تأتي عناية مكتبة الملك عبد العزيز العامة بالتراث الإسلامي من خلال استراتيجيتها المعرفية في الحفاظ على التراث وتوثيقه وأرشفته، وإتاحته للباحثين والدارسين وطلاب العلم من أجل الوقوف على مضامينه الأدبية والفنية والعلمية، بوصفه أحد شواهد الحضارة العربية والإسلامية التي تقدمها للعالم.

وتحتضن مكتبة الملك عبد العزيز العامة آلاف المقتنيات من الكتب النادرة والمخطوطات والوثائق والصور والمسكوكات والمنمنمات التي تشكل جانبا كبيرا من مقتنياتها، فضلا على توفير مادة ثرية من الكتب المعروضة للقراء والباحثين تتجاوز 3 مليون كتاب، حيث وضعت المكتبة منذ افتتاحها في العام 1987م من ضمن أهدافها الإستراتيجية المعرفية: الحفاظ على المحتوى الفكري العربي والإسلامي بمختلف عناصره ومصادره الثقافية، وزيادة هذا المحتوى بما يتلاءم ومتطلبات المسؤولية الثقافية التي تقوم بها، وبما يتناسب وتحولات البنية المعرفية العالمية التي تستدعي زيادة المحتوى الفكري التقني رقميا وحضور هذا المحتوى لمن يطلبه من الباحثين والمعنيين والدارسين حول العالم.

بالإضافة إلى ذلك قامت المكتبة بإصدار مجموعات كبيرة من الكتب المتخصصة في تاريخ المملكة وفي العالمين العربي والإسلامي، وإبراز الأوجه المتميزة في الحضارة العربية الإسلامية، وعقد الندوات الدولية عن تراث العالم العربي والإسلامي خاصة ندوة الأندلس، وندوة مصادر المعلومات في العالم الإسلامي، كما تقوم بوضع قواعد معلوماتية رقمية صلبة على الشبكة العنكبوتية عبر مشروع الفهرس العربي، الذي أطلقته لخدمة المكتبات والثقافة العربية والإسلامية.

التراث والمقدسات الإسلامية:

يشكل التراث العربي، والمقدسات الإسلامية ركنا أساسيا من عمل المكتبة، فالمكتبة تقتني 8571 كتابا عن التراث، وأكثر من 8000 مخطوط وأكثر من (32) ألف كتاب نادر، كما تمتلك المكتبة (700) خريطة من الخرائط النادرة خاصة عن الجزيرة العربية منذ عام (1482م)، بعضها باللغات اللاتينية القديمة، وفي مجال العملات والمسكوكات النادرة حرصت إدارة مكتبة الملك عبد العزيز العامة على اقتناء أكثر من (7600) عملة نادرة ما بين ذهبية وفضية وبرونزية، يعود تاريخها إلى مختلف العصور الإسلامية.

وقامت المكتبة بتصوير جميع مخطوطاتها رقميًا، حيث بلغت أكثر من مليوني صورة ووضعها على إسطوانات مدمجة (سي دي) ولا تكتفي المكتبة بما تكنزه من ذخائر تراثية يجعلها واحدة من أهم المكتبات بالعالم في حفظ التراثين العربي والإسلامي، بل إنها كذلك تعمل على توثيق التراث الوطني بدراسات وبحوث قيمة، ومن بين هذه الكتب التي أصدرتها المكتبة تلك الكتب التي أصدرتها عن الخيول والإبل والفروسية، والصقور، وطرق الحج، والحليّ، فضلا عن الكتب التي تتناول البقعتين الطاهرتين مكة المكرمة والمدينة المنورة والقدس والمسجد الأقصى.

