عربي21:
2025-01-29@05:48:02 GMT

هل جلب التطبيع السلام للشرق الأوسط؟

تاريخ النشر: 15th, August 2024 GMT

في حفل التوقيع على «الاتفاقيات الإبراهيمية» في البيت الأبيض في 15أيلول/سبتمبر 2020، قال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب: «إن السلام الدائم سوف يحل على الشرق الأوسط».

واسترسل متفائلاً: «بعد عقود من الانقسام والصراع، نحتفل بفجر شرق أوسط جديد» واستبدت به روح رسالية تبشيرية فقال: «إن توقيع اليوم يضع التاريخ على مسار جديد» وهي الروح التي احتشد بها – أو هكذا ظهر – رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي قال إنه يمكن في نهاية المطاف للاتفاقيات الإبراهيمية «أن تنهي الصراع العربي الإسرائيلي مرة واحدة وإلى الأبد» وهي الروح التي تحدثت على لسان السفير الأمريكي في إسرائيل آنذاك ديفيد فريدمان حين قال: «في غضون أشهر أو عام، سينتهي الصراع الإسرائيلي العربي».


يريدون سلاما دون حل للقضية الفلسطينية
ما هو المعنى؟ وماذا كان الهدف؟
حسب التصريحات الإسرائيلية والأمريكية بدا واضحاً أنهم يريدون سلاماً دون حل للقضية الفلسطينية، سلاماً يتجاوز تلك القضية «المستعصية على الحل» سلاماً عبر بوابة التطبيع الذي يتجاوز الفلسطينيين «الذين لا يرغبون في السلام» يتجاوزهم إلى المحيط العربي الأوسع، ومن ثم يصبح الصراع العربي الإسرائيلي في صورته التقليدية صراعاً فلسطينياً إسرائيلياً، ثم يختصر إلى صراع إسرائيلي غزاوي، أو بالأحرى صراع بين دولة ديمقراطية صديقة للعرب ومجاميع إرهابية تهدد المصالح الإسرائيلية العربية المشتركة، وهكذا كانت التنظيرات.



وكانت الفكرة أن تجاوز الفلسطينيين، أو أن شعورهم بأن الزمن سيتجاوزهم سيعجل بانضمامهم للقافلة الشرق أوسطية الجديدة التي كان ينظر لها حينها، على أساس أنها قافلة سلام وإخاء ورخاء وازدهار و«شرق أوسط جديد».

هل يعني ذلك تجاهل الحق الفلسطيني؟
كان ذلك – وفقاً لمقتضيات التطبيع ـ يعني إعادة تعريف الحق الفلسطيني، واختصار القضية في أبعادها الإنسانية والاقتصادية والحقوقية، وإغفال الجانب السياسي لهذه القضية، الأمر الذي يعني تجاوز «حل الدولتين» إلى مجموعة من الترتيبات الاقتصادية والأمنية التي تضمن للفلسطينيين حياة كريمة، دون ذكر لدولة مستقلة على ترابهم الوطني، وفقاً للقرارات الدولية.

كانت الفكرة الأساسية من اتفاقيات التطبيع العربية الإسرائيلية التي سميت «الاتفاقيات الإبراهيمية» هي الدخول إلى عتبات شرق أوسط جديد خال من الحروب، وبما أن عدم حل القضية الفلسطينية كان – ولا يزال – سبب الحروب الكثيرة التي شهدها الشرق الأوسط، فإن اتفاقيات التطبيع تم النظر إليها على أساس أنها يمكن أن تجلب السلام للشرق الأوسط، حتى دون حل للقضية الفلسطينية، لأن الشرق الأوسط لا ينبغي أن ينتظر حلول السلام، لحين الفراغ من حل تلك القضية الشائكة، وبالتالي فإنه ـ وحسب منظري تلك الاتفاقيات ـ سيتحتم على الفلسطينيين أن ينضموا لاتفاقيات التطبيع التي تؤدي إلى السلام، وإلا فإنهم مهددون بتجاوزهم وتجاوز قضيتهم.



