عربي21:
2025-03-04@13:18:20 GMT

الأفارقة يهربون من قطرة إلى ما هو أسوأ

تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT

عادت أفريقيا لتتصدر من جديد الواجهة الدولية، فالنظام العالمي الجديد الذي بصدد التشكل ستكون أفريقيا احدى ساحاته الرئيسية. وهو ما أدركه فلاديمير بوتين عندما تمكن من جمع 49 رئيسا من القارة السمراء؛ الذين لم يترددوا في الاستجابة لدعوته رغم صعوبة الأوضاع الإقليمية والعالمية.

فربط العلاقة مع روسيا اليوم هو مجازفة يمكن أن تكون مكلفة لأصحابها نظرا للحرب الشرسة الدائرة في أوكرانيا وتداعياتها، والتي أصبحت تهدد السلم العالمي بحرب نووية قد تكون وشيكة، وقد تستعمل فيها أسلحة عسكرية، وهو ما جعل بوتين يهدد فرنسا ليس عسكريا فقط إن اقتضى الأمر، وإنما يعتقد بأن استقرارها الاقتصادي والسياسي مرتهن بقرار الدول الأفريقية الفرنكفونية يقضي بإصدار عملة مشتركة مما سيؤدي إلى انهيار ذاتي لفرنسا "مثلما يحصل للثمرة المتعفنة".

وهو يعتقد في نفس السياق أن أفريقيا أغنى ألف مرة من أوروبا بفضل ثروتها المدفونة تحت الأرض، ويكفي أن تنشئ الحكومات الأفريقية عملتها الموحدة حتى تنقلب المعادلة ليصبح الأوروبيون هم الذين يهاجرون نحو أفريقيا.

بعد نزعة التعالي التي مارسها السياسيون الفرنسيون على الأفارقة والتي دفعت الرئيس السابق نيكولا ساركوزي لأن يخاطب قادة الدول الأفريقية في سنة 2007 قائلا "الإنسان الأفريقي لم يدخل بما يكفي دائرة التاريخ"؛ ها هي تطرد في وقت وجيز من أربعة دول بدءا من مالي وصولا إلى النيجر، تم ذلك في أجواء معادية لفرنسا في جميع مستعمراتها السابقة. لقد تحولت عاصمة النور إلى دولة الشر لدى قطاعات واسعة من المواطنين الأفارقة
يدرك الفرنسيون جيدا هشاشة وضعهم، ويخشون أن تُستغل ضدهم نقاط ضعفهم بشكل خطير، إذ تكفي متابعة وسائل إعلامهم في الفترة الأخيرة حتى تتجلى مخاوف نخبتهم من احتمال السقوط الدراماتيكي لدولتهم بسبب سوء إدارة قيادتهم السياسية لثلاث ملفات خطيرة؛ أولها الاندفاع غير المدروس في دعم أوكرانيا ضد روسيا رغم كثرة التحذيرات التي تلقتها من بعض محلليها الاستراتيجيين. ويتعلق الملف الثاني بعلاقاتها مع الولايات المتحدة، والتي تبين أن باريس تحولت إلى مجرد بيدق من بيادق السياسة الأمريكية، أما الملف الثالث والأخير في هذا السياق فيتعلق بالضربات المتتالية التي تلقتها فرنسا من عديد الدول الأفريقية التي كانت من قبل ضمن مستعمراتها السابقة، وإحدى المناطق الخاضعة لها اقتصاديا وعسكريا.

فبعد نزعة التعالي التي مارسها السياسيون الفرنسيون على الأفارقة والتي دفعت الرئيس السابق نيكولا ساركوزي لأن يخاطب قادة الدول الأفريقية في سنة 2007 قائلا "الإنسان الأفريقي لم يدخل بما يكفي دائرة التاريخ"؛ ها هي تطرد في وقت وجيز من أربعة دول بدءا من مالي وصولا إلى النيجر، تم ذلك في أجواء معادية لفرنسا في جميع مستعمراتها السابقة. لقد تحولت عاصمة النور إلى دولة الشر لدى قطاعات واسعة من المواطنين الأفارقة، رغم أن عشرات الآلاف منهم لا يزالون ينخرطون في قوافل الهجرة غير النظامية نحو فرنسا عن طريق إيطاليا. هذا الأمر دفع برئيسة الحكومة الإيطالية إلى شن هجوم قبل فترة على جارتها فرنسا، وحمّلتها مسؤولية المصائب التي تعاني منها هذه الدول الأفريقية.

تكمن المشكلة حاليا في أن جزءا واسعا من القيادات الأفريقية التي أظهرت تمردها على الغرب عموما، وعلى فرنسا خصوصا، تعتقد بأن الذي سيساعدها على التحرر هو الارتماء في أحضان روسيا والصين، وكأنهما الأفضل والأصلح والأنقى. إذ تكفي الإشارة إلى وصول مجموعات فاغنر إلى الأراضي النيجيرية تحسبا لعدوان فرنسي منتظر، في حين أن هذه المليشيات المنظمة ليست سوى ورقة تستعملها موسكو لتحقيق أهدافها الاستراتيجية في كثير من مناطق العالم.

تكمن المشكلة حاليا في أن جزءا واسعا من القيادات الأفريقية التي أظهرت تمردها على الغرب عموما، وعلى فرنسا خصوصا، تعتقد بأن الذي سيساعدها على التحرر هو الارتماء في أحضان روسيا والصين، وكأنهما الأفضل والأصلح والأنقى
كما أن الذين يقودون هذا التغيير في السياسة الخارجية للدول الأفريقية عسكريون قاموا بانقلابات وسيطروا على السلطة في بلدانهم بوسائل غير شرعية، وتعمّد الكثير منهم الخلط بين العداء للسياسات الإمبريالية لفرنسا وغيرها من الحكومات الغربية وبين رفض الديمقراطية وآلياتها الشعبية، أي التعلل برفض الهيمنة والوصاية الخارجية لتثبيت أنظمة عسكرية بلا أفق ولا برامج بديلة سوى التحالف مع أنظمة غير ديمقراطية.

فوارق عديدة تميّز بين ما يجري حاليا على ركح السياسة الأفريقية وبين جيل سابق من الزعماء الأفارقة الذين حاولوا أن يتصدوا للقوى الاستعمارية في ظرف صعب ومعقد، وقدم بعضهم ثمنا غاليا خلال تلك المعركة، وكان حصاد تلك المرحلة مرّا.

الدفاع عن أفريقيا من قبل أبنائها عنوان رئيسي من عناوين المرحلة الجديدة، لكنها معركة يجب أن يتحصن القائمون عليها بوعي شديد. فالدول الكبرى دون تمييز بين شرق وغرب تندفع بقوة نحو أفريقيا للقيام بأدوار متشابهة من أجل الاستحواذ على الثروات الحيوية المدفونة في القارة السمراء.. خذوا حذركم أيها الأفارقة حتى لا تتخلصوا من هينة غربية لتقعوا في خدعة قد تكون أشد قسوة ومرارة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه أفريقيا روسيا فرنسا النيجر انقلاب فرنسا النيجر روسيا أفريقيا مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة اقتصاد مقالات سياسة سياسة رياضة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الدول الأفریقیة

إقرأ أيضاً:

مصر تسلم رئاسة مجلس وزراء المياه الأفارقة لدولة السنغال

شهد الدكتور هاني سويلم وزير الموارد المائية والري، مراسم تسليم رئاسة مجلس وزراء المياه الأفارقة (الأمكاو) من جمهورية مصر العربية إلى جمهورية السنغال، خلال اجتماع إفتراضي شارك فيه عدد من الوزراء وكبار المسئولين الأفارقة ، وممثلى الدول الأعضاء بالأمكاو، وأعضاء اللجنة الإستشارية الفنية للأمكاو .

وأعرب الدكتور سويلم، فى كلمته بالإحتفالية، عن خالص تقديره للدول الإفريقية الشقيقة وامتنانه العميق لجميع الدول الأعضاء والشركاء وأصحاب المصلحة لدعمهم مصر خلال فترة رئاستها للامكاو مما أسهم فى تحقيق الرؤية المشتركة للقارة الإفريقية.

وتوجه بالتهنئة إلى الدكتور الشيخ تيجان جاي وزير المياه والصرف الصحي في السنغال بمناسبة توليه منصب رئيس الأمكاو، مشيراً إلى أن رئاسة السنغال للأمكاو ستوفر روابط قوية بين الأجندتين القارية والعالمية للمياه حيث تشغل السنغال منصب الرئيس المشارك لمؤتمر الأمم المتحدة للمياه ٢٠٢٦ إلى جانب دولة الإمارات، مما يضع على السنغال مسئولية ضمان التوافق في خطط العمل بين الاتحاد الأفريقي والمجتمع الدولي، خاصة ونحن نقترب من نهاية رؤية أفريقيا للمياه ٢٠٢٥ مع وجود العديد من الأهداف التي لم تتحقق بعد، مما يستدعي بذل جهود كبيرة لتحقيق مستقبل أفضل للمياه والصرف الصحي في القارة الأفريقية.

كما توجه الوزير بالتهنئة للدول الأعضاء التي تم ترشيحها من خلال العمليات الإقليمية الفرعية لتولي مسؤوليات القيادة في الأجهزة السياسية لـلأمكاو للفترة ٢٠٢٥ - ٢٠٢٧.

وأعرب الدكتور سويلم عن شكره لجميع نواب الرئيس وأعضاء اللجنة التنفيذية وأعضاء المجلس التنفيذي فى الفترة التي خدمت فيها مصر كرئيس للأمكاو من فبراير ٢٠٢٣ إلى فبراير ٢٠٢٥ وهم النواب من دول ( ساو تومي - كينيا - أنغولا و - بنين - موريتانيا).

وأضاف أنه بدعم نواب الرئيس الجدد واللجنة التنفيذية، ستواصل الأمكاو مهامها خلال العامين المقبلين ، كما أعبر سيادته عن تقديره العميق لجمهورية نيجيريا الاتحادية لما قدمته من حكمة وتوجيه، فضلاً عن التزامها باستضافة أمانة الأمكاو  في مدينة أبوجا بنيجيريا .

وأشار إلى ما تحقق من إنجازات خلال رئاسة مصر للأمكاو والمتمثلة في  قيادة الرؤية الإفريقية خلال مؤتمر الأمم المتحدة للمياه الذى عُقد في نيويورك في مارس ٢٠٢٣، واستضافة الجمعية العامة الثالثة عشرة في القاهرة في يونيو ٢٠٢٣ بمشاركة غير مسبوقة لأكثر من ٤٠ وزير، حيث تم افتتاح المركز الأفريقي للمياه والتكيف مع المناخ (PACWA) ليصبح مؤسسة قارية رائدة لبناء القدرات في أفريقيا، واستضافة الجلسة الاستثنائية الخامسة للجنة التنفيذية في مايو ٢٠٢٤، والاجتماع الرابع عشر للجنة التنفيذية في القاهرة فى أكتوبر ٢٠٢٤.

وتمتد الإنجازات لتشمل المشاركة الفعالة في قمة المناخ الأفريقية مما ساهم في تبني إعلان نيروبي الذي يبرز التحديات والفرص الاستراتيجية في مجال المياه والمناخ ، وتنظيم حدث أفريقي رفيع المستوى خلال إسبوع القاهرة السادس للمياه ٢٠٢٣، الذي جمع ٦ وزراء أفارقة للمياه لمناقشة الإجراءات المطلوبة لضمان أمن المياه في أفريقيا، والمشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ COP28 في الامارات حيث تم تعزيز النقاش حول وضع المياه في قلب التكيف مع تغير المناخ في أفريقيا.

