الجزيرة:
2025-04-17@01:53:17 GMT

غليان في المنطقة وغيبوبة في دمشق

تاريخ النشر: 16th, August 2024 GMT

غليان في المنطقة وغيبوبة في دمشق

التحالف بين حزب الله والنظام السوري معلن ووثيق، حيث دعمت سوريا حزب الله سياسيًا وإعلاميًا لأكثر من عقدين. ورغم أن سوريا أدانت الاعتداء الإسرائيلي على لبنان، إلا أنها تجاهلت التعليق على اغتيال القيادي في الحزب فؤاد شُكر، مما أثار استغرابًا، إذ تعاملت مع الحدث ببرود واضح. مرّت حادثة الاغتيال – التي هزت حزب الله بحدة وعمق – مرور الكرام، حتى من غير تنديدٍ لفظي ولو شكليًا، ولا حتى رسالة عزاء.

هذا ما يمكن رصده في موقع وكالة الأنباء السورية (سانا) التي أوردت الخبر.

وبالرغم من أن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران كان حدثًا بالغ الأهمية، وربما يشكل انعطافًا كبيرًا في مجريات الأحداث الساخنة التي تشهدها المنطقة المفتوحة على احتمالات لا تُستثنى منها الحرب واسعة النطاق، فإن النظام السوري تعامل معها أيضًا ببرود ملحوظ.

فقد أصدرت الخارجية السورية بيان إدانة ركز على الحديث عن انتهاك السيادة الإيرانية أكثر من التركيز على استشهاد هنية، والذي ذُكر في البيان مرة واحدة يتيمة. بل إن البيان وضع ما أسماه بـ"العمل الدنيء" في سياق سلسلة اعتداءات إسرائيلية على مواقع عديدة في المنطقة، بما فيها الجولان السوري المحتل ولبنان والعراق، ليصنف هذا الحدث الاستثنائي ضمن أحداث أصبحت روتينية من كثرة تكرارها، وفي ذلك ما يوحي بتحجيم للحدث وتقليل من شأنه.

الأمر المثير للاستغراب أيضًا، هو أن الحكومة السورية تتعامل مع الهجمات الإسرائيلية على سوريا وانتهاكاتها الجسيمة لسيادتها وكأنها تجري في بلد آخر! فبيان الخارجية بشأن الرد الإيراني على استهداف قنصليتها في دمشق قال: "بتاريخ 1 أبريل/نيسان، قامت إسرائيل بشن عدوان على السفارة الإيرانية بدمشق، وأسفر عن مقتل سوريين وإيرانيين كانوا موجودين بحكم عملهم في القنصلية التابعة للسفارة". وأضاف أنه "ردًا على ذلك العدوان، قامت إيران بسلسلة من الضربات على أهداف عسكرية إسرائيلية. وقد جاءت هذه الضربات في إطار حقها في الدفاع عن النفس، وبالاتساق مع ما تنص عليه المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة". وأعرب البيان عن تضامن سوريا مع إيران، مجددًا إدانة إسرائيل لمهاجمتها السفارة الإيرانية بدمشق وجميع الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية، وبشكل خاص المنشآت المدنية.. فاكتفى بالإدانة، وكأن هذه الاعتداءات حصلت في بلد آخر!

كان الأسد الأب، ومن بعده الابن، قد بنيا شرعية حكمهما على تبنيهما الإعلامي والسياسي لقضية فلسطين، لكنهما بظلال شعارات الصمود والتحرير حكما سوريا من خلال فرض الأحكام العرفية لعقود، وقمعا المعارضة، واتهماها بالعمالة لإسرائيل، وبأنها تريد حرف المسار القومي والوطني للدولة في حربها المصيرية المزعومة. وكان إعلام حافظ الأسد يهاجم الإسلاميين ويتهمهم بأنهم بيادق وعملاء لدولة الاحتلال.

وبعد وراثته حكم والده عام 2000، اشتهر بشار الأسد بأحاديثه الطويلة في القمم العربية، التي كان يركز فيها على ما يتعلق بالمقاومة ووجوب دعمها. وبعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري وتوجيه أصابع الاتهام نحو دمشق في 14 فبراير/شباط 2005، وبعد حرب يوليو/تموز أيضًا وصدور قرار مجلس الأمن 1701؛ صعّد بشار من لهجته تجاه بعض الأنظمة العربية، وذلك في محاولة لتجنّب استحقاقات وتبعات عملية الاغتيال.

