منافسة بين ترامب وهاريس عبر منصات التواصل الاجتماعي.. من صاحب المتابعين الأكثر؟
تاريخ النشر: 15th, August 2024 GMT
يترقب العالم الانتخابات الرئاسة الأمريكية والتي ستنعقد في نوفمبر المقبل، وتشهد منصات التواصل الإجتماعي تفاعلًا متزايدًا مع ارتفاع حده المنافسة بين المرشحين للسباق الرئاسي وهم دونالد ترامب مرشح الحزب الجمهوري والرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية وكامالا هاريس، مرشح الحزب الديموقراطي ونائب رئيس الولايات المتحدة، ومع الخطابات التي يتعمد فيعا كل مرشح إسقاط الإتهامات والسخرية من الآخر، يزيد تفاعل الأمريكيين عبر حسابات المرشحين على تطبيقات التواصل الاجتماعي، فتفاعل المواطنين لا يقتصر على مرشحهم المفضل فقط، إنما أيضًا على صفحات المرشح المنافس.
ترامب واجه حظر لحسابته في فترة الانتخابات خلال 2021، وقبل مغادرته للبيت الأبيض بفترة قصيرة، وكان ترامب قد واجه حظرًا على فيس بوك وإنستجرام في نفس الوقت أيضًا، إلا أنّها عادت للعمل تدريجيا بعد انتهاء فترة حكمه، وكان تويتر «إكس» حاليا قد حظر ترامب بحسب بيان صدر وقتها إن سبب الحظر هو خطر حدوث مزيد من التحريض على العنف.
تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي منذ سنوات في الصراع الانتخابي، إذ يتباهى المرشح بمدى شعبيته في بلاده معتمدًا على أرقام المتابعين عبر الحساب الخاص به، ولكن ربما يختلف الرأي في الواقع عن الرأي في العالم الافتراضي وليس بالضرورة أن يعكس الصورة كاملة عن مدى شعبية المرشح من عدمها، ومع وجود حسابات شخصية لكل من هاريس وترامب على منصات التواصل الاجتماعي من منهم الأكثر شعبية في العالم الافتراضي؟
من المرشح الأكثر متابعة على «تيك توك»؟تيك توك المنصة الأسرع إنتشارًا في الفترة الأخير والأكثر نموًا ورواجًا، إذ يعتمد التطبيق عبر مقاطع الفيديوهات القصيرة ويستخدمه الفئة الأصغر سنًا بشكل كبير، ويتابع ترامب عبر تيك توك ما يقرب من 10 ملايين متابع، بينما عدد الإعجاب علي المنشورات يصل إلى 32 مليون إعجاب، ترامب قد انضم للتطبيق مؤخراً للتطبيق، بعد محاولات سابقة منه لحظر التطبيق الصيني الأصل في الولايات المتحدة بحجة أنه يشكل خطر على الأمن القومي الأمريكي، وتظهرأعداد المتابعين شعبية أقل لهاريس على تيك توك، إذ يتابعها 4 ملايين متابع والإعجاب بمنشوراتها 13 مليون إعجاب وهو أقل من نصف الإعجاب الذي يلاقيه ترامب على ما ينشره من مقاطع فيديوهات.
يتفوق ترامب على هاريس في تطبيق إنستجرام في أعداد المتابعين بفارق كبير أيضا، إذ يتابعه أكثر من 26 مليون متابع، بينما يتابع هاريس 12 مليون متابع، ويتعمد ترامب السخرية من هاريس في عدد من المقاطع والصور التي ينشرها علي حسابته عبر مختلف المنصات، وبالرغم من أن لـ هاريس عدد أقل من المتابعين على إنستجرام بكثير إلا أنَّ الإعجاب على بعض الصور التي نشرتها مؤخرًا وصل لأكثر من مليون ونصف الإعجاب.
أما عن «فيس بوك» المنصة الأقدم في ساحة التواصل الاجتماعي، يكتسح ترامب بعدد المتابعين بـ 34 مليون متابع بينما عبر تطبيق فيس بوك بينما يتابع هاريس 5 ملايين متابع فقط.
يُشار إلى أنَّ ترامب البالغ من العمر 78 عاما هو من الشخصيات الشهيرة في الولايات منذ سنوات طويلة قبل دخوله إلى عالم السياسية، ترامب رجل أعمال شهير وله عدد من المشاريع الضخمة، كما أنَّه كان شخصية تلفزيونية.
