سودانايل:
2025-02-23@13:55:56 GMT

في نعي الدكتور عمر ياجي

تاريخ النشر: 15th, August 2024 GMT

الأحد الرابع من أغسطس الجاري كان يوماً حزيناً بكل المقايس وخاصة علي المستوي الخاص إضافة لمأساة الحرب الدائرة . أستلمت رسالتين في بريدي الأليكتروني أحداهما من الأخ محمود ياجي تفيدان بخبر وفاة عمر الذي أستفسرت عن حالته الصحية يوم الجمعة السابق للأحد من محمود بعد أن علمت بوصوله الي دنقلا في أعقاب رحلة عذاب ومعانة من رفاعة .

وعلي التو أنتدبت ركناً قصياً في صومعتي وأسلمت نفسي للخواطر والذكريات .
كان آخر لقاء معه في 22 فبراير من عام 2019 حينما كانت ثورة ديسمبر السودانية في أوج مخاضها و السودان يغلي كالمرجل . وكعادته في زياراتي للسودان هو آخر المودعين لي بمطار الخرطوم . رافقني حتي صالة المغادرة رغم آلام الظهر الحادة التي لازمته في السنوات الأخيرة . حثني علي مواصلة الكتابة في الشأن العام كما أشاد بهذا الحراك الثوري الذي بني عليه آمالاً عريضة في التغيير المرتقب وشدّد عليّ بالاعتناء بالصحة . أستودعته علي لقاء آخر ، الأ أن صاحب الوداعة أخذ وديعته قبل أن يتم لقاءنا . أختطف الموت عمر ياجي والموت كما يصفونه لص خطاف .
عمر كان رجلاً فريداً في كل شيئ له من الصفات مما يقربه الي الأنبياء والصالحين أقلها النبل والشهامة والعفة ونكران الذات أضافة الي أن الله سخره لقضاء حوائج الآخرين من عباده . برحيله أنهمر الدمع السخين في أزقة العباسية وحواريها وفي مدن خارج حدود السودان الجغرافيه . عرِفته وبكته شوارع الدوحة ودبي ودمشق والقاهرة والرياض وموسكو و الجامعة العربية وكل من أتته الفرصة والحظ السعيد بالتعرف عليه .
تعرفت عليه أيام الطلب بموسكو في أوائل سبعينيات القرن الماضي عندما حضرنا للدراسة بالأتحاد السوفيتي السابق. ولم تكن معاصرتنا له ، بأكثر من معاصرة الطلاب (الجونير) للطلاب (السناير) . فعندما وضعنا أقدامنا علي أول مراحل التعليم بالهندسة الكيميائية بمعهد مندليف كان فقيدنا يتهيأ للدفاع عن رسالة الدكتوراة وحينها أرتبط بعلاقة عاطفية مع زوجته في المستقبل زمليتنا ودفعتنا علوية أحمد عثمان . وبالرجوع الي هذه الفترة نجد أن الزملاء السودانيين الذين سبقونا بالدراسة في هذا الصرح كانت سمعتهم العلمية تعانق السماء . الي وقت قريب كانت العمادة تحتفظ بمذكراتهم وكرارسيهم كأمثلة للطلبة المبرزين . حضروا الي الدراسة الجامعية بعد أن أمضوا السنوات الأولي بجامعة الخرطوم التي تركها البعض لأسباب سياسية والآخرين منهم كانوا يمنون النفس برؤية التجربة الاشتراكية والوقوف عليها خاصة بعد أن عاشوا فترة الأستعمار وقديماً قيل ليس من رأي كمن سمع . أحاديثهم وأهتماماتهم كانت تختلف منا حتي زيهم كان مختلفاً. تجدهم دائماً يرتدون البدلة الكاملة (الفل سوت) والاحذية اللامعة . كان عمر محباً لباخ وبتهوفن وشايكوفسكي ومنه تعلمنا الأستماع الي الموسيقي الكلاسيكية في ذلك الزمن علي جهاز الفونغراف ولا عجب أن أورث هذه الجينات الي أبنه أبراهيم الذي توفي مُبكراً في ريعان شبابه . حضرنا الي موسكو في ذلك العهد الذهبي و أقصي ما كنا نسمعه من الموسيقي من أنتاج مطربي السودان والبعض منا الذي توقف في مصر قبل الحضور الي موسكو تعرف علي أم كلثوم . عن طريقه تعلمنا أدب الحديث وحسن الأستماع وقرأة المختارات المختلفة . كان معجباً بأنطون شيخوف حتي كاد أن يتفوق عليه في السخرية . عمر كان موسوعة وكان( قوقلنا) بلغة العصر الرقمي . كنا بحق ذو حظوة .
بخلاف موسكو والتخصص الأكاديمي المشترك جمعتني معه أمدرمان والعباسية التي كانت تمثل بوتقه للسودان . هذا الحي العريق ما أن تمر بأحد شوارعه حتي تجد مسكن الوزير وعضو مجلس السيادة ومنزل أول نائبه برلمانية وحرفيين وعمال وسراي للسيد عبدالرحمن المهدي وبالقرب منها منازل لشيوعيين وخلاوي و جوامع وأنادي و مقار خمور بلدية . الجميع محترمون ويتعاملون بمحبة ووفاق وتجدهم مجتمعين في الأفراح والأتراح . في هذا الحي نبت وترعرع (كود) أجتماعي وثقافي للمعاملات لا يحيد عنه أي من كان أستاذاً جامعياً أو عامل نظافة . هذا هو المناخ الصحي الذي أنحدر منه الفقيد أضافة الي أنه أتانا من أسرة ذات علم وصلاح .
عمل الفقيد بمعهد الأستشارات والصناعات السودانية ومصنع الأسمنت بربك وأسهم في تأسيس معهد بحوث البناء بجامعة الخرطوم ، كما عمل بجمهورية اليمن الديمقراطية . تم أنتدابه للجامعة العربية لمنظمة الأسمنت العربي بسوريا ممثلاً للسودان وفي الحال أصبح مسكنه بيت السودان وصالونه الأدبي حيث كان يأمه الفيتوري والطيب صالح بالأضافة الي كوكبة من الأدباء اللبنانيين والسوريين كما أرتبط بصداقة وثيقة مع الروائي عبدالرحمن منيف . عمل بالمملكة العربية السعودية ومستشاراً للبيئة بدولة الأمارات العربية المتحدة كما شغل منصب المدير العام لشركة الخليج القابضة بدولة قطر . وهو عضو مشارك مع الباحثين الامريكان في مشروع توليد الطاقة الكهربائية من طبقات الفضاء منذ عام 2009 الي أن أنتقل الي جوار ربه . بعودته للسودان أنخرط في العمل العام وكان محرراً ومستشاراً لمجلة الحداثة حيث صدر له ضمن مشروع القراءة من أجل التغيير كتاب " رسالة الأمل : حول مشروع النهضة السوداني". وقبل أن يعود نهائياً الي السودان أتته الفرصة أن يعيش ما تبقي من العمر خارج الوطن الأ أنه كان يعاني من مرض وراثي مستوطن في الحامض النووي بداخله وهو حبه للسودان الذي أصبح يضيق بأهله . وبالرغم من هذا الإنجاز العلمي ، عمر لا يعطيك أي أنطباع أو أحساس حينما تجالسه بأنه عالماً أو أستاذاً جامعياً . متواضعاً حتي الثمالة تجده يتحدث عن هموم الناس اليومية ويملأ المجلس مرحاً بضحكته التي تعطيك يقيناً وطمأنينةً ويجعلك تحسُ في داخلك أن هذا البلد بخيره ولا يستطيع أي من كان أن يُركِّع شعبه رغم النكبات السياسية التي مر ويمر بها. لا يستفز مستمعية بمعرفته في مجال تخصصه ولا يحشر المصطلحات والكلمات العجمية أثناء تحدثه في مجال غير الهندسة ، الي أن فارق هذه الزايلة لم يحمل حقداً أو ضغينة علي أحدٍ حتي أولئك الذين دمروا وما فتئوا يدمرون البلاد .
أثناء غيابي كان الصديق الوفي يزور منزلنا بأنتظام لكي يتفقد أحوال الوالدة زينب النيّل قبل وفاتها حاملاً في معيته المعينات. زاول علي هذا الكرم حتي بعد وفاتها . في محادثاتنا التلفونية التي أعقبت الوفاة ، كان يقدم الأعتذار تلو الأعتذار لعدم تمكنه من الحضور الأسبوعي الي أمدرمان من مقره في أحياء العاصمة الجديدة ورؤية أخواتي ومتابعة أحوالهم . كان لهم بمثابة الأخ الأكبر والصديق , إفتقدوه وبكوا عليه . بعد أن غادرت السودان أستمر سؤاله في كل المكالمات عن أحوالهم يستفسر عن صديق وعبدالسلام ونجاة وأسامة ومقبولة والفاضل وأسماء وقمر بالأضافة الي أصفي والهام التي كانت زميلة لشقيقته .
روي لي أحد جيرانه بعد أن أندلعت هذه الحرب اللعينه وعمر عاجز عن الحركة في مسكنه بالطابق الخامس والمصعد معطل تبرع بعض الشباب وحملوه علي تخت الي الطابق الأرضي ومنها بعربة غير مهيأة الي ضواحي مدينة رفاعة . تحدثت معه عدة مرات بعد أن وصل الي رفاعة وكان في معنويات عالية علي الرغم من الأمراض التي داهمته ، علي الدوام كان يمدح الشعب السوداني علي الحفاوة والكرم الذي قوبل به في منطقة الجزيرة . كان مصراً علي البقاء في هذه البقعة الي أن تضع الحرب أوزارها الأ أن الأوضاع تدهورت وأستحال معها البقاء بعد وصول الأوباش الي هذه المنطقة التي أحالوا نعيمها الي جحيم. حينها أُرغم عمر علي المغادرة . كنت أمني النفس بلقائه حتي أسمع منه تجارب قدامي المحاربين ونسخر حتي من عبث الحياة .
