فتحت قناة بلقيس الفضائية مساء امس ملف مؤتمرات المحافظات التي كان اخرها مؤتمر مأرب الجامع، حيث قالت القناة ان هناك مكوّنات محلية تظهر تباعا في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية، الأمر الذي يضع تساؤلات كثيرة حول دلالات ظهورها، وتعددها، ومغزى تكوينها، بدءا من مؤتمر حضرموت الجامع، إلى ملتقى أبين الجامع، إلى ملتقى لحج الجامع، إلى مؤتمر مأرب الجامع.

 

مؤخرا، شهدت محافظة مأرب إعلان ميلاد مؤتمر مأرب الجامع كمكون؛ قال القائمون عليه إنه يمثل المحافظة بمختلف أطيافها السياسية والقبلية والاجتماعية، وكانت قد سبقتها محافظة أبين قبل أشهر في تكوين مؤتمرها الأول لبناء شراكة حقيقية، وتفعيل المؤسسات الرسمية، والقضاء، وتوفير الخدمات للمواطنين.

 

وبحسب مراقبين، فإن هذه المكونات تظهر في فترة تغيب فيها الدولة ومعالمها على الأرض، وهو ما يعكس حالة شتات واضحة لانعدام توفّر مشروع سياسي موحَّد، في ظل تعنت مليشيا الحوثي، منذ انقلابها على الدولة، بشأن إبرام مفاوضات تفضي لسلام شامل في البلاد.

 

استعادة الحقوق

 

يقول الصحفي أحمد عايض أن: "نشوء مؤتمر مأرب الجامع، أو غيره من المؤتمرات، التي انطلقت في أكثر من محافظة يمنية، يأتي نتيجة العديد من الأسباب، أولها ضعف مركز الدولة".

 

وأوضح: "في علم الاجتماع السياسي يمكن القول إن مثل هذه التكتلات الصغيرة تنشأ عندما ينهار أو يتهاوى مركز الدولة".

 

وأضاف: "المواطنون في المحافظات اليمنية، عندما يشعرون بأن حقوقهم أو مطالبهم لم تعد مسموعة من النخب السياسية العليا للدولة ويتم تجاهلها بين الفينة والأخرى، تلجأ المحافظات لمثل هذه التكتلات لتوحيد صفوفها الداخلية على مستوى القبيلة والأحزاب السياسية، ومنظمات المجتمع المدني، لتخرج بهذه المسميات العامة لمواجهة أي استحقاقات في المرحلة القادمة".

وأشار إلى أن "ما حدث في مأرب وحضرموت وأبين، وغيرها من المحافظات، يأتي كمحاولة للنخب المحلية لاستعادة ما يشعر به المواطن أنه إما أخذت حقوقه، أو تم تجاهل هذه المحافظات، سواء على المستوى السياسي، أو على المستوى الاقتصادي والخدمات".

  

- خطوة غير إيجابية

 

يقول الباحث السياسي، عادل المسني: "هذه المؤتمرات، أو المكوِّنات، تتسق مع أهداف دول التحالف، على رأسها السعودية، التي تهدف إلى تمزيق اليمن، وتقسيمة إلى كانتونات؛ ليسهل السيطرة عليه وإدارته، وهذا ما رأيناه، خلال الفترة السابقة، منذ أن تدخلت دول التحالف في اليمن".

 

وأضاف: "دول التحالف دعمت حالة التشظِّي هذه، والفوضى العارمة، وتحديدا في ساحة الشرعية، ورأينا هذه المكوِّنات التي لا تهدف إلا إلى تثبيت هذا الوضع المتشظِّي في اليمن، الذي لا يوجد له أي مبرر".

 

وتابع: "ليس هناك أي مبرر لهذه المكوِّنات، وهناك أحزاب سياسية موجودة في البلاد، لها حضور وقواعد شعبية كبيرة، وهي قوية وفاعلة ومنضوية تحت الشرعية اليمنية".

 

وأردف: "نشوء هذه المكونات في المحافظات خطوة غير إيجابية؛ لأنه يحاول أن يتجاوز الأطر السياسية، والأحزاب السياسية الموجودة على الساحة اليمنية، التي من المفترض أن أي عمل سياسي يكون عبر هذه الأحزاب الموجودة على الساحة".

 

ويرى أن :هناك عُقدة فيما يتعلق بالذهنية السعودية، التي لا تعترف أصلا بالأحزاب، وتستنكف من الحزبية، وهي تنظر إلى البرلمان والديمقراطية والحزبية، وغيرها من المسميات، على أنها محرَّمة".

 

وأشار إلى أن "السعودية تحاول أن توجد مكوِّنات تتسق مع رؤيتها هي، وفي المقابل يتعامل اليمنيون مع السعودية وفق أدبيتها هي وليس وفق ما يريده الشعب اليمني".

 

وقال: "المظلومية، التي يعاني منها اليمنيون جميعا، هي غياب الدولة اليمنية، فهناك مليشيات وتجمعات كبيرة في كافة المحافظات اليمنية على حساب الدولة".

