سواليف:
2024-09-11@07:24:32 GMT

تأملات قرآنية

تاريخ النشر: 15th, August 2024 GMT

#تأملات_قرآنية

د. #هاشم_غرايبه

يبتدئ الله تعالى سورة الأعلى بقوله: “سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى. الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى. وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى”.
في مقالة سابقة عرضت تأملاتي في الآيتين الأولى والثانية، وأرجأت الثالثة: “وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى” لضيق المجال.
لغويا (قدّر) لها معانٍ متعددة، وأقربها لسياق الآية هو الحكم والقضاء وموازنة الأمر وتسويته وتهيئته لتـأتي النتائج وفق المراد، لكن اللافت للتأمل هو الربط بين التقدير والهداية بفاء العطف التي تفيد التتابع القريب.


ان التقدير هو السمة العامة لكل ما خلقه الله في الكون العظيم الاتساع، وفي المخلوقات الهائل تنوعها، وفي النفس البشرية البالغة الدقة والابداع، وفي كل ما توصل الانسان لمعرفته، فالمتأمل فيه يجده متّسما جميعه بالخلق المحكم، والدقة الفائقة، والانتظام والتناغم، وهذا شيء ملموس مهما كان الإنسان متقدما في العلم أو أو متأخرا.
هذا الأمر لا يدركه من المخلوقات غير الإنسان، الذي يفترض أنه لامتلاكه العقل وأدواته المنطقية، أن يتوصل الى أن انه بسبب كمال خلق المخلوقات جميعها، فلا عيب مصتعي فيها، ولا نقص في أداءها لمهامها، أن هنالك خالق حكيم هو من صنعها.
وبمنطق الحسابات الرياضية فقط، ومن غير أنبياء يهدونه، يمكن للإنسان الاستنتاج بأن الانسان خلق من أب أول وأم أولى وليس تطورا من سمكة ولا قرد، فمعروف أن كل انسان جاء مولودا من أنثى بعد تزاوجها مع ذكر، لذا وبالحساب رجوعا، سنتوصل الى حتمية بدء السلسلة بوجود ذكر أول وأنثى أولى معا، في مكان واحد من الكرة الأرضية الفسيحة، وفي زمن واحد (ضمن 50 عاما على الأكثر) من الزمن السحيق المفترض وهو ملايين السنين، ليلتقيا ويتزاوجا، وفكرة تطور الانسان من كائن أولي لا يمكن ان تحقق تطوره بصورة الجنسين معا بعامل الصدفة، فالتباين هائل بين تكوين الأعضاء التناسلية الذكرية والأنثوية، كما أن الدقة الهائلة والإحكام الباهرفي وصول الحيوان المنوي الى البويضة، يفترض إحكاما هائلا وتقديرا دقيقا لا يقبل الخطأ منذ بداية الخلق، ولا يمكن تصور تطور ذلك لملايين السنين عشوائيا وبقاؤه باتجاه واحد ولملايين الأنواع من الكائنات الحية، فهذا هو المستحيل بعينه، لذلك يرفض العقل نظرية التطور العشوائي لتناقض مفهوم العشوائية مع الدقة والانتظام مبدئيا، فلا يبقى من تفسير لنشأة الكائنات الحية جميعا، إلا أن كل نوع نشأ مقصودا ولدور حيوي محدد وبمواصفات وقدرات منحها له من أنشأه ولم يخترها أو يطورها بذاته، بدليل أنه لا يمكنه تغييرها أو تعديلها.
وهذه هي النظرية المطروحة حاليا، ومفادها أن هنالك قوة غير منظورة ذات قدرات مثالية تضبط ذلك التطور وتسمى التطور الذكي، لكنها تلاقى حربا شعواء من القوة الخفية المسيطرة على المؤسسات العلمية الغربية، لكونها بديلا للفكرة الغبية القائلة بالخلق العبثي بتطور كل الكائنات الحية عشوائيا من كائن أولي وحيد الخلية، والتي ظل الملحدون يتبنونها.
وبالعقل أيضا فقط، وبلا رسالات هادية مبينة، يفترض أن يتوصل الانسان بالاستنتاج أنه بما أن كل المخلوقات الجامدة تخضع لقانون فيزيائي واحد يحكمها فهي على تعددها وتنوعها وحدتها البنائية موحدة وهي الذرة ومكوناتها هي ذاتها، والتباين في مواصفاتها وخصائصها مبني على اختلاف عدد الدقائق المكونة لذرتها فقط، وليس اختلاف أنواعها، وأما الكائنات الحية فمحكومة بنظام حيوي واحد في نشوئها وتكاثرها وتغذيتها ونموها وموتها، وبما أن مهامها متكاملة وليست متناقضه، فالصانع يفترض أن يكون واحدا، فيتوصل الانسان الى ان الخالق لكل شيء هو ذاته، وهذا هو مبدأ التوحيد.
هكذا نفهم لماذا منح الله العقل للإنسان، فذلك لأنه كلفه بالأمانة، التي هي استخدامه هذه الآلة الثمينة في ما ينفعه وما يصون الكائنات الأخرى التي لا تملك خيار الاحتكام الى العقل مثله، فما يحكمها هو الفطرة التي فطرت عليها.
ولما كان أكثر ما ينفع الانسان وإيفاءه بحق الأمانة هو الاستقامة والصلاح، والتي يحققها الإيمان بوجود الله وباليوم الآخر، فقد جعل الله في القدرات العقلية البحتة، الامكانية للتفكر المنطقي في هذا التقدير الدقيق في الخلق، وسيلة الى الاهتداء لوجوده.
لكن الله الرحيم بمخلوقاته، يعلم أن كثيرا من الناس سيغلب أهواءه على عقله، فلم يدع الناس هملا بلا عناية ولا توجيه، بل أنزل اليهم الرسالات السماوية الهادية.