حتي بعد تعرضة للحظر في الأنتخابات السابقة ترامب الأكثر متابعة في «إكس»يتابع ترامب عبر منصة المدونات القصيرة إكس أكثر من 89 مليون متابع، بالرغم من أن ترامب قد تمّ حظر حسابه في 2021 قبل مغادرته البيت الأبيض، إلا أن إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا ومالك المنصة رفع الحظر عن حساب ترامب في 2022، وذلك بعد استحواذ ماسك على تويتر بـ44 مليار دولار بحسب الصحف الأجنبية، أما هاريس يتابعها أكثر من 20 مليون متابع علي حسابها الشخصي، وتملك هاريس على المنصات حساب رسمي آخر باسم نائب رئيس الولايات المتحدة.
يُذكر أنَّ حملة هاريس الانتخابية تتواجد عبر منصة تروث سوشيال المملوكة لترامب، إذ أطلق ترامب المنصة في 2021 بعد حظر حسابته والتضييق عليه في مواقع التواصل الاجتماعي.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: ترامب هاريس الانتخابات أمريكا التواصل الاجتماعی ملیون متابع تیک توک
إقرأ أيضاً:
ترامب.. والعقد الاجتماعي للحكومة الأمريكية
استمرت حدة الانقسام في الولايات المتحدة الأمريكية بين مؤيد ومعارض لسياسات الرئيس دونالد ترامب فيما يتعلق بمنظمات الحكومة الفيدرالية، خاصة مع إصداره أمرا تنفيذيا يمهد لحل وزارة التعليم الفيدرالية ونقل مسؤولية التعليم بالكامل إلى الولايات، بعيدا عن سلطة الحكومة الفيدرالية.
لفهم التطورات الأخيرة في الولايات المتحدة فيما يتعلق بعلاقة الرئيس بالمنظمات الإدارية على المستوى الفيدرالي، علينا أن نضع سياسات ترامب في سياقها الفكري والمؤسسي والتاريخي.
إذا فعلنا هذا، سنجد أن أساليب ترامب لا تخالف أساليب رؤساء آخرين قبله من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، خاصة فيما يتعلق بالتوسع في استخدام الأوامر التنفيذية وفرض هيمنة الرئيس على إدارة المنظمات الحكومية، في مقابل تراجع أدوار السلطتين التشريعية والقضائية.
الخلاف إذا يكمن في محتوى سياسات ترامب التي تخالف مبادئ استقرت في النظام الإداري للدولة، يأتي على رأسها مبادئ الفصل بين السلطات وقيم التقدم والمساواة والعدالة، إضافة إلى التخوف من إضعاف قدرة الحكومة المركزية على التدخل في مجالات مثل حماية البيئة والرعاية الصحية والتعليم.
فكريا، تعكس الخلافات حول سياسات ترامب الإدارية جدلا تعود جذوره إلى الآباء المؤسسين للدستور الأمريكي، تحديدا جايمس ماديسون، وألكساندر هاميلتون، وتوماس جيفرسون.
دعا ماديسون إلى تأكيد التوازن بين السلطات التنفيذية (الرئاسة) والتشريعية (الكونجرس) والقضائية (المحاكم) لمنع أي منها من الانفراد بالسلطة لحماية الديمقراطية وحقوق الأقليات.
أما هاميلتون فكان داعيا إلى سلطة تنفيذية قوية بقيادة الرئيس، بينما دعا جيفرسون، الذي صار الرئيس الثالث للولايات المتحدة، في المقابل إلى دعم سلطات الولايات وتحجيم سلطة الحكومة الفيدرالية.
تعكس سياسة ترامب تجاه الدولة الإدارية أفكار كل من هاميلتون وجيفرسون، وهو يتنقل بينهما حسبما تقتضى الحاجة. فهو هاميلتوني النزعة فيما يتعلق بالسياسات الاقتصادية وسياساته المعادية للأقليات سواء داخل الجهاز الإداري أو فيما يتعلق بقضايا مثل الهجرة.
وتعكس هذه السياسات نوعا من العنصرية غير المبطنة، تعود بعض جذورها إلى ما قبل صدور قانون الحريات المدنية Civil Rights Act عام 1964. كما تعكس نزعة ذكورية عدوانية ربما تجد هوى لدى قاعدة من مؤيديه من المحافظين البيض.
وهو جيفرسوني فيما يتعلق بالسياسات الاجتماعية، حيث يفضل تأكيد اختصاص الولايات في إدارتها، وهو توجه غالب لدى الجمهوريين. على سبيل المثال، دعم ترامب إلغاء الضمانة الدستورية للحق في الإجهاض التي أسستها المحكمة الدستورية العليا في حكمها الشهير عام 1973 في القضية المعروفة بـ Roe v. Wade، وذلك عن طريق نقل تطبيق القانون الذي أقرته المحكمة العليا إلى الولايات، الأمر الذي من شأنه أن يسمح للولايات الأكثر محافظة بوضع تشريعات مقيدة للإجهاض.
