بعد مرور نحو عام على إدانة الرائد عمر نزار الضابط في قوات التدخل السريع التابعة لوزارة الداخلية العراقية بالسجن المؤبد بتهمة قتل محتجين في الناصرية عام 2019، عاد القضاء العراقي ليصدر قرارا بتبرئة الجاني وإخلاء سبيله، في خطوة أثارت انتقادات وتساؤلات بشأن جدية السلطات في ملاحقة قتلة المتظاهرين.

وأظهرت وثيقة تثبتت منها "الحرة" من خلال مصدر قضائي، توجيه محكمة التمييز الاتحادية بغلق التحقيق ونقض كافة القرارات الصادرة في الدعوى وإلغاء التهمة الموجهة ضد الضابط والإفراج عنه.

 

وجاء قرار المحكمة لأن الأدلة المتحصلة في الدعوى "محل شك، والشك يفسر لصالح المتهم"، بحسب ما جاء في الوثيقة التي أشارت أيضا إلى أن قرارات المحكمة ضد عمر نزار كانت "غير صحيحة ومخالفة للقانون".

وجرى اعتقال نزار في فبراير من عام 2022 بتهمة قتل عدد من المتظاهرين في 28 نوفمبر 2019، عندما فرقت قوات أمنية اعتصاما لمحتجين على جسر الزيتون بوسط الناصرية، خلال موجة التظاهرات العارمة التي انطلقت في عدة مدن عراقية قبل ذلك بنحو شهرين تنديدا بتدهور البنى التحتية والفساد والبطالة.

وأصدر القضاء العراقي حكما بالسجن المؤبد بحق نزار في يوليو من العام، 2023 على خلفية تقديم حوالى 95 عائلة شكاوى ضد الضابط بتهمة "تورطه بقتل المتظاهرين على جسر الزيتون".

"من القاتل"؟

وعن إجراءات المحاكمة التي خضع لها نزار، يقول الخبير القانوني أمير الدعمي إن "الموضوع انتهى والتبرئة تامة".

ويضيف الدعمي لموقع "الحرة" أنه "لا يمكن الخوض في تفاصيل اجراءات المحكمة، هي لديها وجهة نظر وأتمنى أن تنطبق وجهة نظرها على بقية القضايا وأن يفسر الشك فعلا لصالح المتهم".

وأشار الدعمي إلى أن محاكمة نزار تضمنت "شهادات شهود عيان" أكدوا أن الضابط كان آمر القوة التي فتحت النار على المحتجين في تلك الفترة ومع ذلك "تمت تبرأته".

الدعمي أكد أن "هناك ردود أفعال رافضة للقرار من قبل الشارع، لكن علامة التعجب والسؤال الأبرز الذي يطرح هو: من القاتل الذي تسبب بسقوط العشرات في مجزرة جسر الزيتون؟"

في تقرير صدر بعد أيام من اعتقال نزار وصفت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الدعوى ضد الضابط العراقي بأنها "نقطة مفصلية للمساءلة".

وقالت المنظمة إن أهمية القضية "لا تقتصر على كونها إحدى الحالات القليلة التي تلاحق فيها السلطات ضابطا أمنيا كبيرا لارتكاب جرائم ضد المدنيين، بل هي مهمة أيضا لأن الحكومات السابقة تقاعست عن التحرك".

المنظمة الحقوقية أشارت إلى أن "هذا الاعتقال خطوة أولى مهمة نحو المساءلة، لكن الاعتقالات بسبب القتل الجماعي للمتظاهرين وغيرها من الانتهاكات الحقوقية الجسيمة يجب ألا تتوقف عند هذا الحد، وألا تقتصر أبدا على الحالات التي يتم فيها تسريب التحقيقات إلى العلن".

"أمر متوقع"

وهذه ليست الحالة الأولى التي تتم فيها تبرئة متهم بارتكاب جريمة مرتبطة باحتجاجات 2019، ففي  مارس الماضي برأت محكمة عراقية ضابط شرطة أدين في السابق وحكم عليه بالإعدام لقيادته مجموعة قتلت بالرصاص المحلل والمستشار الحكومي المعروف هشام الهاشمي.

