تشهد العاصمة المحتلة صنعاء والعديد من المناطق التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي تصاعدًا ملحوظًا في التوترات والاحتقان بسبب استهداف المليشيا مباشرة لشيوخ وأبناء القبائل الذين يقاومون جرائمها وانتهاكاتها وحملاتها العسكرية في مناطق سيطرتها.

واختارت القبائل المقاومة طريقين للتصدي للجرائم والانتهاكات المستمرة التي ترتكبها المليشيا ضد شيوخ القبائل وأبنائهم من السكان المحليين، وهما السبيل السلمي/ المسلح، كرد فعل على محاولات المليشيا العسكرية التعسفية لكسر وتضعيف القبائل التي تمثل آخر مقاومة لسطوة وهيمنة المليشيا في المنطقة.

وفي آخر حدث لهذه التوترات القبلية، شهدت منطقة حمة صرار في مديرية ولد ربيع التابعة لقبائل قيفة بمحافظة البيضاء توترًا مسلحًا بعد استقدام مليشيا الحوثي حملة كبيرة يقودها شقيق زعيم المليشيا عبدالخالق الحوثي تضم دبابات وقوافل عسكرية، في ظل تحليق مكثف للطائرات بدون طيار منذ صباح الجمعة استعدادًا لاقتحام قرية "صرار" في ظل استمرار الحصار المفروض عليها.

تستخدم المليشيا شيوخ قبائل موالين لها للضغط على الأهالي لتسليم ثلاثة أشخاص يعتبرون مطلوبين أمنيًا، وذلك بهدف محاكمتهم وإعدامهم، كما تطالب بتسليم سبعة رهائن من الوجهاء بنفس الأسلوب لإحياء نموذج الإمامة، بينما يطالب الأهالي برفع الحملة الجائزة ونقاط التفتيش المستحدثة، وذلك للدفاع عن أنفسهم وأعراضهم بعد مقتل أحد أبناء المنطقة وإصابة آخر بجروح خطيرة في حاجز تفتيش جديد أقيم على مدخل القرية.

أعلنت قبائل قيفة النكف مع أهالي "حمة صرار" ورفضت تعسف المليشيا وتعنتها ورفض رفع الحصار عنها، ونصب صواريخ الكاتيوشا والدبابات ونقاط التفتيش المستحدثة حول المنطقة التي تشهد توترًا شديدًا.

الأربعاء الماضي، قتل أربعة أشخاص وأصيب آخران من مسلحي مليشيا الحوثي الإرهابية في اشتباكات عنيفة استمرت لساعات بين مسلحين من قبائل حمة صرار والمليشيا في مديرية ولد ربيع في محافظة البيضاء. وتم إيقاف هذه الاشتباكات بوساطة محلية.

إلى ذلك نفذ المئات من أبناء قبائل سنحان في محافظة صنعاء اعتصامًا لعدة أيام في ساحة ميدان السبعين في صنعاء، طالبوا زعيم مليشيا الحوثي وقيادتها بتنفيذ حكم القصاص في حق الجاني "صالح سعيد راشد العامري" الذي قتل الشيخ حمود صالح دهمان، أحد وجهاء سنحان في مديرية صرواح عام 2011. كما طالب المحتجون بمحاسبة المسؤولين عن إطلاق سراح قتلة الشيخ أحمد علي محمد غشام، في ظل زيادة الاحتجاجات في ميدان السبعين بصنعاء في الآونة الأخيرة بسبب تهريب المليشيا وإطلاق سراح سجناء متهمين بقضايا جنائية، والمطالبة بتقديم قتلة أبنائهم للعدالة.

وفي نهاية الشهر الماضي، فرضت حملة عسكرية للحوثيين حصارًا على قرية "الزور - ثوبان" في مديرية الحدا محافظة ذمار، مما أدى إلى تصاعد التوتر القبلي وانضمام قبائل محلية لدعم السكان ورفض تصرفات الحوثيين العنيفة بعد وقوع اشتباكات مسلحة ومقتل قائد حملة المليشيا المدعو "محمد سرحان سعد سرحان" وإصابة آخرين. بدأ الخلاف بسبب أراض متنازع عليها وتدخل الحوثيون لصالح أهالي قرية "نشال - النصرة" في ظل استمرار النزاعات القبلية في المنطقة بسبب الحدود والأراضي والثارات، مما يزيد من التوتر بين القبائل.

في 24 يوليو الماضي، نفذت مليشيا الحوثي الإرهابية حملة عسكرية واعتقالات استهدفت وجهاء وأعيان وأبناء قريتي (بيت ابو عاطف وبني جلعة) في مديرية الحدا بمحافظة ذمار جنوبي صنعاء، وفرضت حصاراً مطبقاً استمر لأيام، بسبب مقتل أحد أبناء منطقة (الرشدة) يدعى أحمد صالح حميدان الرشيدي على يد مسلحين مجهولين في كمين مسلح استهدف موكب زفاف بظروف غامضة.