وفيما يتعلق بالتعليم، جاء إلغاء الوزارة الفيدرالية متسقا مع الدستور الذي يجعل التعليم بالأساس من مسؤولية الولايات قبل الحكومة الفيدرالية، وتعبيرًا عن رفض المحافظين لتدخل الحكومة الفيدرالية في هذا المجال.
يرى البعض أن سياسات ترامب العدوانية جهة مؤسسات الحكومة الفيدرالية تخالف توجهات هاميلتون التي هدفت إلى تقوية إدارة الرئيس الأمريكي، بينما قد تؤدي سياسات ترامب إلى إضعاف السلطة الفيدرالية، التي قد تجد نفسها عاجزة عن الاستجابة لأزمات مثل الكوارث الطبيعية، أو التدخل المؤثر في سياسات اجتماعية بهدف ضمان العدالة والإتاحة، كما في سياسات التعليم.
مؤسسيا، تطورت العلاقة بين الكونجرس والرئاسة والقضاء فيما يتعلق بإدارة الدولة ومنظماتها على مدار عقود. الأصل في الدستور الأمريكي هو الفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية مع التوازن بينها، والتأكيد على أن لكل سلطة القدرة على أن تراقب الأخرى. وقد سعت السلطات الثلاث إلى الرقابة على الجهاز الإداري بالنظر إلى القناعة التي سادت منذ منتصف القرن العشرين بعدم إمكانية الفصل بين السياسة والإدارة، وأن الأجهزة والمصالح الحكومية تقوم بأدوار تشريعية وقضائية في إطار تفسيرها وتطبيقها للقوانين.
يمارس الكونجرس صلاحياته الرقابية من خلال الموازنة، وباعتباره الجهة المختصة بإنشاء وهيكلة منظمات الحكومة الفيدرالية، بينما يمارس القضاء سلطاته من خلال أحكامه الإدارية.
لكن مع الوقت توجهت النظرية والممارسة في مجال الإدارة العامة الأمريكية نحو الاعتراف بمركزية دور الرئيس في قيادة المنظمات الفيدرالية، وتوسيع صلاحياته في هذا المجال، وهي النظرة التي تطورت لاحقا في نظرية «وحدة السلطة التنفيذية» Unitary Executive Branch Theory، التي تسمح للرئيس بممارسة سلطات واسعة على منظمات الحكومة الفيدرالية بما فيها الوزارات والمصالح الحكومية، مع تقييد الأدوار الرقابية للكونجرس والمحاكم.
هذه النظرية تطبيق لأفكار هاميلتون على حساب أفكار جيفرسون، وهو ما أيده الكونجرس بتفويض كثير من صلاحياته للرئيس منذ أربعينيات القرن العشرين. وسار القضاء على نهج الكونجرس فيما يتعلق بالتوسع في منح الاستقلالية للرئيس والأجهزة الإدارية في إدارة شئونهم. على سبيل المثال، أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكما عام 1984 في قضية Chevron USA v. Natural Resources Defense Council أقرت فيه بحق الأجهزة الإدارية في تفسير اختصاصاتها الواردة في القانون، وهو إقرار بدور تشريعي للمنظمات الإدارية.
وارتبط القبول بنظرية «وحدة السلطة التنفيذية»، والأفكار المماثلة السابقة عليها، التوسع في استخدام الأوامر التنفيذية Executive Orders، وهي قرارات يصدرها الرئيس الأمريكي، ويكون لها قوة القانون، دون الرجوع إلى الكونجرس.
وعلى نفس النهج، حاول العديد من برامج الإصلاح الإداري في الولايات المتحدة تأكيد قيم الكفاءة الحكومية وتقليل الإجراءات الإدارية التي ترتبط برقابة الكونجرس والمحاكم، وهى المبادرات التي تبنتها إدارات ديمقراطية وجمهورية، وارتبطت من الناحية الفكرية على الأقل بهيمنة السلطة التنفيذية بقيادة الرئيس على السلطتين التشريعية والقضائية.
ما الجديد إذن فيما جاء به ترامب ليثير الانقسام فيما يتعلق بسياساته جهة الحكومة الفيدرالية؟ لقد استخدم مثل سابقيه الأوامر التنفيذية لتدشين سياساته، مثل الأمر التنفيذي الأخير لتفكيك وإنهاء وجود وزارة التعليم. وأكدت سياساته على مركزية دور الرئيس باعتباره رئيس السلطة التنفيذية والمهيمن على عمل الجهاز الإداري، وهو في هذا لا يختلف عن المبادئ التي تبناها بايدن وأوباما وبوش الابن وكلينتون.
وإذا نظرنا إلى العديد من برامج الإصلاح الإداري في العقود الأخيرة، خاصة خلال إدارات ريجان وكلينتون وبوش الابن، فسنجد أنها تمحورت حول تقليص حجم الحكومة الفيدرالية وتبسيط الإجراءات والاعتماد على آليات القطاع الخاص في الإدارة الحكومية، وهي مبادئ لا تختلف كثيرا عما جاء به ترامب.
أرى أن محور الخلاف في سياسات ترامب الإدارية يرجع إلى انقلابها على ما يمكن تسميته «العقد الاجتماعي» في الإدارة الحكومية الأمريكية. يشير مصطلح «العقد الاجتماعي» إلى نوع من الصفقة بين الحكام والمحكومين، يتنازل فيها كل طرف عن بعض الحقوق في مقابل التزامات على الطرف الآخر.
أرى أن العقد الاجتماعي للإدارة العامة الأمريكية ارتبط بتنازل السلطتين التشريعية والقضائية عن قدر معتبر من أدوارهما الدستورية في الرقابة على المؤسسات الإدارية، بما في ذلك الرقابة على الممارسات الإدارية للرئيس، وذلك في مقابل تضمين قيم وممارسات ديمقراطية في آليات عمل الأجهزة الإدارية الأمريكية.
هذه القيم والممارسات ترتبط بمبادئ الشفافية والعدالة الإجرائية وحماية الأقليات. ومن الأمثلة في هذا المجال قانون حماية تداول المعلومات Freedom of Information Act الصادر عام 1966، ومبادرات التنوع والمساواة والدمج Diversity, Equity, and Inclusion ، وهي المبادرات التي توسع بعضها بأوامر تنفيذية خاصة خلال إدارات كلينتون وأوباما وبايدن، وتم تضييقها بأوامر تنفيذية أيضا خلال إدارة ترامب الأولى والحالية.
في هذا السياق الذي من شأنه أن يدشن عقدا اجتماعيا جديدا، من المتوقع أن تشهد الساحة الأمريكية سجالات من أنواع مختلفة. بعض المواجهات ستكون في ساحات القضاء، وقد سبق للقضاء أن أوقف عددا من الأوامر التنفيذية لترامب خلال فترته الأولى والثانية. ستشهد المحاكم مزيدا من المواجهات حول العلاقة بين الرئيس والكونجرس فيما يتعلق بالإدارة الحكومية، والقيم التي ينبغي أن تقود العمل الإداري.
وقد يتجه القضاء للسعي إلى استعادة دوره الرقابي على الإدارة الحكومية، وهو ما شهدنا بوادره في حكم المحكمة الدستورية العليا عام 2024 في قضية Loper Bright Enterprises v. Raimondo، حيث ألغت المحكمة حكمها السابق في قضية Chevron الذي أشرنا إليه سابقا لصالح تأكيد دور القضاء في تفسير القوانين الإدارية.
وفي حال تمكن الحزب الديمقراطي من تحقيق أغلبية في الكونجرس في انتخابات نوفمبر 2026، قد يسعى الأخير لإعادة صياغة العقد الاجتماعي الحكومي في أحد شقيه أو كليهما، أي فيما يتعلق بصلاحيات الرئيس واستعادة مبادئ الفصل بين السلطات، أو التأكيد على مبادئ أساسية في عمل الجهاز الإداري مثل التنوع والدور التنسيقي للحكومة الفيدرالية في مجالات مثل الحماية الاجتماعية وضمان المساواة.
رغم حالة الترهيب السائدة حاليا، قد نجد تحركات في الشارع على غرار حركة احتلال وول ستريت Occupy Wall Street Movement، أو حتى تحركات أكثر عنفا تسعى لضمان السيطرة على استقلالية الرئيس الأمريكي بما لا يخرج بها على القيم والقانون الأمريكي.
وأيا كانت آليات ومخرجات المواجهات الحالية والمتوقعة، فلا شك أنها ستكون مفصلية في رسم ملامح الإدارة العامة الأمريكية، وربما المجتمع الأمريكي بوجه عام، لأعوام قادمة.
(الشروق المصرية)