"حكومة غزة": وفاة ألف فلسطيني إثر إغلاق معبر رفح منذ 100 يوم
تاريخ النشر: 15th, August 2024 GMT
أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، الأربعاء، وفاة أكثر من ألف طفل وجريح ومريض فلسطيني جراء سيطرة إسرائيل على معبر رفح البري جنوبي قطاع غزة وإغلاقه، منذ 100 يوم.
وقال مدير المكتب، إسماعيل الثوابتة، في مؤتمر صحفي عقد وسط قطاع غزة: "إغلاق المعبر (من قبل إسرائيل)، منذ 100 يوم، تسبب بوفاة أكثر من 1000 طفل ومريض وجريح، والكارثة الإنسانية تتعمق في قطاع غزة على كل الأصعدة".
وأضاف، إن إسرائيل منذ إغلاق المعبر منعت سفر 25 ألف مريض وجريح لديهم طلبات سفر وتحويلات للعلاج في الخارج، توفي منهم ألف طفل ومريض وجريح.
وحذر من أن "حياة المرضى والجرحى الآخرين مهددة بالموت بسبب سياسة الاحتلال غير الإنسانية وغير الأخلاقية بمنعهم من السفر لتلقي العلاج"، وفق قوله.
وعن دخول المساعدات، قال الثوابتة إن إسرائيل تواصل منذ 100 يوم "منع إدخال المستلزمات الطبية والوفود الصحية والأدوية والعلاجات والمساعدات بأنواعها المختلفة".
وأوضح أن ذلك تسبب في "تأزيم الواقع الصحي والإنساني بشكل خطير".
وقال عن ذلك: "الاحتلال يواصل إغلاق معبر رفح الحدودي بعد أن قام بإحراقه وتجريفه وإخراجه عن الخدمة، بالتزامن مع تعمُّق الكارثة الإنسانية في قطاع غزة بشكل غير مسبوق وعلى كل الأصعدة ومناحي الحياة كافة".
واعتبر الثوابتة أن إغلاق المعبر "جريمة ومخالفة قانونية واضحة ضد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وجميع الاتفاقيات الدولية".
وحمل إسرائيل والإدارة الأمريكية "المسؤولية الكاملة عن التداعيات الخطيرة لإغلاق معبر رفح ومنع إدخال المستلزمات الطبية والوفود الصحية ومنع إدخال المساعدات، ووفاة الأطفال والمرضى".
وطالب المجتمع الدولي وكل المنظمات الدولية والأممية ودول "العالم الحر" بـ"الضغط على الاحتلال وعلى الإدارة الأمريكية لوقف حرب الإبادة الجماعية، والضغط في اتجاه فتح معبر رفح الحدودي ووقف هذه الكارثة الإنسانية الخطيرة".
وفي 6 مايو/ أيار الماضي أعلن الجيش الإسرائيلي بدء عملية عسكرية في رفح متجاهلا تحذيرات دولية من تداعيات ذلك على حياة النازحين بالمدينة، وسيطر في اليوم التالي على معبر رفح الحدودي مع مصر.
وبدعم أمريكي تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حربا مدمرة على غزة خلفت أكثر من 132 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل تل أبيب الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
المصدر: الموقع بوست
إقرأ أيضاً:
نزع الإنسانية عن أهالي غزة
تموج الحروب بقصص وحكايات يشيب لهولها الولدان، وكلما طال أمد الحرب كثرت الحكايات وتعددت المآسي. وهي كلها قصص من البؤس تدعو للتعاطف عند ذوي الفطرة السوية وليس من أفسدت العنصرية والمال فطرتهم. وحرب غزة الحالية ليست استثناء، فهناك عملية نزع أنسنة ممنهجة مستمرة على مستويات مختلفة، لا ترى في البشر الذين يعيشون في هذه البقعة كائنات من لحم ودم ومشاعر.
لا شك أن ما يمر به الفلسطينيون من سكان قطاع غزة يفوق في هوله أي هول آخر، وأن صمودهم الجماعي يفوق أي صمود آخر، لكنهم في النهاية بشر وليسوا مادة في صفقات تجارية كما يريد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن يصورهم، وليسوا أيضا حيوانات بشرية على حد تعبير وزير الدفاع الإسرائيلي.
تصف الموسوعة البريطانية مصطلح نزع الأنسنة (Dehumanization) بعملية تجريد للبشر من صفاتهم الإنسانية كمبرر لمعاملتهم معاملة غير آدمية، مثل ممارسة التعذيب ضدهم. فالإنسان السوي الطبيعي لا يقبل أن يقتل إنسانا من دون وجه حق ولا حتى أن يمنعه الطعام.
كل محاولات العقاب الجماعي ومنع الغذاء والدواء عن أهالي القطاع المحاصرين هي في جوهرها مبنية على فكرة نزع الإنسانية عن هؤلاء السكان، فمن يقوم بهذا الفعل الشنيع أو يؤيده لا يرى في البشر هناك سوى كتل صماء عليها أن تتماهي مع مقترحات سياسية معينة تحت ضغط القوة المطلقة، من دون أي اعتبار لحق أو كرامة أو دين
والإنسانية وفق هذا المفهوم هي مقابل الهمجية وفق رؤية المفكر الفلسطيني الأمريكي الدكتور إدوارد سعيد، والتي بلورها في آخر مقال لها قبل رحيله في صحيفة لوموند ديبلوماتيك الفرنسية عام 2003. وهي ليست الأنسنة بمعنى التمركز حول الذات، وهو المفهوم الذي ينتقده المفكر المصري الراحل الدكتور عبد الوهاب المسيري. وللمفارقة فإن آخر مقال للمسيري قبل رحيله كان بعنوان "الإنسان والشيء"، ينتقد فيه ما يصفه تشييء الإنسان أي جعل الإنسان مادة استهلاكية واستعمالية بالنظر إلى الجانب المادي فيه حصرا دون الجانب الروحي.
إن كل محاولات العقاب الجماعي ومنع الغذاء والدواء عن أهالي القطاع المحاصرين هي في جوهرها مبنية على فكرة نزع الإنسانية عن هؤلاء السكان، فمن يقوم بهذا الفعل الشنيع أو يؤيده لا يرى في البشر هناك سوى كتل صماء عليها أن تتماهي مع مقترحات سياسية معينة تحت ضغط القوة المطلقة، من دون أي اعتبار لحق أو كرامة أو دين.
وليس أدل على هذه النظرة من مقترح الرئيس الأمريكي لإيجاد مساكن لأهالي غزة خارجها والاستفادة من الموقع الجغرافي في مشاريع استثمارية. الأمر هنا لم يعد متعلقا بأمن إسرائيل بقدر ما هو بالعودة للنظرة الغربية الاستعمارية في جهورها للعالم العربي والإسلامي. وهي تجسيد سياسي حي وواضح لمقولة كارل ماركس التي افتتح فيها إدوارد سعيد كتابه الاستشراق: "إنهم لا يستطيعون تمثيل أنفسهم، لا بد وأن يمثلهم أحد"، وذلك في معرض حديثه عن الشرق والشرقيين.ظرة الدونية لا تستهدف أهالي غزة وحدهم، بل هي من بقايا الاستشراق الذميم من مخلفات العهود الاستعمارية في نظرتها العنصرية التي تستحل أراضي وممتلكات الغير باسم الحداثة والتقدم وبالتالي فإن كل نقاش سياسي واقتصادي للأوضاع في غزة على هذه الأرضية التي تنزع عن الأهالي صفاتهم الإنسانية هو أمر غير منطقي وغير عقلاني؛ لأنه مبني بالأساس على كون هؤلاء البشر أقل من غيرهم وليست لهم الصفات الإنسانية التي تجعلهم جديرين بالحياة.
ومن هنا نفهم منطلقات التضامن العالمي لبعض الحركات الشعبية والأفراد مع القضية الفلسطينية بشكل عام وقضية غزة بشكل خاص؛ أنها منطلقات من الضمير الإنساني البسيط في نسخته غير الملوثة بجشع المال والعنصرية. وهي تتعامل مع أهالي غزة كبشر لهم الحق في الحصول على مقوماتها الأساسية قبل الحديث عن أية قضايا سياسية أو عسكرية أخرى.
وهذه النظرة الدونية لا تستهدف أهالي غزة وحدهم، بل هي من بقايا الاستشراق الذميم من مخلفات العهود الاستعمارية في نظرتها العنصرية التي تستحل أراضي وممتلكات الغير باسم الحداثة والتقدم. وقدر أهل غزة الكرام أن يكونوا رأس حربة في مواجهة الوجهة الوحشي العسكري لهذا الإجرام.
x.com/HanyBeshr