عمر كان شخصاً غير عادي حينما كان يعمل بدولة قطر زرت السودان وتوقفت بالدوحة ضيفاً عند أهلي . زارني بالمنزل وكان يحمل باقة ورد لست الدار حينها أصاب القوم ذهول وإندهاشة . وفي رواية لصحابة المنزل ، كانت هذه أول وآخر بطاقة ورد تلج هذه الدار.
أثناء كتابة هذه الخواطر حول أخٍ عزيز وصديق وعالم رحل عنا حيث أصبحنا كاليتامي وأفتقده السودان الذي وهبه حياته ، وجدت في أوراقي المبعثرة النعي الذي سطره الزميل أمين محمد أبراهيم في وفاة رفيق دربه الخاتم عدلان فأستبيحه عذراً وأستبيح مركز الخاتم في أقتباس هذه الجزئية منه لانها صالحة لكل زمانٍ ومكانٍ ولكل من ضحي في سبيل الوطن من أجل حياة كريمه .
"ولئن غيبك الموت جسداً فإن ذكرك سيظل ماثلاً وحاضراً في قلوبنا وضمير وذاكرة الشعب الذي لا يضيع أجر من أحسن عملا ، ولئن أحزننا رحيلك فإننا فخورون بأن جمعتنا بك الأيام وتشاركنا هموم الحياة وصارعنا معاً لتغيير واقعها المختل الى الأفضل قدر المستطاع تحقيقاً لأحلام وأشواق مشروعة لسواد الناس في التقدم . فنم مطمئناً في سلام فمثلك لا يموت ، فقد بذلت حياتك في تجرد ونكران ذات لقضية تستحق أن تكرس لها كل الحياة بسخاء لا يعرف المن ولا الأذى وإقدام لا يعرف التردد فالحياة يا صديقي تعطي مرة واحدة، ونشهد أنك قد عشتها كما ينبغي وبما يرفع ذكرك في ذرى المجد ويشرِف كل من انتميت إليه أو انتمى إليك وعزاؤنا أنك خالد في الخالدين وقد علمتنا الأيام أن نسموا على أحزاننا وآلامنا ونلعق جراحاتنا ونمضي نعزف أجمل الألحان ونغني ونحن نزف أوسم الفتيان عقولاً وأكثرهم نباهة ونبلاً إلى رحم الأرض الولود الخصيب في القرى والمدن والأصقاع البعيدة في أرجاء الوطن الواسع نبذرهم (كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم) صدق الله العظيم "
اللهم يا مذكوراً بكل لسان ويا مقصوداً في كل آنٍ ويا مبدئاً لكل شأن ٍويا من بيده الأكوان ويا أول يا آخر يا ظاهر يا باطن ويا مالكاً لكل جرم وعرض وزمان أسئلك بما توليت به الأولياء المقربين الذين لهم عندك شأن أن تصلي وتبارك علي عمر فها هو بين يديك فأني لنا أن نزكية لك ، نسألك أن تكرم مثواه بقدر ما أعطي لطلابه ولوطنه علماً ونفعا ًوبقدر ما كان طيب العشرة ونقي السيرة والسريرة . اللهم نسألك أن توسع مرقده وتآنس وحدته وتنقله من ظلمة اللحد الي مراتع النور وأن لا تفتنا بعده ولا تحرمنا أجره وتغفر له وتعفُ عنه وتشمله برحمتك يا أوسع الراحمين . وأن تدخله فسيح جناتك مع الشهداء والصديقين وحسن أولئك رفيقا وأن تلهمنا من بعده الصبر والسلوان ، وأنا لله وأنا اليه لراجعون .
العزاء للجميع وحرى تعازيّ القلبية إلى رفيقة دربك أم ترتيل وأبنائك عاصم وعامر وبنتك ترتيل وإخوتك هاشم ، وخالد وأحمد ومحمود وأهلك وعشيرتك وأصدقائك الكثر وزملاء الفقيد في المملكة العربية السعودية ، ودولة الامارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ودولة سوريا ودولة قطر ومركز الخاتم عدلان بالسودان والقائمين علي مجلة الحداثة . عزاء خاص للأصدقاء زملاء الفقيد أحمد عثمان (العربي) ، بابكر التوم ، عبدالحميد رحمة ، عثمان الخير، حافظ عباس ، صلاح عبدالكريم ، غازي الفحل ، أحمد حامد ، حسان موسي ، الياس فتح الرحمن ، شمس الدين ضوالبيت ، الوقيع ، حسن محي الدين ، عبدالله قطبي ، عبدالغني عبدالجليل ، معتصم علي محمد ، شيخ الدين عثمان ، عباس الأنصاري ، مصطفي أحمد حسن ووالدة أبنائه علويه أحمد عثمان والمعذرة والغفران لكل من سقط أسمه سهواً . بلغ سلامنا العاطر الي من سبقك من الصحاب الي دار النعيم : الجيلي عبدالرحمن، كمال الجزولي ، أسامة عبدالرحمن النور ، فاروق كدودة ، عبدالرحمن الزاكي ، وبقية أفراد العقد الفريد .
وداعاً عمر كنت سباقاً في عمل الخير وسبقتنا حتي في الرحول الي دار الخلود .
والي اللقاء.
حامد بشري
12 أغسطس 2024  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: بعد أن الی أن

