سواليف:
2025-04-24@08:35:01 GMT

تأملات قرآنية

تاريخ النشر: 15th, August 2024 GMT

#تأملات_قرآنية

د. #هاشم_غرايبه

يبتدئ الله تعالى سورة الأعلى بقوله: “سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى. الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى. وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى”.
في مقالة سابقة عرضت تأملاتي في الآيتين الأولى والثانية، وأرجأت الثالثة: “وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى” لضيق المجال.
لغويا (قدّر) لها معانٍ متعددة، وأقربها لسياق الآية هو الحكم والقضاء وموازنة الأمر وتسويته وتهيئته لتـأتي النتائج وفق المراد، لكن اللافت للتأمل هو الربط بين التقدير والهداية بفاء العطف التي تفيد التتابع القريب.


ان التقدير هو السمة العامة لكل ما خلقه الله في الكون العظيم الاتساع، وفي المخلوقات الهائل تنوعها، وفي النفس البشرية البالغة الدقة والابداع، وفي كل ما توصل الانسان لمعرفته، فالمتأمل فيه يجده متّسما جميعه بالخلق المحكم، والدقة الفائقة، والانتظام والتناغم، وهذا شيء ملموس مهما كان الإنسان متقدما في العلم أو أو متأخرا.
هذا الأمر لا يدركه من المخلوقات غير الإنسان، الذي يفترض أنه لامتلاكه العقل وأدواته المنطقية، أن يتوصل الى أن انه بسبب كمال خلق المخلوقات جميعها، فلا عيب مصتعي فيها، ولا نقص في أداءها لمهامها، أن هنالك خالق حكيم هو من صنعها.
وبمنطق الحسابات الرياضية فقط، ومن غير أنبياء يهدونه، يمكن للإنسان الاستنتاج بأن الانسان خلق من أب أول وأم أولى وليس تطورا من سمكة ولا قرد، فمعروف أن كل انسان جاء مولودا من أنثى بعد تزاوجها مع ذكر، لذا وبالحساب رجوعا، سنتوصل الى حتمية بدء السلسلة بوجود ذكر أول وأنثى أولى معا، في مكان واحد من الكرة الأرضية الفسيحة، وفي زمن واحد (ضمن 50 عاما على الأكثر) من الزمن السحيق المفترض وهو ملايين السنين، ليلتقيا ويتزاوجا، وفكرة تطور الانسان من كائن أولي لا يمكن ان تحقق تطوره بصورة الجنسين معا بعامل الصدفة، فالتباين هائل بين تكوين الأعضاء التناسلية الذكرية والأنثوية، كما أن الدقة الهائلة والإحكام الباهرفي وصول الحيوان المنوي الى البويضة، يفترض إحكاما هائلا وتقديرا دقيقا لا يقبل الخطأ منذ بداية الخلق، ولا يمكن تصور تطور ذلك لملايين السنين عشوائيا وبقاؤه باتجاه واحد ولملايين الأنواع من الكائنات الحية، فهذا هو المستحيل بعينه، لذلك يرفض العقل نظرية التطور العشوائي لتناقض مفهوم العشوائية مع الدقة والانتظام مبدئيا، فلا يبقى من تفسير لنشأة الكائنات الحية جميعا، إلا أن كل نوع نشأ مقصودا ولدور حيوي محدد وبمواصفات وقدرات منحها له من أنشأه ولم يخترها أو يطورها بذاته، بدليل أنه لا يمكنه تغييرها أو تعديلها.
وهذه هي النظرية المطروحة حاليا، ومفادها أن هنالك قوة غير منظورة ذات قدرات مثالية تضبط ذلك التطور وتسمى التطور الذكي، لكنها تلاقى حربا شعواء من القوة الخفية المسيطرة على المؤسسات العلمية الغربية، لكونها بديلا للفكرة الغبية القائلة بالخلق العبثي بتطور كل الكائنات الحية عشوائيا من كائن أولي وحيد الخلية، والتي ظل الملحدون يتبنونها.
وبالعقل أيضا فقط، وبلا رسالات هادية مبينة، يفترض أن يتوصل الانسان بالاستنتاج أنه بما أن كل المخلوقات الجامدة تخضع لقانون فيزيائي واحد يحكمها فهي على تعددها وتنوعها وحدتها البنائية موحدة وهي الذرة ومكوناتها هي ذاتها، والتباين في مواصفاتها وخصائصها مبني على اختلاف عدد الدقائق المكونة لذرتها فقط، وليس اختلاف أنواعها، وأما الكائنات الحية فمحكومة بنظام حيوي واحد في نشوئها وتكاثرها وتغذيتها ونموها وموتها، وبما أن مهامها متكاملة وليست متناقضه، فالصانع يفترض أن يكون واحدا، فيتوصل الانسان الى ان الخالق لكل شيء هو ذاته، وهذا هو مبدأ التوحيد.
هكذا نفهم لماذا منح الله العقل للإنسان، فذلك لأنه كلفه بالأمانة، التي هي استخدامه هذه الآلة الثمينة في ما ينفعه وما يصون الكائنات الأخرى التي لا تملك خيار الاحتكام الى العقل مثله، فما يحكمها هو الفطرة التي فطرت عليها.
ولما كان أكثر ما ينفع الانسان وإيفاءه بحق الأمانة هو الاستقامة والصلاح، والتي يحققها الإيمان بوجود الله وباليوم الآخر، فقد جعل الله في القدرات العقلية البحتة، الامكانية للتفكر المنطقي في هذا التقدير الدقيق في الخلق، وسيلة الى الاهتداء لوجوده.
لكن الله الرحيم بمخلوقاته، يعلم أن كثيرا من الناس سيغلب أهواءه على عقله، فلم يدع الناس هملا بلا عناية ولا توجيه، بل أنزل اليهم الرسالات السماوية الهادية.

