تركت "الإشارات المتضاربة" الصادرة من طهران بشأن نيتها الانتقام من إسرائيل بعض حلفائها في حالة من "العتمة"، بحسب تقرير لشبكة "سي إن إن" الإخبارية، مما يضع المنطقة على حافة الهاوية.

ونقلت الشبكة الأميركية عن سياسي لبناني بارز مقرب من جماعة حزب الله اللبنانية دون الكشف عن هويته، قوله إنه لا يعلم أي شيء بشأن الردود المتوقعة من طهران وأذرعها بالمنطقة، وذلك في أعقاب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، والقائد العسكري البارز في حزب الله، فؤاد شكر، مؤخرا.

وفي السياق ذاته، أوضح مسؤولون آخرون على اتصال بإيران وحزب الله لم تكشف "سي إن إن" عن هويتهم، أنهم لا يعرفون على نحو مماثل كيف يمكن لطهران والجماعات المتحالفة معها أن تنفذ "الانتقام الشديد" الذي وعد به المرشد الأعلى، علي خامنئي.

وعن احتمالات التصعيد الخطيرة التي يمكن أن تنتج عن أي رد من جماعة حزب الله، قال السياسي اللبناني متسائلا: "هل تعتقدون أنني أجلس في غرفة الحرب التابعة للحزب".

وأضاف ذلك السياسي المقرب من الجماعة المصنفة على لائحة الإرهاب: "ليس لدي أي فكرة عما سيحدث بعد ذلك. ربما تعرفون أكثر مني".

هوكستين يؤكد على ضرورة خفض التصعيد بين إسرائيل وحزب الله قال المبعوث الأميركي الخاص إلى لبنان، عاموس هوكستين، إن أي صفقة بشأن غزة ستساعد على الوصول إلى حل دبلوماسي في لبنان وستمنع حصول حرب أكبر وستخلق الظروف لعودة النازحين اللبنانيين إلى الجنوب وعودة سكان الشمال الإسرائيلي إلى منازلهم.

وشدد ذلك السياسي على أنه لا يستطيع التفكير فيما سيحدث بعد ذلك (التصعيد)"، مضيفا: "كل ما يمكنني فعله هو اتخاذ الاستعدادات المناسبة لمساعدة مجتمعي في حالة حدوث الأسوأ".

بين التخمين والتأهب

في أغلب الليالي على مدى الأسبوعين الماضيين، أطلق المسؤولون الإسرائيليون والأميركيون ناقوس الخطر بشأن رد إيراني وشيك، لكن هذا لم يحدث بعد. 

ويشكل هذا تناقضا مع آخر مرة كانت فيها المنطقة على شفا حرب مفتوحة عندما ردت إيران في أبريل على هجوم إسرائيلي على قنصليتها بدمشق، بهجوم بالمسيرات والصواريخ التي أسقطت إسرائيل وحلفاؤها معظمها.

ووفقا لمراقبين، فإنه من الصعب التنبؤ بعواقب أي عمل انتقامي إيراني جديد، حيث إن طهران وحزب الله يأملان من ردهما إحداث تأثير كاف لردع الهجمات المستقبلية على العاصمتين اللبنانية والإيرانية دون الوصول إلى حد إشعال حرب مفتوحة.

واعتبر المحلل الإيراني، محمد علي شعباني، أن تأخر الرد هو عنصر من الحرب النفسية، قائلا: "ذلك يبقي الإسرائيليين في حالة تخمين، ولكنه يبقي أيضا اللبنانيين والإيرانيين في وضع التأهب".

وتصاعدت المخاوف خلال الأسابيع الأخيرة من توسّع الحرب بغزة إلى دول أخرى في المنطقة بعد اغتيال هنية بطهران، في ضربة نسبت إلى إسرائيل.

وجاء ذلك بعد ساعات من ضربة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت قتلت القيادي في حزب الله اللبناني شكر.

استنزاف نفسي.. "رد حزب الله" يرهق اللبنانيين يشعر اللبنانيون بضغط نفسي متزايد نتيجة حالة الترقب المستمرة التي يعيشونها على خلفية تهديدات حزب الله المتكررة بالرد على اغتيال إسرائيل للقيادي في الحزب، فؤاد شكر. وباتت هذه الحالة من الانتظار تسيطر على تفاصيل حياة اللبنانيين اليومية، مما أدى إلى تفاقم التوتر والقلق في صفوفهم.

وتوعّدت إيران وحزب الله بالرد على إسرائيل.

ومارست الدول الغربية ضغوطا مكثفة على إيران داعية إياها للتراجع عن تهديدها بالرد على إسرائيل.

