الغطاء النباتي في القارة القطبية يتسع.. وكوكب الأرض يختنق
تاريخ النشر: 15th, August 2024 GMT
تعد القارة القطبية الجنوبية أرضا قاحلة تكثر فيها العواصف الثلجية، وتكاد تنعدم فيها معالم الحياة المألوفة على كوكب الأرض الزاخر بالكائنات الحية المختلفة والأنماط الحياة المتشعبة.
إلا أن ما رصده الرحالون والمقيمون في تلك المناطق النائية مؤخرا، كان ظهور غطاء نباتي على اليابسة على نحو ملحوظ في بعض النقاط، بسبب ذوبان الثلوج المتراكمة وانخفاض درجة الحرارة نسبيا، ويعزى ذلك إلى مشكلة الاحتباس الحراري الآخذة بالنمو منذ عدة عقود.
وتستعرض الدراسة الجديدة التي أجراها باحثون من جامعة إدنبره وجامعة كامبردج في دورية "نيتشر جيوساينس" خريطة شاملة لتوسع رقعة الغطاء النباتي في القارة القطبية بمساعدة الأقمار الصناعية، ويظهر انتشار غير مسبوق لبعض النباتات والطحالب في مناطق غير متوقعة مما يعد نذير خطر.
إحدى الدراسات تشير إلى أن عشبتي الشعر واللؤلؤ القطبتين أخذتا بالانتشار بمعدلات أسرع بـ5 إلى 10 مرات مما كانتا عليه سابقا (فيليكس جريو) طحالب وأعشاب تتحدى الثلوج الجامحةتعد القارة القطبية الجنوبية أحدث قارات الأرض اكتشافا، وتقع في أقصى النصف الجنوبي للأرض، متمركزة بشكل غير متماثل حول القطب الجنوبي للكوكب، ويحيط بها المحيط القطبي الذي يمتد من سواحل القارة حتى خط عرض 60 درجة جنوبا، وقد مضى قرابة القرنين فقط منذ أن حطت أول قدم إنسان عليها، وفقا للسجلات التاريخية.
وبالنظر إلى موقعها الجغرافي المحوري -الواقع تماما عند محور الأرض- فإن الظروف القاهرة للقارة تجعلها في حالة من التجمد القاسي طوال العام، كما تبلغ مساحتها 13.7 مليون كيلومتر مربع، لتغطي بذلك نحو 8% من إجمالي اليابسة على الأرض.
وتشير التقارير الصادرة عن وكالة الفضاء "ناسا" إلى أن معدل الذوبان في القارة المتجمدة بين عامي 2002 و2023 بلغ ما متوسطه 150 مليار طن متري من الجليد سنويا. كما أشار تقرير التقييم السادس الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ إلى أنّ ارتفاعا قد حدث في متوسط منسوب المياه بنحو 0.2 متر منذ عام 1990. وقياسا على ذلك، يقدّر العلماء ارتفاعا آخر سيصل إلى متر واحد مع حلول عام 2100، وربّما يصل إلى 5 أمتار مع حلول عام 2150، وهو أمر لا يمكن استبعاده نظرا للتدهور السريع في تركيبة الغلاف الجوي للأرض.
وعليه فإنّ الذوبان المستمر دفع إلى بروز يابسة القارة القطبية في أنحائها، مما ساعد على ظهور بعض من الطحالب والأعشاب التي رصدتها كاميرات عدة، وتظهر دراسة قام عليها باحثون بريطانيون وإيطاليون حول معدل انتشار عشبة الشعر القطبية وعشبة اللؤلؤ القطبية بمعدل أسرع بنحو 5 إلى 10 مرات العقد الماضي مقارنة بما كانتا عليه في العقود الخمسة الأولى في أثناء العمل على الدراسة، وذلك يتعلق بشكل مباشر بتغير متوسط درجة حرارة القطب.
خريطة شاملة تعكس حجم الضررورغم أن الغطاء النباتي في دلالته الدائمة يعكس مدى ازدهار الحياة والمستقبل المشرق، فإن الأمر ليس كذلك عند ظهوره في مناطق يجب أن تبقى متجمدة للحفاظ على متوسط درجة حرارة الكوكب والمنع من ارتفاع منسوب المياه الذي سيغرق مدنا ساحلية بأكملها، من بينها نيويورك وجاكرتا وعديدا من المدن العالمية المكتظة بالسكان، وحتى من المتوقع غرق بلاد بأكملها مثل المالديف إذا ما سارت الأمور على شكلها الحالي.
وترصد الخريطة الحديثة للغطاء النباتي في القارة الجنوبية نحو 44.2 كيلومترا مربعا من الأراضي الخضراء، ويقع معظمها في شبه الجزيرة القطبية الجنوبية والجزر الساحلية المجاورة. وتشكل هذه المساحة الخضراء نحو 0.12% من إجمالي مساحة القارة القطبية الجنوبية.
وقد اعتمد الباحثون على صور مكثفة من الأقمار الصناعية ساعدتهم على رسم خريطة شاملة للقارة، والتركيز على الأنواع النباتية القادرة على الصمود في ظل الظروف القاسية. وعلى الرغم من أن نسبة الغطاء النباتي الذي تمثله حجم القارة صغيرة نسبيا، فإن ذلك قد يكون فاتحة لما هو أعظم، ويعكس مستقبلا خطيرا على سكان الكوكب.
وتضم الطبقة الجليدية في جوف القارة القطبية نحو 25 مليون كيلومتر مكعب من الجليد، وإذا تعرّضت تلك الكتلة الجليدية الضخمة للذوبان تحت أيّ ظرف أو طارئ، فإنّ متوسّط مستوى سطح البحر سيرتفع بمقدار 61 مترا، وهذا يعني أنّ جميع الأبنية التي تتألف من 18 طابقا سيلتهمها الماء وتطمر كلّ ما هو أقل منها ارتفاعا.
وقياسا على ذلك فإنّ تغيرات جوهرية ستطرأ على كوكب الأرض والكائنات الحية، لا سيما تلك المناطق الساحلية التي يقطنها 40% من سكان الكوكب، أي نحو 3 مليارات نسمة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات القطبیة الجنوبیة القارة القطبیة الغطاء النباتی النباتی فی فی القارة
إقرأ أيضاً:
أوكرانيا على مشارف كارثة نووية تهدد أمن القارة العجوز بأكملها.. ماذا يحدث؟
تزداد المخاوف العالمية خلال الفترة الأخيرة بشأن التهديدات النووية التي قد تطال أوروبا؛ فالهجمات الروسية الأخيرة على شبكة الكهرباء الأوكرانية، باستخدام الصواريخ والطائرات المُسيّرة، وضعت ثلاث محطات نووية رئيسية في خطر، ما أثار دعوات عاجلة للتدخل الدولي وتكثيف الرقابة لتجنب كارثة نووية جديدة، بحسب ما وصفت قناة القاهرة الإخبارية.
ماذا حدث في الهجمات الروسية الأخيرة؟
وقد أفادت مذكرة إحاطة أعدتها منظمة السلام الأخضر، ونشرتها صحيفة الجارديان البريطانية، بأن الهجمات الروسية على شبكة الكهرباء الأوكرانية، الأحد الماضي، زادت من خطر الفشل الكارثي، ما يهدد بتوقف عمل المفاعلات النووية في البلاد؛ إذ استهدفت تلك الهجمات محطات كهرباء فرعية حيوية ترتبط مباشرة بتشغيل محطات الطاقة النووية الثلاث المتبقية في أوكرانيا، وهي محطات ريفني وخميلنيتسكي في الغرب، ومحطة جنوب أوكرانيا.
وقال شون بيرني، الخبير النووي في منظمة السلام الأخضر، وفق صحيفة كييف بوست الأوكرانية، إن هذه الضربات تشكّل استخدامًا متعمدًا للتهديد النووي كسلاح في الصراع، محذرًا من أن روسيا تخاطر بوقوع كارثة نووية تتجاوز في خطورتها هيروشيما وتشيرنوبيل.
دعوات للتدخل الدوليوقد دعت منظمة السلام الأخضر روسيا إلى وقف فوري لهجماتها على شبكة الطاقة الأوكرانية، كما طالبت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بنشر مراقبين دائمين في المحطات الفرعية المرتبطة بالمفاعلات النووية، فيما أكدت الحكومة الأوكرانية دقة التحليل الفني لمنظمة السلام الأخضر، مشيرة إلى أن هذه الهجمات تضع المحطات النووية أمام تحديات غير مسبوقة.
وقد شملت الهجمات الروسية أكثر من 210 صواريخ وطائرات بدون طيار، استهدفت منشآت توليد ونقل الكهرباء في جميع أنحاء أوكرانيا.
وسُمع دوي انفجارات في عدة مدن رئيسية، منها «كييف، أوديسا، وميكولايف جنوبًا، وكريفي ريه وبافلوهراد وفينيتسا» وسط البلاد، إضافة إلى «ريفني وإيفانو فرانكيفسك» غربًا، وامتدت تأثيرات الهجمات إلى المناطق الحدودية مع مولدوفا، حيث تتصل شبكة الكهرباء الأوكرانية بشبكة أوروبا.
إلى أين تشير التقديرات بخصوص المفاعلات الثلاثة؟وتشير التقديرات إلى أن المواقع الثلاثة للمفاعلات النووية تمثل نحو ثلثي إنتاج الكهرباء في أوكرانيا، ما يجعلها شريان حياة البلاد في ظل تدمير معظم محطات الطاقة العاملة بالفحم والنفط، إلى جانب الأضرار التي لحقت بالمرافق الكهرومائية.
وفي حالة فقدان الإمدادات الرئيسية، تعتمد المفاعلات النووية على مولدات ديزل وبطاريات احتياطية توفر طاقة أساسية لفترة تتراوح بين 7 إلى 10 أيام، إلا أن استمرار انقطاع الطاقة أو تعذّر صيانة هذه المصادر قد يؤدي إلى نتائج كارثية، وفقًا لتحذيرات منظمة السلام الأخضر.
كارثة نووية محتملةومع تصاعد الهجمات الروسية واستمرار الضغط على شبكة الكهرباء الأوكرانية، تبدو احتمالية وقوع كارثة نووية أقرب من أي وقت مضى؛ ليحذّر الخبراء من أن استهداف البنية التحتية للطاقة لا يهدد فقط أمن أوكرانيا، بل يضع أوروبا والعالم بأسره أمام أزمة غير مسبوقة.
ووسط هذه المخاطر المتزايدة، بات تدخل المجتمع الدولي ضروريًا لضمان حماية المفاعلات النووية الأوكرانية، ومنع تحول الأزمة إلى كارثة عالمية قد تمتد آثارها لأجيال.