موقع النيلين:
2025-03-10@18:53:49 GMT

النفاق الأمريكي كأوضح ما يكون

تاريخ النشر: 15th, August 2024 GMT

سَمِّه نفاقاً إن شئت، أو سَمّه تناقضاً، المهم أنه في نهاية الأمر، عمل غير أخلاقي ولا يتسق مع أي قانون أرضي – وضعه البشر – أو جاء به دين سماوي، ذلك هو الوصف اللائق بالعمل الذي تقوم به الإدارة الأمريكية الحالية تجاه السودان، وتحديداً ما يقوم به مبعوثها الخاص للسودان توم بيرييلو، في رمزيته وليس في شخصه !!

تملأ الإدارة الأمريكية الحالية، الفضاء الإعلامي زعيقاً، عبر مبعوثها ومندوبتها في مجلس الأمن الدولي، وعبر منظماتها العاملة في المجال الإنساني، عن “الكارثة التي يواجهها شعب السودان بسبب استمرار الحرب”، يتحدثون عن الجوع الذي يهدد حياة الملايين وعن معاناة النازحين الذين بلغت أعدادهم الرقم القياسي العالمي، وعن معاناة الأطفال في صحتهم وفي حرمانهم من تلقي التعليم، ويتحدثون – ببعض الحياء – عن الإنتهاكات اليومية للقانون الدولي الإنساني وعن حالات الاغتصاب والاختفاء القسري، ويتحدثون عن القصف الذي يتعرض له المدنيون فيصبحون بين عشية وضحاها من بين ضحاياه .

. ومن بعد هذه القائمة الطويلة من الإنتهاكات والجرائم، يقولون: يجب أن تتوقف الحرب، ولكي تتوقف يجب أن يجتمع (الجنرالان) أو مَن يفوضانه للبت في خطة “شبه جاهزة” لوقف إطلاق النار مؤقتاً لتمكين العون الإنساني، من غذاء و دواء، من أن يتدفق ليصل إلى المحتاجين، ثم تطوير الإتفاق المؤقت هذا لوقف إطلاق النار إلى إتفاق دائم !!

تسألني: وأين المشكلة في هذا ؟

وأجيبك : لا توجد أية مشكلة، بل هذا هو المطلوب، هناك معاناة يعيشها الملايين من أهل السودان بسبب استمرار الحرب، وأن هذه المعاناة يجب أن تتوقف، لكن أليس من الواجب أن يُحدد الطرف المتسبب في هذه المعاناة أولاً، ولماذا يصر هذا الطرف على الاستمرار في هذا السلوك ؟
هذا هو السؤال الذي تحاول الإدارة الأمريكية أن تتهرب من طرحه وبالضرورة من الإجابة عليه، وتحاول القفز فوق مترتباته إلى المناداة بوقف الحرب !!

صحيح أن الملايين من أهل السودان نزحوا من مدنهم وقراهم، وهاموا على وجوههم داخل السودان وخارجه، وأصبحوا عرضة للجوع والمرض، وتعرضوا للقهر والاغتصاب والقتل، والسبب في ذلك هو مليشيا الدعم السريع، التي احتلت بيوتهم وطردتهم منها وقتلت مَن حاول منهم مقاومة ذلك، وهذا الأمر لا يحتاج فيه السودانيون لشهادة إثبات من أحد، لا من لجنة تحقيق محلية أو من منظمة دولية أو مجلس أمن، بل هو أمر عايشوه بأنفسهم طوال ما يقرب من العامين ، فهو مسلسل مستمر منذ منتصف أبريل من العام الماضي، وظل العالم كله يشهد كيف أن الآلاف من النساء والأطفال وكبار السن وغيرهم، يفرون من أية مدينة أو قرية تدخلها مليشيا الدعم السريع، إما إلى أقرب دولة مجاورة أو إلى المدن الآمنة في ولايات السودان التي لم تدنسها بنادق التمرد.

