الدوحة غزة "أ ف ب" "مراسل عمان" بهاء طباسي: بدأت اليوم جولة جديدة من التفاوض حول هدنة في قطاع غزة في حين تجاوز عدد شهداءالحرب المتواصلة منذ عشرة أشهر الأربعين ألفا، وفق وزارة الصحة في قطاع غزة.

وتأتي المفاوضات بعد عشرة أشهر من حرب مدمّرة بين إسرائيل وحركة حماس، وفي ظل تصعيد إقليمي بين الدولة العبرية من جهة وإيران وحلفائها من جهة أخرى.

وذكرت مصادر مطلعة على المفاوضات أن جولة جديدة انطلقت في العاصمة القطرية الخميس في محاولة للتوصل إلى هدنة من شأنها أن تتيح تبادلا للرهائن المحتجزين في قطاع غزة والمعتقلين الفلسطينيين في سجون إسرائيلية.

واعتبر البيت الأبيض ان "البداية مشجعة" في محادثات الدوحة.

وأعلنت الولايات المتحدة وإسرائيل إرسال وفدين الى المفاوضات التي يفترض أن ممثلين عن الحكومتين المصرية والقطرية الوسيطتين الى جانب واشنطن، يشاركون فيها أيضا.

وبالاستناد الى جلسات التفاوض السابقة، لا تحصل مفاوضات مباشرة بين الطرفين المعنيين، إنما ينقل الوسطاء المقترحات والأجوبة الى كل من الوفدين اللذين لا يتواجدان في الغرفة نفسها.

وتجري المفاوضات على أساس طرح أعلن عنه الرئيس الأمريكي جو بايدن في 31 مايو وينصّ على ثلاث مراحل تشمل وقفا لإطلاق النار وانسحابا للقوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة في غزة وإدخال مساعدات وإطلاق معتقلين فلسطينيين من السجون الإسرائيلية.

"البحث في تطبيق الاتفاق"

وقال القيادي في حركة حماس باسم نعيم لوكالة فرانس برس "موقفنا واضح، لن نذهب الى جولة مفاوضات جديدة. سنذهب فقط لتطبيق ما تم الاتفاق عليه".

في واشنطن، أكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي لمحطة "سي ان ان" التلفزيونية الأمريكية الخميس بدوره أن البحث يتناول "تطبيق تفاصيل الاتفاق، الثغرات الصغيرة التي نؤمن أنه في الإمكان تجاوزها الى حدّ كبير بحسب الطريقة التي يتم فيها تنفيذ الاتفاق".

وكرّر "البحث ليس حول الاتفاق نفسه، إنما حول تطبيقه"، مشيرا الى أنه عند "الوصول الى مثل هذه التفاصيل" في أي اتفاق، "يصبح الأمر أكثر صعوبة".

وأعرب عن أمله في "إحراز تقدّم خلال الساعات والأيام المقبلة"، مضيفا "من المهم أن تكون كل الأطراف مستعدة للقيام بتنازلات".

وبدأت الحرب إثر هجوم نفّذته حركة حماس في السابع من أكتوبر على جنوب إسرائيل وأسفر عن مقتل 1198 شخصا، معظمهم من المدنيين، وفقا لحصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية رسمية.

وخُطف خلال الهجوم 251 شخصا، لا يزال 111 منهم محتجزين في غزة، بمن فيهم 39 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.

وأسفرت الغارات والقصف والعمليات البرية الإسرائيلية في قطاع غزة عن مقتل 40005 أشخاص، وفق أرقام وزارة الصحة التابعة لحماس الخميس. ولا تكشف حماس عن عدد مقاتليها الذين قضوا في القتال. ولا تذكر الوزارة ما إذا كانت حصيلة الضحايا التي تنشرها بشكل شبه يومي تشمل مقاتلين.

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك اليوم "اليوم يدخل العالم أجمع مرحلة مظلمة. سكان غزة ينعون اليوم 40 ألف قتيل فلسطيني".

واعتبر أن "هذا الوضع الذي لا يمكن تصوره يعود إلى حد كبير إلى الانتهاكات المتكررة لقوات الدفاع الإسرائيلية لقواعد الحرب".

وخلال الأسابيع الأخيرة، تعزّزت المخاوف من توسّع التصعيد الى دول أخرى في المنطقة بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية في طهران، في ضربة نسبت الى إسرائيل. وجاء ذلك بعد ساعات من ضربة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت قتلت القيادي في حزب الله اللبناني فؤاد شكر.

وتوعّدت إيران وحزب الله بالردّ على الدولة العبرية.

ومارست الدول الغربية ضغوطا مكثفة على إيران داعية إياها للتراجع عن تهديدها بالردّ على إسرائيل.

وفي إطار الجهود الدبلوماسية المبذولة لاحتواء التصعيد في المنطقة، يزور وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه بيروت الخميس بعد الموفد الأميركي آموس هوكستين الذي زار لبنان وإسرائيل خلال اليومين الماضيين.

واعتبر الرئيس الأميركي الثلاثاء أن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة قد يدفع إيران للامتناع عن شنّ هجوم.

ورفضت إيران الثلاثاء الدعوات الغربية للتراجع.

وقال كيربي ل"سي ان ان"، "نعتقد" ان إيران وحلفاءها "لا يزالون يفكّرون" بالردّ وب"أنهم سيفعلون شيئا. قد يحصل هذا خلال الأيام القادمة، أو في أي وقت"، و"نحن نراقب عن كثب"، معربا عن أمله في الوقت نفسه بألا يحصل.

الميدان

على الأرض، واصلت إسرائيل اليوم عملياتها العسكرية في قطاع غزة.

وأفاد مصدر طبي في مستشفى ناصر في خان يونس في جنوب القطاع وكالة فرانس برس اليوم عن إستشهاد شخص وإصابة ثلاثة آخرين بجروح في قصف إسرائيلي على شرق خان يونس.

كذلك، أفاد مسعفون عن نقل خمسة قتلى وعدد من الجرحى الى مستشفى الأهلي في مدينة غزة في شمال القطاع بعد غارات إسرائيلية على المدينة.

وفي الضفة الغربية المحتلة، قُتل فلسطينيان وأصيب سبعة آخرون في غارة للجيش الاسرائيلي فجر الخميس على مخيم بلاطة للاجئين بالقرب من مدينة نابلس، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.

وقُتل منذ اندلاع الحرب في غزة ما لا يقل عن 632 فلسطينيا برصاص القوات الإسرائيلية ومستوطنين في الضفة الغربية، وفقا لإحصاء أعدته وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام فلسطينية رسمية.

وقُتل ما لا يقل عن 18 إسرائيليا، بينهم جنود، في هجمات فلسطينية في الضفة الغربية خلال الفترة نفسها، وفقا لأرقام إسرائيلية رسمية.

مرونة فلسطينية

من جهته، يرى المحلل السياسي الفلسطيني، خالد الحيلة، أن الجانب الفلسطيني ممثلًا في حركة حماس قدم «مرونة عالية جدًا من أجل إتمام الهدنة، ومن أجل وقف هذه المذبحة بحق أبناء شعبنا».

ويستدرك: «لكن الآن الكرة في الملعب الإسرائيلي. حكومة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو المتطرفة هي من تعرقل وتنقلب على كل الاتفاقيات السابقة».

وكانت هيئة البث الإسرائيلية ذكرت أن المجلس السياسي والأمني للاحتلال لم يناقش، الخميس الماضي، صفقة «الرهائن»، كما لم يُدعَ وفد التفاوض للاجتماع الذي اقيم اليوم، فيما أفادت وسائل إعلام إسرائيلية أن «نتنياهو» أضاف شروطا جديدة لمفاوضات صفقة التبادل مع «حماس».

واشارت الى أن نتنياهو يطالب بمعرفة أسماء المختطفين الإسرائيليين الـ33 المفرج عنهم في المرحلة الأولى من الصفقة، وأن يكون له حق الاعتراض على الإفراج عن أسماء الأسرى الفلسطينيين الوازنين في هذه المرحلة.

وأضاف لـ«عُمان» خلال حديثه: «حكومة الكيان هي دائمًا من كان يطلب تعديلات مرارًا وتكرارًا على صفقات وقف إطلاق النار السابقة. أما نحن فقد وافقنا على رؤية بايدن الداعم والمساند الأول للاحتلال بالمال والسلاح».

ويتمنى المحلل السياسي الفلسطيني أن تنجح الإدارة الأمريكية بالتعاون مع الوسطاء العرب خلال المرحلة المقبلة من «إلزام إسرائيل بقبول تهدئة، بقبول صفقة بعد أكثر من 300 يوم من القتل والذبح ضد أبناء الشعب الفلسطيني، وإلا ستلتهب المنطقة، وتستمر الحرب في قطاع غزة بوتيرة أكثر دموية وعنفًا».

وأشار إلى حاجة الشعب الفلسطيني إلى «فترة وجيزة للملمة جراحه، كي يكون قادرًا على مجابهة التحديات المستقبلية».

يتابع: «كان هناك صمت عالمي رهيب جدًا. الاحتلال استباح الدم العربي والدم الفلسطيني. قتل ودمر. مجازر متتالية. بدءًا من مجزرة المستشفى الأهلي في ديسمبر الماضي، مرورًا بمجازر مواصي خان يونس والنصيرات، وصولًا إلى مذبحة الفجر في مدرسة التابعين».

