أكد المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، الخميس، أن يواجه اليمن حملة قمع على الفضاء الإنساني والمدني من قبل جماعة الحوثي، داعيا إلى الإفراج الفوري عن الموظفين الأممين وموظفي المنظمات المختطفين لدى جماعة الحوثي.

 

وشدد غروندبرغ في إحاطة قدمها لمجلس الأمن، على ضرورة العمل نحو توحيد العملة، وايجاد بنك مركزي موحد وضمان النأي بالقطاع المصرفي عن التدخل السياسي، مشيرا إلى أن مكتبه أعدَّ "خيارات وعرض مقترحاً ومساراً واضحين لتحقيق هذه الأهداف".

 

وأضاف أن الطرفان تمكنا الشهر الماضي بـ "دعم من المملكة العربية السعودية من وقف دائرة خطيرة من التصعيد الذي كان يؤثر سلباً في قطاعي البنوك والنقل في اليمن ويهدد بإشعال فتيل نزاع عسكري جديد".

 

وأوضح أن التصعيد الإقليمي يحدث بالتوازي مع التحديات الحقيقية والملحة داخل اليمن والتي تحتاج الى معالجة، مؤكدا أن "معالجة النِّزاع المستمر منذ عقد من الزمن في اليمن لا يزال هو محور تركيز جهودي."

 

وتحدث عن عمليات القمع الحوثية، حيث قال غروندبرغ: "بعد أربعة أيام في 19 آب/أغسطس، سوف نحتفل باليوم الإنساني العالمي.. إلا أنّنا مع ذلك نواجه في اليمن حملة قمع على الفضاء الإنساني والمدني من قبل أنصار الله".

 

ودعا المبعوث الأممي جماعة الحوثي "إلى التصرف بمسؤولية ورأفة تجاه المواطنين والمواطنات في بلدهم والإفراج الفوري غير المشروط عن جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية والقطاع الخاص إضافة إلى أبناء الأقليات الدينية".

 

نص الإحاطة

 

السيد الرئيس، بعد أربعة أيام في 19 آب/أغسطس سنحتفي باليوم الإنساني العالمي، وهو يوم كُرِّس تكريماً لجهود الذين لم تفتر جهودهم في العمل دون كلل أو ملل في خدمة المحتاجين للمساعدة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك اليمن. ومع ذلك، نواجه في اليمن حملة قمع تستهدف الفضاء الإنساني والمدني من قبل أنصار الله. فقد مضى حوالي ثمانون يوماً منذ بدأ أنصار الله حملتهم المكثفة في احتجاز موظفين يمنيين لدى الأمم المتحدة والمجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية المحلية والدولية والبعثات الدبلوماسية ومؤسسات القطاع الخاص. عشرات الرجال والنساء، منهم 13 موظفاً لدى الأمم المتحدة من ضمنهم أحد موظفي مكتبي لا يزالون جميعاً محتجزين في أماكن مجهولة.

 

تلك الإحتجازات جاءت بالإضافة إلى احتجاز موظفين من المفوضية السامية لحقوق الإنسان ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) من قبل أنصار الله، حيث تم احتجازهم منذ عامي 2021 و2023 على التوالي. إضافة الى ذلك، قام أنصار الله في 29 تمُّوز/يوليو بإغلاق مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في صنعاء وطلبوا من جميع الموظفين الدوليين المغادرة. وبعد ذلك، اقتحمت قوات أنصار الله المكتب في الثالث من آب/أغسطس، في انتهاك صارخ لامتيازات وحصانة الأمم المتحدة. هذا الإجراء يشير الى اتجاه أوسع يتبعه أنصار الله ويمثل اعتداءً خطيراً على قدرة الأمم المتحدة في تنفيذ ولايتها. فحماية حقوق الإنسان هي في جوهرها حماية لمستقبل اليمن ولحقوق وحريات اليمنيين. 

 

لذلك، أدعو أنصار الله إلى التصرف بمسؤولية ورأفة تجاه المواطنين والمواطنات في بلدهم والإفراج الفوري غير المشروط عن جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية والقطاع الخاص إضافة إلى أبناء الأقليات الدينية والامتناع عن المزيد من عمليات الاحتجاز التعسفية مستقبلاً. دعوهم يجتمعون مع أسرهم مجددًا، دعوهم يعودون إلى وظائفهم لخِدمَةً اليمنيين من خلال تقديمهم للمساعدات الإنسانية والإنمائية، وبناء السلام، وحماية حقوق الإنسان، والوساطة، وحماية الإرث الثقافي.