هكذا إذن، وبكل بساطة، سيحل السلام في الشرق الأوسط بتجاوز حل القضية الفلسطينية، وستتوسع دائرة «الاتفاقيات الإبراهيمية» مع الفلسطينيين أو دونهم، وكأن الفلسطينيين هم العقبة الوحيدة أمام السلام، ولذا يجب تجاوزهم، وتجاوز قضيتهم، إذا لم يرضوا بالتطبيع مع إسرائيل، وقبولها دولة طبيعية في شرق أوسط تقوده هي، سياسياً وأمنياً وعسكرياً واقتصادياً، شرق أوسط مسالم ومزدهر، «تنتهي فيه الحروب إلى الأبد» مع توقعات دونالد ترامب حينها بأن «ينضم الفلسطينيون في نهاية المطاف» وإلا فإنه سيتم «تركهم في البرد».

أو حسب توصيف جاريد كوشنر، صهر ترامب، الذي قال إن الفلسطينيين «سيدركون لاحقاً خطأهم، وينضمون للركب» وهذا حسب مايكل دوران «يعني تجاوز القضية الفلسطينية» بحكم أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي «من المرجح أن يصبح بمرور الوقت… معضلة غير قابلة للحل».

ومع ذلك، كان هناك بعض «الإغراءات السخية» التي قدمتها اتفاقات التطبيع للفلسطينيين حينها، تمثلت في وقف ضم أراضي الضفة الغربية، حيث وافقت إسرائيل على «وقف مؤقت» بهدف إعطاء الفرصة لتوقيع المزيد من تلك الاتفاقيات، في طريق طويل تضع إسرائيل فيه عينها على الجائزة الكبرى، بإبرام اتفاق مماثل مع المملكة العربية السعودية.



وذلك إن حصل، حسب التقديرات الإسرائيلية والأمريكية، فإنه سيكون أكبر خطوة في سبيل السلام الدائم في الشرق الأوسط، بل وأكبر خطوة نحو التحول للشرق الأوسط الجديد، حسب الرؤية الإسرائيلية الأمريكية، وذلك لما للسعودية من ثقل ديني واقتصادي وسياسي وجغرافي، يمكن أن يساعد في دفع تلك الاتفاقيات مع أكبر عدد من الدول العربية.
كانت المقتضيات أن يحل السلام من بوابة التطبيع وليس من بوابة حل الدولتين
كان إحلال السلام في الشرق الأوسط ـ إذن ـ هو هدف التطبيع المعلن، وكانت المقتضيات أن يحل السلام من بوابة التطبيع، وليس من بوابة حل الدولتين، على الأقل من وجهة النظر الأمريكية والإسرائيلية، لأن تصريحات المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين حول الاتفاقيات الإبراهيمية كانت واضحة بأن على الفلسطينيين اغتنام الفرصة والانضمام للتطبيع، وإلا فإن القافلة سوف تمضي، وسيتجاوزهم الزمن.

وهنا تطرح عدة أسئلة جوهرية: هل حقق التطبيع هدف إحلال السلام في الشرق الأوسط؟ هل يمكن إحلال السلام بفتح سفارات في عواصم عربية، مع تجاهل الحقوق الفلسطينية في دولة مستقلة ذات سيادة؟ هل أدى قطار التطبيع إلى الضغط المأمول على الفلسطينيين بجعلهم يقبلون بما دون دولتهم التي ضمنتها القرارات الدولية؟

هل استطاعت الدول العربية التي طبعت مع إسرائيل التأثير على الإسرائيليين، لانتزاع أي تنازل منهم، لصالح الحقوق الفلسطينية؟ وهل استطاعت توظيف العلاقة مع إسرائيل لصالح حل الدولتين؟ وهل سمعت إسرائيل لمن ينصحها بأن تعنتها سيؤدي إلى انفجار المنطقة؟ وبالمجمل: هل حقق التطبيع أهدافه في إحلال السلام؟

ما من شك اليوم بأن انطلاق قطار التطبيع بالطريقة التي أرادتها إسرائيل والولايات المتحدة لم يؤد إلى إحلال السلام، بل على العكس، لا يبعد عن الصواب القول بأن شعور الفلسطينيين بأن إسرائيل تحاول تجاوزهم إلى محيطهم العربي، هذا الشعور راكم لديهم مشاعر الغضب والإحباط.