تراث المملكة:

ولأن المملكة العربية السعودية تحتضن التراث العربي والإسلامي وتحتضن الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، تحتفظ المكتبة بأهم عناصر التراث الديني والفكري والأدبي، وأصدرت مجموعة كبيرة من الكتب التي توثق لجماليات هذا التراث على أرض المملكة، منها: كتاب مصورباللغة الإنجليزية، بعنوان السعودية SAUDIA يضم (148) صورة التقطها المصور الإيطالي العالمي إمبرتو دي سيلفيرا، وكتاب "الجمل في الفن القديم والتاريخ والثقافة بالمملكة العربية السعودية» للدكتور مجيد خان، يتضمن (400) صورة وكتاب: (مشاهدة الحرمين الشريفين ومظاهر الحج ) من تأليف الدكتور صاحب عالم الأعظمي الندوي، يعرض فيه صورا التقطها الحاج أحمد مرزا عام 1325هـ / 1907م منها: صورالمسجد الحرام بمكة المكرمة، والمسجد النبوي بالمدينة المنورة، وجبل عرفات، وباب العنبرية، ومسجد الخيف، ومشعر منى، ومقبرتي المعلاة والبقيع، ومسجد قباء بالمدينة المنورة.

من جانب آخر ترجمت المكتبة كتاب ( المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية: تاريخ العلاقات التجارية بين الصين والجزيرة العربية) ويبرز إسهامات الأمة العربية الإسلامية والصين، وإنجازاتهما العلمية في مجالات كثيرة كالفلك، والعلوم، والجغرافيا، والزراعة والطب وغيرها، ويبين أن لهما علاقات قديمة قبل الإسلام وبعده، حيث تبادلا التجارة والرحلة عبر طريق الحرير، ويأتي الكتاب ليشكل ترجمة حقيقية لواقع هذا التعاون والتفاهم المشترك، ليكون مصدرا مهما للباحثين من كلا الحضارتين، كما تقوم المكتبة منذ إنشاء فرعها بجامعة بكين بجمهورية الصين الشعبية قبل ستة أعوام بفعاليات متعددة تهدف إلى تعريف الصينيين بمختلف عناصر الثقافة السعودية والعربية والإسلامية.

ويتوافر في المكتبة مجموعة من الكتب النادرة ذات الطبعات الأوروبية القديمة والنادرة وتتكون من (78) كتاباً عن سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وتضم المجموعة أيضًا (113) كتاباً مترجماً باللغات الأوروبية القديمة للقرآن الكريم، بالإضافة إلى (55) كتاباً عن الدراسات القرآنية، و(54) كتاباً يتعلق بالمصادر الإسلامية.

وتقتني مكتبة الملك عبد العزيز العامة أرشيفاً للصور يعد من أندر المجموعات المصورة في العالم، التقطها أشهر مصوري الشرق والمنطقة العربية منذ بدايات التصوير الشمسي عام (1740م) إضافة إلى الصور التي التقطها الرحالة وربان السفن والعسكريون والمبعوثون والقناصل والسياسيون الذي زاروا المنطقة منذ منتصف القرن الماضي وحتي بدايات القرن الحالي، حيث يعد هذا الأرشيف التاريخي من الصور، أحد أهم المصادر في العالم التي تجسد صورة المنطقة العربية في الماضي.

ويتوافر لدي مكتبة الملك عبد العزيز العامة حوالي (365) صورة مع أصولها لم تنشر من قبل للحرمين الشريفين، قام بتصويرها المصور العالمي المصري أحمد باشا حلمي،

كما تمتلك المكتبة (700) خريطة من الخرائط النادرة خاصة عن الجزيرة العربية منذ عام (1482م)، بعضها باللغات اللاتينية القديمة. وفي مجال العملات والمسكوكات النادرة حرصت إدارة مكتبة الملك عبد العزيز العامة على اقتناء أكثر من ( 7600 ) عملة نادرة ما بين ذهبية وفضية وبرونزية، يعود تاريخها إلى مختلف العصور الإسلامية.

كما أصدرت مجموعة من الترجمات لكتب الرحالة والمستشرقين الذين جابوا شبه الجزيرة العربية خلال بدايات تأسيس الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود، حتى تأسيس المملكة العربية السعودية على يد الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود في 23 سبتمبر 1932م، ومن أبرز ترجمات كتب الرحالة التي أصدرتها المكتبة تلك الكتب التي ألفها كل من وليم فيسي " الرياض.. المدينة القديمة"، ومسعود عالم " شهور في ديار العرب"، وتاكيشي سوزوكي "ياباني في مكة"، وليوبولد فايس ( محمد أسد) "الطريق إلى مكة"، وآر إي تشيزمان " في شبه الجزيرة العربية المجهولة"، وإليزابيث مونرو " فيلبي الجزيرة العربية"، والليدي إيفيلين كوبولد " الحج إلى مكة"، وأ. غ. شيرباتوف " الخيل العربية الأصيلة"، وإيف بيسون" ابن سعود ملك الصحراء ".

في الشأن الفلسطيني:

وفي الشأن الفلسطيني تضم المكتبة قاعدة كبيرة من الكتب والوثائق والخرائط، كما أصدرت بشأن الأقصى كتابا ضخمًا مصورًا عن كل الأماكن المقدسة والأماكن التراثية ومسجد قبة الصخرة والمسجد الأقصى ويتضمن مجموعة كبيرة من الوثائق والصور النادرة بعنوان " الأقصى". حيث احتوى الكتاب على (360) صورة تتضمن جميع تفاصيل المسجد الأقصى.

واهتمت مكتبة الملك عبد العزيز العامة منذ إنشائها بتوثيق تاريخ القدس وعقدت المؤتمرات والندوات، منها ندوة ومعرض مصور عن القدس في العام 1998م.

كما شكلت مكتبة بحثية متفردة تتناول القضية_الفلسطينية تحتوي على آلاف الكتب التي تتناول مختلف الأبعاد التاريخية والاقتصادية والاجتماعية والجغرافية والدينية والثقافية لفلسطين، ومن بين الكتب النادرة التي تقتنيها المكتبة، والتي تعد مرجعا هاما للقضية الفلسطينية كتاب: " مدينة القدس" تأليف سي.آر.كوندر، الصادر في لندن العام 1909م، والذي يقدم خلاصة البحوث التاريخية والأثرية التي أجريت في القرن الـ19 وتتعلق بالتاريخ والمباني الأثرية لمدينة القدس عبر 4000 سنة.

مصادر أندلسية:

واهتمت المكتبة بالتاريخ الأندلسي من وجهته الحضارية والأدبية والفنية والعلمية، فأصدرت عددا من الكتب منها كتاب: ( مصادر أندلسية) الذي يغطي مراحل كثيرة في تاريخ الأندلس، من خلال التعريف بعدد متنوع من المصادر والمراجع التي تتناول هذا التاريخ. واختيرتْ في هذا الكتاب مجموعة من مقتنيات مكتبة الملك عبد العزيز العامة في موضوعات متنوعة تتعلق جميعها بالأندلس، ومن أمثلتها: التاريخ، والأدب، والشعر، والحروب، والزراعة، والعملات، والفنون، والثقافة، والمدن الأندلسية، والسير والتراجم، وقد شملت التغطية اللغوية للكتاب عدة لغات هي: العربية، والإنجليزية، والإسبانية، والفرنسية، والألمانية، واللاتينية، و بلغت المصادر العربية الواردة بالكتاب (13) كتابًا، فيما بلغت الكتب باللغات الأجنبية (71) كتابًا.

وتقتني المكتبة واحدا من أندر الكتب العالمية بعنوان:" صور من إسبانيا" من تأليف ديفيد روبرتس، في طبعة فاخرة بالألوان الطبيعية الكاملة، وقد طبع منه ما يقارب الثلاثين نسخة فقط، ويحتوي على لوحات متنوعة للرسام البريطاني الشهير ديفيد روبرتس كان قد رسمها خلال جولته في ربوع الأندلس عامي 1832-1833م، تصور عددا من المعالم الشهيرة التي زارها في إسبانيا.

ويحتوي الكتاب على (26) لوحة مطبوعة بالحجر وملونة باليد، وقد أشرف على طباعتها وتلوينها ديفيد روبرتس بنفسه، وقد خصصت أغلب لوحات الكتاب للآثار والقصور العربية الإسلامية في الأندلس، ففيه مناظر غاية في الروعة والجمال لغرناطة وقصر الحمراء والتفاصيل الدقيقة للنقوش التي تميزت بها العمارة الإسلامية في الأندلس.