 

السيد الرئيس، إن الشرق الأوسط حاليًا يحبس أنفاسه، وآمل بصدق أن يتم عكس مسار التصعيد الذي شهدناه في الأشهر الماضية. فما بدأ في إسرائيل وغزة في أكتوبر من العام الماضي جَرَّ عدة بلدان أخرى بما فيها اليمن. وعلى الرغم من الجهود الجادة لفصل اليمن عن هذا التصعيد الإقليمي، ما زال أنصار الله يهاجمون السفن في البحر الأحمر وما زالت الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة تواصل ضرباتها على الأهداف العسكرية في المناطق التي يسيطر عليها أنصار الله. إن هذا الوضع، الذي استمر لأكثر من ثمانية أشهر الآن، لا يمكن إستمراره.

 

السيد الرئيس، إن هذا التصعيد الإقليمي يتزامن مع تحديات حقيقية وملحة داخل اليمن والتي تتطلب معالجة. إن معالجة النِّزاع المستمر منذ عقد من الزمن في اليمن لا يزال هو محور تركيز جهودي. هذا النِّزاع أودى بحياة مئات آلاف الضحايا وأَضْعَفَ النسيج الاجتماعي في اليمن وقوَّضَ توفير الخدمات العامة فيه، ما جعل اليمن أكثر هشاشة في مواجهة الكوارث الطبيعية والمخاطر البيئية والأمراض. كما برز جليًا خلال الفيضانات التي شهدتها مؤخراً الحديدة ومأرب وتعز إضافة إلى تفشي وباء الكوليرا.

 

لذلك أدعو الأطراف اليمنية مجدداً وأنصار الله على وجه الخصوص لوضع مصالح اليمنيين في مقدمة أولياتهم. وأقول لهم إنَّ مسؤوليتهم الأولى والأخيرة تتعلق باليمن وعلينا أن نعيد التركيز إلى اليمن والعثور على حلول لمشكلات اليمن.

 

السيد الرئيس، خلال الأشهر الماضية، أعربت باستمرار عن قلقي العميق إزاء الاتجاه الذي تسير فيه الأحداث في اليمن، وللأسف، لا يزال المسار التراجعي المتمثل في استمرار الأنشطة العسكرية والخطاب التصعيدي مستمرا ومع أنَّ مستويات العنف على طول خطوط التماس ما زالت قيد الاحتواء النسبي مقارنة  بمستوياتها قبل هدنة عام 2022، ما زلنا نشهد استعدادات عسكرية وتعزيزات يصاحبها تهديدات مستمرة بالعودة إلى الحرب، مع ظهور مزيد من التقارير حول الاشتباكات في الضالع والحديدة ولحج ومأرب وصعدة وتعز، ومرة أخرى، تمثل هذه التطورات تذكير صارخ بمدى هشاشة الوضع على طول خطوط الجبهات اليمنية.

 

رغم هذه الصورة القاتمة، السيد الرئيس، تمكن الطرفان الشهر الماضي، بدعم من المملكة العربية السعودية، من احتواء دائرة خطيرة من التصعيد التي كانت تؤثر سلباً في قطاعي البنوك والنقل في اليمن وتهدد بإشعال فتيل نزاع عسكري جديد. ومنذ إعلان تفاهم خفض التصعيد، الذي شمل تشغيل رحلات شركة الخطوط الجوية اليمنية وضمان استمرار وصول البنوك الكبرى في اليمن إلى الخدمات المصرفية الدولية، شهدنا بعض التقدم الأولي نحو تنفيذ ذلك التفاهم. ولكن الآن، يقع العبء على الأطراف لتنفيذ هذا الاتفاق، وهذا يتطلب ليس فقط العمل بحسن نية والالتزام بالوعود التي قُطعت، بل أيضًا تحويل هذه التفاهمات إلى إجراءات ملموسة تحسن حياة جميع اليمنيين ومعيشتهم. لذلك، أؤكد مجددًا على أهمية العمل نحو توحيد العملة، وإنشاء بنك مركزي موحد وضمان إستقلالية القطاع المصرفي عن التدخل السياسي. وقد أعدَّ مكتبي خيارات وقدم مقترح ومساراً واضحين لتحقيق هذه الأهداف، والتي استندت جميعها  إلى مدخلات الأطراف أنفسهم، ونحن لانزال مستعدين لدعم الأطراف للوصول إلى حلول مقبولة للجميع من خلال الحوار، بما يعود بالنفع على جميع اليمنيين.

