عربي21:
2024-12-24@03:17:02 GMT

هل جلب التطبيع السلام للشرق الأوسط؟

تاريخ النشر: 15th, August 2024 GMT

في حفل التوقيع على «الاتفاقيات الإبراهيمية» في البيت الأبيض في 15أيلول/سبتمبر 2020، قال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب: «إن السلام الدائم سوف يحل على الشرق الأوسط».

واسترسل متفائلاً: «بعد عقود من الانقسام والصراع، نحتفل بفجر شرق أوسط جديد» واستبدت به روح رسالية تبشيرية فقال: «إن توقيع اليوم يضع التاريخ على مسار جديد» وهي الروح التي احتشد بها – أو هكذا ظهر – رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي قال إنه يمكن في نهاية المطاف للاتفاقيات الإبراهيمية «أن تنهي الصراع العربي الإسرائيلي مرة واحدة وإلى الأبد» وهي الروح التي تحدثت على لسان السفير الأمريكي في إسرائيل آنذاك ديفيد فريدمان حين قال: «في غضون أشهر أو عام، سينتهي الصراع الإسرائيلي العربي».


يريدون سلاما دون حل للقضية الفلسطينية
ما هو المعنى؟ وماذا كان الهدف؟
حسب التصريحات الإسرائيلية والأمريكية بدا واضحاً أنهم يريدون سلاماً دون حل للقضية الفلسطينية، سلاماً يتجاوز تلك القضية «المستعصية على الحل» سلاماً عبر بوابة التطبيع الذي يتجاوز الفلسطينيين «الذين لا يرغبون في السلام» يتجاوزهم إلى المحيط العربي الأوسع، ومن ثم يصبح الصراع العربي الإسرائيلي في صورته التقليدية صراعاً فلسطينياً إسرائيلياً، ثم يختصر إلى صراع إسرائيلي غزاوي، أو بالأحرى صراع بين دولة ديمقراطية صديقة للعرب ومجاميع إرهابية تهدد المصالح الإسرائيلية العربية المشتركة، وهكذا كانت التنظيرات.



وكانت الفكرة أن تجاوز الفلسطينيين، أو أن شعورهم بأن الزمن سيتجاوزهم سيعجل بانضمامهم للقافلة الشرق أوسطية الجديدة التي كان ينظر لها حينها، على أساس أنها قافلة سلام وإخاء ورخاء وازدهار و«شرق أوسط جديد».

هل يعني ذلك تجاهل الحق الفلسطيني؟
كان ذلك – وفقاً لمقتضيات التطبيع ـ يعني إعادة تعريف الحق الفلسطيني، واختصار القضية في أبعادها الإنسانية والاقتصادية والحقوقية، وإغفال الجانب السياسي لهذه القضية، الأمر الذي يعني تجاوز «حل الدولتين» إلى مجموعة من الترتيبات الاقتصادية والأمنية التي تضمن للفلسطينيين حياة كريمة، دون ذكر لدولة مستقلة على ترابهم الوطني، وفقاً للقرارات الدولية.

كانت الفكرة الأساسية من اتفاقيات التطبيع العربية الإسرائيلية التي سميت «الاتفاقيات الإبراهيمية» هي الدخول إلى عتبات شرق أوسط جديد خال من الحروب، وبما أن عدم حل القضية الفلسطينية كان – ولا يزال – سبب الحروب الكثيرة التي شهدها الشرق الأوسط، فإن اتفاقيات التطبيع تم النظر إليها على أساس أنها يمكن أن تجلب السلام للشرق الأوسط، حتى دون حل للقضية الفلسطينية، لأن الشرق الأوسط لا ينبغي أن ينتظر حلول السلام، لحين الفراغ من حل تلك القضية الشائكة، وبالتالي فإنه ـ وحسب منظري تلك الاتفاقيات ـ سيتحتم على الفلسطينيين أن ينضموا لاتفاقيات التطبيع التي تؤدي إلى السلام، وإلا فإنهم مهددون بتجاوزهم وتجاوز قضيتهم.



