حلّ وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، اليوم الأربعاء، ضيفًا على تركيا برفقة وفد -يضم شخصيات رفيعة بينهم رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض- لعقد الاجتماع الأول لـ"مجموعة التخطيط التركية-العراقية المشتركة" برئاسة مشتركة بين الوزير العراقي ونظيره التركي هاكان فيدان.

ويشارك من الجانب التركي وزير الدفاع الوطني يشار غولر، ورئيس جهاز الاستخبارات الوطنية إبراهيم قالن، إضافة إلى منير كارا أوغلو نائب وزير الداخلية، وهو ما يعكس حجم الاهتمام بهذه الزيارة، وسط تطلعات إيجابية لما ستتمخض عنه.

وأشار بيان الخارجية التركية إلى أنه من المتوقع أيضا أن يُعقد معها الاجتماع الرابع للآلية الأمنية رفيعة المستوى بين أنقرة وبغداد، فثمة ملفات كثيرة تجمع البلدين المتجاورين على أصعدة مختلفة سياسية وأمنية واقتصادية.

وصلنا العاصمة #التركية #أنقرة لعقد عدد من اللقاءات الهامة، ومن بينها لقاء مع الصديق وزير الخارجية السيد @HakanFidan سنبحث عددًا من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها الجانب #الأمني ومكافحة #الإرهاب، بالإضافة إلى تعزيز التعاون والتنسيق بما يصب في مصلحة بلدينا. pic.twitter.com/oYo45iZLm8

— Fuad Hussein | فؤاد حسين (@Fuad_Husseein) August 14, 2024

العراق وحزب العمال الكردستاني

وتعد مجموعة التخطيط المشتركة التركية-العراقية، إحدى ثمار اتفاقية الإطار الإستراتيجي للتعاون المشترك بين بغداد وأنقرة، التي تم الاتفاق عليها ووقّعها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال زيارته للعراق في 22 أبريل/نيسان الماضي.

واستبقت بغداد هذه الزيارة، بالتضييق على نشاطات حزب العمال الكردستاني الذي يصنفه البلدان على أنه "حزب إرهابي".

وفي خطوة هي الأولى من نوعها، قرر القضاء العراقي حل 3 أحزاب سياسية وإغلاق مقراتها وهي؛ حزب الحرية والديمقراطية الإيزيدية وحزب جبهة النضال الإيزيدي وحزب حرية مجتمع كردستان، بتهمة صلتها بحزب العمال.

وعلقت الهيئة القضائية للانتخابات في مجلس القضاء الأعلى العراقي بأن القرار اتُّخذ بناء على طلب من دائرة الأحزاب والتنظيمات السياسية في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، التي بررت طلبها استنادًا إلى شكوى مستشارية الأمن القومي حول ارتباط هذه الأحزاب بحزب العمال الكردستاني المحظور مما يشكل خطرا على الأمن القومي العراقي.

صورة من قرار قضائي بحظر 3 أحزاب مرتبطة بحزب العمال الكردستاني في العراق (مواقع التواصل) علاقات متشابكة

وتشتبك العلاقات الأمنية التركية العراقية على مساحات واسعة وحدود متشعبة خصوصًا إذا أضفنا لها الحدود مع سوريا التي تمتدّ على طول 150 كيلومترًا، وتتركز في شكلها الجديد على نشاطات حزب العمال الكردستاني وقواعده في الداخل العراقي وعملياته العسكرية على الحدود وفي الداخل التركي.

فقد تمكّن حزب العمال الكردستاني بفضل العلاقات الإيديولوجية والتنظيمية من بناء تحالفات مع التشكيلات المحلية، مثل وحدات حماية الشعب في سوريا ووحدات مقاومة سنجار في العراق، وتمكن عبرها من فرض نفوذه هناك.

وتجاوزت نشاطات حزب العمال الجانب العسكري والأمني، إذ تمكن من خلق نظام اقتصادي يعتمد على نشاطات جانبي الحدود من خلال معابر حدودية جديدة تساعد على نقل الأفراد وتهريب البضائع بين شمال شرق سوريا وإقليم كردستان العراق، على شكل مثلث حدودي.

عدا ذلك، فإن قوات الحزب تتمركز بشكل منظم شبه رسمي في قضاء سنجار غربي مدينة الموصل، بالتحالف مع المكونات الإيزيدية وفصائل شيعية مسلّحة، رغم الضغوط التركية ومحاولات الحكومة العراقية لإخراجه من القضاء.

خريطة المعابر بين العراق وسوريا التي ينشط فيها حزب العمال الكردستاني (الجزيرة)

لكن نفوذ حزب العمال الكردستاني، لا يصطدم بالموقف التركي وقوات الأمن العراقية فحسب، بل يصطدم بنفوذ الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود البارزاني، الذي يسجل حضورًا مهمًّا من خلال البشمركة الكردية والأحزاب الكردية وحتى العربية الحليفة معها.

