تاريخ الطليعة العربية الإسلامية في اليمن.. محطات رئيسية.. كتاب جديد
تاريخ النشر: 15th, August 2024 GMT
الكتاب: حركة الطليعة العربية الإسلامية
الكاتب: سعيد ثابت سعيد
الناشر: مكتبة الأسرة ـ إسطنبول ـ 2024
هذا الكتاب الأول من سلسلة تتناول صفحات من تاريخ الحركة الإسلامي اليمنية، وهو أيضًا الكتاب الأول من ثلاثية النشأة والتأسيس الذي أسميته (حركة الطليعة العربية الإسلامية)، وتستغرق الفترة الزمنية الممتدة من مرحلة ما بعد إجهاض الحركة الدستورية وتداعياتها ومن آثارها اجتثاث النواة الإخوانية الأولى التي كانت قد بدأت في التشكل من خلال مجموعة من الشباب الذين استشهدوا على يد جلادي النظام الإمامي الملكي.
وقد كانت ثمة فترة فراغ امتدت منذ بعد 1948 حتى أوسط خمسينيات القرن الماضي عندما شهدت البلاد بعثات طلابية إلى عدد من الأقطار أهمها مصر، وهذا الكتاب يتتبع البذور الأولى لنشأة الحركة الإسلامية اليمنية في طورها الطلابي بالقاهرة في الفترة الزمنية الممتدة من 1955 حتى 1965، من خلال شباب جاؤوا من مختلف مناطق اليمن ومن بيئات اجتماعية مختلفة، وفي ظرف سياسي اتسم بالعدائية للتوجهات الإحيائية الإسلامية مع حالة المد القومي واليساري المدجج بقوة أنظمة حكم عسكرية مجزأة، وفق محددات سايكس بيكو، وفي ظل غرس كيان استيطاني صهيوني في قلب الوطن العربي..
كانت الحركة الإسلامية الإخوانية في معظم أقطار الوطن العربي تعاني القمع والاضطهاد، ومعظم أبنائها إما معتقلون أو مطاردون ومشردون، ووسط هذا الجو الخانق جاءت حركة الطليعة العربية الإسلامية بعناصرها الطلابية في هذا السياق.. ومن خلال قراءة عملية المحاولات الأولى لتأسيسها نجد أنها لم تكن رجع صدى أو فرعًا لجماعة الإخوان المسلمين، لكنها أيضًا لم تكون غريبة عنها أو أنها في قطيعة عنها.. فهي ذات روافد متعددة فالرافد الفقهي ينبع من تراث المدرسة الشوكانية، والرافد الوطني والسياسي ينبثق من تراث الحركة الوطنية على طول الجغرافيا اليمنية منذ العقد الثالث من القرن الماضي، وحركيًا وروحيًا ارتوت من تراث المدرسة الإخوانية.
كانت الحركة الإسلامية الإخوانية في معظم أقطار الوطن العربي تعاني القمع والاضطهاد، ومعظم أبنائها إما معتقلون أو مطاردون ومشردون، ووسط هذا الجو الخانق جاءت حركة الطليعة العربية الإسلامية بعناصرها الطلابية في هذا السياق..كان الشباب الذين شاركوا في تأسيس حركة هذه المرحلة يدركون أنهم يبذرون وعيًا وطنيًا قوميًا إسلاميًا، سيحصدون لاحقا ثمارها من شجرة الحركة الإسلامية الإصلاحية المعاصرة.
الكتاب اعتمد على شهادات عدد من مؤسسي حركة الطليعة ورغم أن الطليعة العربية الإسلامية لم يستمر عملها طويلًا وسط الطلاب اليمنيين في خارج اليمن، إلا أنها تظل محطة تاريخية مهمة في مسار النشأة والتكوين لأن معظم من التحق وانتظم في صفوفها كان له دور وحضور في حركة الإخوان المسلمين لاحقًا في الفترة التي تناولناها في الكتاب الثاني والثالث من هذه الثلاثية.
