها
هَجــائِنُ يَطْلَعْــنَ الْفَلاةَ صـَوادِرُ
شــــَآمِيَّةٌ إِلَّا ســـُهَيْلاً كَـــأَنَّهُ
فَتِيـقٌ غَـدا عَـنْ شَوْلَةٍ وَهْوَ جافِرُ
ولأن العرب تعرف مطالع النجوم وأماكنها نجدهم يشتركون في وصف تلك النجوم فهذا الشاعر الأموي ذو الرمة يذهب مذهب السابقين في تشبيه نجم الشولة وعلاقتها بنجم سهيل فيقول:
أَرِقْــتُ لَـهُ وَالثَّلْـجُ بَيْنِـي وَبَيْنَـهُ
وَحَوْمَــانُ حُـزْوَى فَـاللِّوَى وَالحَرَائِرُ
وَقَــــدْ لَاحَ لِلسـَّارِي سـُهَيْلٌ كَــأَنَّهُ
قَرِيــعُ هِجَــانٍ عَـارَضَ الشَّوْلَ جَـافِرُ
ونجد أن الشاعرة المخضرمة الخنساء، ذكرت هذا النجم في معرض رثائها لأخيها، فقالت له لتبكي عليك نجوم السماء وذكرت من ضمنها نجم الشولة إذا تحرك في الشمال فقالت:
رَمُوحٍ مِنَ الغَيْظِ رُمْحِ الشَّمُو
ــسِ تَلافَيْتَ في السَّلَفِ الأَوَّلِ
لِتَبْـكِ عَلَيْـكَ عِيالُ الشِّتاءِ
إِذا الشَّوْلُ لاذَتْ مِنَ الشَّمْأَلِ
ومن شعراء العصر الأموي الذين ذكروا هذا النجم هو الشاعر عدي بن الرقاع العاملي عندما مدح رجلا يقال له أبو حفص فقال:
فَنِعــمَ مُعَـرَّسُ الأَضـيافِ وَهنـاً
إِذا ما الشَولُ عارَضَتِ الشَمالا
أَبـا حَفـصٍ جَـزاكَ اللَـهُ خَيراً
إِذا ما المُعتَزى كَرِهَ السُؤالا
أما الشاعر العباسي الفرزدق فقد شبه النجوم بالنياق التي تتثنى في مشيتها وأطلق عليها لفظ الشول، وهي الجمال التي تمشي رافعة أذيالها فقال:
كَــأَنَّ نُجُــومَهُ شــَوْلٌ تَثَنَّــى
لِأَدْهَــمَ فــي مَبَارِكِهـا عَقِيـرِ
وَكَيْــفَ بِلَيْلَـةٍ لَا نَـوْمَ فِيهـا
وَلَا ضـــَوْءٍ لِصــَاحِبِها مُنِيــرِ
وكذلك الشاعر العباسي جبر بن عقبة الأزرقي السُلمي ذكر هذا النجم وقال فيه:
إذا مَـا الجِرْبيَاءُ غَدَتْ ورَاحَتْ
وشـَارَكَهَا الشـَّمَالُ مع الإيابِ
وراحَ الشــَّولُ يزعِجُهَـا شـِهَابٌ
مـنَ العَـوَّاءِ أنْجَـمَ للغِيَـابِ