منذ نحو 314 يومًا من الحرب المستعرة ضد قطاع غزة، تستمر معاناة الأهالي النازحين في ظل ظروف معيشية قاسية وغير إنسانية، ومهددين من قصف الاحتلال في أي لحظة.

إثر ذلك أصبحت مدينة «أصداء» للألعاب الترفيهية بمدينة خان يونس الواقعة في جنوب غزة ملجأً للنازحين الفلسطينيين الفاقدين لمنازلهم بعد بدء العملية العسكرية التي شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على رفح، بعدما كانت مدينة ملاهي تسعد الأطفال، وتروح عن النفس للكبار.

وتعتبر مدينة «أصداء» مركزا ومنتجعا ترفيهيا، كان يستقبل الأطفال والعائلات في المناسبات والإجازات، إلا أنه تحول إلى مركز لإيواء النازحين جراء الحرب الإسرائيلية.

معاناة النازحون في المدينة

ويعيش النازحون في ظروف معيشية قاسية، وتحديات يومية صعبة حيث تنقصهم المياه النظيفة، ودواء الأطفال، والمواد الأساسية للنظافة، ما زاد من تفشي الكثير من الأمراض، وتعاني النساء الثكلى من صعوبة الحصول على مياه نظيفة - إن وجدت - من أجل الحفاظ على حياة أطفالهم.

ويوجد بمدينة «أصداء» مئات الأسر النازحة جراء الحرب التي يشنها جيش الاحتلال على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023.

«زمان كنت أحب المجيء إلى هنا، لوجود الألعاب الكثيرة» بدأت الفتاة النازحة الفلسطينية أسيل أبو شباب كلامها لـ«الوطن» موضحة ضيقها من إغلاق الألعاب: «أكثر شيء يضايقني أن الألعاب قد أغلقت»، وهي تشير على الدولاب الذي كان يشغله الأطفال في الحرب بدون بنزين حيث يقفون على القضبان ويلفون بها، ليشغلون أنفسهم ولو قليلًا.

وقالت بحزن شاردة وهي تتذكر ملامح المدينة عندما كان بها روح وحياة: « كانت صداء مكان ترفيهي، نرفه فيه عن نفسنا عندما نحزن، والآن شكل المكان هو ما يحزننا».

ويشرح النازح الفلسطيني صالح المطوع ما هو شعور الأطفال اليوم وهو في قمة حزنه عليهم، حيث كانوا يتمنون ويرغبون الذهاب إلى مدينة الملاهي للهو واللعب، واليوم انقلبت الأمور رأسًا على عقب، ومن ضحكة إلى ألم، ومن ابتسامة لبكاء متسائلين «متى نعود لبيوتنا؟»

ويذكر المطوع أن أكثر شيء يؤلمه نظرته للأطفال، ويرى أنه من المفترض على الطفل أن يلعب ويلهو فهي طبيعة حياتهم، ولكن الاحتلال جعلهم اليوم مساكين يحاولون تشغيل الألعاب بطرق بريئة مثلهم، ولكن لا مجال لذلك فهي الآن لا تصلح للعب.

ويؤكد المطوع أن سبب ما حلّ بمدينة «صداء» هو الاحتلال، إذ أن الجنود أعدم كل الألعاب عندما اقتحموا المدينة، ولم يتركون بها شيئًا سليمًا، مضيفًا بتأثر «حتى غيروا معالم ملامحها.. أصداء التي كانت جميلة ورائعة».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: غزة اطفال غزة الحرب علي غزة الاحتلال

إقرأ أيضاً:

«سأرتدي بدلة عندما تنتهي الحرب»!

عليك أن تتذلل لنا، وتنفذ رغباتنا دون اعتراض إن أردتَنا أن نقابلك في بيتنا باحترام، وإلا فاخرج غير مأسوف عليك. هكذا يمكن تلخيص المشادة الكلامية التي صارت حديث العالم اليوم بعد عرضها في الشاشات، والتي كان أطرافها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونائبه جي دي فانس من جهة، والرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي من جهة ثانية. ولم يعد خافيًا الآن أن ترامب لم يكتفِ بتوبيخ وإهانة زيلينسكي في اجتماع البيت الأبيض يوم الجمعة، وإنما عَمَد أيضًا إلى طرده من بلاده، في سابقة دبلوماسية خطيرة جعلت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كايا كلاس تقول إن العالم الحر يحتاج إلى زعيم جديد.

