بروكسل، "د. ب. أ/إي. إن. آر": أصبحت الطاقة النووية تحظى باهتمام متزايد في الاتحاد الأوروبي، حيث ينظر الساسة ورجال الأعمال إليها بشكل مختلف لدورها في التكيف مع تغير المناخ.

قالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، خلال أول قمة للطاقة النووية التي عقدت في مارس الماضي: "في الدول المنفتحة على التكنولوجيا، يمكن أن تلعب الطاقة النووية دورًا مهمًا في التحول إلى الطاقة النظيفة.

"

وألقت القمة، التي نظمتها بلجيكا والوكالة الدولية للطاقة الذرية في بروكسل، الضوء على إمكانات الطاقة النووية للمساهمة في أمن الطاقة، وتحقيق الأهداف المناخية، واستقرار أسعار الطاقة. ومع ذلك، فإن الكوارث الكبرى، مثل حادثة فوكوشيما في اليابان وتشيرنوبيل، شكلت بشكل كبير الرأي العام في الاتحاد الأوروبي تجاه الطاقة النووية، خاصة فيما يتعلق بالسلامة والمخاوف البيئية.

ينتقد المعارضون ارتفاع تكلفة إنشاء نظام للطاقة النووية، والمخاطر المتعلقة بالتعامل مع النفايات النووية وتخزينها، والأثر البيئي للتلوث والحوادث النووية، والكميات الكبيرة من المياه المطلوبة لتبريد المحطات النووية.

ويشير المنتقدون أيضًا إلى الأثر البيئي لتعدين اليورانيوم، مع تسليط الضوء على المخاوف من الإشعاع والسلامة العامة.

وأشارت السياسية الألمانية المحافظة، فون دير لاين، إلى اختلاف وجهات النظر حول الطاقة النووية داخل الاتحاد الأوروبي. لكن بعد أزمة الطاقة العالمية التي نجمت عن الحرب الروسية الأوكرانية، قالت رئيسة المفوضية: "تعتمد العديد من الدول الآن نظرة جديدة للدور المحتمل للطاقة النووية."

وأضافت فون دير لاين أن توقعات الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمفوضية الأوروبية لعام 2050 تشير إلى أن الطاقة النووية ستزداد وستكون مكملًا لمصادر الطاقة المتجددة، التي ستكون العمود الفقري لإنتاج الطاقة في الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2050.

يذكر أن حصة الطاقة النووية في مزيج الكهرباء العالمي تراجعت من 18% في عام 1988 إلى 9% فقط حاليًا.

ونصبت فون دير لاين نفسها كمدافعة عن إطالة عمر استخدام المحطات النووية الحالية "شريطة تشغيلها بشكل آمن"، كواحدة من "أرخص الطرق لتوفير الطاقة النظيفة على نطاق واسع."

أدرجت دول الاتحاد الأوروبي الطاقة النووية ضمن التكنولوجيا الاستراتيجية ذات الأهمية الكبيرة للحد من الانبعاثات الكربونية. ومع ذلك، لا تزال الطاقة النووية تفتقر إلى نفس الدعم المالي الذي تتمتع به مصادر الطاقة المتجددة.

وفي مارس الماضي، طالبت 12 دولة من دول الاتحاد الأوروبي، الأعضاء في التحالف النووي الأوروبي، بزيادة التمويل للطاقة النووية، ودعت المؤسسات المالية إلى التعامل معها بنفس نهج التعامل مع مصادر الطاقة المتجددة.

ودعا التحالف بنك الاستثمار الأوروبي إلى ضخ استثمارات لتوليد الطاقة النووية.

ويضم التحالف، الذي أطلق في عام 2023، بلغاريا، وكرواتيا، وفنلندا، وفرنسا، والمجر، وهولندا، وبولندا، ورومانيا، وسلوفاكيا، وسلوفينيا، وجمهورية التشيك، والسويد، وقد التزم بتطوير سبل الحصول على التمويل الخاص والعام واستكشاف إمكانيات الاستفادة من أدوات التمويل الأوروبية.

وعلى النقيض من ذلك، تعارض الدنمارك وإسبانيا ولوكسمبورغ وألمانيا الطاقة النووية.

