المطران ابراهيم في عيد السيدة: نستلهم منها القوة والشجاعة لنعيش حياتنا كمؤمنين حقيقيين
تاريخ النشر: 15th, August 2024 GMT
احتفل رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم بعيد انتقال السيدة العذراء بالنفس والجسد الى السماء، بقداس ترأسه عشية العيد في كنيسة سيدة النياح في بلدة الفرزل، بمشاركة كاهني الرعية طوني ابو عراج وتوفيق عيد وخدمته جوقة الرعية بقيادة المرنم اسعد بشارة، بحضور جمهور كبير من المؤمنين ابناء البلدة.
نرى في حياة العذراء مريم طاعةً كاملةً ومطلقة لإرادة الله. عند البشارة، لم تتردد مريم في قبول خطة الله لخلاص البشرية، قائلة: "ها أنا أمة الرب، فليكن لي بحسب قولك" (لوقا 1:38). هذه الطاعة التي أظهرتها مريم يجب أن تكون حافزاً لنا لنفتح قلوبنا لإرادة الله في حياتنا، ونقبل خطته لنا، حتى عندما تكون الأمور غير مفهومة أو صعبة".
وتابع " ثانياً: الإيمان العميق والراسخ
الإيمان الذي أظهرته العذراء مريم هو إيمان لا يتزعزع. لقد آمنت بأن الله قادر على أن يحقق وعده، حتى وإن بدا ذلك مستحيلاً من المنظور البشري. نرى هذا الإيمان جلياً في زيارتها لأليصابات، حيث أُطريَت من قِبَلِها على إيمانها: " طُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ" (لوقا 1:45). فلنتعلم من مريم كيف نؤمن بوعود الله وكيف نثق بأنه قادر على تحقيق المستحيل.
ثالثاً: نقاء القلب وصفاء النية
مريم العذراء كانت مثالاً للنقاء الداخلي والطهارة. قلبها كان مكرساً لله وحده، ولم تلوثه شوائب العالم. نحن مدعوون لنقتدي بمريم في نقاء قلوبنا، لنسعى لنعيش حياة خالية من الخطايا والشرور، مستمدين طهارتنا من محبة الله ونعمه."
واردف: "رابعاً: التواضع العميق والروحانية العميقة.
مريم العذراء كانت متواضعة في كل شيء. لم تسعَ للتمجيد الذاتي، بل كانت تعتبر نفسها خادمة للرب. هذا التواضع هو ما جعلها عظيمة في نظر الله والبشر. نحن مدعوون لأن نكون مثلاً في التواضع، نعيش حياتنا بخدمة الآخرين ومحبتهم دون أن نطلب المجد لأنفسنا.
خامساً: الأمومة المحبة والحنونة
مريم لم تكن فقط أم يسوع، بل أصبحت أم الكنيسة بأسرها. حبُّها وحنانها يشملان الجميع، وتفتح ذراعيها لتحتضن كل من يلجأ إليها. دعونا نستلهم من مريم روح الأمومة والمحبة في علاقتنا مع الآخرين، فنكون داعمين ورحماء ومحبين".
وختم المطران ابراهيم: " أحبائي، في هذا العيد المبارك، دعونا نتأمل في حياة السيدة العذراء ونستلهم منها القوة والشجاعة لنعيش حياتنا كمؤمنين حقيقيين. لنطلب شفاعتها دائماً ولنسلمها أمرنا وحالنا وبلدتنا الفرزل الغالية وعائلاتنا، ولنتخذ من فضائلها منارة تضيء لنا طريقنا نحو الله. لنصلِ معاً، طالبين من الرب أن يمنحنا نعمة الاقتداء بمريم العذراء، وأن يجعلنا قادرين على تطبيق فضائلها في حياتنا، حتى نتمكن يوماً من مشاركتها فرحة الحياة الأبدية في ملكوت السماوات. كل عيد وأنتم والفرزل وكل أهلها بألف خير!".
وبعد القداس، انتقل الحضور الى صالون الكنيسة حيث تبادلوا التهاني بالعيد.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: السیدة العذراء مریم العذراء
إقرأ أيضاً:
تعافي الاقتصاد وأثره في حياتنا !
فـي طريقي من مسقط إلى الباطنة لتناول الإفطار برفقة عائلتي، لفت انتباهي الأشخاص الذين يبيعون بجوار الشارع، مُستظلين بالأشجار على طول الطريق، رجال يبسطون الفاكهة والخضار، ونساء يعرضن الأطباق الرمضانية، وأطفال صغار يقفون لمعاونة أهاليهم. شغلني الأمر كثيرًا: فهل نستطيع عدّها مشاريع صغيرة للأسر المنتجة؟ أو هي الحاجة التي يُحركها التعفف الشديد عن مد الأيدي للآخرين وللجمعيات الخيرية؟
إذ بقدر ما يبدو الفعل طبيعيًا وشكلًا من أشكال العيش الكريم، يحملُ فـي طياته دلالة ينبغي أن تنال حظها من الدراسة المجتمعية المُتأنية، فالبيع على جوانب الطرقات، لم يكن على هذا النحو من التغلغل من قبل! لقد غزا أكثر المناطق تحفظًا، وكأنّهم بذلك يُذيبون تضاريس ما كان مُستهجنا ليغدو مألوفًا وعاديًا !