ولا نعدو الحقيقة إذا قلنا إن أحد أسباب انفجار الأوضاع الحالية في غزة هو محاولات إسرائيل والولايات المتحدة تطبيع العلاقات مع الدول العربية، دون اعتبار للحقوق الفلسطينية، وهو الأمر الذي جعل الفلسطينيين يشعرون باليأس الذي أدى ـ ضمن عوامل أخرى ـ إلى تفجر الأوضاع في غزة والمنطقة بشكل غير مسبوق.

إن أهم وصفة للحرب هي أن يصل طرف ما إلى حالة من الإحباط واليأس التام، وهذه «الوصفة الحربية» هي التي قدمها فلاسفة التطبيع على أساس أنها وصفة سحرية يمكن أن تجعل الفلسطينيين يرغبون في السلام، من أجل اللحاق بركب الرخاء الذي سيجلبه التطبيع للشرق الأوسط «الإبراهيمي» الجديد.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ترامب التطبيع السعودية غزة السعودية غزة الاحتلال التطبيع ترامب مقالات مقالات مقالات صحافة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الشرق الأوسط للشرق الأوسط إحلال السلام حل الدولتین من بوابة شرق أوسط

إقرأ أيضاً:

رؤية جريئة للسلام في الشرق الأوسط

سلط جاكوب هيلبرون، محرر وزميل أول غير مقيم في مركز أوراسيا التابع للمجلس الأطلسي، الضوء على رؤية المؤلف أحمد الشرعي الطموحة للسلام في المنطقة في كتابه الجديد، "تشكيل المستقبل: رؤية للسلام والازدهار في الشرق الأوسط" (Shaping the Future: A Vision for Peace and Prosperity in the Middle East)، مقدماً إياه باعتباره مدافعاً حازماً عن الإصلاح في الشرق الأوسط، ومنوهاً بالتزامه بتعزيز السلام والتسامح والتقدم على الرغم من التحديات الشخصية والسياسية الكبيرة.

الرخاء الاقتصادي يمكن أن يمهد الطريق للحريات السياسية والحكم المستقر

ولطالما دافع أحمد الشرعي، وهو الناشر المغربي لصحيفة "جيروزالم ستراتيجيك تريبيون"، عن العلاقات السلمية في الشرق الأوسط. ووفقاً لكاتب المقال، فإن إيمان الشرعي بالقيم الغربية يؤكد رؤيته لتعزيز التسامح والتفاهم في المنطقة.

وقال الكاتب إن عمل الشرعي يأتي في الوقت المناسب بشكل خاص، نظراً للتحولات الجيوسياسية الحالية، بما في ذلك إضعاف إيران وحزب الله وحماس، وإمكانية إعادة بناء الاستقرار في الشرق الأوسط. 

My full remarks this morning at @PressClubDC:

Ladies and gentlemen, good morning. It’s a pleasure to be back at the National Press Club. Thank you for the invitation and I look forward to taking your questions later.

Today the Middle East is on the cusp of fundamental change —… pic.twitter.com/DniwOVKotf

— Reza Pahlavi (@PahlaviReza) January 28, 2025

ويجمع كتاب الشرعي "تشكيل المستقبل" كتاباته الواسعة النطاق في مطبوعات بارزة مثل The National Interest وIsrael Hayom.

ويتضمن مقدمة بقلم "دوف زاخيم"، مراقب البنتاغون السابق، الذي أشاد بالشرعي باعتباره صاحب رؤية وعلى استعداد لمواجهة التحديات بشكل مباشر لتعزيز مُثُله.