واجهتني أثناء إعداد هذا الكتاب عقبات تتعلق بالحصول على ميثاق حركة الطليعة ورغم أني اتصلت بمن كتبوا الميثاق لكن دون جدوى، فالدكتور عبد الواحد الزنداني أخبرني أن النسخة التي كانت لديها فقدها، بينما أخبرني الأستاذ عبد السلام العنسي أن هناك نسخة كانت بحوزتها في بيته بمدينة إب ولا يعرف عن مكانها بالضبط، فاعتمدت على بعض بنودها التي نشرها مشكورًا الأستاذ زيد الوزير في كتابه، كما حاولت استنطاق من تبقى من مؤسسي حركة الطليعة لمعرفة عملها ونشاطها ونظامها ومنهجها.
هذا الكتاب أزعم أنه مهم لكل باحث حريص أن يعرف شيئًا عن الحركة الإسلامية الإصلاحية في اليمن في طورها الطلابي والتأسيسي وليعرف مسارها ونمط تفكير روادها، ومواقفهم تجاه قضايا مختلفة في ظل مناخ سياسي عربي خانق.
الكتاب يتكون من مدخل تمهيدي وسبعة فصول، ففي المدخل التمهيدي بعنوان اليمن والعالم.. انعزال واحتلال، تطرقنا إلى خارطة حركات التجديد والإصلاح في الوطن الإسلامي، واختيارنا لهذا العنوان قصدًا لأننا سنتطرق حركة طلابية إسلامية نشأت وولدت في بيئة عربية ونهض بها مجموعة طلاب يتلقون مؤثرات مختلفة في هذه البيئة المفتوحة على كل الرياح والأنسام، وفي ثناياها تطرقنا إلى حركة الإخوان المسلمون وموقعها في الإطار الزماني والمكاني لما قبل ميلاد حركة الطليعة العربية الإسلامية، واشتمل المدخل التمهيدي نكبة فلسطين وحركة القطيعة والتواصل إزاء هذه القضية المرتبطة بوجود النظام العربي الذي نشأ بعد تحرره من الاستعمار ووقوعه في براثن التجزئة.
ولعل القارئ يبدي اندهاشًا لتخصيصنا فقرات واسعة تحت هذا العنوان لحركة القوميين العرب، ونوضح أن عددًا من الشباب الذين كانوا النواة المؤسسة لحركة الطليعة العربية الإسلامية هم كانوا في السابق أعضاء في حركة القوميين العرب وهي حركة ملأت سمع الوطن العربي وبصره في الفترة التي أعقبت نكبة فلسطين، وقد جذبتهم لشعاراتها التي تعبر عن مشاعرهم الشبابية التي تتسم بالثورية والبحث عن الخلاص وموقفها المعادي وغير المهادن للحركة الشيوعية في طورها الأول كما أن ثمة تشابهًا ولو محدودًا في استعارتها لبعض آليات التنظيم الإخواني، وقد تكون استعارة غير مقصودة.
وفي الفصل الأول يتطرق لمحاولات النهوض في الوطن اليمني المجزأ بين شمال وجنوب من وسط الركام ركام التخلف الإمامي الكهنوتي وركام الاحتلال البريطاني الاستلابي، وتطرق هذا الفصل إلى الاتصال المبكر لحركة الإخوان المسلمين باليمن شمالًا وجنوبًا، واستعرضنا نتائج وتداعيات فشل حركة شباط/ فبراير 1948 الدستورية وتشكل بذور حركات تحرر وتغيير، ودور مدرسي الإخوان المصريين في مدينة عدن. وفي الفصل الثاني ناقشنا تداعيات ونتائج فشل الحركة الدستورية والمراجعات النقدية والخطط الجديدة للتغيير التي وضعها الشهيد محمد محمود الزبيري، كما استعرضنا الحالة الحزبية اليمنية في خمسينيات القرن العشرين، والدور المركزي للاتحاد اليمني في مهمة ابتعاث الطلاب إلى عدد من الأقطار وتأتي مصر في مقدمتها، لاسيما بعد نجاح ثورة 23 تموز/ يوليو 1952، وفي هذا الفصل أيضًا تناولنا حركة آذار/ مارس 1955في اليمن وفشلها وما أفرزته من اصطفاف طلابي انعكس تمردًا من بعض الطلاب القادمين والمتأثرين بالأفكار الحزبية الماركسية والقومية على حركة الأحرار ورموزها القيادية وعلى راسها الزبيري والنعمان.
