عربي21:
2025-03-12@23:49:19 GMT

بلومبيرغ: لماذا أصبح مضيق هرمز مصدر قلق مجددا؟

تاريخ النشر: 15th, August 2024 GMT

بلومبيرغ: لماذا أصبح مضيق هرمز مصدر قلق مجددا؟

نشر موقع "بلومبيرغ" الأمريكي تقريرا حول أسباب القلق المتجدد بشأن مضيق هرمز، خاصة أن هذا الممر المائي الضيق عند مدخل الخليج العربي نادراً ما يبتعد عن بؤرة التوترات العالمية.

وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن مضيق هرمز يُعتبر ممرا حيوياً تمر عبره حوالي 30% من تجارة النفط العالمية، مما يجعله محل مراقبة دائمة تحسباً لأي اضطراب.

وقد أعادت التهديدات الصادرة عن إيران لمعاقبة إسرائيل على اغتيال قائد رفيع في حركة حماس بطهران المخاوف بشأن سلامة الشحن عبر هذا الممر المائي الحيوي.

وذكر الموقع أن إيران استهدفت مراراً السفن التجارية التي تعبر هذا الممر الاستراتيجي على مر السنين، وهددت في الماضي بعرقلة حركة العبور فيه. ومن جهتها، تم تهدد طهران بشكل مباشر حركة المرور عبر مضيق هرمز هذه المرة، لكنها تدعم بنشاط المتمردين الحوثيين في اليمن الذين هاجموا السفن بالقرب من المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، مما يشير إلى أن إيران مستعدة لعرقلة الشحن العالمي لتحقيق أهدافها.

يربط مضيق هرمز الخليج العربي بالمحيط الهندي، ويحدهّ من الشمال إيران، ومن الجنوب الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان. ويبلغ طول المضيق حوالي 100 ميل (161 كيلومتراً)، ويصل عرضه إلى 21 ميلاً في أضيق نقطة، مع ممرات الشحن في كل اتجاه بعرض لا يتجاوز ميلين فقط. وضحالة عمق المضيق تجعل السفن عرضة للألغام، كما أن قربه من اليابسة، وخاصة من إيران، يعرّض السفن لهجمات محتملة بالصواريخ الموجهة من الشاطئ أو لاعتراضها بواسطة زوارق دورية وطائرات هليكوبتر.

وذكر الموقع أن مضيق هرمز يلعب دوراً حيوياً في التجارة العالمية للنفط. ووفقاً للبيانات التي جمعتها "بلومبرغ"، نقلت ناقلات النفط حوالي 15.5 مليون برميل يومياً من النفط الخام والمكثفات من السعودية والعراق والكويت والإمارات وإيران عبر المضيق خلال الربع الأول من سنة 2024. ويعد هذا المضيق أيضاً محورياً لتجارة الغاز الطبيعي المسال، حيث يمر عبره أكثر من خمس الإمدادات العالمية، معظمها من قطر.

وأضاف الموقع أن إيران استخدمت مضايقة السفن في الخليج على مدى عقود كوسيلة للتعبير عن استيائها من العقوبات المفروضة عليها، أو كوسيلة ضغط في النزاعات. في 13 نيسان/ أبريل، قبل ساعات من شن هجوم بطائرات بدون طيار وصواريخ على إسرائيل، قامت قوات الحرس الثوري الإيراني باحتجاز سفينة حاويات مرتبطة بإسرائيل بالقرب من مضيق هرمز بين الخليج العربي وخليج عمان. وقد أفرجت إيران عن طاقم السفينة في أوائل أيار/ مايو، وذلك وفقًا لما ذكرته مجلة "لويدز ليست" المتخصصة في التجارة. وادعت طهران أن سفينة إم إس سي آريس انتهكت القوانين البحرية، لكن المحللين أشاروا إلى أن الدافع كان مرتبطًا بملكية السفينة الإسرائيلية.

وأوضح الموقع أن إيران عندما احتجزت ناقلة متجهة إلى الولايات المتحدة في نيسان/ أبريل 2023، زعمت أن السفينة اصطدمت بسفينة أخرى. لكن هذا الإجراء بدا وكأنه انتقام لاحتجاز السلطات الأمريكية سفينةً محمّلة بالنفط الإيراني قبالة سواحل ماليزيا بزعم انتهاك العقوبات. وفي أيار/ مايو 2022، احتجزت إيران ناقلتين يونانيتين واحتفظت بهما لمدة ستة أشهر، في رد محتمل على مصادرة السلطات اليونانية والأمريكية للنفط الإيراني على متن سفينة أخرى. وفي النهاية، تم الإفراج عن الشحنة وناقلتي النفط اليونانيتين. كما أفرجت إيران عن النفط على متن ناقلة قالت إنها احتجزتها في كانون الثاني/ يناير "رداً على سرقة النفط من قبل الولايات المتحدة".

