موقع النيلين:
2025-02-07@05:41:11 GMT

النفاق الأمريكي كأوضح ما يكون

تاريخ النشر: 15th, August 2024 GMT

سَمِّه نفاقاً إن شئت، أو سَمّه تناقضاً، المهم أنه في نهاية الأمر، عمل غير أخلاقي ولا يتسق مع أي قانون أرضي – وضعه البشر – أو جاء به دين سماوي، ذلك هو الوصف اللائق بالعمل الذي تقوم به الإدارة الأمريكية الحالية تجاه السودان، وتحديداً ما يقوم به مبعوثها الخاص للسودان توم بيرييلو، في رمزيته وليس في شخصه !!

تملأ الإدارة الأمريكية الحالية، الفضاء الإعلامي زعيقاً، عبر مبعوثها ومندوبتها في مجلس الأمن الدولي، وعبر منظماتها العاملة في المجال الإنساني، عن “الكارثة التي يواجهها شعب السودان بسبب استمرار الحرب”، يتحدثون عن الجوع الذي يهدد حياة الملايين وعن معاناة النازحين الذين بلغت أعدادهم الرقم القياسي العالمي، وعن معاناة الأطفال في صحتهم وفي حرمانهم من تلقي التعليم، ويتحدثون – ببعض الحياء – عن الإنتهاكات اليومية للقانون الدولي الإنساني وعن حالات الاغتصاب والاختفاء القسري، ويتحدثون عن القصف الذي يتعرض له المدنيون فيصبحون بين عشية وضحاها من بين ضحاياه .

. ومن بعد هذه القائمة الطويلة من الإنتهاكات والجرائم، يقولون: يجب أن تتوقف الحرب، ولكي تتوقف يجب أن يجتمع (الجنرالان) أو مَن يفوضانه للبت في خطة “شبه جاهزة” لوقف إطلاق النار مؤقتاً لتمكين العون الإنساني، من غذاء و دواء، من أن يتدفق ليصل إلى المحتاجين، ثم تطوير الإتفاق المؤقت هذا لوقف إطلاق النار إلى إتفاق دائم !!

تسألني: وأين المشكلة في هذا ؟

وأجيبك : لا توجد أية مشكلة، بل هذا هو المطلوب، هناك معاناة يعيشها الملايين من أهل السودان بسبب استمرار الحرب، وأن هذه المعاناة يجب أن تتوقف، لكن أليس من الواجب أن يُحدد الطرف المتسبب في هذه المعاناة أولاً، ولماذا يصر هذا الطرف على الاستمرار في هذا السلوك ؟
هذا هو السؤال الذي تحاول الإدارة الأمريكية أن تتهرب من طرحه وبالضرورة من الإجابة عليه، وتحاول القفز فوق مترتباته إلى المناداة بوقف الحرب !!

صحيح أن الملايين من أهل السودان نزحوا من مدنهم وقراهم، وهاموا على وجوههم داخل السودان وخارجه، وأصبحوا عرضة للجوع والمرض، وتعرضوا للقهر والاغتصاب والقتل، والسبب في ذلك هو مليشيا الدعم السريع، التي احتلت بيوتهم وطردتهم منها وقتلت مَن حاول منهم مقاومة ذلك، وهذا الأمر لا يحتاج فيه السودانيون لشهادة إثبات من أحد، لا من لجنة تحقيق محلية أو من منظمة دولية أو مجلس أمن، بل هو أمر عايشوه بأنفسهم طوال ما يقرب من العامين ، فهو مسلسل مستمر منذ منتصف أبريل من العام الماضي، وظل العالم كله يشهد كيف أن الآلاف من النساء والأطفال وكبار السن وغيرهم، يفرون من أية مدينة أو قرية تدخلها مليشيا الدعم السريع، إما إلى أقرب دولة مجاورة أو إلى المدن الآمنة في ولايات السودان التي لم تدنسها بنادق التمرد.

والعالم كله، وعلى رأسه منظمات الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية، والوكالة الأمريكية للتنمية، يعرفون أن الذي سطا على مخازن الأغذية والأدوية، في الخرطوم وفي ود مدني، وفي غيرهما، وعلى وسائل نقلها و ترحيلها، هم ضباط وجنود مليشيا الدعم السريع، الأمر الذي تسبب بشكل مباشر في القدر الأكبر من المعاناة الإنسانية التي يتحدث عنها المسؤولون الأمريكيون.

والعالم كله يعرف، وعلى رأسه المسؤولون الأمريكيون، أن الطرف الذي سطا على آليات وناقلات المزارعين في ولايات الخرطوم والجزيرة وسنار والنيل الأبيض وفي كردفان و دارفور، وعلى بذورهم، وحرمهم من ممارسة نشاطهم الزراعي، وتسبب بشكل مباشر في تفاقم أزمة إنتاج الغذاء هو مليشيا الدعم السريع.

وكِبار العالم، بجلالة قدرهم، ممثلين في الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، بمن في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، ومعهم بقية الأعضاء غير الدائمين أدانوا في 13 يونيو الماضي الحصار والتجويع وتدمير والمستشفيات والأعيان المدنية الذي تتعرض له مدينة الفاشر، وطالبوا بفك الحصار ووقف القصف والتدميرعنها، وهم يعرفون أكثر من أي طرف آخر، أن الذي يقوم بذلك هو مليشيا الدعم السريع، لكن المليشيا لم تعبأ بما يقولون، وظلت قبل ذلك، وإلى يومنا هذا، تقوم بموجات متتالية من الهجوم على المدينة و تمارس القصف على المرافق الصحية والأحياء السكنية وتمنع قوافل الإغاثة من أن تصل إلى المدينة !!