كما شهد المنتدى العالمي العاشر للمياه في بالي بإندونيسيا تجسيدًا قويًا لوحدة إفريقيا حيث اجتمع الافارقة لتقديم رسالة موحدة تُوجت بإعلان بالي الذي يمثل شهادة على قوة الصوت الإفريقي على الساحة العالمية .

وتشرفت مصر باستضافة أسبوع المياه الأفريقي التاسع فى شهر أكتوبر ٢٠٢٤ بالتزامن مع إسبوع القاهرة السابع للمياه بحضور قياسي لأكثر من ٢٠٠٠ مشارك من الوزراء وصناع السياسات والخبراء وشركاء التنمية شاركوا في مناقشات حاسمة حول التحديات الملحة للمياه في القارة وأولوياتها المستقبلية، بما يعزز الالتزام الإفريقي بالإدارة المستدامة للمياه والتعاون العابر للحدود وتسليط الضوء على الحلول المبتكرة والشراكات الاستراتيجية، وانتهى الحدث بوضع خارطة طريق واضحة وقابلة للتنفيذ لتسريع التقدم في أجندة المياه الإفريقية، وإطلاق نداء موجه لقمة رؤساء الدول والحكومات لاعتماد المياه والصرف الصحي كموضوع رئيسي لعام ٢٠٢٦ ، والإعداد لمذكرة تفاهم مقترحة بين مجلس وزراء المياه الأفارقة (الامكاو) والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية .

وأضاف الوزير أنه على الرغم من التقدم المحرز، لا تزال تحديات المياه والصرف الصحي قائمة في قارتنا ، حيث يُظهر أحدث تقرير لمراقبة المياه والصرف الصحي في إفريقيا لعام ٢٠٢٤ (WASSMO) أن ٥٠% فقط من السكان يستخدمون خدمات مياه الشرب المدارة بأمان، ويستخدم ٤٥% فقط من السكان خدمات الصرف الصحى المأمونة، ولا تزال هناك فجوات كبيرة في البيانات، لا سيما فيما يتعلق بمعالجة مياه الصرف الصحي، مما يعيق التقييم الشامل للتقدم في جميع أنحاء القارة .

ولفت إلى أن هناك حاجة ماسة لرفع مكانة تمويل قطاع المياه والصرف الصحي لأعلى المستويات الوطنية ، وأن تواصل مفوضية الاتحاد الإفريقي والأمكاو الدعوة لإدراج تمويل المياه والصرف الصحي كعنصر دائم في جدول أعمال قمم رؤساء دول الاتحاد الإفريقي لإدراجه فى خطط التنمية الوطنية والميزانيات، مع تعزيز القدرات البشرية والمؤسسية وتحسين أنظمة المعلومات لدعم إدارة المياه بالقارة.

مقالات مشابهة

  • مصر تسلم رئاسة مجلس وزراء المياه الأفارقة لدولة السنغال
  • ما هي الدول الأوروبية التي ستشارك في "تحالف الراغبين" من أجل أوكرانيا؟
  • فرنسا تقترح هدنة جزئية لمدة شهر بين روسيا وأوكرانيا
  • وزير خارجية فرنسا: روسيا قرّبت منا خط جبهة القتال
  • فرنسا: روسيا قربت خط المواجهة منا كثيراّ
  • تفاصيل إطلالة سيلينا غوميز الخاطفة في حفل الأوسكار 2025.. 16,00 قطرة زجاجية
  • في ظل تأخر الرواتب.. المزارعون يهربون منتجاتهم والأسعار تحرق جيوب المواطنين - عاجل
  • السفير غملوش: القمة العربية الطارئة حول غزة ستثبت أننا لسنا دولا متشرذمة تختلف على قطرة ماء
  • رئيس الدولي للخماسي الحديث: مصر من أفضل الدول التي تنظم البطولات واللعبة أصبحت أكثر متعة وإثارة بالنظام الجديد
  • انتهى السلام الأمريكي وما يليه سيكون أسوأ