تواجه قبائل الحدا تحديات عديدة في مواجهة الانتقام من قبل الحوثيين وتغذيتهم للصراعات القبلية، حيث تقوم المليشيا بتنفيذ حملات عسكرية كبيرة يقاومها أفراد القبائل، بسبب دورها في الثورة ضد الأئمة، سواء في عهد الإمامة أو في حكم الحوثيين.

وفي 24 يوليو الماضي، قادت المليشيا الحوثية بقيادة المنتحل صفة محافظ صنعاء القيادي "عبدالباسط الزيلعي" ومدير الأمن بالمحافظة "يحيى المؤيدي" حملة عسكرية لمداهمة منزل الشيخ أحمد صالح شديق واختطافه بعد اشتباكات في حي دار سلم بصنعاء، وادعوا أنهم كانوا يبحثون عن مطلوب أمني آخر، مما استدعى تجمع جميع قبائل خولان الطيال السبع ليومين متتاليين وتهديدهم بمحاصرة معسكر العرقوب إذا لم يتم الإفراج عنه، وتم الإفراج عنه قبل انتهاء مهلة 24 ساعة.

تعيد هذه الحادثة إلى الأذهان حملة عسكرية قادها الإمام (أحمد بن علي العباس) الملقب بـ(المتوكل) في عام 1225هـ/ 1811م لإخماد انتفاضة شيخين من مشايخ خولان وهما الشيخ سعيد بن حليقة الخولاني والشيخ سالم بن شديق وقيامهما بقطع طريق صنعاء ذمار، ولكن خروج الإمام بالحملة اليهما انتهت بالقبض عليهما وإنهاء تمردهما، وهو ما يدفع المليشيا للانتقام من أحد أحفاده.

وفقًا للصحفي وليد العمري، يعتبر تكرار الحملات العسكرية من قبل الحوثيين ضد قبائل خولان والحدا وقيفة والجوف أمرًا مألوفًا، إذ تعتبر هذه الحملات استمرارًا لسياسة الانتقام والثأر مع رجال وقادة هذه القبائل، بسبب رفضهم الخضوع والانصياع للحوثيين منذ فترة الحكم الإمامي الكهنوتي.

وأشار العمري إلى أن هناك أسبابًا عدة تجعل القبائل ترفض الانضمام إلى مليشيا الحوثي. ومن بينها، يعتنق الحوثيون أفكارًا شيعية اثني عشرية دخيلة نتيجة تأثرهم بإيران وهو ما يثير هذا التغيير ذو الصبغة الطائفية قلق القبائل السنية والزيدية التقليدية. وترفض هذه القبائل محاولات الحوثيين لإجبار أفرادها على الانضمام إلى صفوفهم وإرسالهم للقتال، وتتعرض لتهديدهم بعواقب وخيمة إذا لم يطيعوا.

وذكر أن أحد أسباب التوترات بين القبائل والحوثيين هو استمرار المليشيا في ارتكاب جرائم خطيرة وانتهاكات، مثل عمليات القتل والقمع للمشايخ الذين يرفضون التعاون معها، وسياسة القمع والاستبداد التي تمارسها وفرض الضرائب الظالمة على أبناء القبائل، بالإضافة إلى محاولتها السطو والاستيلاء على أراضيهم بالقوة.

المصدر: وكالة خبر للأنباء

كلمات دلالية: ملیشیا الحوثی حملة عسکریة فی مدیریة استمرار ا

إقرأ أيضاً:

مليشيا الحوثي تعتزم إصدار تعديلات مثيرة للجدل في قانون السلطة القضائية تستهدف القضاة والمحامين

كشف مصدر مطلع عن اعتزام مليشيا الحوثي إصدار قرار بتعديلات جديدة في قانون السلطة القضائية، تشمل تغييرات جوهرية تمس المحامين والقضاة على حد سواء.

وأفاد المصدر أن مجلس الوزراء التابع للحوثيين ناقش هذه التعديلات قبل يومين، ومن المتوقع أن يتم إصدار القرار من رئيس مجلس حكم مليشيا الحوثي الغير معترف به دوليا في الأيام القليلة المقبلة.

تثير هذه التعديلات حالة من القلق والاستياء داخل أوساط القضاة والمحامين، حيث يعتبرونها تعديًا على حقوقهم ومهنتهم، في ظل ما يوصف بمحاولة اغتيال قوانين السلطة القضائية و المحاماة اليمني.

وبحسب وثيقة مسربة لمشروع القرار الحوثي المسمى مشروع تعديل قانون السلطة القضائية الجديد يتضمن نصوصًا تسمح لرئيس مجلس حكم الانقلاب: بتعيين أعضاء في وظائف ودرجات السلطة القضائية "من خارج أعضاء السلطة القضائية"، خلال فترة ثلاث سنوات من تاريخ صدور هذا القانون.

ويمنح المشروع للمدعو مهدي المشاط - رئيس مجلس الانقلاب - حق اختيار وتنصيب قضاة من بين أساتذة كليات الشريعة والقانون بالجامعات اليمنية أو من يصفهم القانون المعدل بـ علماء الشريعة الإسلامية الحاصلين على إجازات علمية في الفقه، المشهود لهم بالنزاهة والكفاءة والإصلاح بين الناس - وفقا للوثيقة.