ويوضح أنه في حالة تم إبرام صفقة لتبادل الأسرى خلال المرحلة المقبلة ، فإن «الفلسطينيين لا يملكون أي خيارات سوى المواجهة، والبقاء على أرضهم، وتحمل الصعاب، مع بذل قصارى الجهد من أجل إنجاح الجهود الدبلوماسية الرامية إلى وقف إطلاق النيران».

ويناشد زعماء العالم بـ«التلويح بمواقف جديدة وحازمة قد تلزم الإدارة الأمريكية والاحتلال بالموافقة على التهدئة، من أجل وقف حمام الدم الفلسطيني بحق الأبرياء من الأطفال والشيوخ والنساء».

خدعة نتنياهو

التناقض بين المواقف الإسرائيلية والأمريكية، رآه المتخصص في الشأن الإسرائيلي خالد السوسو «خداعًا استراتيجيا وتضليلًا من مكتب نتنياهو وحتى مكتب وزارة الخارجية الأمريكية».

يقول لـ«عُمان» خلال حديثه: «تصريحاتهم توحي أن هناك صفقة ستتم، لكن وزير خارجية أمريكا، أنتوني بلينكن، يضغط على الوسطاء (مصر وقطر)، من أجل إملاء حل على حماس، لتجاوب بـ(نعم أو لا)».

ويوضح المحلل السياسي الفلسطيني أن الولايات المتحدة «تريد فرض شروط الهزيمة والاستسلام على المقاومة»: «يريدون دائمًا أن تجاوب حماس بـ(نعم) على شروط الاحتلال دون إضافة أي حرف واحد من قبلها، بمعنى: ألا تطلب وقف إطلاق النار وانسحاب قوات الاحتلال من كامل أراضي قطاع غزة».

وأبدت «حماس» انفتاحًا على استئناف المحادثات عند النقطة التي تم قبلها طرح الشروط الجديدة، بحسب «بي بي سي»، التي نقلت عن مصادر في المقاومة، أن شروط الاحتلال تشمل «ضرورة فحص النازحين الفلسطينيين عند عودتهم إلى شمال غزة، فضلًا عن مسألة السيطرة على ممر فيلادلفيا على الحدود مع مصر».

وأفادت الصحافة الإسرائيلية على نطاق واسع أن هذه المطالب الجديدة قدمها «نتنياهو»، وأنها «كانت بمثابة نقاط شائكة تسببت في احتكاك مع فريقه المفاوض».

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی قطاع غزة فرانس برس من أجل فی غزة

إقرأ أيضاً:

الهلال الأحمر الفلسطيني: الواقع الصحي في قطاع غزة كارثي

قالت نبال فرسخ مسؤولة الإعلام في الهلال الأحمر الفلسطيني، إن الواقع الصحي في قطاع غزة كارثي بعد خروج معظم المستشفيات عن الخدمة، وحذرت من توقف الخدمات الإغاثية والإسعافية في محافظتي غزة والشمال بسبب الإجراءات الإسرائيلية، بحسب نبأ عاجل أفادت به قناة «القاهرة الإخبارية».

وأضافت «فرسخ»: «إننا نطالب المجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ومستشفيات غزة تعاني نقصا كبيرا في المستلزمات الصحية ما يهدد استمرار تقديم الخدمة الطبية».

مقالات مشابهة

  • الخارجية البريطانية: الضربة الإسرائيلية {المروعة} على خان يونس تظهر الحاجة إلى الهدنة في غزة
  • لماذا ترفض مصر استضافة جولة مفاوضات جديدة لوقف إطلاق النار في غزة؟
  • حزب بن غفير يعارض الصفقة وبايدن يبحث الطريق المسدود للمفاوضات
  • مصر ترفض طلبا أميركيا إسرائيليا لعقد جولة جديدة من مفاوضات غزة
  • حماس: عدوان الاحتلال ضد التعليم الفلسطيني لن يفلح في طمس هويته
  • الهلال الأحمر الفلسطيني: الواقع الصحي في قطاع غزة كارثي
  • «العمل الوطني الفلسطيني»: ما تبقى من مدارس غزة تحول إلى مراكز إيواء النازحين
  • العمل الوطني الفلسطيني: تؤكد ضرورة توحيد الصف لمواجهة العنجهية الإسرائيلية
  • حماس: الرواية الإسرائيلية الكاذبة حول 7 أكتوبر هدفت لشيطنة المقاومة وتبرير حرب الإبادة
  • حماس: عملية معبر الكرامة رد فعل على الجرائم الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية