المغيرة التجاني علي
mugheira88@gmail.com
فرحة عارمة تغمرني و أنا أعانق صوت فاطمة ,أبنتي الصغرى , ينساب رقراقا نديا , يتسرب عبر المسافات ويتجاوز الأمكنة , كان شعورا رائعا لا تحيطه كل عبارات الوصف و لا تبلغ عذوبته رقيق الكلمات . كان عناق صوتها أشبه بحلم جميل , و كانت تنهداتها الآسرة تمتزج مع فرحتها بعناق صوتينا عبر الأثير .
لقد عشت مع الملايين من أبناء بلادي المنكوبة أياما قاسيات , ملؤها الشعور بالوحدة والعزلة و الكآبة وصرنا بعيدين نعيش في جزر معزولة بعد أن خربت شبكة الاتصالات بفعل هذه الحرب اللعينة فأنقطع الاتصال بيننا و بين أهلنا و عوائلنا في السودان وظللنا نعيش حالة من الخوف و القلق عليهم بعد أن عجزنا في التواصل معهم فانقطعت اخبارهم في هذا الظرف الرديء الحرج , فلم نك ندري إن كانوا علي قيد الحياة أم في عداد الأموات . لقد تسببت هذه الحرب الدائرة في إزهاق أرواح كثيرة و باتت المدن و الأرياف كلها مهددة بانتشار المعارك و الاقتتال و احداث حالة من الشلل و الانهيار الشامل للموارد و تزايدت المخاوف علي مصير العائلات .
لقد تركت فاطمة في غيبتها غير المعتادة , فراغا كبيرا يصعب ملؤه , تحس معه بفقدان معني الحياة و يجول في الخاطر شريط من الذكريات الجميلة عشناها معا ,, حكاياتها الصغيرة , لعبها , ضحكاتها , حديثها ,, رسوماتها , اناشيدها و شخبطاتها وكل لمسة حانية منها و كل بريق ومضة مفرحة من عينيها الجميلتين . صار كل ذلك شيئا من الذكري التي توقد نيران الشوق و توقظ الآلام , فلم استطع تجاهل مخاوفي بمفارقتها و صارت الأيام في غياب صوتها حزينة و مرة , تتجلي ملامحها علي وجوه الناس من حولي بائسة و كئيبة .
لقد انطبق وصف شاعرنا الفذ إدريس محمد جماع , علي صوت صغيرتي فاطمة عبر الأثير ,يجيء ناعما كالحرير , طلقا مثل الصباح , يخطر في رشاقة و ينساب في نعومة و نداوة , وقد تدفقت كلماتها الطفلة دافئة ندية خضراء , يفوح منها شذي الورد و عبير الزهور ,, فأسعدت نبراته قلبي حينما سري طبيعيا كنغمة الناي و تغريد الكنار .
كل الأمل و الرجاء و الدعوات أن تتوقف هذه الحرب اللعينة التي شوهت بلادنا و تسببت في احداث كثير من المآسي , فأودت بأرواح كثيرة من أبناء السودان وشبابه المدخر للبناء و النهضة والاعمار و شردت الملايين الي الملاجئ الجبرية, وعملت علي تدمير المنشآت الحيوية و عطلت الانتاج و تسببت في الفقر و المسغبة و جلبت البؤس و الشقاء لإنسان هذا الوطن الغالي العزيز .
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
فاطمة الكعبي: مهمة الرواية كشف الجراح
الشارقة (الاتحاد)
ضمن فعاليات الدورة الـ 43 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، نظم اتحاد كتاب وأدباء الإمارات جلسة أدبية بعنوان «قراءة في رواية (بئر معطلة) شاركت فيها كاتبة الرواية فاطمة الكعبي، إلى جانب الدكتورة عائشة الشامسي، رئيسة قسم اللغة العربية في جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، وأدارتها الكاتبة أمل جميع.
تحدثت فاطمة الكعبي عن انطلاق روايتها من مجموعة قصاصات جمعتها من تجربة ابنة ترافق والدتها المصابة بسرطان الدم، خلال رحلة علاجية في سنغافورة، وتجسدت هذه الابنة في شخصية «سلامة»، التي تشكل المحور الرئيس للرواية.
أوضحت الكعبي أن الرواية تبرز معاناة مرضى السرطان عبر مزيج من الواقع والخيال، موضحةً أن شخصيات مثل هند، مريم، وشما تمثل آباراً تحمل في داخلها أوجاعاً عميقة. وأشارت إلى أن الرواية تتناول قضايا اجتماعية مختلفة، من بينها تأثير الزواج المتعدد على الهوية، ومعاناة الأبناء من التنمر، مما يطرح دعوة للتسامح وتقبّل الآخر. بالإضافة إلى ذلك، وثّقت الرواية الأحياء الشعبية في مدينة العين مثل القطارة والمرخانية، لتسجل بيئة المدينة بكل تفاصيلها وتناقضاتها.
من جانبها، قدّمت الدكتورة عائشة الشامسي قراءة نقدية في الرواية، متوقفة عند عنوانها «بئر معطلة» كرمز للشجن والمعاناة. وأكدت الشامسي أن الرواية، الصادرة عن دار الأهلية بالأردن في عام 2020، تمتاز بلغة كثيفة وحضور قوي للتراث الإماراتي، حيث احتوت على مفردات محلية وأساطير وعادات تقليدية كتكحيل الأطفال والمسح على جباههم بنبتة الصبر. واعتبرت الشامسي الرواية وثيقة تراثية للموروث الإماراتي، توظّف مفرداته في سردها.