وفي إطار الجهود الدبلوماسية المبذولة لاحتواء التصعيد في المنطقة، يزور وزير الخارجية الفرنسي، ستيفان سيجورنيه، بيروت، الخميس بعد المبعوث الأميركي الخاص، عاموس هوكستين، الذي زار لبنان وإسرائيل خلال اليومين الماضيين.

واعتبر الرئيس الأميركي، الثلاثاء، أن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة قد يدفع إيران للامتناع عن شن هجوم.

ولكن إيران كانت رفضت، الثلاثاء، الدعوات الغربية للتراجع، بحسب وكالة فرانس برس.

وتعقد في الدوحة، الخميس، جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة بين حركة حماس وإسرائيل لوقف إطلاق النار في الحرب الدامية الدائرة بغزة منذ أكثر من 10 أشهر، بحسب الوكالة ذاتها.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: وحزب الله حزب الله

إقرأ أيضاً:

اعتقال بريطانيين في إيران.. سياقات التصعيد وانعكاساته

طهران- مثلت قضية اعتقال السلطة القضائية الإيرانية مواطنين بريطانيين -في ديسمبر/كانون الأول الماضي- بتهمة التجسس وجمع المعلومات تحت غطاء السياحة خطوة جديدة في سياق التوتر بين طهران ولندن، أثارت ردود فعل دولية وتساؤلات حول تداعياتها على العلاقات بين البلدين.

وأوضح المتحدث باسم السلطة القضائية أن المعتقلين كانوا ينشطون في عدة محافظات، وأنهم تعاونوا مع مؤسسات تعمل كواجهة لأجهزة استخبارات غربية، ويأتي هذا الإعلان في ظل تصاعد التوتر بين طهران ولندن، لا سيما بعد فرض بريطانيا عقوبات جديدة على مسؤولين إيرانيين بسبب ما وصفتها بانتهاكات حقوق الإنسان.

كما أنه يتزامن مع تحركات دبلوماسية، أبرزها لقاء السفير البريطاني في طهران هوغو شورت مواطنين بريطانيين محتجزين في سجن كرمان الإيراني، وهو لقاء نادر أثار تكهنات حول إذا ما كان جزءا من جهود لحل قضايا المعتقلين عبر قنوات خلفية.

وتاريخيا، شهدت العلاقات الإيرانية البريطانية أزمات متكررة تتعلق بمزدوجي الجنسية، إذ سبق أن اتُهمت طهران باستخدامهم كورقة ضغط سياسية، وهو ما تنفيه السلطات الإيرانية، مؤكدة أن القضايا الأمنية تُنظر وفق القوانين المحلية من دون اعتبارات خارجية.

دلفي: تعيين سفير جديد لإيران في لندن لا يعني غياب المشكلات العالقة (الجزيرة) إعادة تقييم

رأى الدبلوماسي الإيراني السابق أبو القاسم دلفي أن التطورات الأخيرة تعكس مرحلة إعادة ضبط في العلاقات بين البلدين، مشيرا إلى أن القنوات الدبلوماسية لا تزال مفتوحة رغم التصعيد الأمني.

إعلان

وقال دلفي للجزيرة نت إن ما نشهده ليس مجرد أزمة أمنية، بل إنه جزء من مشهد أكبر يتضمن إعادة تقييم العلاقة بين طهران ولندن، حيث لا يبدو أن الطرفين يسعيان إلى القطيعة الكاملة.

وأشار إلى أن السماح بلقاء القنصليين البريطانيين مع المعتقلين يعكس توجها أكثر توازنا في إدارة الملف، مقارنة بفترات سابقة شهدت قيودا أكبر على مثل هذه اللقاءات.

وأضاف أن تعيين سفير جديد لإيران في لندن بعد فترة من إدارة السفارة على مستوى قائم بالأعمال فقط قد يكون إشارة على رغبة في إعادة ترتيب العلاقات، لكنه شدد على أن ذلك لا يعني غياب المشكلات العالقة.

وقال دلفي إن علينا أن ننتظر لنرى إذا ما كانت هذه التطورات ستؤدي إلى تغييرات جوهرية في العلاقة بين البلدين، أم أنها مجرد إجراءات شكلية في سياق التعامل مع الضغوط الدولية.

كما أشار إلى أن وصول حزب العمال وتولي رئيس الوزراء كير ستارمر الحكم قد يؤدي إلى تغييرات في السياسة البريطانية تجاه إيران، إذ قد تتبنى الحكومة الجديدة نهجا أكثر براغماتية مقارنة بالإدارات السابقة.

جدل قانوني

يثير اعتقال مزدوجي الجنسية تساؤلات من الناحية القانونية حول مدى التزام الدول بمعايير المحاكمة العادلة والإخطار القنصلي ويشير أستاذ القانون الدولي محسن عبد اللهي إلى أن إيران لا تعترف بالجنسية الثانية لمواطنيها، مما يعني أن مزدوجي الجنسية الذين يتم احتجازهم يُعاملون حصريا كمواطنين إيرانيين.

