مهزلة المهازل تجسّدت في شخص رجل اسمه عبد الفتاح البرهان صفته قائد جيش و"رئيس مجلس سيادة" يخلع بذته العسكرية خلال حرب طاحنة ويرتدي (بدلة وكرافتة) ويذهب إلى كيغالي عاصمة رواندا ليشارك في مراسم تنصيب رئيسها "بول كاغامي" في وقت تحتل فيه المليشيات التي يحاربها ثلثي بلاده ..وفي قمة أتون حرب ضروس تأكل الناس في بلاد يترأس قيادة جيشها.
في ذات الوقت الذي يموت فيه العشرات وتتساقط القذائف على الرءوس.. ذهب البرهان ليهنئ رئيس دولة صغيرة فاز في انتخابات الرئاسة..! وهي على كل حال (تهنئة مجروحة) من رجل وصل إلى السلطة بانقلاب...!
إذا كان هناك عبث أكثر من هذا أو مهزلة أشد وقعاً من هذه المهزلة فليحدثنا المثقفاتية من مناصري الفلول الذين (يلبسون الساعة في اليد اليمنى) لمخالفة السائد..! إذاً لتستعد الإلهة لتمطر الأرض بكل ما لديها من صواعق..كما قال شكسبير على لسان بروتس..!
هل كان يكفي البرهان من وقت حتى لو بقى داخل غرفة عمليات لإدارة الحرب على دائر 24 ساعة في اليوم..؟!
من أين يجد البرهان كل هذا (البراح) وكل هذه (الروقة) ليذهب إلى تهنئة الرؤساء المُنتخبين ..وكثير من الرؤساء الأفارقة اكتفوا بإرسال برقيات التهنئة أو قاموا بها من خلال الهاتف..وهم ودولهم في حال أفضل من حال السودان..وفي ظروف مالية لا تقارن بالإفلاس المالي في بلادنا..أو بالإفلاس الفكري والمهني الذي يعاني منه البرهان..!
هل كان البرهان يخشى أن (يلومه) الرئيس الرواندي كوامبي إذا غاب عن يوم تنصيبه..؟! أليس من العذر البيّن أن يقول البرهان لكاغامي:والله أنا بلادي في حالة حرب تم فيها قتل وإصابة أكثر من مائة ألف مواطن وتشرد بسببها أكثر من 12 مليون وما زالت قوافل اللجوء والنزوح تطرق أبواب القفار والصحاري والمجاهل..و26 مليون من أبناء شعبي يتعرّضون لمجاعة طاحنة ومستفحلة..! كما أن قيادة جيشي محتلة ولا استطيع دخولها أو دخول عاصمة بلادي..وأنا أكلمك الآن من موقع لجوئي في بورتسودان..؟!
المهزلة الأكبر خطاب البرهان في عيد الجيش..! فماذا قال هذا الانقلابي الذي باع كرامة الجيش قرباناً لأحلام وكوابيس غريبة، أو مذلة وخضوعاً للذين اختطفوا الجيش..؟! وشاهدنا على ذلك واقعة تناقلتها الأسافير بالصورة والصوت لشخص مدني من الحركة التي يسمونها إسلامية..ليس له صفة رسمية وليس له في العير ولا النفير..ذهب ومعه معممون ملتحون إلى مكتب ضابط عسكري صاحب رتبة عليا في الجيش وقال له: (أنا سمعت انك طابور خامس..وأنا الآن سوف أقوم باستجوابك وإذا ثبت ذلك..فأما إنت وأما أنا في البلد دي)..! وظل الضابط الذي يرتدي بزته العسكرية بكاملها وبنياشينها وأنواطها يجلس صامتاً وفي (إذعان غريب)..ولم يقل كلمة واحده تحفظ كرامته الشخصية أو كرامة الزي الذي يرتديه ولم يفتح الله عليه بكلمة في وجه هؤلاء الأشخاص الذين تهجّموا عليه في مكتبه لاستجوابه ومحاكمته بل بلغ بهم الأمر حد التهديد الصريح بقتله...!
ما هذا بالله عليك..؟!! كيف يحدث هذا..؟! لماذا يحدث لك هذا (سيادتو الأخ مدثر)..؟! ومن هو الرئيس المباشر لهذا القائد العسكري وما موقفه مما حدث..؟! وما رأي البرهان في هذا الذي جرى..؟!
الأمر الأغرب لماذا تم تصوير هذا المشهد..؟! لماذ تم تصوير هذا الاستجواب الذي كان ينبغي أن يتم في غاية السرية.. ثم لا يمكن أن يتم تصوير كهذا بغير علم الحاضرين..! لا بد إن الأمر مقصود (لأغراض أخرى)..!!؟!
أما خطاب البرهان في عيد الجيش فهو المهزلة الكبرى إلى درجة الطامة..!! رجل استولى على السلطة بالانقلاب يقول عن مدنيين من مواطني السودان أنهم (فئة مأجورة اختارت أن تقف في مواجهة الشعب وتتبوأ مقعدها في أشد فصول تاريخ السودان قتامة لأنها تزيّن الباطل وتنحاز لمن يقتلون الشعب ويشردونه بلا مسوغ ولا ضمير من أجل حيازة سلطة غاشمة بلا تفويض أو مرجعية دستورية)..ثم يتعهد البرهان بحفظ عزة الشعب والجيش والكرامة الوطنية (لاحظ البرهان يتحدث عن التفويض وعن الكرامة وعن المرجعية الدستورية)..!