جماليات العربية:

في شهر رمضان من العام 1445هـ أقامت مكتبة الملك عبد العزيز العامة معرضا للمصاحف الشريفة المذهّبة والمزخرفة النادرة، وهو يأتي في سياق المعارض المتنوعة التي أقامتها المكتبة منذ تأسيسها لإبراز جماليات الحضارة الإسلامية والتراث العلمي والفني لها، ومنها معارض للحج، والخط العربي، والشعر العربي، والمسكوكات العربية والإسلامية عبر العصور. وقد ضم المعرض مجموعات نادرة منتقاة من أكثر من (350) مصحفا شريفا تقتنيها المكتبة، من المصاحف المذهبة والمزخرفة التي نسخت خلال القرون الماضية، وتتكون من (267) مصحفاً، وتعد المصاحف المتحفية (20 مصحفا) من أنفس المقتنيات.

وفي إطار العناية بإبراز بعض جماليات اللغة العربية وأناقتها في الكتابة والخطوط، أقامت مكتبة الملك عبد العزيز ثلاثة معارض مهمة، أبرزها: " المعرض العالمي للخط العربي" و معرض: المسكوكات الإسلامية عبر العصور، ويتبين فيه طرق الكتابة على العملات بخطوط اللغة العربية، مما يدل على هذا التنوع وحركة الكتابة الدقيقة في صياغة معلومات العملة.كما أقامت معرضًا خاصًّا للمخطوطات العربية النادرة التي تتناول علوم اللغة العربية، وآدابها، وفنونها، ومعاجمها.

وتقتني مكتبة الملك عبد العزيز العامة أكثر من 500 ديوان مخطوط من أبرزها مخطوطة ديوان علي بن المقرب ” 572-630هـ” ومخطوطة نادرة لديوان المتنبي كتبت قبل 400 عام أما أقدم مخطوطات الشعر التي تقتنيها المكتبة فهو مخطوط لديوان ( سقط الزند ) للمعري ( أحمد بن عبد الله بن سليمان بن محمد، أبو العلاء التنوخي المعري 449هـ - 1057م) وقد تم نسخه في العام (652هـ ).

و تواصل المكتبة تفعيل منظومتها المعرفية بما يتوافق ورؤية المملكة 2030 ويتوافق مع الاستراتيجية الثقافية التي طرحتها وزارة الثقافة.فيما تواصل الكشف عن مقتنياتها التراثية النادرة من خلال معارضها في المملكة وفي معارضها بالعواصم العالمية، وتعمل المكتبة عبر ذلك على نشر المعرفة والإسهام في دعم البحث العلمي والوعي المتجدد بأهمية الاستفادة من تقنيات المعلومات والاتصالات في التعريف بثراء الثقافة العربية الإسلامية وتنوع إسهاماتها في مسيرة التطور الحضاري في مختلف العصور وأثرها التاريخي الكبير على كل الثقافات العالمية.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: العالم الإسلامي المقدسات الإسلامية مخطوطات مكتبة الملك عبدالعزيز العامة مکتبة الملک عبد العزیز العامة المملکة العربیة السعودیة العربیة والإسلامیة العربیة الإسلامیة العربی والإسلامی الجزیرة العربیة التی تتناول الکتب التی فی العالم کبیرة من من الکتب أکثر من

إقرأ أيضاً:

مدير مكتبة الإسكندرية: الهجرة غير الشرعية أبرز التحديَّات الشائكة التي تواجه المجتمع الدولي

 قال الدكتور أحمد زايد؛ مدير مكتبة الإسكندرية، إن قضية الهجرة غير الشرعية تعد أحد أبرز التحديَّات الشائكة التي تواجه المجتمع الدولي، وقد اكتسبت أهمية كبرى في الآونة الأخيرة نظرًا لارتباطها بأبعاد تنموية واقتصادية.