وصحيح أن القصف التركي الجوي والشريط الأمني العازل في محافظة دهوك وشبكة الطرق والممرات نجح جزئيًا بعزل خلايا حزب العمال الكردستاني، بل وحتى توجيه ضربات مؤثرة لوحدات حزب العمال الكردستاني وقيادته في محافظة السليمانية البعيدة نسبيًا عن الحدود عبر المسيّرات التركية، لكن الحزب نجح كثيرًا بالتعافي في السنوات الماضية.

إذ قام العمال الكردستاني بفض التحالفات الأمنية والعسكرية مع حزب الاتحاد الوطني في السليمانية الذي يقوده بافل الطلباني، ونجح بتنسيق عسكري مع فصائل شيعية تتمركز في سنجار وجنوب الموصل، ومن هنا يمكن الإشارة إلى أهمية وجود فالح الفياض رئيس هيئة الحشد ضمن الوفد العراقي.

وفي 1 يوليو/تموز الماضي، اعتقلت قوات الأمن العراقية 3 أشخاص على صلة بحزب العمال الكردستاني المحظور يُشتبه في تخطيطهم لشن هجمات في أنحاء البلاد، بما في ذلك خط أنابيب رئيسي لتصدير النفط في الشمال وإشعال حرائق.

وفي الشهر ذاته، اتّهمت سلطات إقليم كردستان حزب العمال بمحاولة اغتيال مسؤول في الحزب الديمقراطي الكردستاني بتفجير سيارته في منطقة كلار بمحافظة السليمانية.

وعقب ذلك قررت الحكومة العراقية رسميا في 23 يوليو/تموز تصنيف الحزب "منظمة محظورة" وفك ارتباط أي عناصر متورطة بالانتماء لحزب العمال ومنعها من مزاولة الوظائف الحكومية في البلاد، مما يفسر الجهود المنظمة بين بغداد وأربيل وذرائعها في التضييق على نشاطات الحزب.

الحكومة العراقية قررت رسميا في 23 يوليو/تموز 2024 حظر حزب العمال الكردستاني (رويترز) المياه وتصدير النفط

ولا تتوقف العلاقات التركية العراقية على الملف الأمني، فثمة مطالب عراقية تتلخص أهمها بالحصول على حصة عادلة من المياه في ظل الشح الذي تعاني منه البلاد، بجانب مطالب فتح أنبوب تصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي المغلق منذ 25 مارس/آذار 2023.

وتبدو قضية زيادة الإطلاقات المائية لنهري دجلة والفرات أكثر إلحاحًا في الوقت الراهن في ظل موسم الصيف وما يحمله من احتمالية جفاف كثير من الأنهار وأثره السيئ على المساحات الزراعية والثروة الحيوانية.

وكانت بغداد قد وقّعت اتفاقية لإدارة الموارد المائية مع أنقرة في 25 أبريل/نيسان 2024 تمتد لـ10 أعوام قابلة للزيادة، من بين 24 اتفاقية خلال زيارة الرئيس التركي إلى بغداد.

وتتضمن الاتفاقية مشاريع مشتركة لتحسين إدارة المياه في حوضي دجلة والفرات، ودعوة شركات تركية للتعاون في البنى التحتية لمشاريع الري، وتبادل الخبرات واستخدام أنظمة وتقنيات الري الحديثة والمغلقة، بهدف مساعدة العراق بآليات تقليل هدر المياه.

لكن الاتفاقية ورغم الترحيب الرسمي بها أثارت غضب خبراء المياه لعدم حسمها الخلاف حول تصنيف "محلية" أم "دولية" نهري دجلة والفرات، وعدم الوضوح في تحديد كميات المياه التي سيتم إطلاقها إلى العراق، حيث تعتبر أنقرة نهري دجلة والفرات نهرين محليين تركيين وليسا دوليين.

وعلى المسار ذاته، تطالب بغداد أنقرة بفتح أنبوب جيهان على البحر المتوسط واستئناف ضخ التدفقات النفطية التي أوقفتها تركيا -والتي كانت تبلغ 450 ألف برميل يوميا- بسبب حكم أصدرته غرفة التجارة الدولية، وأمرت بموجبه تركيا بدفع تعويضات للعراق تصل إلى نحو 1.5 مليار دولار عن الصادرات من إقليم كردستان.

وساطة بين سوريا وتركيا

وعلى الصعيد الإقليمي، ثمة تفاهمات تسعى فيها بغداد للتوسط بين أنقرة ودمشق، وفي 13 يوليو/تموز الماضي، أعلن وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، عن قرب عقد اجتماع في بغداد يضم مسؤولين سوريين وأتراكا لبحث الأزمة السورية.

ولفت إلى أنه التقى وزير الخارجية التركي في واشنطن من أجل ترتيب لقاء في بغداد مع الجانب السوري، وفق وكالة الأنباء العراقية.

