من جهة، أنا سعيد جدا أنه قد انتهت للأبد حقبة فولكر والمرتشين الأوربيين، وجون قودفري و إيجار الامارات للرباعية بالباطن. ولكن من جهة أخرى من المحبط أن بعضا من أبناء السودان لا يزالون يراهنون على الخارج ويتجاهلون شعبهم، وسيخسرون الاثنين معا.
الآن نحن في مرحلة جديدة، فالمبعوث الأمريكي توم بريليو يمارس السياسة الأمريكية (كما يقول الكتاب) ولا يوجد أي طرف مستفيد منه دون شروط وطلبات تزداد عليه كل يوم، حتى الإمارات، مخطيء من يظن أنه معها ضد السودان، هو يستخدم (الرفض السوداني) ليثبت لها أنها لولا النفوذ الأمريكي فهي دولة منبوذة وفاشلة ومدانة وعليها أن تدفع أكثر لحمايتها من المحاسبة ولضمان فرضها على السودان مجددا، وهو يريد أن يثبت للسودان أن الملعب الدولي تحت يده وبمقدور أمريكا جر الأمور للتدخل الدولي في حال عدم إذعان السودان لأوامره بقبول الإمارات، تمهيدا لسحب الشكوى ضدها أو تجميدها وإيقاف القضايا، وبالتالي التحول من بند التعويضات عن الأضرار إلى الدعم والإغاثة.
من جهة أخرى، تمارس أمريكا المكر مع روسيا في ملف السودان، باغراء السودان حتى يصرف النظر أو يتعهد بالإبطاء، وبالزام الإمارات استغلال علاقتها مع روسيا لتثبيطها من الاتفاق مع السودان، وهذه حقيقة بسبب العقوبات البنكية الدولية و وجود (فتحة تنفيس) لروسيا في أسواق الأمارات ونظامها المصرفي، وبالرغم من الجعجعة بالعقوبات على الإمارات لمخالفاتها في التعامل مع روسيا (الغرض الحقيقي هو المراقبة والتحكم وليس الحظر الكامل).
خطوة بخطوة يرغب توم بيرليو أن يحدث هذا (التدويخ) مع الداخل السوداني، ليجعل شرعية الحكومة مرتبطة برصيدها في أمريكا، ويجعل وجود المليشيا من عدمه رهين بتصريحاته وجودا وعدما. أيضا هو يطلق كلمة مدنيين للضغط على العسكريين ولا يحدد من هم المدنيين كما ترغب قحت والإمارات، ويصرح برفض الشعب السوداني عودة النظام السابق ولكنه يتفادى الحديث عن الوصف الآيدولوجي المحدد لهم كلما اجتهدت الطرف في استنطاقه وجرجرته. وفي حقيقة الأمر هو متواصل مع الجميع، ومن يلومه على ذلك؟ طالما فشل أي طرف في إنهاء وجود الآخر.
بالمناسبة هو ليس ثعلب مخادع ولا رجل مغرور .. هذه سياسات أمريكية مستقرة منذ الاربعينات، وكل فترة يجري تحديثها، وهذا سلوك أمريكي في التفاوض ألفت فيه كتب، أشهرها ما جمعه رتشارد سولومون ونايجل كويني، ثم أقبل علي كل هذه السياسات والقواعد جون ميرشايمر فجعلها هباء منثورا.
وكل ما قيل عن الخطوات الأمريكية المعقدة والذكية لا يعني أن توم سينجح فالمهارة الشخصية ليست كافية .. الواقع يشهد بفشل أمريكا وتمدد روسيا والصين في أفريقيا، لأنهم درسوا كل هذه السياسات وطوروا الترياق المضاد لها.
مكي المغربي
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
الإمارات تعلن عن دعم بـ «200» مليون دولار للشعب السوداني
أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة اليوم الجمعة، تقديمها دعماً إضافياً للشعب السوداني بقيمة «200» مليون دولار، ودعت أطراف النزاع إلى هدنة إنسانية خلال شهر رمضان.
التغيير ــ وكالات
وأكدت الإمارات في بيانها أمام المؤتمر الإنساني رفيع المستوى لدعم الشعب السوداني في أديس أبابا، التزامها المستمر بدعم السودان، مشيرة إلى أهمية الجهود الجماعية لمعالجة الأزمة الإنسانية المتفاقمة.
وكان نائب رئيس مجلس السيادة السوداني مالك عقار أعلن رفضهم المشاركة في المؤتمر الذي ينعقد على هامش قمة الاتحاد الإفريقي بدعوة من دولة الإمارات حيث وصفه بالعدوان.
وفي كلمتها، دعت الإمارات إلى هدنة إنسانية خلال شهر رمضان المبارك، وقالت إن احترام حرمة هذا الشهر يمثل فرصة حاسمة لتخفيف معاناة الشعب السوداني، لا سيما أن النساء والأطفال هم الأكثر تضررًا من الأزمة المستمرة منذ 15 أبريل/ 2023.
وتتهم الحكومة،السودانية الإمارات بالتورط في مساندة قوات الدعم السريع التي تقاتل الجيش السوداني منذ منتصف ابريل 2023م، ودفعت بعدة شكاوى لمجلس الأمن بهذا الشأن، فيما تؤكد الإمارات سعيها للوصول إلى حل سلمي ومساعدة ضحايا الحرب.
وأعلنت الإمارات خلال المؤتمر عن تمويل إضافي بقيمة 200 مليون دولار لدعم الجهود الإنسانية في السودان، ليصل إجمالي الدعم الإماراتي منذ أبريل 2023 إلى أكثر من 600 مليون دولار، فيما بلغ إجمالي المساعدات المقدمة للسودان خلال العقد الأخير 3.5 مليار دولار.
ونوهت إلى الإمارات أن للشعب السوداني له حقوق أساسية يجب الحفاظ عليها، بما في ذلك الأمن، والغذاء، والرعاية الصحية، والمياه النظيفة، والمأوى، مشددة على ضرورة عدم تسييس المساعدات الإنسانية أو عرقلتها بآليات بيروقراطية.
و أكدت على ضرورة ضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق في جميع أنحاء السودان، وحماية عمال الإغاثة والمرافق الإنسانية، ووقف الهجمات على العمليات الإغاثية، مؤكدة أنه يجب كشف أي طرف يعيق المساعدات الإنسانية وتحميله المسؤولية.
واختتم البيان الإماراتي بالتأكيد على التزام الإمارات الثابت بدعم الشعب السوداني في هذه اللحظة الحرجة، داعيًا المجتمع الدولي إلى تكثيف جهوده لضمان الاستجابة الإنسانية الفعالة.
الوسوم200 مليون دولار الإمارات الاتحاد الأفريقي السودان