سواليف:
2024-12-25@07:50:56 GMT

تأملات قرآنية

تاريخ النشر: 15th, August 2024 GMT

#تأملات_قرآنية

د. #هاشم_غرايبه

يبتدئ الله تعالى سورة الأعلى بقوله: “سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى. الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى. وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى”.
في مقالة سابقة عرضت تأملاتي في الآيتين الأولى والثانية، وأرجأت الثالثة: “وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى” لضيق المجال.
لغويا (قدّر) لها معانٍ متعددة، وأقربها لسياق الآية هو الحكم والقضاء وموازنة الأمر وتسويته وتهيئته لتـأتي النتائج وفق المراد، لكن اللافت للتأمل هو الربط بين التقدير والهداية بفاء العطف التي تفيد التتابع القريب.


ان التقدير هو السمة العامة لكل ما خلقه الله في الكون العظيم الاتساع، وفي المخلوقات الهائل تنوعها، وفي النفس البشرية البالغة الدقة والابداع، وفي كل ما توصل الانسان لمعرفته، فالمتأمل فيه يجده متّسما جميعه بالخلق المحكم، والدقة الفائقة، والانتظام والتناغم، وهذا شيء ملموس مهما كان الإنسان متقدما في العلم أو أو متأخرا.
هذا الأمر لا يدركه من المخلوقات غير الإنسان، الذي يفترض أنه لامتلاكه العقل وأدواته المنطقية، أن يتوصل الى أن انه بسبب كمال خلق المخلوقات جميعها، فلا عيب مصتعي فيها، ولا نقص في أداءها لمهامها، أن هنالك خالق حكيم هو من صنعها.
وبمنطق الحسابات الرياضية فقط، ومن غير أنبياء يهدونه، يمكن للإنسان الاستنتاج بأن الانسان خلق من أب أول وأم أولى وليس تطورا من سمكة ولا قرد، فمعروف أن كل انسان جاء مولودا من أنثى بعد تزاوجها مع ذكر، لذا وبالحساب رجوعا، سنتوصل الى حتمية بدء السلسلة بوجود ذكر أول وأنثى أولى معا، في مكان واحد من الكرة الأرضية الفسيحة، وفي زمن واحد (ضمن 50 عاما على الأكثر) من الزمن السحيق المفترض وهو ملايين السنين، ليلتقيا ويتزاوجا، وفكرة تطور الانسان من كائن أولي لا يمكن ان تحقق تطوره بصورة الجنسين معا بعامل الصدفة، فالتباين هائل بين تكوين الأعضاء التناسلية الذكرية والأنثوية، كما أن الدقة الهائلة والإحكام الباهرفي وصول الحيوان المنوي الى البويضة، يفترض إحكاما هائلا وتقديرا دقيقا لا يقبل الخطأ منذ بداية الخلق، ولا يمكن تصور تطور ذلك لملايين السنين عشوائيا وبقاؤه باتجاه واحد ولملايين الأنواع من الكائنات الحية، فهذا هو المستحيل بعينه، لذلك يرفض العقل نظرية التطور العشوائي لتناقض مفهوم العشوائية مع الدقة والانتظام مبدئيا، فلا يبقى من تفسير لنشأة الكائنات الحية جميعا، إلا أن كل نوع نشأ مقصودا ولدور حيوي محدد وبمواصفات وقدرات منحها له من أنشأه ولم يخترها أو يطورها بذاته، بدليل أنه لا يمكنه تغييرها أو تعديلها.
وهذه هي النظرية المطروحة حاليا، ومفادها أن هنالك قوة غير منظورة ذات قدرات مثالية تضبط ذلك التطور وتسمى التطور الذكي، لكنها تلاقى حربا شعواء من القوة الخفية المسيطرة على المؤسسات العلمية الغربية، لكونها بديلا للفكرة الغبية القائلة بالخلق العبثي بتطور كل الكائنات الحية عشوائيا من كائن أولي وحيد الخلية، والتي ظل الملحدون يتبنونها.
وبالعقل أيضا فقط، وبلا رسالات هادية مبينة، يفترض أن يتوصل الانسان بالاستنتاج أنه بما أن كل المخلوقات الجامدة تخضع لقانون فيزيائي واحد يحكمها فهي على تعددها وتنوعها وحدتها البنائية موحدة وهي الذرة ومكوناتها هي ذاتها، والتباين في مواصفاتها وخصائصها مبني على اختلاف عدد الدقائق المكونة لذرتها فقط، وليس اختلاف أنواعها، وأما الكائنات الحية فمحكومة بنظام حيوي واحد في نشوئها وتكاثرها وتغذيتها ونموها وموتها، وبما أن مهامها متكاملة وليست متناقضه، فالصانع يفترض أن يكون واحدا، فيتوصل الانسان الى ان الخالق لكل شيء هو ذاته، وهذا هو مبدأ التوحيد.
هكذا نفهم لماذا منح الله العقل للإنسان، فذلك لأنه كلفه بالأمانة، التي هي استخدامه هذه الآلة الثمينة في ما ينفعه وما يصون الكائنات الأخرى التي لا تملك خيار الاحتكام الى العقل مثله، فما يحكمها هو الفطرة التي فطرت عليها.
ولما كان أكثر ما ينفع الانسان وإيفاءه بحق الأمانة هو الاستقامة والصلاح، والتي يحققها الإيمان بوجود الله وباليوم الآخر، فقد جعل الله في القدرات العقلية البحتة، الامكانية للتفكر المنطقي في هذا التقدير الدقيق في الخلق، وسيلة الى الاهتداء لوجوده.
لكن الله الرحيم بمخلوقاته، يعلم أن كثيرا من الناس سيغلب أهواءه على عقله، فلم يدع الناس هملا بلا عناية ولا توجيه، بل أنزل اليهم الرسالات السماوية الهادية.