وتحضر في هذا الإطار إيران التي تملك نفوذًا لا تخطئه العين في العراق وسوريا، فضلا عن علاقات طيبة مع أنقرة، وتسعى جميع الأطراف كما يبدو إلى حلحلة الأزمات وسط الصراع الإقليمي والتنافس الدولي على المنطقة، وعلى الرأس منها الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات حزب العمال الکردستانی الترکیة العراقیة وزیر الخارجیة دجلة والفرات بحزب العمال على نشاطات یولیو تموز

إقرأ أيضاً:

قناة السويس لم تعد آمنة.. خبير ينصح بتصدير النفط العراقي عبر جيهان التركي - عاجل

بغداد اليوم - السليمانية 

أكد الخبير والمستشار المختص في الشأن النفطي كوفند شيرواني، اليوم الأحد (8 أيلول 2024)، عدم وجود أي اتفاق نهائي لغرض استئناف تصدير النفط عبر الخطوط الواصلة بين الإقليم وميناء جيهان في تركيا، فيما أشار إلى أن الحكومة الاتحادية ستستفيد من تصدير النفط عبر جيهان لأن قناة السويس لم تعد آمنة.

وقال شيرواني في حديث لـ"بغداد اليوم"، أنه" حتى الآن لا يوجد أي اتفاق نهائي، ويجب أن يكون ثلاثي الأطراف، ويضم وزارة النفط الاتحادية، ووزارة الثروات الطبيعية في حكومة الإقليم والشركات النفطية، لغرض استئناف التصدير عبر الخطوط الواصلة بين الإقليم وميناء جيهان في تركيا".

وبين، أن " التوقف منذ عام ونصف أدى لخسائر فادحة تقدر بـ 15 مليار دولار"، مؤكدا ان "هذا الرقم مهم جدا للعراق، كون هنالك عجز بنسبة 49 مليار دولار، ولو كانت هذه الإيرادات متحققة، لحققت تقدما وتخفيفا في العجز".

وأضاف شيرواني، أنه "على الرغم من تواصل زيارات الوفود من الإقليم إلى بغداد وبالعكس، والاجتماعات الأخيرة التي حضر فيها ممثلين عن الحكومة الاتحادية، لكن لم تتوصل إلى أي اتفاق"، مستدركا بالقول "لكن الموضوع يبدو أنه لا يشكل أهمية للحكومة الاتحادية، لأنها مكتفية بحصتها في أوبك، المصدر من حقول البصرة".

وأشار إلى أن" الحكومة الاتحادية ستستفيد من تنويع مصادر التسويق والإنتاج، لآن ميناء جيهان، هو المنفذ الأفضل والأكثر أمنا وسلامة لتسويق النفط إلى الأسواق الأوربية والأمريكية، كون هنالك شحنات نفطية عراقية مصدرة إلى أوربا، تم استهدافها في البحر الأحمر، وبالتالي فأن الشحنات المصدرة عبر قناة السويس لم تعد أمنة، ولهذا يجب الاعتماد على ميناء جيهان".

وأوقفت تركيا في وقت سابق، صادرات العراق البالغة 450 ألف برميل يوميا عبر خط أنابيب النفط الذي يمتد من إقليم كردستان في شمال العراق إلى ميناء جيهان التركي في 25 مارس 2023.

وجاء قرار تركيا بتعليق الصادرات في أعقاب قرار تحكيم أصدرته غرفة التجارة الدولية أمر تركيا بدفع تعويضات لبغداد بقيمة 1.5 مليار دولار نظير الأضرار التي لحقت بها بسبب تصدير حكومة إقليم كردستان النفط دون إذن من الحكومة في بغداد بين عامي 2014 و2018.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية:دعم مالي كبير من الجانب العراقي إلى وكالة الأونروا
  • سياسي كردي يصف اتفاقية بغداد وأنقرة بـالمشؤومة: ستسمح لتركيا بالتوغل أكثر
  • سياسي كردي يصف اتفاقية بغداد وأنقرة بـالمشؤومة: ستسمح لتركيا بالتوغل أكثر - عاجل
  • حزب الطالباني يرصد خطأ استراتيجيًا على الحدود العراقية - التركية
  • عودة الدفء للعلاقات المصرية التركية: ماذا وراء زيارة السيسي إلى تركيا؟
  • نائب إطاري:التوغل التركي في شمال العراق جاء بموافقة بغداد وأربيل
  • الأمن النيابية تطرح خيارين لإنهاء التوغل التركي ومقترح للحوار مع حزب العمال
  • الأمن النيابية تطرح خيارين لإنهاء التوغل التركي ومقترح للحوار مع حزب العمال - عاجل
  • وزارة الدفاع التركية: هجمات جوية أصابت أهدافا لحزب العمال الكردستاني في شمال العراق
  • قناة السويس لم تعد آمنة.. خبير ينصح بتصدير النفط العراقي عبر جيهان التركي - عاجل