إقرأ أيضاً:

الدكتور محمد الأصبحي- مدير صحة البيئة بمكتب الأشغال العامة بأمانة العاصمة لـ”الثورة”: لدينا خطة مُكثّفة لضمان سلامة الغذاء في رمضان

 

 

في ظل تزايد المخاوف بشأن سلامة الغذاء في أمانة العاصمة، وخاصة مع اقتراب شهر رمضان المبارك، حيث يزداد استهلاك المواد الغذائية، كان لا بد من تسليط الضوء على الجهود المبذولة لضمان وصول غذاء آمن وصحي للمواطنين.
مدير صحة البيئة بمكتب الأشغال العامة بأمانة العاصمة الدكتور محمد الأصبحي كشف في حوار خاص لـ”الثورة” عن إتلاف 700 طن من المواد الغذائية المنتهية الصلاحية خلال العام المنصرم، بالإضافة إلى ضبط 167,355 كيلوجراماً من المواد الغذائية المخالفة، وإحالة 2247 قضية للنيابة.
وأكد الأصبحي أن مكتب الأشغال العامة يقوم بزيارة أكثر من 40 ألف منشأة غذائية سنوياً للتأكد من التزامها بالاشتراطات الصحية.. مشيراً إلى أن اللائحة الجديدة للأجور والغرامات تضمنت تغليظ العقوبات على المخالفين بمن فيهم مخالفو الصرف الصحي والمنتجات الكيميائية.
كما أوضح الأصبحي أن اللائحة الجديدة ساهمت في سد بعض الثغرات القانونية التي كانت تسمح للمخالفين بالإفلات من العقاب، وحددت المسؤوليات بشكل أدق لتجنب ازدواجية المهام والتضارب بين الجهات المعنية.. فإلى نص الحوار:

الثورة /ماجد الكحلاني

بدايةً، نود أن نفهم بشكل أعمق دور ومسؤوليات صحة البيئة في أمانة العاصمة؟
يتركز عملنا الأساسي وفقاً لقانون الرقابة على الأغذية رقم 38 لسنة 1990 وتعديلاته بالقانون رقم 13 لسنة 2002م، هذا القانون يحدد مسؤوليتنا في الرقابة على الأغذية والمنشآت التي تقوم بإعداد وتجهيز وتحضير وبيع الأغذية، ويشمل ذلك مجموعة واسعة من الأماكن، من المخازن والمطاعم والأفران والبوفيات، وصولاً إلى الشركات الغذائية وكل ما له علاقة بالأغذية، وهدفنا هو تحسين معايير السلامة الغذائية في جميع هذه المنشآت، والتأكد من أن المواطنين يحصلون على غذاء صحي وآمن.
ذكرتم قانون الرقابة على الأغذية.. هل هناك لوائح أو اشتراطات صحية محددة يجب على هذه المنشآت الالتزام بها؟ وما هي الإجراءات المتخذة في حال عدم الالتزام؟
نعم بالتأكيد، توجد لائحة للاشتراطات الصحية تحدد المتطلبات التي يجب الالتزام بها في المنشآت الخاضعة للرقابة، مثل المطاعم والأفران والبوفيات، وتحدد هذه اللائحة معايير صارمة للنظافة والتخزين وإعداد الطعام، بالإضافة إلى اشتراطات خاصة بالعاملين في هذه المنشآت.
كما يحدد القانون الأماكن المخصصة لتخزين وتوزيع الأغذية، بما في ذلك الشركات المستوردة والمصنعة ومحلات الجملة والتجزئة، وفي حال عدم الالتزام، نقوم بتحرير محاضر ضبط المخالفة، وفي حال ثبوت عدم الصلاحية، يتم مصادرة المواد الغذائية وإتلافها، وقد تصل العقوبات إلى إحالة المخالفين إلى النيابة لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.
وماذا عن الأغذية المستوردة؟ هل لكم دور في الرقابة عليها؟
فيما يتعلق بالأغذية المستوردة، تتولى هيئة المواصفات والمقاييس مسؤولية ضبط جودتها في المنافذ الحدودية، ونحن في مكتب الأشغال العامة نتدخل بعد دخول الأغذية إلى البلاد، حيث نراقب المنشآت التي تتعامل مع هذه الأغذية للتأكد من أنها تلتزم بالاشتراطات الصحية، ولدينا تنسيق مستمر ودائم مع هيئة المواصفات والمقاييس، باعتبارهم المرجع القانوني في هذا الموضوع. حتى العينات التي نفحصها، نرسلها إليهم لتحليلها وإبداء الرأي في صلاحيتها.
كيف تستعدون لشهر رمضان المبارك، وما هي خططكم لضمان سلامة الغذاء للمواطنين خلال هذا الشهر؟
لدينا برنامج عمل مكثف خلال شهر رمضان، سنكثف النزول الميداني للمنشآت الخاضعة للرقابة، وسنركز على فترات ما قبل الإفطار وبعده، حيث يزداد الإقبال على المطاعم والبوفيات ومحلات الحلويات، ونراقب بشكل خاص الأغذية التي تُقدم مباشرة للجمهور، ونتأكد من سلامتها وجودتها. كما نقوم بتوعية المواطنين بأهمية اختيار الأغذية الصحية وتجنب الأغذية المعرضة للتلف.
وماذا عن المواد الغذائية منتهية الصلاحية التي اتلافها خلال العام الماضي؟