هكذا إذن، وبكل بساطة، سيحل السلام في الشرق الأوسط بتجاوز حل القضية الفلسطينية، وستتوسع دائرة «الاتفاقيات الإبراهيمية» مع الفلسطينيين أو دونهم، وكأن الفلسطينيين هم العقبة الوحيدة أمام السلام، ولذا يجب تجاوزهم، وتجاوز قضيتهم، إذا لم يرضوا بالتطبيع مع إسرائيل، وقبولها دولة طبيعية في شرق أوسط تقوده هي، سياسياً وأمنياً وعسكرياً واقتصادياً، شرق أوسط مسالم ومزدهر، «تنتهي فيه الحروب إلى الأبد» مع توقعات دونالد ترامب حينها بأن «ينضم الفلسطينيون في نهاية المطاف» وإلا فإنه سيتم «تركهم في البرد».

أو حسب توصيف جاريد كوشنر، صهر ترامب، الذي قال إن الفلسطينيين «سيدركون لاحقاً خطأهم، وينضمون للركب» وهذا حسب مايكل دوران «يعني تجاوز القضية الفلسطينية» بحكم أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي «من المرجح أن يصبح بمرور الوقت… معضلة غير قابلة للحل».

ومع ذلك، كان هناك بعض «الإغراءات السخية» التي قدمتها اتفاقات التطبيع للفلسطينيين حينها، تمثلت في وقف ضم أراضي الضفة الغربية، حيث وافقت إسرائيل على «وقف مؤقت» بهدف إعطاء الفرصة لتوقيع المزيد من تلك الاتفاقيات، في طريق طويل تضع إسرائيل فيه عينها على الجائزة الكبرى، بإبرام اتفاق مماثل مع المملكة العربية السعودية.



وذلك إن حصل، حسب التقديرات الإسرائيلية والأمريكية، فإنه سيكون أكبر خطوة في سبيل السلام الدائم في الشرق الأوسط، بل وأكبر خطوة نحو التحول للشرق الأوسط الجديد، حسب الرؤية الإسرائيلية الأمريكية، وذلك لما للسعودية من ثقل ديني واقتصادي وسياسي وجغرافي، يمكن أن يساعد في دفع تلك الاتفاقيات مع أكبر عدد من الدول العربية.
كانت المقتضيات أن يحل السلام من بوابة التطبيع وليس من بوابة حل الدولتين
كان إحلال السلام في الشرق الأوسط ـ إذن ـ هو هدف التطبيع المعلن، وكانت المقتضيات أن يحل السلام من بوابة التطبيع، وليس من بوابة حل الدولتين، على الأقل من وجهة النظر الأمريكية والإسرائيلية، لأن تصريحات المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين حول الاتفاقيات الإبراهيمية كانت واضحة بأن على الفلسطينيين اغتنام الفرصة والانضمام للتطبيع، وإلا فإن القافلة سوف تمضي، وسيتجاوزهم الزمن.

وهنا تطرح عدة أسئلة جوهرية: هل حقق التطبيع هدف إحلال السلام في الشرق الأوسط؟ هل يمكن إحلال السلام بفتح سفارات في عواصم عربية، مع تجاهل الحقوق الفلسطينية في دولة مستقلة ذات سيادة؟ هل أدى قطار التطبيع إلى الضغط المأمول على الفلسطينيين بجعلهم يقبلون بما دون دولتهم التي ضمنتها القرارات الدولية؟

هل استطاعت الدول العربية التي طبعت مع إسرائيل التأثير على الإسرائيليين، لانتزاع أي تنازل منهم، لصالح الحقوق الفلسطينية؟ وهل استطاعت توظيف العلاقة مع إسرائيل لصالح حل الدولتين؟ وهل سمعت إسرائيل لمن ينصحها بأن تعنتها سيؤدي إلى انفجار المنطقة؟ وبالمجمل: هل حقق التطبيع أهدافه في إحلال السلام؟

ما من شك اليوم بأن انطلاق قطار التطبيع بالطريقة التي أرادتها إسرائيل والولايات المتحدة لم يؤد إلى إحلال السلام، بل على العكس، لا يبعد عن الصواب القول بأن شعور الفلسطينيين بأن إسرائيل تحاول تجاوزهم إلى محيطهم العربي، هذا الشعور راكم لديهم مشاعر الغضب والإحباط.