وأوضح عبد اللهي، في حديثه مع الجزيرة نت، أن نهج إيران يستند إلى مبدأ مفاده أن الجنسية الأساسية هي التي تُطبق داخل حدودها، ولذلك لا تعتبر نفسها ملزمة بتنفيذ أحكام الإخطار القنصلي المنصوص عليها في اتفاقية فيينا لعام 1963 بشأن المواطنين الإيرانيين الذين يحملون جنسية أخرى.

وأضاف أن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966، وكل من إيران والمملكة المتحدة طرف فيه، يكفل حقوق المحاكمة العادلة لأي شخص محتجز، بغض النظر عن جنسيته.

إعلان

كما أشار عبد اللهي إلى أن حالات سابقة شهدت توترات مماثلة، مثل قضية المواطنة نازنين زاغاري راتكليف، التي اعتقلتها السلطات الإيرانية عام 2016 ورفضت الاعتراف بجنسيتها البريطانية، رغم مطالبة لندن بتوفير الحماية الدبلوماسية لها.

زعيم حزب العمال البريطاني كير ستارمر في أثناء لقائه عائلة المعتقلة زاغاري راتكليف عام 2021 (أسوشيتد برس)

وتطرق أيضا إلى اتفاقية لاهاي لعام 1930، التي تنص على أن الدول لا يمكنها تقديم الحماية الدبلوماسية لمواطنيها مزدوجي الجنسية في مواجهة الدولة التي يحملون جنسيتها الأساسية، ومع ذلك، أوضح أن القانون الدولي المعاصر يتجه نحو السماح بمنح هذه الحماية إذا كانت جنسية الشخص الغالبة هي جنسية الدولة التي تسعى لتقديم الدعم، شريطة أن تكون هذه الجنسية هي المهيمنة وقت وقوع الضرر والمطالبة بالحماية.

وأكد عبد اللهي أن معظم التدخلات الحكومية في قضايا مزدوجي الجنسية على الساحة الدولية تتعلق بالمطالبات بالتعويضات المالية أكثر من القضايا الأمنية، وأضاف أنه لم يُعرض أي ملف أمني من هذا النوع حتى الآن أمام محكمة دولية، إذ تُحل هذه القضايا عادة عبر القنوات الدبلوماسية.

وفيما يتعلق بالموقف الإيراني، أوضح عبد اللهي أن السلطات تنظر إلى قضايا مزدوجي الجنسية ضمن إطار أوسع من المخاوف الأمنية، كما أشار إلى بعض التقارير تزعم تورط مزدوجي الجنسية في أنشطة استخباراتية ضد المنشآت النووية والصاروخية الإيرانية.

وأضاف أنه في ظل هذه الظروف، ترى إيران أن التعامل مع المحتجزين مزدوجي الجنسية يخضع لاعتبارات أمنية، وليس فقط للمعايير المعتادة للحماية الدبلوماسية، وشدد على أن النهج الأكثر فاعلية بالنسبة لإيران في هذه القضايا هو تعزيز الشفافية في الإجراءات القضائية والالتزام بشكل أكبر بمعايير المحاكمة العادلة، الأمر الذي من شأنه أن يخفف الضغوط الدولية.

إعلان

وقال "عندما تصبح القضايا الأمنية محور العلاقات الدولية، فإن الحلول القانونية البحتة لا تكفي، ويتعين على الدول إيجاد توازن بين الاعتبارات الأمنية والالتزامات الدولية".

مقالات مشابهة

  • بعد أسابيع من زيارة الرئيس الإيراني موسكو.. وزير الخارجية الروسي في طهران
  • تعويلٌ على تشييع نصرالله... هل بدأت إيران بخسارة لبنان؟
  • اعتقال بريطانيين في إيران.. سياقات التصعيد وانعكاساته
  • رغم النفي الإيراني.. وفد من واشنطن سيصل بغداد قريبا لبدء مفاوضات مع طهران - عاجل
  • غياب حلفاء حزب الله: تحوّلات في المشهد السياسي اللبناني
  • الرئيس الإيراني: نرغب في التفاوض لكن ترامب يضع يده على رقابنا
  • الرئيس الإيراني: نريد التفاوض مع أمريكا ودول المنطقة ولن نخشى إسرائيل
  • حركتا أمل وحزب الله: بقاء إسرائيل في جنوب لبنان مرفوض
  • العلاقات بين إسرائيل وتركيا تتأرجح.. بسبب إيران وحزب الله؟
  • التحالفات ستُعقد من جديد وتقارب سني - شيعي