والعالم كله، وعلى رأسه منظمات الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية، والوكالة الأمريكية للتنمية، يعرفون أن الذي سطا على مخازن الأغذية والأدوية، في الخرطوم وفي ود مدني، وفي غيرهما، وعلى وسائل نقلها و ترحيلها، هم ضباط وجنود مليشيا الدعم السريع، الأمر الذي تسبب بشكل مباشر في القدر الأكبر من المعاناة الإنسانية التي يتحدث عنها المسؤولون الأمريكيون.

والعالم كله يعرف، وعلى رأسه المسؤولون الأمريكيون، أن الطرف الذي سطا على آليات وناقلات المزارعين في ولايات الخرطوم والجزيرة وسنار والنيل الأبيض وفي كردفان و دارفور، وعلى بذورهم، وحرمهم من ممارسة نشاطهم الزراعي، وتسبب بشكل مباشر في تفاقم أزمة إنتاج الغذاء هو مليشيا الدعم السريع.

وكِبار العالم، بجلالة قدرهم، ممثلين في الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، بمن في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، ومعهم بقية الأعضاء غير الدائمين أدانوا في 13 يونيو الماضي الحصار والتجويع وتدمير والمستشفيات والأعيان المدنية الذي تتعرض له مدينة الفاشر، وطالبوا بفك الحصار ووقف القصف والتدميرعنها، وهم يعرفون أكثر من أي طرف آخر، أن الذي يقوم بذلك هو مليشيا الدعم السريع، لكن المليشيا لم تعبأ بما يقولون، وظلت قبل ذلك، وإلى يومنا هذا، تقوم بموجات متتالية من الهجوم على المدينة و تمارس القصف على المرافق الصحية والأحياء السكنية وتمنع قوافل الإغاثة من أن تصل إلى المدينة !!

أمريكا تعرف هذا كله، وتعرف الطرف المتسبب في معاناة السودانيين، وتعرف الأطراف الخارجية التي تمده بالمال والسلاح وتدعمه سياسياً وإعلامياً، لكنها لا تريد أن تقول لهم كفوا عن ذلك لكي تتوقف معاناة السودانيين، ولا تريد أن توجه لهم حتى صوت عتاب، بل تريد للحرب أن تتوقف بحجة أن في استمرارها مزيد من المعاناة للمدنيين !!

وغير بعيد عن السودان، يتعرض الشعب الفلسطيني في غزة إلى إبادة جماعية وتُرتكب في حقه كل أنواع الجرائم والانتهاكات، لكن أمريكا لا تطالب دولة العدوان أن توقف القتل والتدمير ضد الفلسطينيين ومنشآتهم المدنية، بل تمد المعتدي بكل أنواع الذخائر، الذكية منها والغبية، لكي يمعن في القتل والتدمير للمستشفيات والمدارس والمساكن، وقد بلغ الأمر بالرئيس الأمريكي نفسه أن صرح بأنه من المبكر الحديث عن وقف إطلاق النار في غزة، ولا تطالبها بفتح المعابر لكي تصل المعونات الإنسانية للمحتاجين !!

إذا لم يكن ما تفعله الإدارة الأمريكية، وما تقوله، بشأن ما يحدث في السودان وما يحدث فى فلسطين، هو عين النفاق والبلطجة السياسيين، وازدواجية المعايير، فماذا يكون بالله عليكم ؟

العبيد أحمد مروح

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: ملیشیا الدعم السریع الإدارة الأمریکیة

إقرأ أيضاً:

البرهان يلتقي وفد المحفظة السامرائية الأمريكية برئاسة القس فرانكلين غراهام

استقبل السيد رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول الركن عبدالفتاح البرهان اليوم بمكتبه وفد منظمة المحفظة السامرائية بالولايات المتحدة الأمريكية برئاسة القس فرانكلين غراهام، بحضور السفير د.علي يوسف وزير الخارجية والفريق الركن الصادق إسماعيل محمود رئيس اللجنة الوطنية المشتركة للطوارئ الإنسانية.وقدم الوفد في مستهل اللقاء، شكره لرئيس المجلس السيادي ولحكومة السودان على التنسيق المحكم والتسهيلات التي قدمتها من أجل إيصال المساعدات الإنسانية لمستحقيها في جنوب كردفان.وأعرب الفريق أول الركن البرهان عن تقدير حكومة السودان لجهود المحفظة السامرائية التي تعمل في السودان منذ سنوات طويلة، والتي إمتد جهدها لإنشاء مستشفيات في القضارف وهمشكوريب.وقال الفريق الركن الصادق إسماعيل محمود رئيس اللجنة الوطنية المشتركة للطوارئ الإنسانية في تصريح صحفي أن اللقاء يأتي في إطار الرؤية الإستراتيجية التي إعتمدتها حكومة السودان بشأن العون الإنساني، والتي شدد فيها رئيس مجلس السيادة على أن موقف السودان ثابت في التعامل مع متطلبات الشأن الإنساني دون أي أغراض سياسية أو إعلامية وان منطلقاتها هي تقديم المساعدات للمواطنيين السودانيين دون تمييز للون أو عرق أو منطقة أو دين.من جانبه أعرب القس فرانكلين غراهام، الرئيس التنفيذي لمنظمة المحفظة السامرائية بالولايات المتحدة الأمريكية عن سعادته بزيارة السودان مشيداً بمجهودات الحكومة السودانية في تسهيل إنسياب المساعدات الإنسانية للمحتاجين .مبينا أن منظمة المحفظة السامرائية ظلت تعمل بالسودان لمدة ٣٠ عاماً وتقدم خدماتها في كافة أنحاء البلاد وأضاف أن اللقاء تطرق للأنشطة والبرامج التي يمكن أن تقدمها المنظمة في المستقبل في مختلف القطاعات لاسيما القطاع الصحي مشيراً إلى التعاون المثمر بين المنظمة ووزارة الصحة في تقديم الخدمات الصحية.وأوضح القس فرانكلين أن اللقاء كان فرصة لتبادل الأفكار والرؤى بشأن العمل الإنساني.معرباً عن أمله في أن يحظى السودان بمزيد من الدعم خاصة في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها.وقال أنه سينقل ما لمسه خلال هذه الزيارة للجهات والمؤسسات الأمريكية حتى تضطلع على التحديات التي يواجهها السودان في الشأن الإنساني وعبر عن تمنياته في إعادة الارتباط بين الإدارة الأمريكية وحكومة السودان وذلك لخدمة المصالح المشتركة للبلدين.سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • البرهان يلتقي وفد المحفظة السامرائية الأمريكية برئاسة القس فرانكلين غراهام
  • رمضان يخفف من قساوة التحديات التي يواجهها رواد الأعمال السودانيون
  • حكايات المؤسسين (4): حكاية جيش التأسيس – الحلم الذي اقترب من أن يصبح حقيقة
  • كيف يكون التعامل مع الأب الذي يسيء معاملة أبنائه ويفرق بينهم؟
  • هل تلاحظون الصمت الذي ضرب على خيمة خالد سلك؟!
  • وزيرة التضامن: الطفل الذي يدخل الحضانة صغيرا يكون تحصيله ووعيه أكبر
  • من بينهم ليبيا .. الوكالة الأمريكية للتنمية تبلغ شركاءها الرئيسيين في شمال أفريقيا بانسحابها من جميع المشاريع التي شاركت فيها
  • من هم قيادات الحوثيين الذي شملهم قرار العقوبات الأمريكية؟
  • بالفيديو.. أيمن الحجار يحذر من خطورة النفاق: آفة تهدد الأفراد والمجتمعات
  • السفارة الأمريكية في جوبا تتخذ خطوة تجاه رعاياها في جنوب السودان