اعتراف الشرعي بالتحولات الإقليمية يستكشف هيلبرون تحليل الشرعي الثاقب لديناميكيات الشرق الأوسط، مسلطاً الضوء على اعترافه المبكر بالتغيرات المحورية في المنطقة. وفي عام 2018، أشاد الشرعي بجاريد كوشنر، الذي شغل منصب مستشار دونالد ترامب في الشرق الأوسط، لإنجازاته الدبلوماسية.
وبينما رفض كثيرون كوشنر، أشار الشرعي إلى فهمه الدقيق للأولويات الإقليمية، خاصة المخاوف بشأن أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار، كما لاحظ الشرعي تغييراً في المواقف بين الأجيال العربية، الذين ينظر الكثيرون منهم الآن إلى وجود إسرائيل كحقيقة واقعة ويسعون إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية بدلاً من الحروب.

VERY IMPORTANT TO WATCH

The birth of pragmatic Political Jihadism in the Middle East

We are witnessing a critical shift in the history of the Middle East. What we are seeing today is similar to what happened in the 1980s after the Islamic Revolution took over Iran.

The… pic.twitter.com/ZJAM0uta8l

— Dalia Ziada - داليا زيادة (@daliaziada) December 10, 2024
النمو الاقتصادي كمسار نحو الاستقرار

وقال الكاتب إن حجر الزاوية في رؤية الشرعي هو الاعتقاد بأن الرخاء الاقتصادي يمكن أن يمهد الطريق للحريات السياسية والحكم المستقر.

وقارن هذا النهج بنهج رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، الذي انتهت مهمته في تنشيط لبنان بشكل مأساوي باغتياله في عام 2005.

وسلط هيلبرون الضوء على تركيز الشرعي على البعد الاقتصادي للدبلوماسية، مشيراً إلى أن الاتفاقية البحرية بين إسرائيل ولبنان التي توسطت فيها الولايات المتحدة في عام 2020 حلت النزاعات التي استمرت عقوداً من الزمان حول المياه الإقليمية، مما مكَّن من استكشاف الطاقة والتعاون الاقتصادي، والذي يعده الشرعي ضربة حاسمة لخنق حزب الله لتجارة لبنان مع إسرائيل.

 إيران والإرهاب العالمي

وتشمل واقعية الشرعي بشأن الشرق الأوسط انتقاداً لا يتزعزع لإيران، التي يعدها مركز الإرهاب العالمي.

ولفت الكاتب النظر إلى تحذيرات الشرعي بشأن الدور المزعزع للاستقرار الذي تلعبه إيران، بدءاً من دعمها لحزب الله والحوثيين إلى تزويد روسيا بالطائرات دون طيار في الصراع في أوكرانيا.
ودعا الشرعي الولايات المتحدة إلى محاسبة القادة الإيرانيين على الإرهاب، واقترح اتخاذ إجراءات قانونية كوسيلة لإرسال رسالة قوية مفادها أن مثل هذه الأعمال لن يتم التسامح معها.

الفرص المستقبلية

واختتم هالكاتب مقاله بالقول إلى الشرعي يقدم رؤية جريئة وعملية للتغلب على الانقسامات التاريخية في الشرق الأوسط ورسم مسار نحو الاستقرار والتعاون.

مقالات مشابهة

  • رؤية جريئة للسلام في الشرق الأوسط
  • مصدر لـCNN: مبعوث ترامب للشرق الأوسط يلتقي نتنياهو الأربعاء
  • عن زلازل وشيكة في الشرق الأوسط... إليكم ما أوضحه خبير لبنانيّ
  • برلماني: ندعم «بوصلتنا الوطنية» ونرفض المخططات التي تتعرض لها منطقة الشرق الأوسط
  • السعودية تؤكد:هذا شرط التطبيع مع إسرائيل
  • الصحف العربية.. الشرق الأوسط تتحدث عن معاناة نازحي غزة.. ترامب والقضية الفلسطينية| تصريحات تعيد أزمات النكبة إلى الواجهة
  • الجامعة العربية تؤكد أن تحقيق الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط من خلال تسوية القضية الفلسطينية
  • برلماني: تصريحات ترامب تهدد استقرار الشرق الأوسط.. وتهجير الفلسطينيين خط أحمر
  • عضو بـ«الشيوخ»: تهجير الفلسطينيين سيهدد استقرار الشرق الأوسط بأكمله
  • ترامب يخطط لناتو جديد للشرق الأوسط