ولعلي أؤكد مجددًا أهمية أن تتبنى الأسرُ مشاريعها التي تعود عليها بالنفع المادي، إلا أنّ سؤالي ينبعُ من حساسية الظروف القاهرة التي قذفت بالنساء والأطفال إلى جنبات الشوارع؟ فالأطفال على سبيل المثال عرضة لخطر اندفاع السيارات أو استغلال المارّة!
سلوك الإنسان وممارساته الفردية أو الجماعية هو انعكاس طبيعي لموقعه الرمزي داخل الفئة الاجتماعية التي ينتمي لها، فعندما تتهشم مصادر الرزق ويتقوض مصدر الاطمئنان الشهري يبدأ السعي الدؤوب لخلق البدائل!
يعترينا الخوف طوال الوقت من اضمحلال الطبقة الوسطى، العمود الفقري الأهم فـي أي مجتمع من المجتمعات وذلك فـي ظل التضخم والضرائب التي تعصفُ بها وتزعزع سكينتها، فهذا التحلل التدريجي للطبقة الوسطى -والذي نراه بالعين المجردة- يتطلب المزيد من البحث والمراقبة الفاحصة، لا سيما مع ضغط ملفـيّ الباحثين عن عمل والمسرحين منه، الذين تُلاحقهم فواتير الكهرباء والماء ومستلزمات الحياة الأساسية كذئاب مُنفلتة من عقالها!
عندما نسمعُ الآن عن الذين يُشعلون الشموع فـي منازلهم، ليس احتفالًا بمناسباتهم السعيدة، وإنّما لعدم قدرتهم على تسديد الفواتير، الذين يجلبون الماء الصالح للشرب من ثلاجات المساجد، وتمتلئ دفاتر الدكاكين المجاورة «بالصبْر» الذي لا يصبِرُ عليهم، نشعرُ بأهمية أن تكون هنالك وقفة شديدة الصلابة من قبل الحكومة، فلا يُوكل الأمر للفرق الخيرية التي تُجاهدُ بشق الأنفس لتحقيق الحد الأدنى من الاحتياجات. فهي الأخرى -أي الجمعيات- يتأثر عملها بتأثر المجتمع الذي تُضيقُ عليه الأسعارُ الخناق، فـيُكبلُ عطاءه ضمن حدود دائرته الأقرب والأصغر.
الأمان الوظيفـي -بقدر أهميته- قد لا يُغطي المتطلبات، لاسيما لو كان لدى هذه الأسرة عدد من الأبناء، ولذا آن أوان للتفكير بخطة دعم متكاملة لموارد العيش الأساسية، فالكثير من الأسر تلتحف لحاف التعفف، فلا يقصدون الجمعيات الخيرية ولا يطرقون الأبواب!
فلماذا لا تكون هنالك «قسائم شرائية» مدعومة من قبل الحكومة، تُمنح شهريًا للباحثين عن عمل والمسرحين، وذلك بعد أن تُدرس حالتهم بشيء من العناية والتقصي، فـيتمكنوا بواسطتها •-•أي القسائم- من الحصول على المواد الغذائية الأساسية، لنخفف عنهم وطأة الأسعار المُستعرة بنيران غلائها، وذلك بالتعاون مع العلامات التجارية العُمانية، لنحققُ دعمًا مزدوجًا، أسوة بالجهود التي بُذلت من قبل فـي دعم الوقود.
ماذا أيضًا لو وجهت نسبة من ضريبة الخدمة المجتمعية التي تُفرض على الشركات ضمن هذا الإطار، وذلك بالتعاون بين المؤسسات الرسمية والجمعيات والفرق الخيرية لتحقيق الغاية الأسمى، ضمن عملية متكاملة ومنظمة، إذ بمجرد ما أن يحصل ربّ الأسرة على وظيفة، يُحذف اسمه من قوائم «القسائم» والدعم المُيسر للماء والكهرباء.
كثيرا ما تتردد هذه الجملة والتي تشير بجلاء لتعافـي اقتصاد البلاد من انكساراته السابقة، ولكن ذلك الشعور سيبقى معزولا عن مجال رؤيتنا، ريثما نرى أثره فـي حياة الناس الواقعية من حولنا.
هدى حمد كاتبة عمانية ومديرة تحرير مجلة نزوى