فورين بوليسي: على واشنطن تنسيق عقوبات على إسرائيل لهذا السبب
تاريخ النشر: 16th, August 2024 GMT
قالت مجلة فورين بوليسي إن أي حملة عقوبات متعددة الأطراف على الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية لن تكون فعالة ما لم تكن مدعومة بقوة الدولار الذي يهيمن على التجارة العالمية.
وتقصد التقارير الغربية بـ"الأراضي الفلسطينية المحتلة" تلك التي تقع في حدود ما قبل الخامس من يونيو/حزيران 1967، والتي تُقترح ضمن حل الدولتين.
وأشارت -في مقال بقلم المحامي محسن فرشنشاني- إلى أن المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة وحلفائها يواجه خيارا حاسما في معالجة الحرب على غزة مع اقتراب الشرق الأوسط من حرب شاملة، فإما أن يراهن على سلام محتمل في ظل حكومة إسرائيلية محاربة، وإما أن يفرض سياسة جديدة بتنفيذ حكم قانوني تاريخي.
وأوضحت المجلة أن محكمة العدل الدولية أصدرت قبل أسابيع رأيا استشاريا تعلن فيه أن استمرار احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية غير قانوني، وتحث على إنهائه "في أسرع وقت ممكن" بما في ذلك نقل "المدنيين الإسرائيليين" إلى الأراضي المحتلة، ومصادرة الأراضي الفلسطينية، واستغلال الموارد الطبيعية لصالح المستوطنين.
ولكي يكون هذا الرأي خطوة نحو المساءلة، يجب على الولايات المتحدة وحلفائها إظهار الاحترام للنظام القائم على القواعد التي ساعدوا في تأسيسها ذات يوم، ولكنهم يتنكرون لها كلما تعلق الأمر بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، كما يقول الكاتب.
وسيبقى هذا الحكم مجرد لفتة جوفاء من أعلى سلطة قضائية في القانون الدولي ما لم تفرض واشنطن عقوبات اقتصادية على الاحتلال غير القانوني ومستوطناته، مع أن رأي المحكمة هذا مؤشر على وجود إجماع عالمي متزايد على أن إسرائيل لا ينبغي السماح لها بالتصرف دون عقاب في الأراضي الفلسطينية.
اتجاه صحيحوأشار الكاتب إلى أن هناك بعض الحركة في هذا الاتجاه، وبالفعل قال مصدر رفيع المستوى في الحكومة الأسترالية إن رأي محكمة العدل الدولية "لا يمكن تجاهله".
وبدأت أستراليا بعد ذلك فرض عقوبات، كما أقرت وزيرة خارجية ألمانيا أنالينا بيربوك بخطورة الحكم، وقد فرضت كندا عقوبات على "أمانة"، وهي منظمة استيطانية رائدة في الضفة الغربية تقدر أصولها بنحو 160 مليون دولار، كما خصت بالذكر دانييلا فايس، وهي شخصية مثيرة للجدل تقود حركة ناشالا التي تركز على إنشاء بؤر استيطانية "غير قانونية".
وحتى الآن لم تشهد إسرائيل أي تداعيات خطيرة على انتهاكاتها الصارخة للقانون الدولي، كما يرى الكاتب، إذ لا يزال القادة والشركات والمنظمات الإسرائيلية المشاركة في الاحتلال وتوسيع المستوطنات غير القانونية تتمتع بعلاقات عالمية وهم ينتهكون القانون الدولي ومعايير حقوق الإنسان.
عقوباتوكانت العقوبات الأميركية التي تستهدف عنف المستوطنين وعدم الاستقرار بطيئة لكنها فعالة حتى الآن، وقد أصدر الرئيس جو بايدن أمرا تنفيذيا لمعالجة التهديدات التي يتعرض لها "السلام والأمن والاستقرار في الضفة الغربية".
واستهدفت الجولة الأولى من العقوبات أربعة أشخاص فقط، وعلى الفور أوقفت البنوك الإسرائيلية المعاملات المالية معهم، مما أثار ردود فعل عنيفة في إسرائيل.
غير أن التدابير المعزولة التي تتعامل مع العنف والاستيلاء على الأراضي وانتهاكات حقوق الإنسان باعتبارها حالات شاذة وليست سمات متأصلة في الاحتلال، غير كافية للالتزام برأي محكمة العدل الدولية، كما يرى المحامي، وبالتالي يجب أن يستهدف برنامج العقوبات الفعال مرتكبي أعمال العنف المباشرين وأيضا البنية التحتية الأوسع التي تدعم الاحتلال.
وذكر فرشنشاني أن منظمة "دون"، التي تعمل على تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، قدمت طلبات متعددة لحكومة الولايات المتحدة لفرض عقوبات وإنفاذها بحق الكيانات المتورطة في أفظع أشكال العنف والانتهاكات غير القانونية، مثل "تساف 9" المعروفة بشن هجمات على شاحنات المساعدات المتجهة إلى قطاع غزة.
أساس العقوباتومن أجل التصرف بناء على رأي محكمة العدل الدولية والهدف الرسمي للسياسة الخارجية الأميركية المتمثل في حل الدولتين، دعا الكاتب إدارة بايدن إلى أن تعترف صراحة بأن عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي هو السبب الجذري للعنف وعدم الاستقرار في الضفة الغربية، وبالتالي يستطيع برنامج العقوبات الهادف أن يشمل في نهاية المطاف كيانات رئيسية مثل البنوك التي تمول أو تدعم المستوطنات غير القانونية.