خلال العام المنصرم، تم إتلاف نحو 700 طن من المواد الغذائية المنتهية. نكثف أعمال الرقابة خلال شهر رمضان، حيث يتم الإتلاف الجماعي للمواد المضبوطة بحضور المعنيين، ولدينا إجراءات صارمة للتفتيش على المخازن والمحلات، ونتأكد من أن جميع المواد الغذائية تحمل تاريخ صلاحية واضح.
كما نعتمد على تعاون المواطنين في الإبلاغ عن أي مواد غذائية يشتبه في صلاحيتها.
كم إجمالي عدد المنشآت التي قمتم بزيارتها خلال العام الماضي؟ وهل لديكم توجه لزيارتها في المستقبل؟
خلال العام الهجري الماضي 1445هـ، قمنا بزيارة 40,327 منشأة، وبلغ عدد المخالفين والمتابعين للمكتب 3724، وتمت إحالة 2247 قضية للنيابة، وبلغ إجمالي المواد الغذائية المضبوطة 167,355 كيلوجراماً، تم إتلاف معظمها، ونسعى دائماً إلى زيادة عدد الزيارات وتحسين مستوى الرقابة، ولكننا نواجه بعض التحديات، مثل نقص الكادر المتخصص والميزانية المحدودة.
ذكرتم أن هيئة المواصفات والمقاييس هي المسؤولة عن الرقابة على الأغذية المستوردة، هل هناك بينكم تنسيق مشترك لضمان سلامتها؟
نعم، لدينا تنسيق مستمر ودائم مع هيئة المواصفات والمقاييس، باعتبارهم المرجع القانوني في هذا الموضوع، حتى العينات التي نفحصها، نرسلها إليهم لتحليلها وإبداء الرأي في صلاحيتها، ونجتمع بشكل دوري لمناقشة التحديات والمستجدات في مجال سلامة الأغذية، ووضع خطط مشتركة للتصدي لأي مشاكل.
وماذا عن الكادر العامل لديكم؟ هل هو كاف لتغطية حجم العمل؟
لدينا كادر كبير في المديريات، لكن الكادر المتخصص غير كاف، نستعين بالتعاقد أو الأجر اليومي لسد النقص، ونحن نعمل باستمرار على تطوير قدرات موظفينا من خلال الدورات التدريبية وورش العمل، لضمان أن يكونوا على اطلاع بأحدث المعايير والتقنيات في مجال سلامة الأغذية.
ما هي أبرز المشاكل التي تواجهونها في عملكم؟ وكيف تسعون إلى التغلب عليها؟
المشاكل كثيرة، منها انقطاع الرواتب وعدم وجود ميزانية تشغيلية ووسائل تنقل لتغطية العمل. لكننا نعمل وفقاً للإمكانيات المتاحة، بدافع الواجب الوطني والإنساني. ونسعى جاهدين إلى توفير الموارد اللازمة لتحسين مستوى عملنا، ونتواصل مع الجهات المعنية لشرح التحديات التي نواجهها وطلب الدعم.
وماذا عن التنسيق مع الجهات الأخرى المعنية، مثل وزارة الصحة والتجارة؟
نعاني من مشكلة ازدواج المهام مع وزارة الصناعة والتجارة، مما يشكل ضغطاً على المواطنين.. صدرت فتوى من وزارة الشؤون القانونية بتحديد المهام، ولكن لم تنفذ حتى الآن، ومع ذلك، نحن ننسق مع هذه الجهات في أوقات المناسبات، ولدينا تعاون جيد مع وزارة الصحة في مجال التوعية الصحية، وتبادل المعلومات حول الأمراض المنقولة بالغذاء نأمل ان يتوسع هذا التعاون لما فيه المصلحة العامة وخدمة الأهداف المشتركة.
وماذا عن الغرامات المفروضة على المخالفين؟ هل هي رادعة؟
الإجراءات وفقاً للقانون محددة، ولكن الغرامات غير رادعة، تم تحديث اللائحة الجديدة لتتضمن غرامات رادعة، ولكنها لم تعتمد حتى الآن بسبب التغييرات الحكومية الأخيرة، ونحن نرى أن تشديد العقوبات على المخالفين هو أمر ضروري لضمان ردعهم وحماية صحة المواطنين