وذكر الموقع أن إيران لم تقم حتى الآن بإغلاق مضيق هرمز. خلال الحرب بين العراق وإيران (1980 إلى 1988) هاجمت القوات العراقية محطة تصدير النفط في جزيرة خارك، شمال غرب المضيق، جزئياً لاستفزاز إيران للرد بعمل يجبر الولايات المتحدة على التدخل في النزاع. وبعد ذلك، في ما يُعرف بـ "حرب الناقلات"، هاجم الطرفان 451 سفينة، مما رفع بشكل كبير تكلفة تأمين الناقلات وساهم في ارتفاع أسعار النفط. في سنة 2011، عندما فُرضت عقوبات على إيران، هددت بإغلاق المضيق، لكنها تراجعت في النهاية عن هذا التهديد. 


وأضاف الموقع أن تجار النفط يشكّون في أن إيران قد تغلق المضيق بالكامل، لأن ذلك سيمنعها من تصدير نفطها أيضاً. بالإضافة إلى ذلك، فإن البحرية الإيرانية لا تقارن بأسطول البحرية الأمريكية الخامس والقوات الأخرى في المنطقة. وقد صّرح العميد علي رضا تنغسيري، قائد القوات البحرية للحرس الثوري الإيراني، قبل احتجاز السفينة إم إس سي آريس بقليل، أن إيران لديها خيار تعطيل حركة المرور عبر مضيق هرمز، لكنها تختار عدم القيام بذلك.

وأكد الموقع أن حماية مضيق هرمز كانت دائماً محل اهتمام كبير. خلال حرب الناقلات، لجأت البحرية الأمريكية إلى مرافقة السفن عبر الخليج. وفي سنة 2019، أرسلت الولايات المتحدة حاملة طائرات وقاذفات بي 52 إلى المنطقة. وفي نفس السنة، أطلقت الولايات المتحدة عملية "سينتينيل" ردًا على تعطيل إيران لحركة الشحن. وانضمت عشر دول أخرى، بما في ذلك المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين، إلى هذه العملية التي تُعرف الآن باسم "التشكيل الدولي لأمن الملاحة".

ومنذ أواخر سنة 2023، تحوّل الكثير من التركيز على حماية الشحن بعيدًا عن مضيق هرمز نحو البحر الأحمر الجنوبي ومضيق باب المندب الذي يربط البحر الأحمر بخليج عدن والمحيط الهندي. وقد أصبحت الهجمات التي يشنها المتمردون الحوثيون في اليمن على السفن التي تدخل أو تخرج من البحر الأحمر مصدر قلق أكبر من مضيق هرمز. وتعمل قوة بقيادة الولايات المتحدة في البحر الأحمر على حماية حركة الشحن في تلك المنطقة.

وأشار الموقع إلى أن السعودية هي أكبر مصدر للنفط عبر مضيق هرمز، إلا أنها بدأت مؤخراً تحويل بعض الشحنات إلى أوروبا باستخدام خط أنابيب بطول 746 ميلاً عبر المملكة إلى محطة في البحر الأحمر، مما يسمح لها بتجنب المرور عبر مضيق هرمز والبحر الأحمر الجنوبي. كما يمكن للإمارات العربية المتحدة تصدير جزء من نفطها دون الاعتماد على المضيق، وذلك عبر إرسال 1.5 مليون برميل يومياً عبر خط أنابيب من حقولها النفطية إلى ميناء الفجيرة على خليج عمان. أما بالنسبة للعراق، ومع إغلاق خط أنابيب النفط إلى البحر الأبيض المتوسط لأكثر من سنة، فإن جميع صادراته النفطية تُشحن حالياً بحراً من ميناء البصرة عبر المضيق، مما يجعله معتمداً بشكل كبير على حرية المرور عبر المضيق. ولا تملك الكويت وقطر والبحرين أي خيار سوى شحن نفطها عبر هذا الممر المائي. ومعظم النفط الذي يمر عبر مضيق هرمز يتجه إلى آسيا، لذا فإن إغلاقه سيكون أقل أهمية بالنسبة لداعمي إسرائيل في الغرب.

للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية هرمز اليمن السعودية السعودية اليمن الاحتلال هرمز صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة عبر مضیق هرمز البحر الأحمر المرور عبر هذا الممر

إقرأ أيضاً:

لماذا علاقة ترامب وبوتين مثيرة للمخاوف بشدة؟

أبانت مقابلة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لرئيس أوكرانيا في البيت الأبيض توجّهًا جديدًا في السياسية الخارجية الأميركية نحو العلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية، وروسيا من جهة، وبين دور الولايات المتحدة الأميركية في حماية أوروبا واستمرار دعمها أوكرانيا من جهة أخرى.

أظهرت المقابلة أيضًا صلفًا دبلوماسيًا أميركيًا لم يعهده البيت الأبيض من قبل متجاوزةً اللباقة والأعراف الدبلوماسية المتعارف عليها دوليًا. وربما سيذكر التاريخ لاحقًا هذه المقابلة باعتبارها نقطة إعادة تشكيل أولويات السياسة الخارجية الأميركية، ومن ثم ملامح نظام عالمي جديد مُتعدّد الأقطاب، لا تلعب فيه الولايات المتحدة الأميركية دور الشرطي العالمي كما كان العهد بها منذ انهيار الاتحاد السوفياتي السابق في مطلع التسعينيات من القرن الماضي.

يحاول الرئيس الأميركي ترامب جاهدًا تغيير اتجاه أولويات السياسة الخارجية الأميركية تغييرًا لم يحدث في تاريخها الحديث منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

ترامب والترتيبات الأمنية لما بعد الحرب العالمية الثانية

انتهج الآباء المؤسّسون للولايات المتحدة الأميركية سياسةً خارجيةً تقوم على العزلة السياسية، والابتعاد كليةً عن الصراعات الأوروبية، والانكفاء على تطوير الولايات المتحدة الأميركية.

إعلان

استمرّت سياسة العزلة لفترةٍ طويلةٍ حتى قيام الحرب العالمية الأولى، حيث دخلت الولايات المتحدة الحرب بعد سنتين من اشتعالها ليعود الجنود الأميركيون إلى وطنهم بعد نهاية الحرب، وتعود الولايات المتحدة الأميركية مرةً أخرى لانتهاج سياسة العزلة الدولية، والابتعاد عن الصراعات الأوروبية وغيرها في العالم.

لقد كانت حادثة الهجوم الياباني ضد قاعدة بيرل هاربر الأميركية سببًا مباشرًا لدخول الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية لترجح كفّة الحلفاء، وتصيب ألمانيا واليابان وحلفاءهما بخسائر فادحةٍ تتوّجت باستسلامهما ونهاية الحرب.

تخلّت الولايات المتحدة الأميركية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية عن سياسة العزلة الدولية وتبنّت سياسةً دوليةً جديدةً تلعب فيها دور الشرطي العالمي، وقامت بمساعدة القوى الدولية الأخرى الحليفة لها ببناء مؤسّسات ومنظمات دولية، مثل الأمم المتحدة، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، ومنظمة "الغات" للتجارة العالمية – التي تطوّرت لاحقًا لتصبح منظمة التجارة العالمية- لتشكّل بذلك ملامح النظام الدولي الممتد منذ ذلك الحين إلى وقتنا الراهن.

كما كان أحد الترتيبات الدولية التي التزمت به الولايات المتحدة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية لحلفائها في أوروبا الغربية هو توفير مظلة حماية عسكرية لهم من خلال حلف الناتو كأقوى تحالف عسكري دولي تلعب فيه الولايات المتحدة دورًا رئيسيًا.

وإذا تركنا الضجيج الإعلامي- الذي غالبًا ما يصاحب تصريحات الرئيس ترامب- نجد أن الأخير قد أدرك إدراكًا كاملًا التكلفة المالية الباهظة لقيادة الولايات المتحدة للعالم، وخاصةً في حماية أوروبا، ومواجهة روسيا، وغيرها.

 فاز ترامب بالانتخابات الرئاسية الماضية، بسبب رفعه شعار "أميركا أولًا وجعل أميركا عظيمة مرة أخرى"، ولعلّ هذا الشعار يشكّل إعلانًا رسميًا غير مباشر من الرئيس ترامب بأن دور الهيمنة الأميركية قد انتهى، مما سيفتح الباب على مصراعيه لظهور قوى دولية جديدة تحاول ملء الفراغ الذي سيشكله غياب الدور العسكري الأميركي في قارة أوروبا، ومناطق أخرى من العالم.

إعلان

ستثير هذه التغيرات، بلا شك، أسئلةً مهمةً لدى دولٍ عديدةٍ في القارة الأوروبية مثل ألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا، وإيطاليا حول قراءة المواقف الأميركية الأخيرة من حرب أوكرانيا وإعادة العلاقات الدبلوماسية والتجارية بين أميركا وروسيا.

لقد أدركت أوروبا أن عهد الحماية الأميركية ربما شارف على الانتهاء، وبالتالي فعليها اتخاذ خطوات عملية سريعة حاسمة لتشكيل قوة دفاعية أوروبية خالصة ضد الأطماع الروسية التوسعية حيال أوروبا.

هل تستطيع أوروبا تشكيل كتلة عسكرية خاصة بها؟

لا تبدو أوروبا في أحسن حالٍ وهي تحاول أن تتلمس خطاها في التعامل مع الرئيس الأميركي ترامب، فهي من جهة لا تريد قطع شعرة معاوية التي بينها وبين الولايات المتحدة الأميركية، ومن جهة أخرى لا تستطيع أن تتحمل بمفردها أعباء التكلفة المالية الضخمة لحماية القارة الأوروبية، وكذلك دعم مجهودات الحرب، ومواجهة روسيا في أوكرانيا بدون الدعم الأميركي القوي.

لقد عرضت فرنسا المساهمة في مد أوروبا بمظلة نووية تحميها وتردع بها روسيا من أي هجمات عدوانية مستقبلية، كما التزمت بمواصلة دعم أوكرانيا حتى ولو تخلّى الرئيس ترامب عن أوكرانيا وأوروبا كليةً. كما أبدت فرنسا وبعض الدول الأوروبية الأخرى رغبتها في إرسال قوات حفظ سلام دولية لمراقبة أي اتفاق لوقف إطلاق النار في أوكرانيا، الأمر الذي ترفضه روسيا حاليًا بشدة.

لقد بدأت آثار توجهات سياسة ترامب الخارجية حيال أوكرانيا وروسيا تظهر في دفع أوروبا للإعلان عن زيادة ميزانية الدفاع والأمن الوطني بها زيادةً غير مسبوقة، مما سيزيد من مساهمتها في حلف الناتو العسكري.

ولعل الحرب الأوكرانية ستشكل علامة فارقة في الإنفاق العسكري الألماني، حيث زادت إنفاقها منذ بداية الحرب الأوكرانية إلى حوالي مئة مليار دولار أميركي. وستحاول الحكومة القادمة في ألمانيا مواصلة زيادة الإنفاق العسكري والاقتصادي لدعم مظلة الدفاع الأوروبية في ظل مخاوف حقيقية من مستقبل حلف الناتو.

إعلان

ولولا وجود تشريع من الكونغرس الأميركي يمنع الرئيس الأميركي من الانسحاب من حلف الناتو العسكري منفردًا دون الرجوع إلى الكونغرس، لوجد ترامب الطريق سهلًا للانسحاب منه مبكرًا.

تمتلك أوروبا خيارات كثيرة أخرى تستطيع أن تساعد بها أوكرانيا رغم المشاكل الاقتصادية والسياسية التي تمر بها القارة العجوز، فمثلًا، تستطيع أن تُصادر الأصول المالية الروسية – المقدرة بحوالي 200 مليار دولار أميركي- لدعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا، إلا أن مثل هذا القرار سيثير حفيظة روسيا إثارة كبيرة ذات عواقب وخيمة.

سر العلاقة بين ترامب وبوتين

في الماضي، كان أي تقارب أميركي روسي مبعث أمل في استقرار الأمن العالمي وإشاعة روح السلام الدولي. وعلى الرغم أن دعوات الرئيس ترامب لتحسين العلاقات مع روسيا ورفع العقوبات الاقتصادية عنها، وإيقاف الحرب في أوكرانيا حتى يتجنّب العالم حربًا عالميةً ثالثة تبدو أمرًا حسنًا، فإن هذا التقارب بين الرئيسين ترامب وبوتين يبدو في ظاهره غريبًا ومثيرًا لمخاوف كثيرة بدلًا من أن يبعث الأمل لدى العديد من الفاعلين الدوليين.

تبدو العلاقة الخاصة بين ترامب وبوتين محيّرة للكثير من المراقبين والسياسيين الأميركيين، فبينما لا يألو الرئيس ترامب جهدًا في الرد بقسوة على أي خصم سياسي أو حتّى ناشطٍ سياسي، نجده يتحفظ بشكل ملحوظ في إبداء النقد حيال الرئيس بوتين، بل تبدو سياسته حيال الحرب في أوكرانيا شبه متماهية مع الإستراتيجيات الروسية.

فهو على سبيل المثال، ضاعف ضغوطه ضدّ أوكرانيا حتى ترضخ لشروط السلام مع روسيا من خلال تجميد المساعدات الأميركية لها، الأمر الذي سيشكّل خطورةً كبيرةً على سير العمليات العسكرية فيها، إلا إذا تراجع ترامب عن قراره، أو تدخّلت الدول الأوروبية بقوة لتعويض فقدان الدعم الأميركي لأوكرانيا.

سيحاول الرئيس الروسي الاستفادة القصوى من التقارب الأميركي لفكّ الحصار الاقتصادي والعزلة الدولية لروسيا دون تقديم أي تنازلات أساسية في الحرب الأوكرانية، وربما استطاع الاحتفاظ بجزء من الأراضي التي احتلتها قواته في أوكرانيا، معزّزًا بذلك المخاوف الأوروبية من التوسعات الروسية.

إعلان

لا شك أن مواقف الرئيس ترامب الجديدة حيال أوكرانيا وروسيا ستدفع أوروبا لتكون أكثر استقلاليةً عن الولايات المتحدة، كما ستجعل من روسيا قوة دولية لا يستهان بها، تستطيع خوض الحروب وقضم أراضي الدول الأخرى دون رادع أو عواقب وخيمة.

لقد بدأ ترامب ولايته الثانية بتفكيك قواعد النظام العالمي الذي أسّسته الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وقامت على الاعتناء به والمحافظة عليه عقودًا طويلة جعلت منها الشرطي الآمِر والناهي.

وإذا استمر الحال – كما هو عليه الآن- فسيكون ثمة نظام عالمي جديد متعدّد الأقطاب يضم الولايات المتحدة،  وروسيا، وأوروبا المستقلة عن الولايات المتحدة، بالإضافة إلى الصين، ودول أخرى ستحاول أن تجد لها موطأ قدمٍ في هذا العالم متعدّد الأقطاب، مثل الهند، والبرازيل، وتركيا.

وتكمن خطورة التعامل مع ترامب في ولايته الثانية في كونه أصبح يشعر شعورًا مبالغًا فيه بقدرته على حل الكثير من المشاكل الداخلية للولايات المتحدة الأميركية، وكذلك المشاكل العالمية المعقّدة اعتمادًا على رؤية سياسية لا تخضع للفحص والمراجعة من قبل فريق استشاري متمرّس، كما كان الحال أثناء فترة ولايته الأولى.

ربما يكون بمقدور ترامب تقرير حفاظ الولايات المتحدة على الترتيبات الأمنية لما بعد الحرب العالمية الثانية، ولكن لن يكون في مقدوره السيطرة الكلية على كيفية تشكل نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب.

وسوف تكشف السنوات المقبلة ما إذا كان ذلك النظام- حال قيامه- سيصنع عالمًا يتسم بالأمن والاستقرار، أم سيكون أشبه بالنظام العالمي لفترة ما بين الحربين العالميتين؛ الأولى والثانية، حيث كان التنافس الدولي، والأطماع الاستعمارية في أوج استعارهما.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • لماذا علاقة ترامب وبوتين مثيرة للمخاوف بشدة؟
  • الإنتاجية هي كل شيء.. لماذا تغفل السياسات الاقتصادية ما يهم حقًا؟
  • باحث أمريكي: المزاج الوطني المتوتر في إيران قد يعقرل الجهود الأمريكية للتفاوض
  • باحث أمريكي: المزاج الوطني المتوتر في إيران قد يعرق الجهود الأمريكية للتفاوض
  • إنفستوبيدبا: لماذا يمر الدولار بأسوأ عام له منذ عام 2008؟
  • عاجل الآن: تشابكات إلكترونية في مضيق هرمز
  • وزارة النفط:سنشتري الغاز من قطر وعُمان بدلاً من إيران
  • مصدر إيراني لـبغداد اليوم: خيار واحد أمام ترامب لاستئناف المفاوضات النووية
  • تذبذب النفط مدفوعا بتأثير العقوبات على إيران والدولار يتراجع
  • هل يستغل ترامب ضعف إيران؟