عربي21:
2025-02-02@03:59:46 GMT

الأفارقة يهربون من قطرة إلى ما هو أسوأ

تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT

عادت أفريقيا لتتصدر من جديد الواجهة الدولية، فالنظام العالمي الجديد الذي بصدد التشكل ستكون أفريقيا احدى ساحاته الرئيسية. وهو ما أدركه فلاديمير بوتين عندما تمكن من جمع 49 رئيسا من القارة السمراء؛ الذين لم يترددوا في الاستجابة لدعوته رغم صعوبة الأوضاع الإقليمية والعالمية.

فربط العلاقة مع روسيا اليوم هو مجازفة يمكن أن تكون مكلفة لأصحابها نظرا للحرب الشرسة الدائرة في أوكرانيا وتداعياتها، والتي أصبحت تهدد السلم العالمي بحرب نووية قد تكون وشيكة، وقد تستعمل فيها أسلحة عسكرية، وهو ما جعل بوتين يهدد فرنسا ليس عسكريا فقط إن اقتضى الأمر، وإنما يعتقد بأن استقرارها الاقتصادي والسياسي مرتهن بقرار الدول الأفريقية الفرنكفونية يقضي بإصدار عملة مشتركة مما سيؤدي إلى انهيار ذاتي لفرنسا "مثلما يحصل للثمرة المتعفنة".

وهو يعتقد في نفس السياق أن أفريقيا أغنى ألف مرة من أوروبا بفضل ثروتها المدفونة تحت الأرض، ويكفي أن تنشئ الحكومات الأفريقية عملتها الموحدة حتى تنقلب المعادلة ليصبح الأوروبيون هم الذين يهاجرون نحو أفريقيا.

بعد نزعة التعالي التي مارسها السياسيون الفرنسيون على الأفارقة والتي دفعت الرئيس السابق نيكولا ساركوزي لأن يخاطب قادة الدول الأفريقية في سنة 2007 قائلا "الإنسان الأفريقي لم يدخل بما يكفي دائرة التاريخ"؛ ها هي تطرد في وقت وجيز من أربعة دول بدءا من مالي وصولا إلى النيجر، تم ذلك في أجواء معادية لفرنسا في جميع مستعمراتها السابقة. لقد تحولت عاصمة النور إلى دولة الشر لدى قطاعات واسعة من المواطنين الأفارقة
يدرك الفرنسيون جيدا هشاشة وضعهم، ويخشون أن تُستغل ضدهم نقاط ضعفهم بشكل خطير، إذ تكفي متابعة وسائل إعلامهم في الفترة الأخيرة حتى تتجلى مخاوف نخبتهم من احتمال السقوط الدراماتيكي لدولتهم بسبب سوء إدارة قيادتهم السياسية لثلاث ملفات خطيرة؛ أولها الاندفاع غير المدروس في دعم أوكرانيا ضد روسيا رغم كثرة التحذيرات التي تلقتها من بعض محلليها الاستراتيجيين. ويتعلق الملف الثاني بعلاقاتها مع الولايات المتحدة، والتي تبين أن باريس تحولت إلى مجرد بيدق من بيادق السياسة الأمريكية، أما الملف الثالث والأخير في هذا السياق فيتعلق بالضربات المتتالية التي تلقتها فرنسا من عديد الدول الأفريقية التي كانت من قبل ضمن مستعمراتها السابقة، وإحدى المناطق الخاضعة لها اقتصاديا وعسكريا.

فبعد نزعة التعالي التي مارسها السياسيون الفرنسيون على الأفارقة والتي دفعت الرئيس السابق نيكولا ساركوزي لأن يخاطب قادة الدول الأفريقية في سنة 2007 قائلا "الإنسان الأفريقي لم يدخل بما يكفي دائرة التاريخ"؛ ها هي تطرد في وقت وجيز من أربعة دول بدءا من مالي وصولا إلى النيجر، تم ذلك في أجواء معادية لفرنسا في جميع مستعمراتها السابقة. لقد تحولت عاصمة النور إلى دولة الشر لدى قطاعات واسعة من المواطنين الأفارقة، رغم أن عشرات الآلاف منهم لا يزالون ينخرطون في قوافل الهجرة غير النظامية نحو فرنسا عن طريق إيطاليا. هذا الأمر دفع برئيسة الحكومة الإيطالية إلى شن هجوم قبل فترة على جارتها فرنسا، وحمّلتها مسؤولية المصائب التي تعاني منها هذه الدول الأفريقية.

تكمن المشكلة حاليا في أن جزءا واسعا من القيادات الأفريقية التي أظهرت تمردها على الغرب عموما، وعلى فرنسا خصوصا، تعتقد بأن الذي سيساعدها على التحرر هو الارتماء في أحضان روسيا والصين، وكأنهما الأفضل والأصلح والأنقى. إذ تكفي الإشارة إلى وصول مجموعات فاغنر إلى الأراضي النيجيرية تحسبا لعدوان فرنسي منتظر، في حين أن هذه المليشيات المنظمة ليست سوى ورقة تستعملها موسكو لتحقيق أهدافها الاستراتيجية في كثير من مناطق العالم.