جاء ذلك في افتتاح ندوة "الهجرة غير الشرعية: التنمية والاستثمار في البشر"، التي نظمها مشروع "مصر الغد" بمكتبة الإسكندرية، وتحدث فيها كل من السفيرة نائلة جبر رئيس اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار في البشر، والدكتورة عادلة رجب أستاذ الاقتصاد ورئيس وحدة دراسات الهجرة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، والدكتور أيمن زهري الخبير في دراسات الهجرة والسكان وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان. وأدار النقاش الدكتور رامي جلال عضو مجلس الشيوخ. 


وأكد الدكتور أحمد زايد أن مصر ظلت لسنوات ممرًا لهذا النوع من الهجرات، لكنها استطاعت أن تمنع نهائيًّا انطلاق المهاجرين غير الشرعيين من سواحلها، وهو الأمر الذي تشيد به العديد من المؤسسات الدولية التي تصنف مصر من أوائل دول المنطقة التي وضعت أطرًا وسياسات واضحة لمنع الهجرة غير الشرعية. 


وقال إنه خلال المؤتمر الوطني الأول للشباب عام 2016، أعلن  الرئيس عبد الفتاح السيسي عن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية، وبالفعل منذ ذلك العام وحتى الآن لم تخرج مركب غير شرعية واحدة من السواحل المصرية.


وأشار إلى أن حق الهجرة مكفول للمواطنين بموجب الدستور المصري في مادته رقم (62)، والتي فتحت الباب أمام العديد من التعديلات الجذرية في التشريعات الخاصة بأوضاع الهجرة وشئون المصريين بالخارج، كما أوضح الدستور اهتمام الدولة بالمصريين المقيمين بالخارج، وبأهمية تقنين أوضاعهم وشمولهم بالحماية الاجتماعية والتأمينية، وتقدير مساهمتهم في الاقتصاد والتنمية.


وشدد على أن اهتمام مكتبة الإسكندرية بقضية الهجرة غير الشرعية ينبع من عدة اعتبارات؛ الأول أن هذا الموضوع يمس بالإضافة إلى الابعاد الأمنية والسياسية الثقافة أيضًا، ويُقصد بالجانب الثقافي هنا أسلوب الحياة الذي يضمن للمرء حياة كريمة، والاعتبار الثاني هو ارتباط موضوع الهجرة غير الشرعية بمنطقة حوض البحر المتوسط، التي تطل عليها مدينة الإسكندرية بمكتبتها، ولديها علاقات تاريخية ووشائج ثقافية وحضارية تربطها بهذه البقعة الهامة من العالم. أما الاعتبار الثالث فهو ارتباط التصدي للهجرة غير الشرعية بتقديم يد العون للفئات الأكثر ضعفًا وهشاشة وفي داخل مكتبة الإسكندرية، هناك اهتمام بهذه الفئات الاجتماعية: الطفل، الشاب، المرأة عبر برامج متخصصة في عدد من القطاعات.


وأكد مدير مكتبة الإسكندرية أن مكافحة الهجرة غير الشرعية ترتبط في أحد أبعادها بالتنمية، والاستثمار في البشر، وسبل الإفادة من الطاقات البشرية الشابة في تنمية المجتمع، من خلال مشروعات، ومبادرات تنموية، وتمكين المجتمعات المحلية، لافتًا إلى أن هذه الندوة تلقي نظرة مختلفة على قضية الهجرة غير الشرعية من زاوية التنمية والاستثمار في رأس المال البشري. 


من جانبه، قال الدكتور سامح فوزي؛ كبير باحثين بمكتبة الإسكندرية، والمشرف على مشروع مصر الغد، إن المكتبة عقدت مؤتمرًا موسعًا حول ظاهرة الهجرة غير الشرعية في يوليو 2021، وقد ناقش هذا المؤتمر الاستطلاعي الظاهرة من الناحيتين السياسية والقانونية، واليوم يتم تنظيم هذه الندوة للحديث عن الموضوع بشكل أعمق وأكثر تطورًا. ولفت إلى أن الندوة ستناقش الظاهرة من خلال قضية التنمية، فالتنمية تعد محورًا أساسيًا للحد من الهجرة غير الشرعية من خلال الاستثمار في البشر والمساهمة في تجفيف منابع الهجرة غير الشرعية.