مقالات ذات صلة موقف عمومي 2024/08/14

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الکائنات الحیة

إقرأ أيضاً:

كريمة أبو العينين تكتب: البحث عن الانسان

لعل مايمر به العالم الآن من بطش الدول الكبرى وغياب تطبيق التشريعات الدولية وحقوق الانسان يذكرنا بواقعة جرت منذ عقود طويلة عندما شاهد الناس الفيلسوف اليونانى الاشهر سقراط وهو يحمل مصباحا فى وضح النهار والكل ينظر اليه باستغراب ويسألونه عما يبحث ولماذا يستعين بمصباح ونور الشمس يعم المكان فكان رد  الفيلسوف اليوناني القديم الذى  أمسك الفانوس في وضح النهاروالناس ينظرون إليه ويضحكون .. فكيف بمثله يمسك فانوساً في ضوء الشمس و كأن نور الشمس لا يكفيه في البحث عن الذي يريد ولما سألوه: عن أي شيء تبحث؟ 

كان جوابه المشهور الذي لا يزال حكيماً :(( إنني أبحث عن إنسان ))إنه يبحث عن إنسان .. فما أكثر الناس وما أقل الإنسان، ومايفسر التوحش الاسرائيلى ضد الانسانية فى هذه المرحلة يرد عليه بهذه القصة التى تقول احداثها  انه في إحدى الغابات أعُلِن عن وظيفة شاغرة لوظيفة أرنب ولم يتقدم أحد للوظيفة غير دب عاطل عن العمل، و تم قبوله وصدر له أمر بتعيينه.وبعد مدة لاحظ الدب أنّ في الغابة أرنبًا معيّناً بدرجة وظيفية هي (دب) ويحصل على راتب ومخصصات وعلاوة دب، أما هو فكل ما يحصل عليه مخصصات أرنب! حينها تقدم الدب بشكوى إلى مدير الإدارة وحُوِّلت الشكوى إلى الإدارة العامة، وتشكلت لجنة من الفهود للنظر في الشكوى، وتمّ استدعاء الدب والأرنب للنظر في القضية. فطلبت اللجنة من الأرنب أن يقدم أوراقه ووثائقه  التى تثبت كينونته كأرنب إلا أن جميع الوثائق تؤكد أنّ الأرنب دب.ثمّ طلبت اللجنة من الدب أن يقدم أوراقه ووثائقه الثبوتية، فكانت كل الوثائق تؤكد أنّ الدب أرنب! فجاء قرار اللجنة بعدم إحداث أي تغيير، لأن الأرنب دب والدب أرنب بكل المقاييس والدلائل. وللعجب انه لم يستأنف الدب قرار اللجنة ولم يعترض عليه. 

وعندما سألوه عن سبب موافقته على القرار أجاب: كيف أعترض على قرار لجنة "الفهود" والتي هي أصلاً مجموعة من "الحمير" وكل أوراقهم تقول أنهم فهود..هذا بالطبع ماتسجله المشاهد اليومية القادمة من الاراضى المحتلة ومن سوريا ومن قبلها العراق وليبيا فكل الشواهد تؤكد ان قوات الاحتلال تمارس بطشا وظلما ضد اهل الارض واصحابها ولكن من بيدهم السلطة والهيمنة يتحدثون عن امن المحتل وارساء دعائمه ضد اهل الحق والحقيقة . 

فى هذا العالم غير العادل لاتتوقع الا مزيدا من الارهاب وامدا طويلا من هبوط كفة العدل واعلاء كفة الظلم والظالمين . الفيلسوف الباحث عن انسان منذ الاف السنين لازال مريديه يبحثون عما لم يجده هو والغابة لاتزال تحكم وحكامها انجلو امريكان يتحكمون فى موازين الدنيا وقيمها بما يروق لهم ويحبون ، الارانب على يقين بأنها دببة والعكس غير صحيح لان موازين الخبر اختلت وقيم الشر علت وتعالت .

مقالات مشابهة

  • لبنان بحاجة إليك فلا تتأخر بالمجيء
  • الحرية الفكرية
  • كريمة أبو العينين تكتب: البحث عن الانسان
  • حذيفة عبد الله: سوف تسقط قريباً الدعاوي “الزائفة” التي تسوق خطاب حكومة المنفى
  • روشتة إيمانية: 4 آيات قرآنية لزيادة الرزق والحماية من الخوف والغم
  • شيخ العقل يسلّم الشرع رسالة خلال اللقاء في قصر الشعب... هذا ما جاء فيها
  • حزب الله يكشف عن المعادلة الوحيدة التي تحمي لبنان
  • التواضع زينة الأخلاق.. تأملات في قول الله تعالى: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ}
  • حينما تصبح الهوية قيدًا .. تأملات في نسب شجرة الغول لعبد الله بولا
  • معاوية عوض الله: العقوبات التي تصدر تجاه قادة الجيش لن تزيدنا إلا قوة وصلابة