 

وأضاف: "يفترض أن يكون هناك وعي جامع لكل اليمنيين، ونضال يسعى باتجاه انتزاع حقوقنا كيمنيين، ممثلة بالدولة اليمنية".

 

وأشار إلى أن "مأرب، التي كانت متنفسا لكل اليمنيين الهاربين من الشمال والجنوب، وتحت سلطة الشرعية، وفيها هامش كبير للعمل السياسي، اليوم تحاكي نفس التجمّعات في المحافظات الجنوبية، التي تعاني من أزمة كبيرة؛ نتيجة طغيان مكوّن معين ممثلا بالانتقالي، الأمر الذي دفعها لتعبِّر عن هويتها عبر هذه المكوِّنات".

 

وأكد: "السبب وراء ذلك هو غياب العمل السياسي، والفعل السياسي، ممثلا بالأحزاب السياسية اليمنية، وهو ما تريده السعودية، التي تستنكف من وجود الأحزاب اليمنية، وتراها بأنها إثم كبير يجب محاربته".

 

- مظلومية مأرب

 

يقول عضو لجنة التيسير لمؤتمر مأرب الجامع، مهدي بالغيث: "مؤتمر مأرب الجامع ليس وليد اللحظة، وإنما جاء امتدادا لنضال أبناء مأرب خلال عقدين من الزمن، الذي بدأ في عام 1992 وفي 1996، واستمر إلى عام 2012، عندما تم طرح القضية المأربية على طاولة الحوار الوطني، حيث كانت هناك وقفات ومسيرات، وتم إيصال مظلومية أبناء مأرب إلى مؤتمر الحوار الوطني الشامل".

 

وأضاف: "دخلت اليمن أزمة الحرب، وانقلب الوضع إلى الجانب العسكري، واستمرت القضية، وكان هناك لقاء ومؤتمر مأرب، وهو مؤتمر نخلة والسحيل، واليوم تُوج هذا المكوِّن بإشهار مؤتمر مأرب الجامع في 13 أغسطس 2024، حيث يسعى هذا المؤتمر لتوحيد الجهود والمكوِّنات المختلفة في المحافظة".

 

وتابع: "جاء مؤتمر مأرب الجامع من أجل تعزيز التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وخلق منصة تجمع كافة الأطراف الفاعلة في مأرب، بما في ذلك الأحزاب والقبائل والمجتمع المدني والمرأة والمهمّشون، وجرحى الحرب:.

وأردف: "اليوم لدينا فئة من جرحى الحرب لا يستهان بها، وهي بحاجة إلى الكثير من الاحتياجات، وهي من الفئات التي يضمها مؤتمر مأرب الجامع".

 

وأشار إلى أن "هذا المؤتمر يسعى إلى تمكين مأرب من مواجهة التحدِّيات الراهنة والمساهمة في تعزيز الأمن والاستقرار والتعايش بسلام".

 

ولفت إلى أن "السلطة المحلية والأحزاب السياسية في مأرب هُمّشت، خلال الفترة الماضية، وكان هناك إقصاء وتهميش لمحافظة مأرب بشكل متعمّد، وكنا نلاحظ إطلاق مسميات مختلفة على أبناء مأرب، منها بدو وقًطاع طُرق، وكلما كانت تحدث مشكلة في خط نِهم - مأرب حضرموت يتم اتهام أبناء مأرب".

 

وقال: "خلال الفترة الماضية، كان هناك استبعاد لأبناء مأرب من المشاركة في السلطة والثروة، وكان هذا التهميش مُمنهجا، ولم يكن بيد السلطة المحلية، أو أي جهات محلية أي قرار".

 

وأضاف: "مؤتمر مأرب الجامع يُوسِّع القاعدة الشعبية، ويكون عونا للسلطة المحلية، وهو مؤتمر يضم الأحزاب السياسية، والشباب، والمرأة، والمهمّشين، وأبناء القبائل، والإعلاميين والناشطين، وجميعهم يجتمعون حول قضية مأرب الأرض والإنسان".

 

وتابع: "جهود السلطة المحلية لا ننكرها، لكن السلطة المحلية تمثل الدولة، ونحن مجتمع ندعو بأن لنا مظلومية، منذ سنوات، لم يتم إنصاف أبناءها، رغم أنها محافظة نفطية، ولم تناقش قضيتها التي يجب حلها".

 

وأردف: "مأرب لا تزال تصارع الكثير من التحديات، التي تحدق بها، ولهذا أوجدت الحاجة المُلحة لمؤتمر مأرب الجامع".

 

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

دراسة: ألمانيا بحاجة إلى 288 ألف مهاجر سنويا لإنقاذ اقتصادها

أفادت دراسة حديثة صادرة عن مؤسسة برتلسمان الألمانية ونقلت نتائجها وكالة بلومبيرغ بأن الاقتصاد الألماني سيحتاج إلى مئات الآلاف من المهاجرين سنويا لمواجهة الآثار السلبية الناجمة عن شيخوخة السكان.