ففي كلمته أمام المؤتمر العام الرابع لاتحاد الصحفيين السوريين عام 2006، شنّ هجومًا عنيفًا وشديدًا على الدول العربية بطريقة غير مسبوقة، معتبرًا أن حرب يوليو/تموز 2006 عرّت الوضع العربي بشكل كامل، وأن المواطن العربي كان يرى الوضع العربي مع مساحيق تجميل، لكنه اليوم يراه من دون هذه المساحيق، وأن الحرب أسقطت أنصاف المواقف وأنصاف الرجال. وانتقد الأسد الدول التي اتهمت حزب الله بالمغامرة، وأكد أن سوريا لا تطلب من أحد أن يحارب نيابة عنها. وقال: "إذا أراد أحد أن يلعب دورًا لأسبابه الداخلية على حساب قضايانا، فهذا غير مقبول، فنحن لم نقرر أن نعرض قضيتنا للبيع في السوق الدولية أو أي سوق أخرى".

يبدو أن النظام السوري يقف فيما يمكن وصفه بالحياد السلبي في الصراع الدائر بين إسرائيل وحلفائها من جهة، وبين ما يسمى بمحور الممانعة – الذي يعد الأسد نفسه من أهم داعميه – من جهة أخرى، مع ملاحظة أنه يتصرف كذلك والقوات الإيرانية والمليشيات المتحالفة معها منتشرة في الأراضي السورية. كما أن تلك المليشيات – وعلى رأسها حزب الله – لها دالة وفضل عليه في مسألة بقائه في الحكم.

والأمر الجدير بالملاحظة أن خطاب إيران كما خطاب حزب الله – وكلمة حسن نصر الله في نعي فؤاد شُكر مثال على ذلك – يخلو تمامًا من الحديث عن أي دور لسوريا أو الأسد فيما يحدث في المنطقة: لا في وحدة الساحات وإسناد غزة، ولا في التحول إلى المعركة الكبرى بحسب نصر الله. فهل تتجنب طهران الضغط على الأسد؛ خوفًا من حسمه التنافس الروسي الإيراني لصالح موسكو، أم خشية من انضمامه إلى محور التطبيع العربي؟

الأسد يجاهد للبقاء في الحكم بأي وسيلة، وهو يراقب موازين القوى ويتصرف – على ما يبدو – كما تصرف والده في مرحلة صعوده إلى الحكم: مواقف محايدة غامضة من الصراع، ثم الانحياز لمن يوشك على حسمه لصالحه.

النظام الذي رفع شعارات التحرير والنضال والصمود ومواجهة المؤامرات الصهيونية حتى في حملاته القمعية ضد الثورة السورية السلمية في بداياتها، دخل في مرحلة إعادة التأهيل السياسي الإقليمي والعربي عبر البوابات الرسمية العربية. ولا يُستبعد أن هذا التأهيل الإقليمي الذي يطمع الأسد في دعمه لإنقاذ اقتصاده، قد رسمت له عدة محاذير في تعاطيه مع التطورات والأحداث الجارية وأطرافها، وبالتالي فإن حرصه على ما يمكن أن يعتبره علاقات واعدة، أكثر من حرصه على التمسك بمواقفه السابقة ونبرتها الحادة في المواجهة والصمود.

في بدايات الثورة وقبلها وما يزال، قدم النظام السوري نفسه كعلماني يشكل حائط صد للغرب والعالم مما يسميه التطرف الإسلامي، وهو يسعى جاهدًا للعودة إلى المجتمع الدولي. وحتى يحظى بالقبول الغربي والأميركي، فإنه لم يعلق على اغتيال فؤاد شُكر، لأسباب ربما منها أنه مدرج على قوائم الإرهاب الأميركية.

ما بين التنافس الروسي الإيراني على النفوذ في سوريا، وما بين خطاب شعبوي لعقود، وما بين الطمع بالرضا الغربي والعودة إلى الحظيرة الدولية، وما بين مراقبة موازين القوى ولمن تكون الكفة الراجحة في المواجهات الدائرة؛ بين كل هذا، يقف النظام السوري متابعًا ومترددًا، ليظهر بمواقفه شيئًا من الحيادية المخالفة لشعاراته المعلنة منذ عقود، وهو في مقابل البقاء في سدة الحكم مستعد لتغيير مواقفه من النقيض إلى النقيض.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات النظام السوری حزب الله ما بین

إقرأ أيضاً:

دريد لحام يظهر في مطار دمشق لأول مرة عقب سقوط الأسد.. غياب لأي احتفاء (شاهد)

أثار الممثل السوري دريد لحام موجة من التفاعل على منصات التواصل الاجتماعي عقب ظهور في مطار دمشق الدولي لأول مرة منذ سقوط نظام المخلوع بشار الأسد في أواخر العام الماضي.

وتداول ناشطون في وقت سابق من هذا الأسبوع، لقطات مصورة تظهر عودة لحام المعروف بدعمه الشديد للنظام المخلوع إلى دمشق لأول مرة بعد سقوط الأسد، رفقة أفراد من عائلته بما فيهم زوجته هالة بيطار.

فيديو متداول:

مشاهد من داخل مطار دمشق تظهر عودة دريد لحام إلى #دمشق، وكان قد غادرها اثر سقوط نظام الاسد . pic.twitter.com/EaMiyFuf3N — Abdulrahman Al Hariri (@abdulrahmanpho) April 13, 2025
ووفقا للقطات المصورة، فقد ظهر لحام في صالة الوصول في مطار دمشق دون أي استقبال رسمي أو مظاهر احتفاء من قبل الموجودين من حوله، وهو ما أثار تفاعلا على منصات التواصل الاجتماعي وسط حديث عن "نبذ اجتماعي" للممثل الذي عرف بدعمه لنظام الأسد.

وكان لحام الذي قال في أحد تصريحاته السابقة إنه "يخاف من المخابرات أكثر من الله" ،ظهر في مقطع مصور لأول مرة عقب أيام من سقوط النظام السابق وهروب رئيسه بشار الأسد إلى روسيا، قائلا "مبروك لوطني سوريا ولادتها الجديدة".


وأضاف الممثل السوري "لحتى نضل نحتفل بهذه المناسبة كل عام، لازم نبقى إيد واحدة بكل طوائفنا وانتماءاتنا السياسية، وتكون طائفتنا الوحيدة هي سوريا".

وكان لحام ذكر في تصريحات سابقة أن رئيس النظام السابق حافظ الأسد كان من أشد داعميه في المسرحيات الجريئة، التي كان ينظر لها على نطاق واسع على أنها سياسية متبعة من قبل النظام تهدف إلى "التنفيس" عن الشعب.

ويعرف لحام بكونه من أشد الفنانين الذين دعموا النظام السوري المخلوع لا سيما بعد انطلاق الثورة السورية عام 2011، التي واجهها النظام بوحشية مفرطة ما أسفر عن كارثة إنسانية غير مسبوقة أدت إلى مقتل مئات الآلاف وتغييب عشرات الآلاف قسريا، فضلا عن الدمار الواسع في البلاد والانهيار الاقتصادي.

وبعد سقوط نظام الأسد، كانت مواقف الممثلين والإعلاميين والشخصيات البارزة في سوريا محط مثار للجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب التقلبات السريعة في المواقف بعد انهيار النظام.


وفي حين أعرب ممثلون معارضون للنظام عن ابتهاجهم بسقوط النظام مثل عبد الحكيم قطيفان ومكسيم خليل وغيرهما، فقد أثار آخرون عُرف عنهم التأييد للنظام جدلا واسعا؛ عقب انقلابهم إلى معارضة النظام، وتراجعهم عن مواقفهم القديمة الداعمة للأسد وحكمه.

كما استمر البعض مثل الممثلة سلاف فواخرجي، في تبني مواقفهم السابقة المناصرة لبشار الأسد ونظامه الذي ارتكب مجازر مروعة بحق السوريين.

وكان الإعلان الدستوري في سوريا نص على تجريم تمجيد نظام الأسد البائد ورموزه، على أن يعد "إنكار جرائمه أو الإشادة بها أو تبريرها أو التهوين منها، جرائم يعاقب عليها القانون".
لم يتجمع أحد لاستقباله.. لم يلتقط أحدا صورة تذكارية معه.. حتى مجرد تلويح باليد من مكوّع لم يحظى به..

هل تخيلتم يوما أن #دريد_لحام الذي يضعه العُرف الدرامي العربي على رأس الهرم الفني في سوريا منذ سنين طويلة ينتهي به الحال بهذا الشكل؟!