وذكر المحامي أن العقوبات الأميركية هي وحدها التي تميل إلى أن يكون لها تأثير عالمي بسبب هيمنة الدولار الأميركي على التجارة العالمية باعتباره العملة الاحتياطية الرئيسية في العالم، مما يمنح واشنطن نفوذا كبيرا على الأنشطة المالية العالمية، ويمكن عقوباتها من تعطيل المعاملات خارج حدودها.
إن العقوبات الأميركية الأحادية الجانب أو العقوبات المتعددة الأطراف المدعومة من الولايات المتحدة هي وحدها القادرة على ممارسة الضغط اللازم على إسرائيل لوقف أنشطتها غير القانونية في الأراضي المحتلة.
الفيتوويمكن أن تحقق العقوبات أهدافها بطريقتين، إما عقوبات الأمم المتحدة وإما عقوبات متعددة الأطراف، غير أن الأولى تتطلب اتخاذ واشنطن خطوة غير مسبوقة بالامتناع عن استخدام حق النقض (الفيتو) ضد أي قرار يصدره مجلس الأمن تحت الفصل السابع بشأن أنشطة إسرائيل غير القانونية.
وأما الخيار الأخير فهو يتطلب من الولايات المتحدة تنظيم عقوبات متعددة الأطراف بالتنسيق مع حلفائها مثل تلك التي بدأت ردا على الغزو الروسي لأوكرانيا.
وسيكون الهدف -كما يقول الكاتب- هو زيادة التكلفة الاقتصادية لاستدامة الاحتلال وسياسات الفصل العنصري المرتبطة به بشكل كبير، مما يفرض تحولا في السياسة على أعلى مستويات الحكومة الإسرائيلية.
ويوفر حكم محكمة العدل الدولية الأساس القانوني والأخلاقي لمثل هذا الجهد، وقد يكون بمثابة الأساس لحل جيوسياسي عادل وطويل الأمد يستحقه الشعبان الفلسطيني والإسرائيلي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات محکمة العدل الدولیة الولایات المتحدة متعددة الأطراف غیر القانونیة إلى أن
إقرأ أيضاً:
50 بنكا روسيا في مرمى عقوبات أميركية جديدة على موسكو
أعلنت الولايات المتحدة، الخميس، حزمة من العقوبات تستهدف نحو خمسين مؤسسة مصرفية روسية بهدف الحد من "وصولها إلى النظام المالي الدولي" وتقليص تمويل المجهود الحربي الروسي في أوكرانيا.
وتطال هذه العقوبات التي تستهدف خصوصا الذراع المالية لشركة الغاز العملاقة غازبروم، حوالى أربعين مكتب تسجيل مالي و15 مديرا لمؤسسات مالية روسية، بحسب ما ذكرته وكالة فرانس برس.
وقالت وزيرة الخزانة جانيت يلين في بيان إن "هذا القرار سيجعل من الصعب على الكرملين التهرب من العقوبات الأميركية لتمويل وتجهيز جيشه".
وأضافت "سنواصل التحرك ضد أي قناة تمويل قد تستخدمها روسيا لدعم حربها غير القانونية وغير المبررة في أوكرانيا".
وفي بيان منفصل، قال مستشار الأمن القومي جايك سوليفان "في سبتمبر، أعلن الرئيس جو بايدن زيادة المساعدات وتدابير إضافية دعما لأوكرانيا في تصديها للعدوان الروسي. واليوم تفرض الولايات المتحدة عقوبات ضخمة على أكثر من خمسين مؤسسة مالية للحد من قدرتها على مواصلة حربها الوحشية ضد الشعب الأوكراني".
وتشمل العقوبات شركة غازبروم وجميع فروعها في الخارج الموجودة في لوكسمبورغ وهونغ كونغ وسويسرا وقبرص وجنوب إفريقيا.
كما تستهدف أكثر من خمسين مؤسسة مصرفية صغيرة أو متوسطة الحجم يشتبه في أن موسكو تستخدمها لتمرير مدفوعاتها لشراء المعدات والتقنيات.
وحذر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، من جانبه، المؤسسات الأجنبية التي قد تميل إلى الانضمام إلى نظام نقل الرسائل المالية الروسي الذي أنشئ بعد حظر المؤسسات المالية الروسية من استخدام خدمة "سويفت" الدولية.
وأكد مكتب مراقبة الأصول الأجنبية أن "أي مؤسسة مالية أجنبية انضمت أو ترغب في الانضمام إلى نظام نقل الرسائل المالية قد يتم تصنيفها على أنها تعمل أو عملت داخل النظام المالي الروسي" وبالتالي من المحتمل أن يتم استهدافها بالعقوبات.
وامتدت العقوبات لتشمل العديد من أعضاء البنك المركزي الروسي بالإضافة إلى مديري المؤسسات المالية الروس في شنغهاي ونيودلهي.
وتنص العقوبات على تجميد الأصول المملوكة بشكل مباشر أو غير مباشر للكيانات أو الأشخاص المستهدفين في الولايات المتحدة، فضلا عن منع أي شركة أو مواطن أميركي من إقامة علاقة تجارية مع الأشخاص أو الشركات المستهدفة، تحت طائلة تعرضه للعقوبات.
كما يُمنع الأشخاص المعاقبون من دخول الأراضي الأميركية.
وتأتي هذه العقوبات الجديدة في وقت يشتبه بأن روسيا استخدمت صاروخا استراتيجيا، هو الأول من نوعه في التاريخ، لضرب مدينة دنيبرو الأوكرانية (وسط).
إلا أن واشنطن اعلنت أنه "صاروخ بالستي تجريبي متوسط المدى".