بدا زيلينيسكي في الاجتماع تلميذ مدرسة مشاغبًا ضبطه المدير ونائبه متلبسًا بالغش في الامتحان من ورقة زميله، وطفقا يوبخانه على سوء سلوكه. وقد بدأت المواجهة حينما اتهم ترامب زيلينسكي بأنه «غير مستعد للسلام»، وأن أوكرانيا في مأزق ولا تحقق الانتصارات التي يدّعيها رئيسُها، مشددًا على ضرورة أن يكون الرئيس الأوكراني ممتنًّا لواشنطن وأن يقبل بوقف إطلاق النار الذي اقترحه ترامب. أما نائبه فانس فقد رفع صوته على زيلينسكي قائلًا إنه من قلة الاحترام أن يأتي للبيت الأبيض ويدخل في جدل أمام الإعلام الأمريكي بدلًا من إبداء استعداده لوقف الحرب، مضيفًا أن أوكرانيا تواجه مشكلة في التجنيد وأنها تُجبر مواطنيها على الذهاب إلى الجبهة. حاول زيلينسكي الدفاع عن موقفه بالقول إن الجميع يواجهون مشاكل أثناء الحرب، بما في ذلك الولايات المتحدة، وإنه إذا كانت أمريكا لا تشعر بها الآن فستشعر بها في المستقبل. لكن ترامب قاطعه بنبرة غاضبة أنه «ليس في وضع يسمح له بإملاء المشاعر على الإدارة الأمريكية». كما انتقد فانس زيلينسكي لعدم تقديمه الشكر لواشنطن بشكل كافٍ، مطالبًا إياه بالتعبير عن الامتنان لترامب. ومن سخرية الأحداث التي يمكن عَدُّها شرّ البلية الذي يُضحِك أنه بعد كل ما حصل من إهانات وتجاوزات ضد زيلينسكي انتهت بطرده خرج وزير الخارجية الأمريكي مارك روبيو ليطالبه بالاعتذار عن إضاعة وقت الرئيس!

وهكذا خرج زيلينسكي مطرودًا من البيت الأبيض دون أن يوقّع اتفاق استحواذ أمريكا على مكامن المعادن النادرة والثروات الباطنية الأوكرانية الذي كان يتمناه ترامب، والذي سبق أن بعث به وزير خزانته «سكوت بيسنت» إلى كييف قبل نحو أسبوعين في محاولة أولى لتوقيعه. وخلال تلك الزيارة نسي الوزير أنه وزير في حضرة رئيس دولة، فتَطاوَسَ ووضع رِجْلًا على رجل أمام الرئيس الذي استقبله باحترام، وأمهل الوزيرُ الرئيسَ - بوقاحة منقطعة النظير - ساعة واحدة فقط ليوقّع الاتفاق! لكن زيلنسكي رفض.

كان الرئيس الأوكراني قد طرح السنة الماضية على برلمان بلاده فكرة مقايضة مواردها الطبيعية بالدعم العسكري في الحرب ضد روسيا التي دخلت في فبراير الماضي عامها الرابع بعد أن أكلت أخضر أوكرانيا ويابسها. وقال زيلينسكي إن ثروة البلاد المعدنية تبلغ قيمتها «تريليونات» الدولارات، وإن هذه الثروة ستكون متاحة «إما لروسيا وحلفائها، أو لأوكرانيا والعالم الديمقراطي» اعتمادًا على من يفوز في الحرب. لكن الأمور لم تسر في النهاية على هوى زيلينسكي، ووجد نفسه بين خيارين أحلاهما مُرّ؛ إما أن تسرق روسيا ثروات بلاده بالحرب، أو تسرقها أمريكا بالسلام! خاصة بعد أن دخل ترامب في مفاوضات مع بوتين دون الرجوع لأوكرانيا ولا للاتحاد الأوروبي، فقرر زيلينسكي ابتلاع السم ومنح ثروات أوكرانيا لأمريكا بشرط أن تعطيه ضمانات أمنية تحمي بموجبها بلاده من اعتداءات روسيا وأطماعها، لكن حتى هذه الضمانات رفضت واشنطن إعطاءها لكييف، ولم يشر الاتفاق - الذي صاغه مساعدو ترامب - إلى أي التزام محدد من جانب الولايات المتحدة بحماية أمن أوكرانيا.