وقد توقفت آخر ثلاث محطات للطاقة النووية في ألمانيا عن العمل في أبريل 2023، بقرار اتخذ في أعقاب كارثة فوكوشيما النووية باليابان في عام 2011. ورغم ذلك، تتزايد الدعوات في البلاد للعودة إلى الطاقة النووية.

في ديسمبر، وافقت الحكومة الإسبانية على خطة للتعامل مع النفايات المشعة، لإيقاف العمل في المنشآت النووية ووضع جدول زمني لإغلاق محطات الطاقة النووية في البلاد بين عامي 2027 و2035. ومع ذلك، هناك معارضون للإغلاق، مثل إجناسيو أرالوتشي، رئيس منظمة "فورو" النووية، الذي صرح بأن المحطات النووية "ضرورية لنظام الطاقة" في إسبانيا.

دعم الاتحاد الأوروبي للطاقة النووية

تعتبر المفاعلات المعيارية الصغيرة مفاعلات نووية تختلف عن محطات الطاقة النووية التقليدية الضخمة، حيث إنها أصغر حجمًا وأقل تكلفة.

وتسعى المفوضية الأوروبية إلى دعم جهود تطوير هذه المفاعلات الصغيرة للمساعدة في خفض الانبعاثات الكربونية، إلا أن هذا المجال يشكل سباقًا تكنولوجيًا مع الصين والولايات المتحدة وروسيا، وقد دخله الاتحاد الأوروبي لتوه.

وفي فبراير الماضي، أطلقت المفوضية تحالفًا صناعيًا أوروبيًا للمفاعلات المعيارية الصغيرة بهدف جمع الحكومات والجهات الفاعلة في هذا المجال لتسريع وتيرة تطوير هذه التكنولوجيا.

ويمتد الابتكار في قطاع الطاقة النووية إلى إدارة النفايات. ومن المقرر أن تحصل شركة ثورينون، الهولندية الناشئة، على منحة بقيمة 10 ملايين يورو (11 مليون دولار) من الحكومة الفرنسية في هذا المجال.

وتسعى الشركة، التي مقرها أمستردام، إلى تسريع وتيرة تطوير مفاعل نووي صغير يستخدم النفايات النووية الناتجة عن محطات الطاقة العادية كوقود. وبحسب الشركة، يمكن لمحطة واحدة من هذا النوع توفير الطاقة النظيفة لنحو 250 ألف أسرة.

ويفترض أن المفاعل النووي الجديد سيكون أكثر استدامة وأرخص تكلفة وأمانًا من المفاعلات النووية التقليدية.

كما وافقت المفوضية الأوروبية على تقديم الحكومة الهولندية دعمًا ماليًا بقيمة ملياري يورو لإقامة مفاعل نووي جديد في قرية بيتن الهولندية. ويهدف المفاعل إلى تطوير وتخزين النظائر المشعة الطبية لعلاج مرض السرطان، لكنه لن يولد كهرباء.

تحولات في "اتفاقية الصلب النووية" بين فرنسا وإيطاليا

في يوليو الماضي، أعلنت مجموعة الكهرباء الفرنسية "إي.دي.إف" عن إبرام اتفاقية تعاون نووي مع اتحاد صناعات الصلب في إيطاليا لتسريع عملية إزالة الكربون من القطاع في بلد خالٍ من الأسلحة النووية منذ قرابة 35 عامًا.

وقالت الشركة الفرنسية في بيان صحفي إن الاتفاقية تهدف إلى "زيادة التعاون في مجال الطاقة النووية لتعزيز القدرة التنافسية لصناعة الصلب الإيطالية وإزالة الكربون منها."

وصناعة الصلب مصدر رئيسي لانبعاث غازات الدفيئة.

تم توقيع الاتفاقية مع شركة الطاقة الإيطالية إديسون، وشركة تصنيع محطات الطاقة الإيطالية أنسالدو إنيرجيا، وشركة أنسالدو نوكلي لتطوير التكنولوجيا النووية، واتحاد صناعة الصلب في إيطاليا.

لم تنتج إيطاليا طاقة نووية منذ تسعينيات القرن الماضي، حيث اتخذ قرار بناء على استفتاء جرى عام 1987 بالانسحاب من الطاقة النووية المدنية بعد حادث تشيرنوبيل.

في أبريل 1986، انفجر المفاعل الرابع بمحطة تشيرنوبيل النووية (السوفيتية آنذاك) في شمال أوكرانيا، في أكبر كارثة نووية في مجال الاستخدام المدني للطاقة النووية.

بسبب النشاط الإشعاعي، تم إغلاق مساحات واسعة من الأراضي المحيطة بالمحطة، في ما يعرف الآن بأوكرانيا وبيلاروس المجاورة، كما تم نقل عشرات الآلاف من السكان قسرًا. وقد أودى التلوث الإشعاعي بحياة الآلاف.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المفوضیة الأوروبیة الاتحاد الأوروبی المحطات النوویة للطاقة النوویة الطاقة النوویة محطات الطاقة فون دیر لاین النوویة فی النوویة ا

إقرأ أيضاً:

الإمارات للطاقة النووية تطلق هُويتها الجديدة

أطلقت مؤسَّسة الإمارات للطاقة النووية هُويتها الجديدة تحت اسم «شركة الإمارات للطاقة النووية»، في خطوة تعكس تطوُّرها كجهة محلية تُسهم استراتيجياً في ضمان أمن الطاقة، وتؤكِّد التزامها بتعزيز خططها كشركة عالمية رائدة في قطاع الطاقة النووية.

وتسلِّط هذه الخطوة الضوء على التزام شركة الإمارات للطاقة النووية بقيادة الجهود الهادفة لضمان أمن الطاقة النظيفة. ويتوِّج إعلان الهُوية الجديدة الإنجازات التي حقَّقتها شركة الإمارات للطاقة النووية بتطوير قطاع الطاقة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتوفير مصدر جديد نظيف للحمل الكهربائي الأساسي، وتعزيز أمن الطاقة في الدولة. وتعكس الهُوية الجديدة للشركة دورها الجديد كمستثمر ومطوِّر ومنتِج للكهرباء النظيفة على الصعيد العالمي، مع التركيز على الاستثمار في تقنيات الطاقة النووية الجديدة، والتعاون مع شركات التكنولوجيا المتقدِّمة المحلية والعالمية.

وتركِّز «شركة الإمارات للطاقة النووية» على الاستفادة القصوى من منافع الطاقة النووية، من خلال إنتاج الحرارة والبخار والأمونيا والهيدروجين، وإبرام الشراكات الاستراتيجية في قطاع الطاقة النظيفة، ما يعزِّز مكانة دولة الإمارات مركزاً عالمياً للابتكار في قطاع الطاقة النووية.

تتضمَّن الهُوية الجديدة علامة تجارية موحَّدة ومتناسقة لشركة الإمارات للطاقة النووية، تعكس مهمتها في دفع جهود خفض البصمة الكربونية في مختلف أنحاء العالم، وتعزيز مسارها شركةً عالميةً رائدةً في قطاع الطاقة النووية. وتوحِّد هذه الخطوة هُوية الشركة مع الشركات التابعة لها، لتصبح شركة نواة للطاقة «شركة الإمارات للطاقة النووية – العمليات التشغيلية»، ولتصبح شركة براكة الأولى «شركة الإمارات للطاقة النووية – الشؤون التجارية».

وقال سعادة محمد إبراهيم الحمادي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة الإمارات للطاقة النووية: «توفِّر محطات براكة للطاقة النووية حالياً 25% من احتياجات دولة الإمارات من الكهرباء، وأصبحت أكبر مساهم في خفض البصمة الكربونية في تاريخ الدولة. هذا إنجاز كبير، لكنه البداية لشركة الإمارات للطاقة النووية، التي تركِّز الآن على الاستفادة من سجلها الكبير في تطوير محطات الطاقة النووية وفق أعلى معايير الكفاءة والتميُّز التشغيلي، إضافةً إلى المعارف والخبرات التي اكتسبناها خلال تأسيس وتطوير قطاع نووي سلمي في دولة الإمارات، وتسريع الاعتماد على الطاقة النووية والتقنيات ذات الصلة على مستوى العالم. وتمثِّل الهُوية الجديدة انطلاقة جديدة للشركة تتضمَّن طموحاتها المستقبلية، والتزامها بتحقيق المزيد من الإنجازات على صعيد تطوير محطات الطاقة النووية، وخفض البصمة الكربونية والتميُّز».

وأضاف سعادة الحمادي: «وبينما نسعى إلى تعزيز دورنا في العالم، ستوفِّر خبراتنا نموذجاً لمن يخطِّطون لإنتاج الكهرباء النظيفة والآمنة على مدى الساعة، والتي تنتجها الطاقة النووية، وتُمكِّننا من المُضي قُدُماً في مسار واضح للوصول إلى الحياد المناخي بحلول عام 2050. ومن خلال توفير الكهرباء النظيفة لجميع القطاعات والصناعات اليوم، فإننا نضمن مستقبلاً أكثر استدامة للأجيال المقبلة».

وتأتي الهُوية الجديدة لشركة الإمارات للطاقة النووية في وقتٍ يشهد فيه العالم تركيزاً كبيراً على الطاقة النووية، وإدراك العديد من الدول والبنوك والجهات ذات الصلة بالصناعات الثقيلة التي تتطلَّب كمياتٍ ضخمةً من الطاقة، للدور المهم للطاقة النووية في إنتاج كميات وفيرة من الكهرباء الآمنة على مدى الساعة. ومع تضاعف الطلب العالمي على الطاقة بحلول عام 2050، وتساوي الطلب على الطاقة لمراكز البيانات وحدها مع الطلب السنوي على الطاقة في اليابان بحلول عام 2026، أعلنت 25 دولة و14 بنكاً عن دعمها لمضاعفة القدرة الإنتاجية للطاقة النووية ثلاث مرات بحلول عام 2050 على مستوى العالم.

وتستعد شركة الإمارات للطاقة النووية لدعم النمو العالمي، من خلال مواصلة الاستفادة من قدراتها وإمكاناتها في تأسيس مركز إقليمي وسلسلة إمداد للطاقة النووية في دولة الإمارات، فضلاً عن الاستثمار والشراكة في مشاريع خارجية، ما يؤكِّد أنَّ الطاقة النووية قابلة للتمويل ومجدية اقتصادياً، وأداة قوية لأمن الطاقة على المدى الطويل.

وتنتج محطات الطاقة النووية الأربع في براكة 40 تيراواط في الساعة من الكهرباء النظيفة سنوياً، وهو ما يلبّي 25% من احتياجات دولة الإمارات من الكهرباء، مع تفادي إطلاق 24.4 مليون طن من الانبعاثات الكربونية كل عام، حيث تُسهم الكهرباء النظيفة التي تنتجها محطات براكة بنسبة 24% من الالتزامات الإماراتية الدولية بخفض البصمة الكربونية في عام 2030.

وتُسهم دولة الإمارات بدور ريادي على الصعيد العالمي فيما يتعلَّق بترسيخ الدور الأساسي للطاقة النووية في الكهرباء الخالية من الانبعاثات الكربونية، حيث كانت أبوظبي أول سوق عالمي يضمُّ الطاقة النووية في إطار برنامج شهادات الطاقة النظيفة، وأصبحت محطات براكة أول مشروع للطاقة النووية في منطقتي الشرق الأوسط وآسيا يُصنَّف ضمن التمويل الأخضر.


مقالات مشابهة

  • اليوم.. هيئة المحطات النووية تحتفل بعيد الطاقة النووي الرابع
  • اليوم.. المحطات النووية تطلق إشارة بدء تركيب مصيدة قلب المفاعل الـ4 بالضبعة
  • اليوم ..المحطات النووية تحتفل بعيد الطاقة النووى الرابع
  • غدا.. مصر تحتفل بالعيد السنوي الرابع للطاقة النووية
  • إطلاق الهوية الجديدة لـ«الإمارات للطاقة النووية»
  • غداً.. الاحتفال بالعيد السنوي الرابع للطاقة النووية
  • الإمارات للطاقة النووية تطلق هويتها الجديدة
  • الإمارات للطاقة النووية تطلق هُويتها الجديدة
  • في عيد الطاقة النووية.. غدا بدء تركيب مصيدة قلب المفاعل للوحدة الرابعة بالضبعة
  • تدهور البنية التحتية للطاقة يخفض إنتاج الكهرباء في أوكرانيا