وأضاف أن الندوة تأتي في إطار مشروع مصر الغد الذي أطلقه الدكتور أحمد زايد عقب توليه مسئولية مدير مكتبة الإسكندرية بهدف دراسة مشروعات التنمية، ودور المجتمع المدني، وتعزيز الحوار المجتمعي حول قضايا مصر المستقبل.


وفي كلمتها، قالت السفيرة نائلة جبر رئيس اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار في البشر إن اللجنة هي لجنة وزارية تابعة لرئيس مجلس الوزراء، مشيرة إلى أن اللجنة لها مهام تنسيقية فهي تهتم بوضع التشريعات، حيث وضعت أول قانون في الشرق الأوسط يعرف جريمة الإتجار بالبشر ويضع عقوبة على المهربين، كما أن اللجنة تعمل على التنسيق بين الجهات الوطنية وإصدار الدراسات حول الهجرة غير الشرعية، حيث قدمت عددا من الدراسات لرصد حركة الهجرة، ووضع خريطة توضح المحافظات الأكثر تصديرًا للمهاجرين.


وأضافت أن اللجنة قامت بتأسيس صندوق للمهاجرين يهتم بالعائدين الذين تم ترحيلهم، أو من يعودوا طواعية، وتقدم لهم الدعم وتساندهم في ظروفهم الصحية والنفسية والتعامل مع المجتمع. ولفتت إلى وجود شراكات بين اللجنة والمنظمات الأهلية وجهاز تنمية المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر حيث يتم التعاون في فعاليات توعوية والتنقل في المحافظات للتوعية والحديث مع الشباب.


وقالت السفيرة نائلة جبر إن ظاهرة الهجرة غير الشرعية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بفرص العمل، فقلة فرص العمل وضيق سبل العيش تؤدي إلى ارتفاع معدلات الهجرة. ولفتت إلى أن بعض المهاجرين حققوا نجاحات في فترات معينة إلا أن الأوضاع الحالية التي تلت تفشي فيروس كورونا والحرب الروسية الأوكرانية كان لها أثر سلبي كبير على المهاجرين في أوروبا.


وأكدت أن الهجرة غير الشرعية هي ظاهرة ذات طابع ذكوري، مع وجود استثناءات قليلة جدًا. ولفتت إلى أن المرأة لها دور كبير وأساسي في قضية الهجرة غير الشرعية، ولها قوة تأثير كبيرة على الأسرة، مؤكدة أن التمكين الاجتماعي والاقتصادي للمرأة يمكن أن يساهم بشكل كبير في الحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية. 


وتحدثت السفيرة نائلة جبر عن أهمية تشجيع الشباب ودعم التعليم الفني ودعم الصناعات الحرفية، مؤكدة على أهمية التنمية في الحد من الهجرة غير الشرعية، وضرورة تضافر جهود الدولة مع المجتمع المدني ومجتمع الأعمال للاستثمار في البشر.


من جانبها، قالت الدكتورة عادلة رجب أستاذ الاقتصاد ورئيس وحدة بحوث ودراسات الهجرة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة إن الوحدة انشئت بفكرة من وزارة الخارجية عام ٢٠١٩، لعدم وجود وحدة متخصصة في قضايا الهجرة في أي جامعة حكومية.

 وأشارت إلى أن الوحدة تنظم ندوات وورش عمل توعوية حول مخاطر الهجرة غير الشرعية والتعريف بمزايا الهجرة النظامية.


وأضافت أن الوحدة تعمل على توعية الشباب بأهمية التعليم والتدريب والحث على القيام بدراسات لمشروعات بالتعاون مع جهاز المشروعات الصغيرة، ويتم التواصل مع رجال الأعمال لتبني المشروعات. كما أن الوحدة تقوم بأعمال ومشروعات بحثية للخريجين وأعضاء هيئة التدريس لطرح الأفكار ومعالجتها والترويج لها.


