إذا أراد المرء أن يكون منصفًا في أحكامه، أو أن يكون موضوعيًا في ما يسوقه من ملاحظات، لا بدّ له من أن يعترف، وبتجرد كلي، بالجهد الديبلوماسي الذي بذله رئيس الحكومة نجيب ميقاتي منذ اليوم الأول لقرار "حزب الله" فتح الجبهة الجنوبية، ولا يزال يقوم بأي مسعى متاح من خلال الاتصالات التي يجريها مع جميع المعنيين، وذلك من أجل تجنيب لبنان ما لا قدرة له على تحمّل نتائجه المأسوية.


فبدءًا من هذا الاسبوع، تكثفت الاتصالات، التي يجريها رئيس الحكومة مع الخارج والداخل لترجيح حماية ممكنة للبلد من استهدافاته من قِبل اسرائيل، إذا ما حدث على صعيد رد "حزب الله" وايران، ما لم يكن بالحسبان، أو ما يمكن ادراجه في خانة الاستهدافات الإسرائيلية، التي تحاول تمريرها مهما كانت ذرائعها واهية.
ولأن نيات تل أبيب لم تعد خافية على أحد، وبالأخصّ الدول المعنية مباشرة بالاستقرار العام في المنطقة، استبقت الحكومة ما يمكن أن يستجد ميدانيًا قد يعيد عقارب ساعة المساعي والمفاوضات الثلاثية إلى الوراء، فقدّمت ورقة تهدف في الدرجة الأولى  إلى تثبيت الاستقرار في الجنوب والتهدئة من خلال التزام لبنان بالقرارات الدولية، إذ أن الاتصالات الديبلوماسية ناشطة في أكثر من اتجاه لوقف التهديدات الاسرائيلية ضد لبنان، وعلى خط آخر للتوصل الى وقف لإطلاق النار في غزة. 
وبالتوازي مع هذه الاتصالات قدمت الحكومة ورقة "تظهر القواعد الهادفة إلى تحقيق الاستقرار على المدى الطويل في جنوب لبنان، وتحدد الاسس الواضحة للحل وأبرزها خفض التصعيد لتجنب دوامة العنف المدمرة، وأن يقوم المجتمع الدولي بدور حاسم وفوري في تهدئة التوترات وكبح العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان"، كما قال الرئيس ميقاتي، توصلًا إلى تطبيق القرار 1701 "كونه حجر الزاوية لضمان الاستقرار والأمن في جنوب لبنان".
فالورقة اللبنانية التي أصبحت في عهدة جميع الدول المعنية بتحقيق الاستقرار في المنطقة، وبالأخص في عهدة الدول الثلاث، التي ستجتمع غدًا الخميس، إن لم يطرأ ما يدعو إلى تأجيل الاجتماع الثلاثي، ستساهم بفاعلية في رسم خارطة طريق وفق "نهج ممنهج بهدف تحقيق خفض التصعيد، ومن شأنه أن يوفر بديلا للفوضى الحالية".
وتعتمد هذه الورقة المعدّة بدقة وعناية فائقتين آلية عملية تقوم أساساتها على ثلاثة مناظير، الأول قريب، ويهدف إلى "خفض التصعيد ووقف الأعمال الاستفزازية"، والثاني متوسط الأمد وينشد "التطبيق الكامل والمتكافئ لقرار مجلس الأمن الرقم 1701"، والثالث "سبل مضي الحكومة قدمًا".
فالحكومة ترى في ورقتها أن "التصعيد المستمر في الصراع الحالي، وأساسه في جنوب لبنان، من شأنه أن يؤدي إلى إشعال صراع شامل مع احتمال جدي بأن يمتد إلى المنطقة"، مع تشديدها على التزام لبنان بالقانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي، وقوانين الحرب"، مع احتفاظه بحقه بالدفاع عن النفس وفقا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. واعربت عن ثقتها بأن وقف إطلاق النار في غزة "سيكون له أثر فوري في تهدئة التوترات في جنوب لبنان، الامر الذي سيمهد الطريق لاستقرار مستدام طويل الأمد".
لكن هذا المسار، في رأي الحكومة، غير كافٍ إن لم يتبعه في المدى المتوسط تطبيق القرار 1701، الذي "يبقى حجر الزاوية لضمان الاستقرار والأمن في جنوب لبنان"، مع إعطاء "دور محوري" للجيش وقوات "اليونيفيل"، بالتزامن مع التزامها بزيادة عدد أفراد الجيش من خلال حملة تجنيد جديدة.  
وأكدت "أن المطالبة بالدعم الدولي لا يعكس فقط التزام الحكومة اللبنانية بالوفاء بالتزاماتها بموجب القرار ١٧٠١، بل هو يثبت أيضًا أهمية التعاون والتكاتف مع المجتمع الدولي في مواجهة التحديات الأمنية. وستكون المساعدة التي يقدمها المجتمع الدولي حاسمة في تعزيز قدرات القوات المسلحة اللبنانية وتعزيز الاستقرار والأمن في المنطقة". 
انطلاقًا من هذه الواقعية في تعاطي الحكومة مع ما يمكن أن يواجهه لبنان من أخطار، وما سينتج عنها من تطورات لن تكون دول المنطقة في منأى منها، فإن الدول المعنية أخذت ما وردت في الورقة اللبنانية على محمل الجدّ، وفق ما تناهى إلى الأوساط الحكومية من بعض القنوات الديبلوماسية، وهي ستكون مادة أساسية في أي خطة يمكن أن تُعتمد كحل متدرج حتى الوصول إلى استقرار دائم ومستديم.
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: فی جنوب لبنان