مقالات ذات صلة موقف عمومي 2024/08/14

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الکائنات الحیة

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية يشارك في اجتماع لجنة حقوق الإنسان بالشيوخ

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

عقدت لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشيوخ  برئاسة  النائب محمد هيبة، اجتماعا بمشاركة  الدكتور بدر عبد العاطى، وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج والمستشار محمود فوزي، وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، وذلك للمناقشة وتبادل الآراء والتعاون والتنسيق مع اللجنة فيما بتعلق بالقضايا الخاصة بحقوق الإنسان في مصر.
ووفقا للبيان الصحفي الصادر عن لجنة حقوق الإنسان، أكد المهندس محمد هيبة أن الدبلوماسية المصرية من اعرق الدبلوماسيات وتلعب دورا كبيرا خاصة لمواجهة التحديات التي تحيط بمصر والتي لم تمر بها البلاد منذ وقت بعيد.

 تطور ملف حقوق الانسان في مصر
 
وأشاد " هيبة " بنجاح المشاركة المصرية في جلسة المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الانسان في مصر والتي لاقت ردود افعال ايجابية وارتياحا كبيرا و ما يعكس تطور ملف حقوق الانسان في مصر مع اهتمام رئيس الجمهورية الرئيس عبد الفتاح السيسي والذي اطلق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الانسان والتي ساعدت في تقدم حقوق الانسان بمصر

وأشار "هيبه"  الى أن نجاح عرض مصر تقرير المراجعة يعكس التنسيق والتكامل بين مؤسسات الدولة والتطور الكبير في ملف حقوق الانسان  خلال السنوات الماضية وهو ما اعترف به كافة المؤسسات والمنظمات الدولية.

 ادراك  المجتمع الدولي للجهود  المصرية لحقوق الانسان

وعرض الدكتور بدر عبد العاطي ، وزير الخارجية المشاركة المصرية فى جلسة المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان فى مصر، التي عقدت في شهر يناير الماضى في مجلس حقوق الإنسان الدولى في جنيف، والمناقشات التى دارت خلالها  واكد  وزير الخارجية ان جلسة المراجعة عكست ادراك واقرار المجتمع الدولي للجهود الوطنية والانجازات  التي تقوم بها مصر في مجال حقوق الانسان ، والجهود الحثيثة التى تبذلها الدولة لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان بالتعاون مع كافة الجهات الوطنية المعنية، وتحت اشراف رئيس مجلس الوزراء.

التقارير التنفيذية للاستراتيجية الوطنية

ونوه وزير الخارجية إلى قيامه بصفته رئيس اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان بتسليم رئيس الجمهورية التقارير التنفيذية للاستراتيجية الوطنية، والتى كان اخرها تسليم التقرير الثالث في ديسمبر 2024 بالتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان.

واوضح  "عبد العاطي " أن التقرير رصد مظاهر التقدم التى تحققت في تنفيذ مستهدفات الاستراتيجية الوطنية في المحاور الأربعة؛ السياسي والمدني؛ والاقتصادي والاجتماعي والثقافي؛ والمرأة والطفل والشباب وذوي الإعاقة وكبار السن؛ والتثقيف والتدريب.