 أكد الدكتور أيمن زهري الخبير في دراسات الهجرة وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان أن الهجرة غير الشرعية لم تكن الخيار الأول لأي شخص. ولفت إلى أن عدد المهاجرين حول العالم ارتفع إلى ٣٠٤ مليون مهاجر، أي ٣.٧٪ من إجمالي سكان العالم، وبالرغم من أنه رقم قليل إلا أن توزيع المهاجرين حول العالم ليس توزيع متوازن، لذا فإن ما يجعل هذا الرقم ظاهرة هو تركز الهجرة في مسارات محددة منها مسار البحر المتوسط.


وأضاف أن نسبة المهاجرين غير الشرعيين حول العالم هي ١٠%-١٥٪ من اجمالي عدد المهاجرين، أي حوالي ٤٥ مليون مهاجر غير شرعي من جملة المهاجرين على مستوى العالم، لافتًا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية هي أكبر بلد في العالم مستضيف لمهاجرين غير شرعيين حيث تضم حوالي ١٠ ملايين مهاجر غير شرعي، وفي ظل الإدارة الجديدة من المتوقع أن تنخفض الأرقام بشكل سريع.


وأكد أن مصر بلد غير مهاجر لأن ارتباط المصري بالوطن ارتباطا عميقا، وهو إنسان قدري لا يميل للتحرك، ولفت إلى أن الهجرة المصرية بشكل عام هي هجرة سعيًا وراء الرزق، لكن الهجرة الكثيفة كانت مؤقتة، ومصر هي دولة استقبال للمهاجرين وليست دولة إرسال.

 وأضاف أن أعداد المصريين الحاصلين على تصاريح للعمل في الخارج وصلت مليون و٤٠٠ ألف وفقًا لإحصائية الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء.


وأضاف الدكتور أيمن زهري أن أعداد المهاجرين غير الشرعيين في مصر يتراوح بين ٢٠ ألف إلى ٣٠ ألف شخص كل عام، وهذا لا يقلل من أهمية مكافحة هذه الظاهرة، لكننا أمام ظاهرة أصبحت محدودة بجهود الدولة. وشدد على أهمية دور المجتمع المدني ومراكز البحث والجامعات والأحزاب والمحليات في مكافحة ظاهرة الهجرية غير الشرعية.


يذكر أن الدكتور رامي جلال عضو مجلس الشيوخ أدار النقاش، ونوه إلى أهمية الحلول المبتكرة في التعامل مع قضية الهجرة غير الشرعية، والاهتمام بتغيير الصور النمطية الخاطئة عن أفضلية تعليم على آخر، لافتًا إلى أهمية التعليم الفني. 


يذكر أن الندوة شهدت حضورًا مكثفًا من الشباب، ومبادرة تشجيع التعليم الفني، والجمعيات الاهلية، وصندوق المشروعات الصغيرة، وجمعية رجال الأعمال بالإسكندرية.

مقالات مشابهة

  • بالصور.. افتتاح معرضاً للكتاب في المكتبة العامة بقنا
  • مدير مكتبة الإسكندرية: الهجرة غير الشرعية أبرز التحديَّات الشائكة التي تواجه المجتمع الدولي
  • محمد الجندي: مكتبة الأزهر تمتلك كمًا هائلًا من المقتنيات والأوعية في كافة فنون المعرفة
  • أمين البحوث الإسلامية: مكتبة الأزهر المعمور تمثل كتابًا كبيرًا
  • «الشؤون الإسلامية والأوقاف» تعتمد صرف 222.1 مليون درهم من الزكاة للمستحقين
  • الشؤون الإسلامية والأوقاف تعتمد صرف 222.1 مليون درهم من الزكاة للمستحقين
  • نجاح غسيل كلوي دموي لطفل ورضيعة في جامعة الملك عبد العزيز
  • دار الكتب تنظم ندوة لمناقشة كتاب «العنوان في ضبط المواليد ووفيات أهل الزمان»
  • 16.8 مليون ريال غرامات ومصادرات في قضايا الأموال العامة.. وأحكام ضد "المُسيئين للنسيج الوطني"
  • مكتبة القاهرة الكبرى تناقش كتاب "بهانة اليوم"