ولا نعدو الحقيقة إذا قلنا إن أحد أسباب انفجار الأوضاع الحالية في غزة هو محاولات إسرائيل والولايات المتحدة تطبيع العلاقات مع الدول العربية، دون اعتبار للحقوق الفلسطينية، وهو الأمر الذي جعل الفلسطينيين يشعرون باليأس الذي أدى ـ ضمن عوامل أخرى ـ إلى تفجر الأوضاع في غزة والمنطقة بشكل غير مسبوق.

إن أهم وصفة للحرب هي أن يصل طرف ما إلى حالة من الإحباط واليأس التام، وهذه «الوصفة الحربية» هي التي قدمها فلاسفة التطبيع على أساس أنها وصفة سحرية يمكن أن تجعل الفلسطينيين يرغبون في السلام، من أجل اللحاق بركب الرخاء الذي سيجلبه التطبيع للشرق الأوسط «الإبراهيمي» الجديد.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ترامب التطبيع السعودية غزة السعودية غزة الاحتلال التطبيع ترامب مقالات مقالات مقالات صحافة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الشرق الأوسط للشرق الأوسط إحلال السلام حل الدولتین من بوابة شرق أوسط

إقرأ أيضاً:

كلاب إسرائيل وجثث الفلسطينيين!

هل هناك حدود للإجرام والوحشية الإسرائيلية ضد العرب عموما والفلسطينيين خصوصا؟
كنت أعتقد أن هناك حدودا يصعب حتى على أى مجرم مهما كان عتيا أن يتجاوزها، لكن ما تفعله إسرائيل فى قطاع غزة فاق كل خيال.

صدعت إسرائيل رءوسنا ورءوس العالم  بخرافة أنها واحة الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان فى غابة من الاستبداد العربى الإسلامى، إلى أن جاء عدوانها المستمر على قطاع غزة منذ ٧ أكتوبر من العام الماضى، ليكشف أنها منبع وأصل الوحشية والعنصرية.

ما هو الجديد الذى يدفعنى للكتابة عن هذا الموضوع اليوم؟

صحيفة هاآرتس العبرية ذات الاتجاه اليسارى نشرت.

يوم الأربعاء الماضى عن قائد بالفرقة ٢٥٢ بجيش الاحتلال أن هناك خطا شمال محور الشهداء «نتساريم» فى قطاع غزة يسمى بخط الجثث ويعرفه أهالى المنطقة جيدا. يضيف أى شخص يتجاوز هذا الخط نطلق عليه الرصاص فورا، ولا يجرؤ الأهالى على سحب الجثث، بل نتركها لتأكلها الكلاب.
المئات من جثامين الشهداء ما تزال موجودة فى شوارع مخيم جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، وكلما حاول الأهالى نقل الجثث تستهدفهم المسيرات مما يؤدى لسقوط شهداء جدد، والعشرات من المصابين ظلوا ينزفون لأيام طويلة حتى استشهادهم دون أن يتمكن أحد من إسعافهم.

«صور الكلاب وهى تنهش جثامين الشهداء أمام أعين جنود وضباط الاحتلال تكشف - حسب بيان لحركة حماس - عن مستوى الوحشية وحجم السادية والإجرام واللاإنسانية فى سلوك جيش الاحتلال وقيادته الفاشية».

صحيفة هاآرتس أيضا التقت بمجموعة من قادة وضباط وجنود الجيش الإسرائيلى فى شمال قطاع غزة وجاءت أهم تصريحاتهم كالتالى:

محور نتساريم مصنف بأنه منطقة قتل، وكل من يدخل نطلق عليه النار فورا، وهناك سباق بين الوحدات لقتل أكبر عدد من الفلسطينيين. نحن نقتل مواطنين ثم نعدمهم على أساس أنهم مسلحون. ولدينا أوامر بإرسال صور الجثث، وقد أرسلنا صورا لـ٢٠٠ قتيل، وتبين أن عشرة فقط منهم ينتمون لحماس. وأحيانا يتصرف الجيش فى غزة وكأنهم ميليشيا مسلحة مستقلة لا تلتزم بأى قوانين، ولدينا سلطات غير محدودة، وهناك عمليات تجرى من دون أوامر. وبعض القادة الذين خدموا فى المنطقة كانوا يبحثون عن صورة نصر شخصى، وأحد القادة قال لجنوده أن صورة النصر لفرقته سوف تتحقق بعد إفراغ شمال غزة من سكانه.