أما في الفصل الثالث فخصصناه لتتبع بزوغ فكرة العمل الإسلامي من خلال تكوين مجموعة طلابية التزمت الحياد بين الأحزاب المتصارعة وسط الطلاب وهي ما اتسمت تلك المرحلة منذ أواخر خمسينيات القرن المنصرم ومع اتساع الصراع القومي الشيعي في العراق، وموقف عبد الناصر المعادي للشيوعيين وطرد عدد من الطلاب المنتمين للحركة الشيوعية بينهم طلاب يمنيين، وفي هذه المرحلة التي يتناولها الفصل يعرض جهود وهموم طلاب المجموعة في البحث عن مرجعية قيادية وفكرية لها، والتفافهم حول أربع شخصيات وطنية على الأقل من مختلف الجغرافيا اليمنية كانت ملء السمع والبصر في تلك الفترة، واعتبارهم بمثابة مصادر فكرية مرجعية يستأنسون بما تكتب وتنشر من أفكار واجتهادات في القضايا الثقافية الدعوية والسياسية والأدبية.
عدد من الشباب الذين كانوا النواة المؤسسة لحركة الطليعة العربية الإسلامية هم كانوا في السابق أعضاء في حركة القوميين العرب وهي حركة ملأت سمع الوطن العربي وبصره في الفترة التي أعقبت نكبة فلسطين، وقد جذبتهم لشعاراتها التي تعبر عن مشاعرهم الشبابية التي تتسم بالثورية والبحث عن الخلاص وموقفها المعادي وغير المهادن للحركة الشيوعية في طورها الأول كما أن ثمة تشابهًا ولو محدودًا في استعارتها لبعض آليات التنظيم الإخواني، وقد تكون استعارة غير مقصودة.ونعرج في الفصل التالي إلى مرحلة حضور فكرة العمل الإسلامي من خلال توجه المجموعة الطلابية إلى تأسيس كتلة طلابية إسلامية داخل مجموعة الحياد على طريق تكوين وتشكيل النواة التنظيمية، واستدعائهم تجربة كتيبة الشباب اليمني التي تأسست في أواخر ثلاثينيات القرن المنصرم في جنبات الأزهر على يد النخبة الأولى من أحرار اليمن في شماله وجنوبه، واعتمادهم الشعار الثلاثي للكتيبة ليتجاوز بهم أزمة الحيرة تجاه الدعوات الأخرى.
ويتناول الفصل الخامس مرحلة حركة فكرة العمل الإسلامي بتأسيس حركة الطليعة العربية الإسلامية وملامح النشاط التكويني والتربوي، والنزعات الاجتهادية التجريبية التي اكتنفت ميلاد حركة الفكرة هذه، وملابسات عدم الإعلان عنها إلا بعد قيام ثورة 26 أيلول/ سبتمبر 1962، ويستعرض العثرات والعقبات والصعاب التي واجهت جيل تأسيس حركة الفكرة تلك في مرحلتها الطلابية.
وفي الفصل قبل الأخير نرصد لحظات إعلان حركة الطليعة العربية الإسلامية؛ شعارًا وأهدافًا وميثاقًا، وعلاقة الإعلان والحصول على الترخيص من السلطات المصرية بتوجه تلك السلطات نحو تكوين خلايا التنظيم الطلائعي داخل الاتحاد الاشتراكي العربي خاصة في الجامعات ومحاضن التعليم المختلفة.
في الفصل السابع والأخير من هذا الكتاب بعنوان (الامتحان الأول) بالنسبة لشباب الحركة الإسلامية في مرحلتها الطلابية برصد المنغصات التي واجهها الطلاب الإسلاميون من صدامات واشتباكات مع زملائهم من ذوي الاتجاهات الحزبية الأخرى، وتعرضهم لحملة اتهامات ووشايات أفضت إلى اعتقال أبرز قيادات ومؤسسي الطليعة العربية الإسلامية، ثم ترحيلهم قسريا إلى اليمن، بالتزامن مع حملات اعتقالات واسعة طالت كل المنتمين أو المتأثرين بالتيار الإسلامي من المواطنين ومن غير المواطنين.