 

السيد الرئيس، في شهر كانون الأول/ديسمبر من العام المنصرم، وافقت الأطراف على مجموعة من الالتزامات، وما زالت هذه الالتزامات قابلة للتحقيق حتى اليوم رغم كل التعقيدات التي تواجه المساحة المتعلقة بالوساطة اليوم أكثر من أي وقت مضى، وما زلت ملتزماً بالحفاظ على جميع قنوات الاتصال مفتوحة وعلى استمرار انخراطنا على مختلف المستويات وعلى مختلف القضايا: في الاقتصاد، ووقف إطلاق النَّار الشامل في البلاد وغير ذلك من تدابير أمنية، وعلى عملية سياسية والإفراج عن المحتجزين والآسرى على خلفية النِّزاع.

 

تماشياً مع هذه الجهود، جَمَع مكتبي الشهر الفائت بالشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للمرأة سبعين ممثلة عن مختلف شرائح المجتمع اليمني في اللقاء التشاوري الرابع في المكلا في حضرموت لإستمرار العمل على تطوير رؤية لعملية سلام شاملة تتضمن صوت النِّساء، كذلك زار فريقي الرياض وعدن لمواصلة العمل نحو وقفٍ شاملٍ لإطلاق النَّار في جميع أنحاء اليمن، وغيرها من الترتيبات الأمنية بما في ذلك استكشاف طرق دعم جهود خفض التصعيد في اليمن. إضافة لذلك، منذ اجتماع الآسرى ومحتجزي النِّزاع في تمُّوز/يوليو، واصلنا عملنا مع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إحرازه في سلطنة عُمَان.

 

السيد الرئيس، نقوم بكل ذلك للمحافظة على التركيز على الأولويات بعيدة المدى، التي تهدف إلى الوصول لحل عادل ومستدام يخدم مصلحة جميع اليمنيين. مازلت مصمماً على إنجاز المهمة التي كلفني بها هذا المجلس ، وهي دعم استئناف عملية انتقال سياسي شامل بقيادة يمنية، وما زلت أعتمد على دعم المجلس الكامل لهذه الجهود. إنَّ اتِّساق رسالتكم ووحدتها حول أهمية العملية السياسية ووقف إطلاق النَّار، واستمرار تأييدكم للإفراج عن موظفي الأمم المتحدة لهو أمر بالغ الأهمية في خضم هذه الأوقات العصيبة. شكراً لكم.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: مجلس الأمن غروندبرغ اليمن مليشيا الحوثي الحرب في اليمن الأمم المتحدة السید الرئیس أنصار الله إضافة إلى فی الیمن حملة قمع من قبل

إقرأ أيضاً:

الفرصة سانحة.. الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان

دعا رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي بن كاردن إدارة الرئيس جو بايدن، إلى استغلال فرصة تولي البلاد رئاسة مجلس الأمن الدولي الشهر المقبل، للضغط نحو اتخاذ إجراءات "جريئة" لحل أزمة السودان، ووقف الحرب المستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ أبريل 2023.

وانتقد كاردن التقاعس العالمي تجاه السودان، مشيرا إلى أن المزيد من السكان يعانون ويموتون بلا داع.

وفي رسالة وجهها لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن وسفيرة البلاد لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، قال كاردن إن تولي الولايات المتحدة رئاسة مجلس الأمن "يشكل فرصة لعقد إحاطة رفيعة المستوى، واقتراح خارطة طريق لمعالجة الأزمة في السودان والعمل على حل الصراع".

كما دعا كاردن لدفع الأمم المتحدة إلى اتخاذ خطوات ملموسة لحماية المدنيين، ودعم تدابير المساءلة عن الفظائع المرتكبة. وأوضح "ضخامة أعداد السودانيين الذين يعانون ويموتون من الجوع والمرض، والذين تعرضوا للضرب والاغتصاب، والذين قتلوا بسبب لون بشرتهم، أمر لا يمكن تصوره".

وتأتي دعوة السيناتور الأميركي في ظل تسارع مؤشرات الانهيار في السودان، حيث تتدهور الأوضاع الإنسانية والأمنية والاقتصادية بشكل كبير نتيجة للحرب المستمرة منذ منتصف أبريل 2023.

