بورتسودان- بغياب الحكومة السودانية، انخرطت أطراف دولية وإقليمية في مشاورات لوقف الحرب وتوصيل المساعدات الإنسانية للسودان، وعدّ مراقبون الخطوة مقدمة لممارسة ضغوط يمكن أن تتطور إلى تدخل إنساني في البلاد عبر منظمة الأمم المتحدة أو بواسطة واشنطن منفردة.

وافتُتحت، أمس الأربعاء، في جنيف، مشاورات لوقف الحرب في السودان بمشاركة الولايات المتحدة وسويسرا والسعودية والإمارات ومصر والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، حيث كان من المخطط انطلاق مفاوضات بين الجيش وقوات الدعم السريع.

ومن المقرر أن تستمر المشاورات أياما بهدف تصميم عملية إنسانية وترتيبات لوقف إطلاق النار في السودان، بمشاركة خبراء وتقنيين.

مخرجات

وفي بيان مشترك، تعهدت هذه الأطراف بـ"العمل بجد في سويسرا عبر الجهود الدبلوماسية المكثفة لدعم السودان، ووصول المساعدات الإنسانية، ووقف الأعمال العدائية، وفقا لمخرجات منبر جدة السابقة والجهود الأخرى والقانون الدولي الإنساني".

وغاب وفد الجيش السوداني عن المباحثات بعد أن أعلن تمسكه بتطبيق "إعلان جدة" الموقع في مايو/أيار 2023 برعاية واشنطن والرياض ليكون طريقا لإنهاء الحرب.

في حين أوضحت "الدعم السريع" أن وفدها المفاوض وصل إلى سويسرا، الثلاثاء الماضي، تلبية لدعوة الولايات المتحدة بهدف "التوصل لوقف العدائيات وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية وتطوير آلية للرصد والتحقق لضمان تنفيذ أي اتفاق".

من جهته، قال المبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى السودان توم بيرييلو إن المشاورات في جنيف تركز على امتثال الأطراف لالتزامات جدة وتنفيذها واحترام القانون الإنساني الدولي وتمكين المساعدات وإسكات البنادق، كما تركز على إنقاذ الأرواح وتخفيف معاناة السودانيين والمضي قدما لتحقيق وقف الأعمال العدائية وتعزيز وصول المساعدات وإنشاء آليات إنفاذ تحقق نتائج ملموسة.

وشدد على أن الأزمة في السودان وصلت إلى "مستويات غير مسبوقة من الخطورة، حيث يواجه الملايين الجوع الشديد والنزوح، في حين أدى الصراع المستمر إلى ارتكاب فظائع واسعة النطاق، من بينها الهجمات على النساء والأطفال".

مقدمة للتدخل

وتحدثت تقارير عن تحرّك واشنطن لممارسة ضغوط جديدة على الجيش من خلال دعوة الأمم المتحدة إلى منح الوكالات الإنسانية تفويضا لإيصال المساعدات عبر الحدود ومواقع النزاع تحت حماية دولية، وتفعيل قرار مجلس الأمن بحظر الطيران العسكري فوق دارفور.

غير أن شمس الدين كباشي، عضو مجلس السيادة ونائب القائد العام للجيش، أكد قدرة الجيش على إنهاء "تمرد مليشيا الدعم السريع وتنظيف البلاد من دنسها وإجرامها".

وأكد، في تصريح أمس الأربعاء، أن القوات المسلحة لن تلتفت إلى الضغوط التي تمارَس عليها، ولن تجلس للمفاوضات مع قوات الدعم لسريع إلا بعد الالتزام بتنفيذ إعلان جدة باعتباره الأساس لأي تفاوض. وجدد التزامهم بالتعاطي الإيجابي مع المبادرات التي تقود إلى "تحقيق تطلعات الشعب السوداني وتصون حقوقه وتحترم سيادة البلاد وأمنها ووحدتها".