كنتُ قبل نحو ثلاث سنوات قد انتقدتُ في هذه الزاوية الرئيس الأوكراني في مقال حمل عنوان «زيلينسكي وتملّق إسرائيل» تعليقًا على خطاب ألقاه بتقنية «زوم» أمام الكنيست الإسرائيلي، متباكيًا فيه على الاحتلال الروسي لبلاده، ومتجاهلًا في الآن ذاته أنه يخاطب محتلين لأراضي غيرهم، متناسيًا أن الشر الحقيقي هو الاحتلال، أيًّا كان مرتكبه. وانتقدتُ نفاقه الفاقع حين استشهد وهو يعرض أزمة احتلال بلاده من جارتها روسيا بعبارة جولدا مائير - رئيسة وزراء إسرائيل السابقة - «نحن نريد الحياة، لكن جيراننا -الفلسطينيين طبعًا لا سواهم- يرغبون برؤيتنا أمواتًا»، وقلتُ إن بحثه عن الدعم من إسرائيل جعله بلا موقف أخلاقي واضح. غير أن هذا لا يمنعني اليوم من إبداء الإعجاب بصلابته وثبات موقفه في وجه الصلف الأمريكي وغطرسة ترامب الذي تعامل معه ومع ثروات بلاده بعقلية شاهبندر التجّار الذي يعقد الصفقات، لا عقلية السياسي الذي يضع الدبلوماسية بوصلته في أي حوار. بل إن زيلينسكي صمد حتى أمام إهانة أحد الصحفيين الحاضرين في الجلسة حين سأله: «لماذا لا ترتدي بدلة رسمية؟ ألا تمتلك واحدة؟ الشعب الأمريكي يجد مشكلة بعدم ارتدائك بدلة رسمية خلال وجودك في أهم الأماكن الرسمية في الولايات المتحدة»، فكان جوابه: «سأرتدي بدلة عندما تنتهي الحرب، ربما مثل التي ترتديها أنت أو أفضل منها».

وبالعودة إلى تباكي وزيرة خارجية أوروبا على عدم وجود زعيم للعالم الحُرّ، فإن الردّ عليها هو: أين العالم الحُرّ أصلًا؟ نحن نعلم أن دعم أوروبا لأوكرانيا، ووقوفها مع زيلينسكي لم يكن لقيمها الأخلاقية الفاضلة، ولا لسواد عيني الممثّل الذي صار رئيسًا، وإنما خشية من احتلال روسيا لفرنسا وألمانيا إذا ما نجحت في ابتلاع أوكرانيا، وطمعًا في أن تكون لأوروبا حصة من ثروات كييف التي لا يريد ترامب أن يشاركه في السطو عليها أحد. أي أن أوروبا تفصِّل مبادئها للعالم الحُر على مقاس مصالحها الضيقة، وإلا فأين هو العالم الحرّ أمام حرب إبادة شنتها إسرائيل على غزة لأكثر من خمسة عشر شهرًا، ولم تترك فيها جريمة إلا وارتكبتها على مرأى ومسمع - بل ومباركة - الجميع!

سليمان المعمري كاتب وروائي عماني

مقالات مشابهة

  • غارة جوية إسرائيلية على مدينة طرطوس السورية (شاهد)
  • حبس سائق 4 أيام لاتهامه بصدم سايس بسيارته فى منطقة مدينة نصر
  • مقترح برلماني لحظر تداول الألعاب النارية في مصر
  • مقترح برلماني بحظر تداول الألعاب النارية في مصر
  • يونيسيف تدعو لدعم أطفال لبنان وجمع 658 مليون دولار
  • يونيسيف تدعو لدعم أطفال لبنان والمساهمة في نداء عام 2025 لجمع 658.2 مليون دولار
  • احذر من مخاطر الألعاب النارية على الأطفال في شهر رمضان
  • أمانة أول طنطا بمستقبل وطن تُشارك أطفال معهد الأورام فرحتهم بحلول شهر رمضان المبارك
  • ريو دي جانيرو من مستعمرة إلى مدينة عالمية | كيف تغيرت عبر العصور؟
  • «سأرتدي بدلة عندما تنتهي الحرب»!