مقالات ذات صلة موقف عمومي 2024/08/14

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الکائنات الحیة

إقرأ أيضاً:

الحكومة السودانية ترفض قوة تدخل اقترحتها بعثة حقوق الانسان ويتهمها بالتسيس  

 

 

الخرطوم- رفضت الحكومة السودانية توصيات بعثة تقصى الحقائق التابعة لمجلس حقوق الانسان واتهمتها بأنها "هيئة سياسية"، بعد أن دعت  إلى نشر قوة "مستقلة ومحايدة" في السودان لحماية المدنيين في ظل الحرب المستعرة منذ قرابة 17 شهرا.

وقالت وزارة الخارجية السودانية في بيان نشر ليل السبت "ترفض حكومة السودان توصيات بعثة تقصي الحقائق جملة وتفصيلا"، ورأت أنها "تجاوز واضح لتفويضها وصلاحيتها".

وأوضحت الوزارة في بيانها أن البعثة قامت بنشر تقريرها "وعُقد مؤتمر صحافي حوله، قبل أن يستمع له مجلس" حقوق الإنسان، ما يعكس "افتقاد اللجنة للمهنية والاستقلالية".

واتهمت الخارجية البعثة بكونها "هيئة سياسية  لا قانونية، ما يعضّد موقف حكومة السودان  منها منذ تشكيلها".

والجمعة دعا خبراء من الأمم المتحدة إلى نشر قوة "مستقلة ومحايدة من دون تأخير" في السودان، بهدف حماية المدنيين في مواجهة الفظائع التي يرتكبها الطرفان المتحاربان.

وخلُص الخبراء المكلّفون من قبل مجلس حقوق الإنسان في تقرير، إلى أنّ المتحاربين "ارتكبوا سلسلة مروّعة من انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم يمكن وصف الكثير منها بأنّها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".

أنشأ مجلس حقوق الإنسان هذه البعثة نهاية العام الماضي بهدف توثيق انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في البلاد منذ اندلاع الحرب بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو في 15 نيسان/ابريل 2023.

وفي بيان السبت نددت الخارجية السودانية بـ"تناقض غريب" يحمله تقرير البعثة، إذ استنكرت "التوصية  بحظر السلاح عن الجيش الوطني (وبأن) توكل مهمة حماية المدنيين لقوة دولية لا يعرف متى ستشكل".

أسفرت الحرب عن عشرات آلاف القتلى. في حين تفيد تقديرات أنها قد تصل إلى "150 ألفا".

ونزح أكثر من عشرة ملايين شخص داخل السودان أو لجأوا إلى البلدان المجاورة منذ اندلاع المعارك، بحسب أرقام الأمم المتحدة. وتسببت المعارك بدمار واسع في البنية التحتية، وخرج أكثر من ثلاثة أرباع المرافق الصحية عن الخدمة.

من جهة أخرى عقد مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غبرييسوس مؤتمرا صحافيا الأحد بمدينة بورتسودان وقال إن "المجتمع الدولي يبدو أنه نسي السودان ولا يولي اهتماما كبيرا للنزاع الذي يمزقه أو عواقبه على المنطقة".

وأوضح غبرييسوس الذي وصل بورتسودان السبت في زيارة رسمية أن "حجم الطوارئ صادم، وكذلك الإجراءات غير الكافية التي يتم اتخاذها للحد من الصراع".

وأشار إلى احتياج 14,7 مليون شخص في السودان إلى الإغاثة العاجلة، موضحا أن التمويل المطلوب لهؤلاء يبلغ 2,7 مليار دولار، "لم يتم توفير سوى أقل من نصفه".

ودعا غبرييسوس العالم "إلى الاستيقاظ ومساعدة السودان للخروج من الكابوس الذي يعيشه".

 

Your browser does not support the video tag.

مقالات مشابهة

  • تعليق ناطق “أنصار الله” على الغارات الأمريكية والبريطانية التي أسفرت عن ضحايا في مدرسة للبنات بتعز
  • السويد: جزى الله الظروف خيراً التي أجبرت مانشيني على التغييرات
  • تقرير: أبرز الهجمات التي نفّذها أنصار الله على السفن التجارية قبالة سواحل اليمن
  • أبي المنى عقد اجتماعات عمل مع لجان المجلس المذهبي
  • قائمة الفرق والمنتخبات التي هز رونالدو شباكها هذا الموسم
  • وزير الزراعة في احتفالية عيد الفلاح: نعتمد عليكم في مواجهة التحديات
  • المفوض العام لحقوق الانسان: انهاء الحرب المستمرة في غزة أولوية
  • السودان يرفض قوة تدخل اقترحتها حقوق الانسان ويتهمها بالتسيس
  • الحكومة السودانية ترفض قوة تدخل اقترحتها بعثة حقوق الانسان ويتهمها بالتسيس  
  • أعطال العقل السياسي السوداني