من جانبه، يرى الباحث السياسي فيصل عبد الكريم أن مشاورات جنيف محاولة من الإدارة الأميركية لفرض ضغوط على الجيش لحمله إلى طاولة المفاوضات مع الدعم السريع لتحقيق "إنجاز سياسي" يُحسب لها، وتوجيه رسالة إلى القيادة السودانية للتراجع عن التقارب مع روسيا.

وحسب حديثه للجزيرة نت، فإن هذه المشاورات ستكون مقدمة للتدخل الإنساني في السودان عبر استصدار قرار من مجلس الأمن -على غرار ما حدث في سوريا– أو من واشنطن منفردة في حال معارضة روسيا أو الصين لهذا التوجه.

إعلان فشل

وتوقع الباحث عبد الكريم أن يرافق التحرك الدولي تصعيد في العمليات العسكرية من جانب قوات الدعم السريع "للاستفادة من مقاطعة الجيش للمفاوضات وتصويره بالرافض للسلام، وتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية لوضع رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان تحت الضغط".

أما رئيس تحرير صحيفة "اليوم التالي" الكاتب الطاهر ساتي، فيعتبر أن إجراء مشاورات جنيف -بغياب الجيش- إعلان بفشلها، مما يجعل تلك الأطراف "تتحاور مع نفسها ولن تساهم في حل الأزمة السودانية".

وقال -للجزيرة نت- إن أي اتجاه لتمرير المساعدات الإنسانية من دون مشاورة الحكومة السودانية والاتفاق معها سيكون انتهاكا للسيادة الوطنية وخرقا للقانون الدولي. وبرأيه، فإن فشل الجهات الراعية في تنفيذ إعلان جدة لحماية المدنيين وفق القانون الدولي الإنساني، والقفز إلى مفاوضات جديدة، يعكس "عدم جدية تلك الأطراف في حل الأزمة السودانية".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات المساعدات الإنسانیة الدعم السریع فی السودان

إقرأ أيضاً:

في قصف نُسب لقوات الدعم السريع.. 21 قتيلا في سنار السودانية

قُتل 21 شخصا الأحد في قصف استهدف سوق مدينة سنار في جنوب شرقي السودان، ونُسب إلى قوات الدعم السريع، غداة رفض حكومة البلاد نشر قوة مستقلة لحماية المدنيين.

وأوردت شبكة أطباء السودان أن الحصيلة بلغت 21 قتيلا، مشيرة إلى أن "أكثر من 70 شخصا أصيبوا" أيضا في هذا القصف المدفعي الذي نسبته إلى قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو.

ونددت الشبكة بما وصفتها بالمجزرة في حق المدنيين في سنار، "واستهداف الدعم السريع لمواقع تجمعات المواطنين بالأسواق مما أدى لخسائر كبيرة وسط المدنيين العزل". 

شبكة أطباء السودان: مقتل 21 شخص وإصابة أكثر من 70 آخرين جراء قصف مدفعي للدعم السريع على سنار.https://t.co/4eZ7rKWT8w#شبكة_اطباء_السودان pic.twitter.com/aIpss15aKJ

— Sudan Doctors Network - شبكة أطباء السودان (@SDN154) September 8, 2024

واندلعت المعارك في السودان منتصف أبريل 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وهو أيضا رئيس مجلس السيادة والحاكم الفعلي للبلاد، وقوات الدعم السريع بقيادة حليفه ونائبه السابق دقلو المعروف بحميدتي.

ودفع النزاع بالبلاد إلى حافة المجاعة، وتندد المنظمات الإنسانية منذ أشهر بانعدام الأمن الذي يمنعها من إيصال المساعدات.

وسيطرت قوات الدعم السريع أواخر يونيو على مدينة سنجة عاصمة سنّار. وأدت المعارك في الولاية إلى نزوح نحو 726 ألف شخص، وفق المنظمة الدولية للهجرة التي تفيد بأن سنّار كانت تستقبل أساسا أكثر من نصف مليون نازح بسبب الحرب بين الجيش والدعم السريع.

وتربط سنّار بين وسط السودان وجنوبه الشرقي الخاضع لسيطرة الجيش.