تجاهل عالمي

وسط تقارير مقلقة عن تزايد المعاناة الإنسانية وارتفاع أعداد القتلى إلى أكثر من 61 ألفا بحسب كلية لندن للصحة، ومواجهة نصف السكان البالغ عددهم 48 مليون نسمة خطر الجوع، حذر كاردن من أن "أي يوم يمر دون الوصول لحل للأزمة يعني موت المزيد من السودانيين".

ووجه اللوم للمجتمع الدولي لعدم التجاوب بالشكل المطلوب مع الأزمة السودانية، وأوضح في رسالته: "يواصل العالم الابتعاد عن الجرائم المأساوية ضد الشعب السوداني بدلا من مواجهتها بشكل فعال".

وذكر أن أيا من الأمم المتحدة أو المنظمات الإقليمية مثل الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية في إفريقيا (إيغاد) أو الاتحاد الإفريقي، لم تتخذ أي خطوات ملموسة ومهمة لإنشاء آليات لحماية المدنيين، ودعم تدابير المساءلة عن الفظائع التي ارتكبت في الحرب، أو لتقريب الأطراف من وقف إطلاق النار وإنهاء الصراع.

وتتسق رؤية كاردن مع التحذيرات التي أطلقها الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين يان إيغلاند، في ختام زيارته للسودان، الجمعة، التي قال فيها إن البلد "يمضي نحو الانهيار الشامل تحت أنظار وصمت العالم".

استثمار الضغط الأميركي

وشدد كاردن على ضرورة "عدم السماح بسقوط السودان حتى مع اقتراب نهاية فترة الإدارة الأميركية الحالية".

ورأى أن تولي الولايات المتحدة رئاسة مجلس الأمن الشهر المقبل يشكل فرصة سانحة للضغط أكثر في اتجاه حل الأزمة.

وأضاف: "تستطيع الولايات المتحدة أن تستخدم رئاستها الأخيرة لمجلس الأمن تحت هذه الإدارة لتسليط الضوء على الأزمة في السودان وتحفيز اتخاذ إجراءات جريئة، بعد فشل قرار مجلس الأمن الذي تقدمت به المملكة المتحدة للاستجابة للأزمة في السودان من خلال عقد إحاطة رفيعة المستوى".

وتابع: "علينا أن ندفع الأمم المتحدة إلى اتخاذ خطوات أكثر جرأة وإبداعا وتوجها إلى الأمام، لتسهيل تسليم المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين، سواء بموافقة الأطراف المتحاربة أو من دونها".

وطالب كاردن وزير الخارجية الأميركي بأن يستغل الإحاطة الرفيعة المقترحة أمام مجلس الأمن لإعلان الفظائع التي تم توثيقها بدقة على أنها إبادة جماعية، واقتراح عقوبات متناسبة علنا على أولئك الذين تم تحديدهم على أنهم مسؤولون.

وقال: "ستمهد مثل هذا الإحاطة الطريق لمناقشة مجلس الأمن في المستقبل والتحرك للضغط على الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية لاتخاذ إجراءات ذات مغزى لمعالجة أزمة السودان والضغط نحو حل الصراع".

مقالات مشابهة

  • الفرصة سانحة.. الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان
  • صحيفة فرنسية تكتب عن رحلتها إلى اليمن.. بلد الحوثيين المحرم أحد أكثر الأنظمة انغلاقاً في العالم (ترجمة خاصة)
  • وزير الخارجية يؤكد أهمية الدور المحوري للأمم المتحدة في دعم العمل الإنساني والإغاثي باليمن
  • وزير الخارجية يؤكد أهمية دور الأمم المتحدة في دعم العمل الإنساني والإغاثي في اليمن
  • الحديدة ليست الميدان الوحيد : أنصار الله يستهدفون السفن من كل أنحاء اليمن
  • الأمم المتحدة : 2024 الأكثر دموية للعاملين في المجال الإنساني
  • العرادة يطالب المجتمع الدولي بإعادة مواقفه بشأن الحوثيين بعد تصاعد خطرهم المحلي والإقليمي
  • سياسيون وحقوقيون يفتحون النار على تقرير الخبراء الأممي بشأن اليمن
  • الأمم المتحدة: الأطفال في اليمن معرضون للأمراض وسوء التغذية والعنف
  • الأمم المتحدة: 9.8 ملايين طفل في اليمن بحاجة لمساعدة إنسانية