أمريكا تعرف هذا كله، وتعرف الطرف المتسبب في معاناة السودانيين، وتعرف الأطراف الخارجية التي تمده بالمال والسلاح وتدعمه سياسياً وإعلامياً، لكنها لا تريد أن تقول لهم كفوا عن ذلك لكي تتوقف معاناة السودانيين، ولا تريد أن توجه لهم حتى صوت عتاب، بل تريد للحرب أن تتوقف بحجة أن في استمرارها مزيد من المعاناة للمدنيين !!

وغير بعيد عن السودان، يتعرض الشعب الفلسطيني في غزة إلى إبادة جماعية وتُرتكب في حقه كل أنواع الجرائم والانتهاكات، لكن أمريكا لا تطالب دولة العدوان أن توقف القتل والتدمير ضد الفلسطينيين ومنشآتهم المدنية، بل تمد المعتدي بكل أنواع الذخائر، الذكية منها والغبية، لكي يمعن في القتل والتدمير للمستشفيات والمدارس والمساكن، وقد بلغ الأمر بالرئيس الأمريكي نفسه أن صرح بأنه من المبكر الحديث عن وقف إطلاق النار في غزة، ولا تطالبها بفتح المعابر لكي تصل المعونات الإنسانية للمحتاجين !!

إذا لم يكن ما تفعله الإدارة الأمريكية، وما تقوله، بشأن ما يحدث في السودان وما يحدث فى فلسطين، هو عين النفاق والبلطجة السياسيين، وازدواجية المعايير، فماذا يكون بالله عليكم ؟

العبيد أحمد مروح

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: ملیشیا الدعم السریع الإدارة الأمریکیة

إقرأ أيضاً:

وزير الدفاع الأمريكي: سنجهز إسرائيل بالذخائر التي لم تُمنح لها سابقًا

أكد وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيغسيث، خلال لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن واشنطن ستقوم بتزويد إسرائيل بذخائر لم يتم منحها لها سابقًا، في إطار الدعم العسكري الأمريكي المستمر لتل أبيب خلال الحرب الجارية في غزة. 

 

وخلال الاجتماع، قال نتنياهو إن إسرائيل قريبة جدًا من تحقيق أهداف الحرب، مؤكدًا أن العمليات العسكرية مستمرة لتحقيق ما وصفه بـ"الحسم النهائي" في القطاع. 

 

وأضاف نتنياهو: "من الجنون أن نكرر الأمر نفسه في غزة مرارًا وتكرارًا"، في إشارة إلى الحاجة لتغيير النهج المتبع في التعامل مع الأوضاع في القطاع، دون أن يوضح طبيعة التغييرات المحتملة. 

 

وفيما يتعلق بخطط ما بعد الحرب، أقرّ نتنياهو بأنه لم يتم بعد الوصول إلى مرحلة التفاصيل بشأن ما يمكن القيام به في غزة، مما يشير إلى استمرار الغموض حول مستقبل القطاع بعد انتهاء العمليات العسكرية. 

 

وتأتي هذه التصريحات وسط تصاعد الجدل حول السياسات الأمريكية والإسرائيلية في غزة، خاصة مع استمرار الضغوط الدولية للدفع باتجاه حلول سياسية وإنهاء العمليات العسكرية التي تسببت في أزمة إنسانية حادة في القطاع.

 

إيران: مقترح ترامب يتماشى مع خطة إسرائيل لإبادة فلسطين وندعو لإدانته دوليًا 

 

انتقدت وزارة الخارجية الإيرانية بشدة مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن مستقبل غزة، مؤكدة أنه يتوافق مع خطة النظام الصهيوني الهادفة إلى إبادة فلسطين بالكامل. 

 

وقالت الخارجية الإيرانية، في بيان رسمي، إن خطة الترحيل القسري التي تحدث عنها ترامب تمثل استمرارًا لخطة مدروسة من قبل الكيان الصهيوني لمحو الشعب الفلسطيني وطمس هويته الوطنية. 

 

ودعت إيران المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى إدانة هذا المقترح بشدة، معتبرة أنه يتعارض مع كل القوانين الدولية والإنسانية، ويشكل تهديدًا مباشرًا لاستقرار المنطقة. 

 

وأضاف البيان أن أي محاولات لفرض حلول تتجاهل الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني لن تؤدي إلا إلى مزيد من التصعيد، مجددة موقفها الداعم لحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس. 

 

وتأتي هذه التصريحات وسط ردود فعل متباينة على مقترح ترامب، حيث لاقى دعمًا من بعض الأوساط الإسرائيلية، بينما قوبل برفض واسع في العواصم العربية والإسلامية.

مقالات مشابهة

  • ضياء الدين بلال يكتب: القوة الخفية التي هزمت حميدتي (2-2)
  • وزير الدفاع الأمريكي: سنجهز إسرائيل بالذخائر التي لم تُمنح لها سابقًا
  • هاكان أفيدان: أكبر تمنياتنا هو أن تتوقف الاشتباكات في السودان
  • وزير الدفاع الأمريكي: سنزود إسرائيل بكل الاسلحة التي تحتاجها
  • الخارجية: بيان حول مشاركة المرتزقة الجنوب سودانيين في القتال إلى جانب مليشيا الجنجويد
  • مدير الأمن الداخلي بجوبا: سنلتزم بالاتفاق الذي وقعناه بمراقبة من الحكومة السودانية
  • صحة السودان تتابع المستشفيات التي دمرتها الدعم السريع
  • المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط: يجب إيجاد حل لمشكلة المكان الذي سيذهب إليه سكان غزة
  • هل تتوقف بعض الدول عن شراء الأسلحة الأمريكية عقابًا لـ ترامب؟
  • السودان.. مصرع 6 أشخاص في قصف مليشيا الدعم السريع مستشفي بالخرطوم