وأظن أن العبارة الأخيرة هى أحد الأهداف الأساسية للعدوان الإسرائيلى ضمن أهداف أخرى كثيرة. لكن هناك جيوشا كثيرة تحتل مناطق فى دول أخرى من دون أن تفعل ما فعلته وتفعله إسرائيل فى غزة من إجرام غير مسبوق.

فى نفس اليوم، لتقارير هاآرتس كانت منظمة «هيومان رايتس ووتش» تتهم إسرائيل بارتكاب أعمال إبادة جماعية. المنظمة قالت إن السلطات الإسرائيلية فرضت عمدا على سكان غزة ظروفا معيشية مصممة لتدمير جزء من السكان من خلال تعمد حرمان المدنيين من الوصول إلى المياه بشكل كاف. مما أدى إلى آلاف الوفيات، إضافة إلى الحرمان من الصرف الصحى، وتعطيل البنية التحتية، خصوصا قطع الكهرباء وكلها أعمال تشكل جريمة حرب متمثلة بالإبادة.

المنظمة استشهدت بما قاله يوآف جالانت وزير الدفاع الإسرائيلى السابق بعد بدء العدوان مباشرة فى ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ «لن تكون هناك كهرباء ولا طعام ولا ماء، ولا وقود. كل شىء مغلق». يومها وصف جالانت الفلسطينيين بأنهم «حيوانات بشرية!!!».

تقرير هومان رايتش ووتش استغرق إعداده عاما كاملا، ومن المستحيل اتهام أصحابه بأنهم مغرضون أو عرب معادون للسامية. هو اعتمد على مقابلات سكان مدنيين وصور بالأقمار الصناعية وبيانات وتحليل صور وفيديوهات. وبالطبع فإن وزراء الخارجية الإسرائيلية قال إن التقرير ملىء بالأكاذيب، وافتراء دموى لتعزيز الدعاية المناهضة لإسرائيل!!!

ولا أعلم كيف يمكن أن يكون هذا التقرير ملىء بالأكاذيب فى حين أن أهم دليل على صحته هو سقوط ١٥٢ ألف شهيد وجريح فلسطينى وعشرة آلاف مفقود ودمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الآلاف من الأطفال والمسنين والنساء وتدمير أكثر من ٧٠٪ من قطاع غزة ونزوح أكثر من ٨٠٪ من السكان، مما شكّل واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية فى العالم.

أما ما يحدث فى شمال قطاع غزة من تدمير منظم لكل شىء وتسوية المبانى والمنشآت بالأرض خير دليل على الجريمة العظمى التى ترتكبها إسرائيل.

ختاما يقول ضابط إسرائيلى: «نحن فى مكان بلا قوانين وحياة البشر فيه بلا قيمة!!!».

(الشروق المصرية)

مقالات مشابهة

  • عودة مشروع الشرق الأوسط الجديد من البوابة السورية
  • اعتراضات في الكنيست على كلمة نتنياهو
  • ترامب: سأوقف الفوضى في الشرق الأوسط والحرب بأوكرانيا
  • نظام إسرائيلي في الشرق الأوسط
  • جبهة مناهضة التطبيع تحتج أمام البرلمان للمطالبة بوقفه الفوري مع إسرائيل
  • مستشار الرئيس التركي يقترح اسم جديد للشرق الأوسط
  • بلال الدوي: مصر الدولة الوحيدة التي أجبرت إسرائيل على السلام
  • بعد انتقاده إدارة بايدن .. كوشنر: 10 دول ستنضم إلى اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل خلال أشهر
  • كلاب إسرائيل وجثث الفلسطينيين!
  • كاتب إسرائيلي: إسرائيل والسعودية مرتاحتان لترامب.. تقدم بطيء نحو التطبيع