جهود  البرلمان المصرى لتعزيز البنية التشريعية ذات الصلة بحقوق الإنسان
 
وأشاد "عبد العاطى" بالجهود التى يبذلها البرلمان المصرى لتعزيز البنية التشريعية ذات الصلة بحقوق الإنسان وتعزيز أسس احترام حقوق الإنسان بما يضمن للمواطن المصري الحفاظ على كرامته وحقوقه كاملة استنادًا لما يوليه فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي من اهتمام لتوفير حياة كريمة للمواطن المصرى، منوهاً إلى المقاربة الشاملة التى تنتهجها مصر في الارتقاء بالمنظومة الحقوقية فى المجالات السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ورفع مستوى الوعى بالحقوق والواجبات، مشيرا الى ان التشريعات التي اقرها البرلمان خلال الفترة الأخيرة والتي تعكس الأولوية التي توليها مصر للنهوض بالمناخ العام لحقوق والحريات،  من ابرزها ً قانون الإجراءات الجنائية الذى مثل ثورة تشريعية وخطوة هامة نحو تعزيز منظومة العدالة الجنائية فى مصر.

فوزي .. نجاح مصر في هذا المحفل لم يكن وليد الصدفة
 
ومن جانبه، أكد المستشار محمود فوزي، وزير الشئون النيابية، أن هذه هي المرة الرابعة التي تعرض فيها مصر ملفها أمام المجتمع الدولي، وكانت ناجحة نجاحا ملحوظا، وذلك لعدة أسباب من بينها الاستفادة من تراكم الخبرات الوطنية، والتقسيم المنهجي والمهني للأدوار مع التعاون والتنسيق، إلى جانب القيادة الدبلوماسية للملف التي تقودها وزارة الخارجية من خلال علاقات مصر الدبلوماسية على مستوى العالم.
 
وقال " فوزي" إن نجاح مصر في هذا المحفل لم يكن وليد الصدفة، بل جاء نتيجة جهد منسق وعمل دؤوب من وزارة الخارجية وسائر الوزارات و الجهات المعنية، ومن جميع السفارات المصرية حول العالم، وعلى رأسها سفارة مصر في جنيف، والتي أدارت تنسيقًا دبلوماسيًا مكثفًا وعميقًا خلال مراحل الإعداد والمراجعة وصياغة التوصيات ، مشيرا الى أن معظم التوصيات التي تلقتها مصر أثناء عرض ملفها في آلية المراجعة الدورية الشاملة (UPR) تتفق مع الدستور المصري ومع أجندة العمل الوطنية، وتعكس التزام الدولة بتنفيذها في إطار واضح ومحدد.

التطورات الإيجابية في الحقوق المدنية والسياسية
 
وأشاد المستشار محمود فوزي، بالتنسيق الكامل بين الوزارات، والمشاركة رفيعة المستوى ممثلة في مشاركة ثلاثة وزراء بالحكومة عرض وزير الخارجية  الإطار العام لمنهج ملف حقوق الانسان والتحديات التي تتعرض لها الدولة ، وانه كوزير للشئون النيابية  كان مسؤولاً عن عرض ما يخص التطورات الإيجابية في الحقوق المدنية والسياسية، في حين تولت وزيرة التضامن الاجتماعي استعراض الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بالاضافة الى مداخلات جميع الجهات والمؤسسات المعنية، وهو ما يعكس بوضوح مرحلة من النضج الدبلوماسي الذي وصلت إليه الدولة المصرية في هذا الملف، والذي حظي بإشادة واسعة من الدول المختلفة تجاه العرض المصري وترحيبهم به.

مقالات مشابهة

  • الأرض المباركة في خطبة الجمعة.. تأملات في تاريخ وتجليات سيناء
  • وزير الخارجية يشارك في اجتماع لجنة حقوق الإنسان بالشيوخ
  • الحكايات الأولى للمكبرين الأوائل.. الجامع الكبير ساحة للانطلاق (الحلقة الأولى)
  • مواطن يستعرض إمكانيات سيارته التي لا تتجاوز قيمتها 10 آلاف ريال .. فيديو
  • من الرجل الذي كافأه المأمون؟ وما قصة المثل: ربّ مملول لا يستطاع فراقه؟
  • أفضل الأعمال التي تقدمها لشخص عزيز توفى.. دينا أبو الخير تكشف عنها
  • حزب الله يدين اغتيال الشيخ حسين عطوي: العدو واحد والمقاومة مشروع مشترك
  • الرئيس السيسي: تجديد الخطاب الديني يتجاوز التصحيح ليقدم الصورة المشرقة للدين الحنيف
  • راس كبش .. يستحق الاطاحة به !!
  • بعد قتل كلب هاسكي.. داعية: حكم قتل النفس ينطبق على كل الكائنات الحية وليس الإنسان فقط