في أغسطس، قُتل 80 شخصا على الأقل وأصيب عشرات بجروح في هجوم شنته قوات الدعم السريع على قرية جلنقي في ولاية سنّار حسب مصدر طبي وشهود.

جرائم ضد الإنسانية

والجمعة، دعا خبراء من الأمم المتحدة إلى نشر قوة "مستقلة ومحايدة من دون تأخير" في السودان، بهدف حماية المدنيين في مواجهة الفظائع التي يرتكبها الطرفان المتحاربان.

وخلُص الخبراء المكلّفون من مجلس حقوق الإنسان، في تقرير، إلى أنّ طرفي النزاع "ارتكبا سلسلة مروّعة من انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم يمكن وصف كثير منها بأنّها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".

وفي بيان لها السبت، أكدت وزارة الخارجية السودانية أن "حماية المدنيين أولوية قصوى لحكومة السودان"، مندّدة بـ"استهداف الميليشيا الممنهج للمدنيين والمؤسسات المدنية" في إشارة إلى قوات الدعم السريع.

وتحدثت الوزارة عن "تناقض غريب" يحمله تقرير البعثة، إذ استنكرت "التوصية بحظر السلاح عن الجيش الوطني (وبأن) توكل مهمة حماية المدنيين لقوة دولية لا يعرف متى ستشكّل".

وقالت وزارة الخارجية السودانية في بيانها "ترفض حكومة السودان توصيات بعثة تقصي الحقائق جملة وتفصيلا"، ورأت أنها "تجاوز واضح لتفويضها وصلاحيتها".

كما اعتبرت الوزارة أنّ "دور" مجلس حقوق الإنسان الأممي هو "دعم المسار الوطني إعمالا لمبدأ التكاملية وليس السعي لفرض آليه خارجيه بديلة".

ونزح أكثر من عشرة ملايين شخص داخل السودان أو لجأوا إلى البلدان المجاورة منذ اندلاع المعارك، حسب أرقام الأمم المتحدة. وتسببت المعارك بدمار واسع في البنية التحتية، وخرج أكثر من ثلاثة أرباع المرافق الصحية عن الخدمة.

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غبرييسوس الأحد في مدينة بورتسودان إن "المجتمع الدولي يبدو أنه نسي السودان ولا يولي اهتماما كبيرا للنزاع الذي يمزقه أو عواقبه على المنطقة".

وأوضح المدير العام الذي وصل الى بورتسودان السبت في زيارة رسمية أنّ "حجم الطوارئ صادم، وكذلك الإجراءات غير الكافية التي تُتّخذ للحد من الصراع".

وأشار إلى احتياج 14,7 مليون شخص في السودان إلى إغاثة عاجلة، موضحا أن التمويل المطلوب لهؤلاء يبلغ 2,7 مليار دولار "لم يتم توفير سوى أقل من نصفه".

ودعا المسؤول الأممي العالم "إلى الاستيقاظ ومساعدة السودان للخروج من الكابوس الذي يعيشه".

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني نفذ ضربات جوية لمواقع تجمعات قوات الدعم السريع في مناطق كبكابية وجبل عامر والضعين
  • الأمطار والفيضانات تطال نصف مليون في السودان والأمم المتحدة تكثف جهود المساعدات الإنسانية
  • قوات الدعم السريع تقتل 31 شخص في مدينة سنار السودانية
  • الدعم السريع يستهدف سوق سنار ويخلف عشرات القتلى
  • الجيش يحبط أكبر هجوم بمسيرات الدعم السريع على الفاشر
  • 21 قتيلا في السودان جراء قصف نُسب لقوات الدعم السريع
  • في قصف نُسب لقوات الدعم السريع.. 21 قتيلا في سنار السودانية
  • منظمات دولية تحذر من تفاقم الأزمة الإنسانية في السودان
  • مقتل طالبة جراء المواجهات بين الجيش والدعم السريع في الأبيض
  • الجيش يهاجم مواقع للدعم السريع في الخرطوم وشرق النيل