ما أبرز ما تضمنته هذه اللائحة الجديد؟ وما هي الفجوات أو القصور التي كانت موجودة في القوانين السابقة؟
تم تحديث لائحة الأجور والغرامات لتصبح أكثر شمولاً وفاعلية، حيث شملت تحديداً دقيقاً للأجور والغرامات، مع مراعاة حجم المنشأة ونوع المخالفة، بالإضافة إلى إضافة مخالفات جديدة وتشديد العقوبات على المخالفات التي تُشكل خطراً على الصحة العامة، مثل تداول مواد غذائية فاسدة أو منتهية الصلاحية. وتغليظ العقوبات على عدم الالتزام باشتراطات النظافة الشخصية للعاملين.
كما تم تنظيم عملية إتلاف المواد الغذائية بشكل آمن وصحي، وتحديد آلية واضحة لتوزيع الغرامات لدعم أعمال «صحة البيئة» وتطوير قدرات الموظفين، على سبيل المثال، يتم تخصيص 50 % من إجمالي الأجور والغرامات التي تحصل بموجب هذه اللائحة إلى حساب السلطة المحلية لكل محافظة.
كما يتم تخصيص 45 % من إجمالي الأجور والغرامات كنفقات تشغيلية لمكاتب الأشغال في الأمانة والمحافظات وفروعها في المديريات، ويتم تخصيص 5 % من إجمالي الأجور والغرامات لصالح الوزارة.
وأخيراً عالجت اللائحة الجديدة الفجوات في القوانين السابقة من خلال سد الثغرات القانونية وتحديد المسؤوليات كلا من وزارتي النقل والأشغال العامة والصناعة وهيئة المواصفات والمقاييس وضبط الجودة بشكل أدق، لمواكبة التطورات في مجال سلامة الأغذية.»
ما هي رسالتكم للمواطنين؟ وكيف يمكنهم المساهمة في دعم جهودكم في الحفاظ على سلامة الغذاء؟
أدعو المواطنين إلى التعاون معنا في دعم أعمالنا الميدانية، ففي كثير من الأحيان يكون العائق هو المواطن عندما نقوم بضبط مخالفين، كما أدعوهم إلى عدم شراء أي مواد غذائية معرضة للحرارة والشمس على الأرصفة، لأنها قد تكون غير صالحة للاستهلاك، وأحثهم على الإبلاغ عن أي مخالفات يرونها، لأن ذلك يساعدنا في الحفاظ على سلامة الغذاء وصحة المجتمع.

مقالات مشابهة

  • المليشيا الإرهابية تركب التونسية!
  • هل يشكل فيروس كورونا الجديد في الخفافيش خطرًا وشيكًا؟.. الدكتور حسام حسني يوضح
  • الدكتور محمد بن عايض القرني: احتفاء بيوم التأسيس وتعزيز الهوية الوطنية
  • مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالخبر يستأصل "ورماً " ضخماً بعملية منظار دقيقة مع الحفاظ على المبيض
  • الدكتور محمد الأصبحي- مدير صحة البيئة بمكتب الأشغال العامة بأمانة العاصمة لـ”الثورة”: لدينا خطة مُكثّفة لضمان سلامة الغذاء في رمضان
  • الدكتور شوقي علام يوضح حالات إباحة الإفطار في رمضان «فيديو175
  • رئيس جامعة كفر الشيخ ينعى الدكتور نبيل مهنا عميد كلية الزراعة الأسبق
  • «الخارجية» ناعية الدكتور خالد السعيد: كان مثالا للتفاني والإخلاص
  • جائحة مؤامرونا التي تجتاح السودانيين
  • الجزيرة نت تكشف التعديلات الدستورية التي أجازتها حكومة السودان