ثم يقول البرهان إن قوات الدعم السريع (وهو من أشهر مادحيها إلى درجة الغثيان) تحتل بيوتنا وقرانا..ولا يقول إنها تحتل أيضاً حامياتنا العسكرية وقيادة جيشنا..!
ثم يعطي البرهان نفسه (مهلة سنة) ويقول: سنحتفل العام القادم في عيد قواتنا المسلحة بتطهير السودان من دنس المليشيا.. !! ولكنه لا يتحدث عن المليشيات الأخرى التي جعلته هو نفسه رهن إشارتها؟؟
ثم يرسل البرهان أمنياته بأن يعود الأسرى والمفقودين والنازحين واللاجئين آمنين إلى ديارهم ..وكأنه احد المقيمين الأجانب وليس قائد الجيش الذي يقع عليه واجب إعادة اللاجئين والنازحين وتأمينهم..!
هذا امتحان كبير (لا بد من الصبر عليه) أن تملك مثل هذه النماذج من البشر قراراً بشأن مصائر وطن وشعب بكامله..وهم على هذه الدرجة البائسة من غياب (ألف باء) العقل والوعي والضمير..! لا حول ولا قوة إلا بالله ..الله لا كسّبكم..!
murtadamore@yahoo.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
البرهان يكشف عن المرحلة المقبلة في السودان
وجه قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، خطابا مؤثرا للسودانيين، أعلن فيه عن تحقيق "انتصار كبير وعظيم" بعد استعادة مدينة سنجة من قوات الدعم السريع
اقرأ ايضاًالعثور على جثة الحاخام تسفي كوغان في الإماراتوأكد البرهان، عزم القوات المسلحة السودانية على تحرير كل شبر من الأرض وطرد "العملاء والخونة" في إشارة إلى مليشيا الدعم السريع.
تحرير سنجة واستعادة قيادة الفرقة 17 مشاةووصل البرهان أمس السبت إلى مدينة سنجة، التي أعلن عن تحريرها من قوات الدعم السريع، مشيرا إلى أن الفرقة 17 مشاة قد استعادت السيطرة على المنطقة.
وفي كلمته، شدد البرهان على أن الجيش السوداني مستمر في مواجهة المليشيات الإرهابية، مؤكدا أن هدفه هو الحفاظ على وحدة السودان وسلامة أراضيه.
التهنئة والتأكيد على النصروفي رسالة تهنئة، أعرب البرهان عن فخره واعتزازه بالجيش السوداني وجميع القوات النظامية، بالإضافة إلى القوات المشتركة والمستنفرين، مشيدا بتضحياتهم العظيمة من أجل كرامة الوطن ووحدته. وقال البرهان:
"هذا الانتصار الكبير سيكون له ما بعده، وسنواصل جهودنا لاستعادة كل شبر من أرضنا التي دنستها هذه المليشيا المجرمة."
اقرأ ايضاً مئات آلاف الإسرائيليين في الملاجىء.. صواريخ حزب الله تسقط على حيفا و"تل أبيب" (فيديوهات)هدية النصر للشعب السودانيوأضاف البرهان، أن النصر الذي تحقق هو هدية للشعب السوداني الذي عانى من القتل والتشريد والنهب على يد مليشيا "آل دقلو"، مشددا على أن القوات المسلحة السودانية عازمة على تطهير الوطن من هذه المليشيات "الإرهابية".
خلفية الحرب في السودانوتأتي هذه التطورات في وقت تتواصل فيه الحرب في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، التي اندلعت في 15 أبريل 2023. ورغم محاولات الوساطة العربية والدولية، لا تزال المعارك مستمرة، وسط خسائر بشرية ومادية كبيرة.
وكانت الخلافات بين البرهان و"حميدتي" قد تصاعدت بعد توقيع الاتفاق الإطاري في ديسمبر 2023، الذي كان ينص على خروج الجيش من السياسة وتسليم السلطة للمدنيين.
© 2000 - 2024 البوابة (www.albawaba.com)
وسام نصر الله كاتب وصحفيكاتب وصحفي متخصص في الشؤون السياسية والدولية، وعضو في نقابة الصحفيين الأردنيين واتحاد الصحفيين العرب. يعمل محررا في قسم الأخبار في "البوابة" منذ عام 2011، حيث يتابع ويحلل ويغطي أبرز الأحداث الإقليمية والدولية.
الأحدثترند تشكيلة ليفربول المتوقعة ضد ساوثهامبتون اليوم في الدوري الإنجليزي 2024-25 البرهان يكشف عن المرحلة المقبلة في السودان الأردن: كشف تفاصيل جديدة حول الإشتباك قرب السفارة الإسرائيلية "إسرائيل" تطالب بإخلاء خمس بلدات جنوب لبنان وتنفذ غارات على صور والبقاع تشكيلة ريال مدريد المتوقعة ضد ليغانيس اليوم في الدوري الإسباني 2024-25 Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا فريقنا حل مشكلة فنية اعمل معنا الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTubeاشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن
© 2000 - 2024 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter