رسالة المليشيا الثقافية أثناء الحرب
تاريخ النشر: 15th, August 2024 GMT
يمكن اعتبار رسالة المليشيا الثقافية أثناء الحرب، أسوأ من جرائم الحرب نفسها، فالشباب الجنود الذين يحاربون في صفوف المليشيا، صاروا بسبب التعبئة “الثورية” والحماس السياسي والتحريض و السردية المظلمية، صاروا غير مبالين بكل الموروث الثقافي السوداني، وتلبسوا ثقافة مغايرة في الشكل والجوهر، في اللبس، في تصفيف الشعر، والأسوأ مع كل هذا في مفردات اللغة المستخدمة.
لقد تجاوزا الأعراف المرجعية، والتي كانت مرعية في الهامش نفسه. و لسبب أو لآخر انتشرت بينهم مفاهيم ولغة و ثقافة منبتة عن أصول الهامش نفسه. فالهامش يعني أخلاق التصوف ومدارسات الخلاوى و حكمة الإدارة الأهلية وقيم العفة والحياء والعمل والإنتاج.
هذه الثقافة إن لم تجد التهذيب أو الضبط أو المراجعات من داخل صفوف عقلاء الهامش، فإنها لن تقبله من خارجها بسبب سطوة الهياج والتحريض وخطاب الكراهية والأبواب المغلقة تجاه الآخر، فبسبب حاجتهم لبيئة مشحونة وألفاظ مشحونة و طاقة مشحونة فإنهم اختاروا القبيح من المفردات والمعاني حتى يوصدوا الباب تماماً في وجه أي محاولة تهذيب او ترميم، وفرضوها بالسلاح حتى ييأس كل صاحب ضمير فلا يبذل أي مجهود، و لا يجد بداً من التعايش معها كواقع مفروض بقوة السلاح.
حينما انتقل جنود المليشيا إلى المدن و استباحوها، جاءوا بنفس هذه الثقافة المشحونة ونقلوها من الأطراف إلى المركز، وفرضوها على أبناء المركز بقوة السلاح و جعلوها طاغية بسبب كثرة النشر، وبسبب أنها تنقل أخبار الحرب المهمة من الخطوط الامامية، وبذلك صارت واقعاً يتكرر يومياً لدرجة أجبرت كل الناس على التعايش معها.
و بالتأكيد أن التعايش المفروض علينا بقوة السلاح وبمنهج الإرهاب وبكثافة النشر، مع هذه الالفاظ، لا يعني ولن يعني تعايشنا مع الثقافة نفسها. نحن مجتمع محافظ وتمسك بقيم دينه وأعراف مجتمعه وموروثاته الثابتة ولن يتخلى عنها مهما كان الإرهاب والعنف. ومهما كان تبرمنا الحالي و ضيقنا منها، فإننا سنحتاج إلى بذل مجهود كبير ومضنٍ لمعالجة كل هذه التشوهات الأخلاقية والثقافية. ومحو هذه الألفاظ القبيحة الخادشة للحياء التي تجرح العفة والأعراض وتتطاول أحيانا حتى على الذات الإلهية، لابد من محوها من حياتنا و من رؤس ابنائنا وبناتنا الذين يتعرضون لها غصباً عننا وعنهم وبالاكراه و قوة السلاح.
لا يخلوا أي فيديو ينقل أحداث الحرب، من هذه الثقافة واللغة الدخيلتين لذا فإن كل فيديو سيشتمل على محتوى ثقافي خطر و من الأفضل الإنتباه الشديد.
دكتور محمد عثمان عوض الله
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
هيئة يهودية بريطانية تفتح تحقيقا في رسالة تنتقد الحرب على غزة
علّق مجلس الجالية اليهودية البريطانية، أكبر هيئة تمثيلية لليهود في المملكة المتحدة، عضوية إحدى نوابه وفتح تحقيقا مع 35 عضوا آخرين بعد توقيعهم رسالة علنية تنتقد الحرب الإسرائيلية على غزة.
وأكد المجلس في بيان له، يوم الثلاثاء، أنه اتخذ هذه الخطوة بناء على شكاوى داخلية بعد نشر الرسالة المفتوحة في صحيفة "فايننشال تايمز" الأميركية الأسبوع الماضي.
ويكشف هذا الإجراء عن تصاعد الانقسام داخل المجلس -الذي يضم نحو 300 نائب- وداخل الجالية اليهودية البريطانية، إزاء سياسات حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة، واستئناف الهجوم على غزة.
وتم تعليق عضوية هارييت غولدنبيرغ، نائبة رئيس القسم الدولي في المجلس، بينما تخضع مع زملائها الموقعين للتحقيق بشأن "مخالفة مدونة قواعد السلوك".
وجاء في الرسالة، وهي أول تعبير علني عن معارضة الحرب من داخل قيادة المجلس، أن الموقعين لا يمكنهم "غض الطرف أو التزام الصمت إزاء تجدد الخسائر في الأرواح وسبل العيش".
عدم الصمتوأدان النواب في رسالتهم العنف الإسرائيلي في الضفة الغربية، محذرين من أن "التطرف الإسرائيلي يستهدف أيضا الديمقراطية ذاتها". وأضافوا: "إن روح إسرائيل تُنتزع، ونحن نخشى على مستقبلها كدولة نحبها وتربطنا بها علاقات عميقة".
إعلانكما ذكرت الرسالة أن الصمت يُعتبر دعما للسياسات التي تتعارض مع القيم اليهودية.
وقالت غولدنبيرغ في تصريح للفايننشال تايمز إن من الضروري لليهود البريطانيين أن يتحدثوا بصوت عالٍ، مضيفة: "في التاريخ اليهودي، الصمت ليس أمرا جيدا. إننا نخاطر بأن نكون متواطئين".
من جهته، قال رئيس المجلس، فيل روزنبيرغ، إن الهيئة "تأخذ الانتهاكات المزعومة لمدونة السلوك على محمل الجد"، مضيفا أن "التصريحات باسم المجلس يجب أن تصدر فقط عن مسؤولينا المنتخبين والموظفين المخولين".
ورغم أن الجالية اليهودية في بريطانيا دعمت إسرائيل إلى حد كبير منذ بداية الحرب الإسرائيلية في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، فإن الرسالة أبرزت وجود تيار داخلي قلق من استمرار الحرب والمأساة الإنسانية في غزة، وكذلك من الهجمات المتواصلة في الضفة الغربية وسياسات نتنياهو الداخلية.
وانهار اتفاق وقف إطلاق النار بعدما حاولت إسرائيل تعديل شروطه، لتفرض حصارا جديدا وتستأنف عملياتها العسكرية. ووفق وزارة الصحة الفلسطينية، فإن عدد الشهداء في غزة تجاوز 51 ألف شخص، في حين تحولت مناطق واسعة من القطاع إلى أنقاض.
ويتهم الموقعون على الرسالة نتنياهو بخرق وقف إطلاق النار وعدم إعطاء الأولوية للأسرى المحتجزين في القطاع، بينما يصر رئيس الوزراء الإسرائيلي على مواصلة القتال حتى "تدمير حماس" وتحقيق الإفراج عن المزيد من الأسرى.