وأوضحت الدراسة أن ألمانيا بحاجة إلى تدفق سنوي يبلغ 288 ألف مهاجر حتى عام 2040، وذلك في حالة ارتفاع معدلات مشاركة النساء وكبار السن في سوق العمل، وإذا لم تتحقق هذه الافتراضات فقد تصل الحاجة إلى 368 ألف مهاجر سنويا للحيلولة دون تقلص القوة العاملة بشكل كبير وتأثير ذلك على النمو الاقتصادي.

اعتماد تاريخي على الهجرة

تشير الأرقام إلى أن متوسط صافي الهجرة في العقد الذي انتهى في 2023 بلغ نحو 600 ألف سنويا، إذ تضمنت هذه الفترة زيادات ملحوظة بسبب الحروب في سوريا وأوكرانيا.

وبالمقارنة، بلغ متوسط الهجرة في العقد الذي سبقه حوالي 136 ألف مهاجر سنويا فقط، وفقًا لحسابات بلومبيرغ المستندة إلى بيانات وكالة الإحصاءات الألمانية.

متوسط صافي الهجرة في العقد الذي انتهى في 2023 بلغ حوالي 600 ألف سنويا (شترستوك)

 

تحديات سوق العمل الألماني

سلطت الدراسة الضوء على أن التغير الديمغرافي الناتج عن تقاعد أعداد كبيرة من "جيل الطفرة السكانية" سيشكل تحديًا كبيرًا لسوق العمل الألماني.

وصرحت سوزان شولتس، خبيرة الهجرة في مؤسسة برتلسمان، بأن "الأولوية يجب أن تُعطى لتطوير القوى العاملة المحلية، سواء بين السكان الأصليين أو المهاجرين الذين وصلوا بالفعل، وزيادة المشاركة في سوق العمل. لكن هذا وحده لن يكون كافيًا لتلبية الطلب المستقبلي على العمالة حتى عام 2040".

من جهتها، نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن سوزان قولها إنه يجب تقليل العوائق وتحسين الظروف للمهاجرين.

ومن دون مهاجرين إضافيين، تتوقع الدراسة انخفاض القوة العاملة من عددها الحالي البالغ 46.4 مليون عامل إلى 41.9 مليون عامل، أي بمقدار نحو 10% بسبب التغير الديمغرافي.

 

الأحزاب المتطرفة على اليمين واليسار التي تطالب بتشديد القيود على الأجانب تشهد ارتفاعًا ملحوظًا في استطلاعات الرأي (رويترز)

يأتي هذا التقرير في وقت تواجه فيه ألمانيا انتخابات مبكرة مطلع العام المقبل، حيث أصبحت القضايا الاقتصادية والهجرة محاور رئيسية في الحملات السياسية، وفق بلومبيرغ.

وتشهد الأحزاب المتطرفة على اليمين واليسار التي تطالب بتشديد القيود على الأجانب ارتفاعًا ملحوظًا في استطلاعات الرأي، بعد التدفقات الكبيرة للاجئين في السنوات الأخيرة.

وأكد التقرير أن الهجرة ليست مجرد خيار بل ضرورة لمواصلة استقرار سوق العمل ودعم الاقتصاد الألماني.

وأبرزت الدراسة التحدي المتمثل في الموازنة بين استيعاب مزيد من المهاجرين وتطوير الموارد البشرية المحلية، خاصة مع تزايد الدعوات المناهضة للهجرة التي قد تؤدي إلى سياسات تؤثر على التوازن الديمغرافي والاقتصادي.

مقالات مشابهة

  • صافر اليمنية تعلن استئناف إنتاج النفط الخام بنحو 800 برميل يومياً
  • دراسة: ألمانيا بحاجة إلى 288 ألف مهاجر سنويا لإنقاذ اقتصادها
  • الشيخ حسين القاضي لمارب برس: مواقف مأرب الوطنية والتاريخية ستسمر في التقدم بخطوات ثابتة ومؤتمر مأرب الجامع  يجمع تحت مظلته غالبية القوى السياسية والاجتماعية
  • تدشين العمل بمشروع المضخة الغاطسة (ESP) في شركة صافر
  • “اللافي” يناقش مع رؤساء التكتلات السياسية من الأحزاب تطورات المشهد السياسي
  • تحسن ملحوظ في درجات الحرارة في مختلف المحافظات اليمنية
  • برلماني: استبعاد 716 اسما من قوائم الإرهاب جاء بعد تحقيق الاستقرار السياسي والأمني
  • درجات الحرارة المتوقعة في مختلف المحافظات اليمنية اليوم الإثنين
  • القوى السياسية في قبرص تنظم مظاهرة ضد تحويل البلاد إلى قاعدة لحلف "الناتو"
  • مكتب المبعوث الأممي يلتقي بمؤتمر مأرب الجامع ويؤكد حرص الأمم المتحدة الاستماع إلى الأطراف الفاعلة