إنها الثورة العظيمة التي غيرت المفاهيم… pic.twitter.com/7LefqcWCPD — Bahaa Dabous (@Bahaa_Dabous) April 14, 2025 النبذ الإجتماعي من أقوى العقوبات . الي تخلفو عن النبي عليه الصلاة والسلام تم عقوبتهم بالنبذ الإجتماعي وكان من أصعب العقوبات عليهم طبعا مع الفرق الكبير لأنهم صحابة كرام . وفي حالة دريد لحام هدا عمره كبير وهدا الي صار رح يكون اكبر عقوبة له . المجتمع ينبذ كل جسم غريب عنه وبيأذيه . https://t.co/CdbP6Ce4SQ — Mohamad Ayyan (Abo 3sal) (@AyyanMohamad) April 15, 2025 تخيل فنان متل دريد لحام وبكل تاريخه.. انتسفت مسيرته كلها وما حدا معبره برجعته.. واقل كلمة بتنقال عنو "صرماية الوطن"
بعمرك لا توقف ضد شعبك واهلك وناسك.. شو ما كان الثمن.. — Kareem (@KareemMk22) April 14, 2025 #دريد_لحام الملقب غوار الطوشي ،
كانت الناس تتقاتل لتأخذ معه صورة ،
الآن الصورة معه أصبحت ذل للشخص ..

سبحان من أعزنا وأذلهم .. pic.twitter.com/4jQviHLUsT — المعتصم بالله الشحود (أساسي) (@almo2tasem91) April 14, 2025 "دون استقبال" #دريد_لحام يعود لسوريا بأول ظهور منذ سقوط الأسد.

صاحب مقولة "كاسك يا وطن" في مسرحية غربة الشهيرة، سيشعر الغربة في وطن ليس فيه آل الأسد، كان ممثلاً وصفيقاً للظلم، للتهجـ.،ـير والقتـ،ـل.. وهنا سقطعت الأقنعة وسقط معها "#غوار" #سرايا #الأردن #سوريا pic.twitter.com/dCahkb5egK — Yousef Tawarh (@TawarhYous61784) April 14, 2025 مقطع دريد لحام وهو بالمطار مكسور مذلول يترقب من حوله ، من افضل المقاطع اللي شفتها بحياتي

الله يزيدكم ذل وهوان ياشبيحة الهارب — . (@quds96i) April 14, 2025 شادي حلوة يبكي على دريد لحام لانه لم يستقبله احد في مطار دمشق

ارهابي يشهد لارهابي pic.twitter.com/n4GEzuIIg2 — عمر مدنيه (@Omar_Madaniah) April 14, 2025 مشهد #دريد_لحام وهو داخل إلى مطار دمشق، هو أصدق تعبير عن فكرة "النبذ الاجتماعي" ضمن مسار العدالة الانتقالية، لا أحد يتوافد لالتقاط الصورة معه، لا أحد يصفق له أو يشعر بوجوده أو حتى يتعرض له، عاد غريباً مُحملاً بالخزي والعار، وكأنه لم ينادي يوماً "مو ناقصنا إلا الكرامة" لأنه بالفعل… — Yaman Zabad (@YamanZabad) April 14, 2025

مقالات مشابهة

  • نقابة الفنانين السورية تشطب قيد الفنانة سلاف فواخرجي
  • الوزيرة هند قبوات للجزيرة نت: هكذا ستصلح الحكومة السورية ما أفسده نظام الأسد
  • بماذا تحلم إسرائيل في سوريا ما بعد الأسد؟
  • الرئيس السوري الانتقالي يبدأ أول زيارة له إلى قطر  
  • دريد لحام في دمشق بعد سقوط الأسد.. تصريحاته تُشعل الجدل
  • دريد لحام يظهر في مطار دمشق لأول مرة عقب سقوط الأسد.. غياب لأي احتفاء (شاهد)
  • حفار القبور في عهد الأسد يكشف عن هويته
  • السفير السوري في روسيا يطلب اللجوء بعد استدعائه إلى دمشق
  • مراسل سانا بدمشق: اتحاد كرة القدم يطلق بطولة سوريا المستقبل بنسختها الثانية دعماً لملف رفع الحظر عن الملاعب السورية بمشاركة 4 أندية محلية، هي الكرامة وأهلي حلب وأمية والوحدة، برعاية وزارة الرياضة والشباب والاتحاد العربي السوري لكرة القدم، وبالتعاون مع مشر
  • سوريا ولبنان.. من الجوار الصعب إلى التعاون