يشير هذا النص إلى إمكانية تعيين الفقهاء والثقافيين التابعين لمليشيا الحوثي، حتى وإن كانوا لا يحملون أي مؤهلات دراسية أو درجة علمية، كـ قضاة في اجراء غير مسبوق واستنساخًا لنظام الحكم الإمامي البائد.

تأتي هذه الخطوات بعد استكمال مليشيا الحوثي تسجيل اتباعها بناء على تزكيات قياداتها في معهد القضاء خلال السنوات الماضية.

كما حددت المليشيا في مشروع القانون شروطًا معينة تلزم توافرها للسماح بالعمل في مهنة المحاماة، وتبين حقوقهم وتنظم محاسبتهم - بحسب الوثيقة.

من بين تعديلات القانون الجديدة، يُمنح القاضي المعين من قبل الحوثيين صلاحية منع أي محامي من الترافع لمدة ثلاث سنوات في جميع المحاكم إذا قدم دفعًا لم يناسب رغبة القاضي، بحجة ثبوت تضليل العدالة أو عرقلة إجراءات التقاضي بدفوع كيدية.

جدير بالذكر أن قانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة (1991م) ينص على أن القضاء سلطة مستقلة، وأن القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، ولا يجوز لأية جهة التدخل في القضايا أو في شأن من شئون العدالة، ويعتبر مثل هذا التدخل جريمة يعاقب عليها القانون.

يرى قضاة، أن مشروع القرار الجديد وتعديلات القانون تعطل نصوص الدستور النافذ وتنسف استقلالية السلطة القضائية، ويعد انتهاكًا صارخًا لمبدأ الدستورية القضائية.

وقد حذر أحد المحامين من أن هذه التعديلات قد تؤدي إلى تضييق كبير على عمل المحامين، مما سيدفع الكثير منهم للبحث عن مهن بديلة.

كما تسائل المحامون عن سبب إدراج المحامين في قانون السلطة القضائية، معتبرين أن هذه التعديلات تمثل تعديًا صريحًا على حقوقهم الدستورية والمهنية، إذ تمنح القضاة سلطة معاقبة المحامي على أداء واجباته، وهو ما يهدف لخلق الفتنة بين القضاة والمحامين ويعد خرقًا لمبادئ العدالة.

ويؤكد المحامون أن هذه التعديلات تمثل محاولة من مليشيا الحوثي للسيطرة على المكونات الحقوقية والمهنية في البلاد، بهدف إسكات أي صوت مستقل يدافع عن حقوق المواطنين.

ودعا قضاة ومحامين وحقوقيين، نادي القضاة ونقابة المحامين اليمنيين إلى عقد اجتماع اسنثنائي مشترك واتخاذ موقف حازم ازاء هذا التعدي السافر بحق قانون السلطة القضائية والاستهداف المباشر لـ القضاة والمحامين، ووضع حدا لهذه التدخلات التي تهدف إلى استكمال حوثنة القضاء وتقييد حرية المحامي وتحويله إلى أداة خاضعة للإملاءات السلطوية، مطالبين بضرورة التصدي لهذا الاستبداد الواضح الذي قد يسحق الجميع بلا استثناء.

وعمدت مليشيا الحوثي المدعومة من إيران على استلاب استقلال القضاء وبسط نفوذها على السلطة القضائية في مناطق سيطرتها، وتزايدت مؤخرا الاعتداءات التي طالت المنتمين للقضاء والمحامين كجناحي للعدالة والحقوق والحريات التي أدت الى تقويض الحريات القضائية وتراجع مبادئ النزاهة والعدالة.

مقالات مشابهة

  • مليشيا الحوثي تعتزم إصدار تعديلات مثيرة للجدل في قانون السلطة القضائية تستهدف القضاة والمحامين
  • ستختفي قوات الجيش والانتقالي وطارق صالح.. محلل سياسي: قوة واحدة ستتقاسم النفوذ في اليمن إلى جانب مليشيا الحوثي
  • مليشيا الحوثي تعلن إسقاط طائرة في معقلها الرئيسي شمالي اليمن خلال مهمة قتالية
  • ”بين ثأر القبائل وفوضى الحوثي: رداع تشتعل من جديد!”
  • توترات وتحَرّكات ميدانية في حضرموت تنذر بجولة صراع جديدة بين الاحتلال السعودي والإماراتي
  • تحركات واستعدادات سعودية غير مسبوقة لشن حملة عسكرية على قبائل مأرب
  • مليشيا الحوثي تبدأ الحرب على ثورة 26 سبتمبر وتباشر بإعتقال من يجاهر بالاحتفال بها
  • وسط توتر وتعزيز مسلح.. مليشيا الانتقالي تمنع مرور مجموعة من حلف قبائل حضرموت
  • تعزيزات مسلحة ضخمة لحلف قبائل حضرموت تصل المدخل الغربي للمكلا
  • مأرب على صفيح ساخن.. تحذيرات وتهديدات قبيل قرارات مصيرية حاسمة خلال الساعات القادمة