بقي كلمة نود أن نقولها هنا: إن هذا الكتاب يؤرخ لتاريخ ما قبل الحركة الإسلامية اليمنية بهيئتها المكتملة، وبأطرها التنظيمية المعروف، وإن كان من وصف لهذه المرحلة الطلابية التي تناولها هذا الكتاب من السلسلة الثلاثية يتناول ثلاثة أطوار مهدت ووطأت لتكوين الحركة الإسلامية في داخل اليمن في النصف الثاني من ستينيات القرن العشرين، وهذه الأطوار التي استغرقها هذا الكتاب هي:
ـ طور ميلاد الفكرة الإسلامية وواجهتها: (مجموعة الحياد بين الأحزاب).
ـ طور حضور الفكرة وواجهتها: (الكتلة الطلابية).
ـ طور إعلان حركة الفكرة وواجهتها (الطليعة العربية الإسلامية).
وظل الطور الثالث يعمل في الوسط الطلابي اليمني بمصر إلى نهاية الستينيات، عندما أسلم أمره إلى الإطار التنظيمي الناشئ في الداخل اليمني، ثم انطلاقه بتؤدة خلال العقد السابع.
أسأل الله العلي القدير أن أكون قد تمكنت من بسط وتبسيط هذه المرحلة الأولى والتي أزعم أنها مرحلة تتسم بالتعقيد والتشابك لأنها لا يتوفر فيها من الوثائق والأدبيات التي يمكن أن تسهل عمل الباحث فيها، ورغم اعتمادها على شهودها وصناع أحداثها الذين انتقل معظمهم إلى رحمة الله تعالى، وكان جُلّ هؤلاء يتورعون عن الحديث عن أنفسهم وأدوارهم ويعتقدون أن ذلك يفسد أعمالهم التي أخلصوها لله تعالى، وهو ما ساهم في تعقيد وتصعيب المهمة...
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير كتب الكتاب تاريخ اليمنية اليمن كتاب تاريخ اسلاميون كتب كتب كتب كتب كتب كتب أفكار أفكار أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحرکة الإسلامیة الحرکة الإسلامی الوطن العربی الشباب الذین الإسلامیة ا هذه المرحلة هذا الکتاب فی الفترة ا الکتاب فی الفصل من خلال عدد من
إقرأ أيضاً:
اليمن تناقش مستقبل الإنترنت وحوكمة الرقمية مع الدول العربية
شمسان بوست / عمّان
شاركت اليمن ممثلة بوزير التخطيط والتعاون الدولي القائم بأعمال وزير الاتصالات وتقنية المعلومات الدكتور واعد باذيب، والرئيس التنفيذي للمؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية المهندس وائل طرموم، في فعالية الطاولة المستديرة الثامنة للحكومات والهيئات العربية التي عُقدت بالتنسيق مع منظمة RIPE NCC، بعنوان (تعزيز بنية الإنترنت والحوكمة لمستقبل رقمي مرن في الدول العربية).
وجرى خلال الفعالية التي استضافتها هيئة تنظيم قطاع الاتصالات الأردنية، مناقشة مخرجات اجتماع الطاولة المستديرة الحكومية السابعة في دبي، والتطرق إلى الإحصاءات والتحديات والفرص المتعلقة بتطوير البنى التحتية وأمن ومرونة الإنترنت في المنطقة العربية، وكذا استعراض جهود التعاون بين منظمة RIPE NCC، والهيئات الناظمة، وجامعة الدول العربية، والمكتب الإقليمي العربي للاتحاد الدولي للاتصالات، وفريق العمل العربي لشؤون الإنترنت.
وأكد رئيس مجلس مفوضي هيئة تنظيم قطاع الاتصالات الأردنية المهندس بسام السرحان، أن استضافة الأردن للفعالية يعكس الدور المحوري الذي تلعبه المملكة في تعزيز التعاون العربي والدولي في قطاع الاتصالات، وحرصها على إيجاد تفاهمات مشتركة مع الهيئات التنظيمية والمنظمات ذات الاختصاص.