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تستبق رد لبنان بقصف جوي مكثف

بغداد اليوم - متابعة

في خطوة تعكس حالة من التوتر والترقب، استبقت إسرائيل رد المفاوض اللبناني على الورقة الأمريكية المقدمة كمقترح لوقف إطلاق النار، بتدمير واسع في الضاحية الجنوبية لبيروت ومدينة صور وبلدات أخرى في الجنوب وشرق لبنان. وقد شهدت هذه المناطق قصفًا جويًا مكثفًا ومتكررًا، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع الأمنية والانسحاب المطلق للسكان من مناطقهم.

وفي الوقت الذي يتوقع فيه أن يرد لبنان على الورقة الأمريكية قريبًا جدًا، تحدثت مصادر قريبة من رئيس البرلمان نبيه بري، اليوم الاحد (17 تشرين الثاني 2024)، عن تقدم في مسار التفاوض.

 وقالت المصادر إن هناك نظرة إيجابية من قبل المسؤولين اللبنانيين نحو الورقة الأمريكية، مشيرة إلى أن المسؤولين يدرسون تفاصيلها بعناية وسيقدمون اقتراحات لنزع أي التباس في النصوص قبل المضي قدمًا في التفاوض.

وفي الوقت نفسه، صعّدت إسرائيل بقوة ميدانياً، حيث تحدث الإعلام الإسرائيلي عن قرار اتخذ بتنفيذ غارة كل ساعتين.

 وكانت أول تداعيات هذا القرار استمرار الغارات على ضاحية بيروت الجنوبية، بعد إصدار الجيش الإسرائيلي تعليمات بإخلاء أحياء فيها، وتكررت أوامر الإخلاء أربع مرات خلال ساعات النهار.

وتزامن ذلك مع تجديد الجيش الإسرائيلي هجومه على القطاع الغربي بجنوب لبنان، في محاولة لتحقيق اختراق فشل بتحقيقه يومي الخميس والجمعة. 

ويأتي هذا التصعيد في وقت تشهد فيه المنطقة توترات عالية، حيث يترقب الجميع رد لبنان على الورقة الأمريكية وما إذا كانت ستؤدي إلى وقف إطلاق النار أم ستشكل نقطة تحول جديدة في الأزمة.

المصدر: الشرق الأوسط

 


مقالات مشابهة

  • السوداني يؤكد للسفير البريطاني على ضرورة وضع حد للحرب التي تستهدف غزة ولبنان
  • إسرائيل تستبق رد لبنان بقصف جوي مكثف
  • جيش الاحتلال يستهدف مقرات لحزب الله في مدينة صور
  • عبدالعاطي: مصر حريصة على دعم جهود وقف إطلاق النار والتوصل لتسوية في السودان
  • وزير الخارجية يلتقي مبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي
  • وزير الخارجية لمبعوثة الاتحاد الأوروبي: مصر حريصة على استقرار الصومال
  • وزيرا خارجية مصر وباكستان يؤكدان أهمية وقف التصعيد والتوترات في المنطقة
  • الرئاسة السورية: الأسد يبحث مع علي لاريجاني التصعيد الإسرائيلي وضرورة إيقاف العدوان ضد فلسطين ولبنان
  • مصر وجنوب إفريقيا تؤكدان مسئولية المجتمع الدولي لإنهاء التوتر في المنطقة
  • الرئيس السيسي يستقبل وزير العلاقات الدولية والتعاون الدولي بجنوب أفريقيا