تكمن المشكلة حاليا في أن جزءا واسعا من القيادات الأفريقية التي أظهرت تمردها على الغرب عموما، وعلى فرنسا خصوصا، تعتقد بأن الذي سيساعدها على التحرر هو الارتماء في أحضان روسيا والصين، وكأنهما الأفضل والأصلح والأنقى
كما أن الذين يقودون هذا التغيير في السياسة الخارجية للدول الأفريقية عسكريون قاموا بانقلابات وسيطروا على السلطة في بلدانهم بوسائل غير شرعية، وتعمّد الكثير منهم الخلط بين العداء للسياسات الإمبريالية لفرنسا وغيرها من الحكومات الغربية وبين رفض الديمقراطية وآلياتها الشعبية، أي التعلل برفض الهيمنة والوصاية الخارجية لتثبيت أنظمة عسكرية بلا أفق ولا برامج بديلة سوى التحالف مع أنظمة غير ديمقراطية.

فوارق عديدة تميّز بين ما يجري حاليا على ركح السياسة الأفريقية وبين جيل سابق من الزعماء الأفارقة الذين حاولوا أن يتصدوا للقوى الاستعمارية في ظرف صعب ومعقد، وقدم بعضهم ثمنا غاليا خلال تلك المعركة، وكان حصاد تلك المرحلة مرّا.

الدفاع عن أفريقيا من قبل أبنائها عنوان رئيسي من عناوين المرحلة الجديدة، لكنها معركة يجب أن يتحصن القائمون عليها بوعي شديد. فالدول الكبرى دون تمييز بين شرق وغرب تندفع بقوة نحو أفريقيا للقيام بأدوار متشابهة من أجل الاستحواذ على الثروات الحيوية المدفونة في القارة السمراء.. خذوا حذركم أيها الأفارقة حتى لا تتخلصوا من هينة غربية لتقعوا في خدعة قد تكون أشد قسوة ومرارة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه أفريقيا روسيا فرنسا النيجر انقلاب فرنسا النيجر روسيا أفريقيا مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة اقتصاد مقالات سياسة سياسة رياضة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الدول الأفریقیة

إقرأ أيضاً:

وفد من الوكالة الأفريقية للتنمية يزور معهد بحوث الهندسة الوراثية لبحث التعاون

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قام وفد قادم من الوكالة الأفريقية للتنمية (NEPAD) من الاتحاد الأفريقي برئاسة الدكتور أولاليكان أكينبو أستاذ، برنامج تحرير الجينوم بمديرية نظم الغذاء والزراعة والاستدامة البيئية، ميدران، جنوب أفريقيا وبيلي أومبوكي راتيمو مدير برنامج - تحرير الجينوم بالوكالة الأفريقية للتنمية - نيباد ومدير برنامج  - السلامة الحيوية، الوكالة الأفريقية للتنمية (AUDA NEPAD)، مركز التميز، بزيارة الي  معهد بحوث الهندسة الوراثية الزراعية بمركز البحوث الزراعية، لبحث سبل التعاون الزراعي.

والقى أولاليكان محاضرة حول الغرض من الزيارة والتعريف بتقنية تحرير الجينوم في إفريقيا تحت عنوان التحرير الجيني في افريقيا وقد اشاد الوفد بالحفاوة وحسن الاستقبال مما كان له بالغ الاثر في تبادل الخبرات وتطور البحث العلمي الزراعي.

مقالات مشابهة

  • مدرب أنجولا: محمد صلاح رمز لكرة القدم الأفريقية واللعب أمامه شئ مميز
  • فرنسا تسجل أعلى مستوى للاكتئاب في الدول الأوروبية
  • وفد من الوكالة الأفريقية للتنمية يزور معهد بحوث الهندسة الوراثية لبحث التعاون
  • "يورونيوز": فرنسا والاتحاد الأوروبي يخسران نفوذهما في غرب أفريقيا
  • يورونيوز : فرنسا والاتحاد الأوروبي يخسران نفوذهما في غرب أفريقيا
  • بعد 60 عامًا.. فرنسا تطوي صفحة وجودها العسكري في تشاد آخرِ معاقلها بالساحل الإفريقي
  • روسيا تقلل من تهديدات ترامب ضد بريكس
  • حوحو: “كانت تنقصنا الإرادة والروح القتالية أمام شباب فسنطينة”
  • 20 مليار دولار صادرات تركيا إلى أفريقيا العام الماضي
  • غدًا بمعرض الكتاب.. محمد جلال يوقع روايته "أسوأ احتمال ممكن" لحسين الشوربجي