وقُتل الهاشمي، المعروف بدعمه لاحتجاجات 2019، بالرصاص خارج منزل عائلته في بغداد في السادس من يوليو 2020 عندما أمطره مسلحون يستقلون دراجة نارية بوابل من الرصاص فأردوه قتيلا.

وأصدرت محكمة في بغداد الحكم بعد إعادة المحاكمة. وقال أحد محاميي محكمة الجنايات الذي حضر الجلسة لرويترز، إن المحكمة أسقطت التهم الموجهة إلى أحمد حمداوي لعدم كفاية الأدلة، وقالت إن اعترافاته السابقة لا تصلح للإدانة.

ويرى الناشط المدني من الناصرية حسين العامل أن "تبرئة نزار أو غيره من المتورطين بجرائم ضد المتظاهرين أمر متوقع في ظل سلطات تحمي القتلة".

ويقول العامل لموقع "الحرة" أن السلطات لم تكشف لغاية الآن عن أي متورط في قتل نحو 800 متظاهر وإصابة نحو 30 ألف آخرين".

العامل شدد أن "هناك تجاهل لهذه الجرائم، وقرار اليوم ليس عادلا ويحمل الكثير من الشبهات السياسية".

وأرسل موقع "الحرة" استفسارات بشأن قضية نزار لمجلس القضاء الأعلى في العراق عبر البريد الإلكتروني، لكن لم يتم الرد عليها حتى ساعة نشر هذا التقرير.  

وأفاد تقرير لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) في يونيو 2022 أن "الإفلات من العقاب" لا يزال مستمرا في العراق في ما يتعلق بهجمات تستهدف متظاهرين وناشطين ومنتقدين لـ"عناصر مسلحة وجهات سياسية" تُنسب إليها الهجمات. 

ويؤكد رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان فاضل الغراوي لموقع "الحرة" أن السلطات شكلت لجنة لتقصي الحقائق خلال الفترة التي شهدت مقتل محتجين وهذه اللجنة خرجت بمجموعة توصيات وأحالت الملف كليا للقضاء".

ويضيف الغراوي، الذي شغل سابقا منصب المتحدث باسم مفوضية حقوق الإنسان، أن "القضاء بات الجهة الوحيدة المعنية في تطبيق المعايير المتعلقة بالمطالبة بحقوق الضحايا أو تقديم الجناة للعدالة وإجراء المحاكمات".

ويبين الغراوي أن "ما حصل اليوم هو إجراء قضائي، لكن مع ذلك من المهم تقديم الجناة للعدالة وإجراء التحقيقات الأصولية والضمانات المتعلقة بجبر الضرر للضحايا وإنصافهم من خلال محاكمة الجناة".

ويشدد أن "هذا الأمر يجب أن يشكل أولوية، لأن الفترة التي شهدتها التظاهرات كانت دموية جدا وسقط خلالها الكثير من القتلى والجرحى".

بدوره يحذر الناشط المدني حسين العامل من استمرار تجاهل السلطات لتحقيق العدالة وتقديم الجناة للمساءلة.

ويقول العامل إن "الدوافع التي أدت لتفجر احتجاجات تشرين لا تزال قائمة ويمكن إضافة لها عوامل جديدة تتمثل بسقوط القتلى من المحتجين وعدم محاسبة وملاحقة القتلة".

ويشدد العامل أن "ما يجري اليوم من تبرئة أبرز المتهمين بتلك الجرائم يهدد بتفجر الأوضاع مجددا، وتشكيل حركة شعبية أكثر زخما ووقعا من حركة تشرين".

المصدر: الحرة

إقرأ أيضاً:

الاحتلال يستهل 2025 بمجزرة بشعة في جباليا.. والمقاومة توقع رتلا لآلياته في حقل ألغام وتقصف «نتيفوت» 

الثورة /قاسم الشاوش

استقبل الفلسطينيون بقطاع غزة العام الجديد بمجزرة صهيونية بشعة في جباليا راح ضحيتها 53 فلسطيني بين شهيد وجريح، جعلت الدفاع المدني يعجز عن تلبية نداءات الاستغاثة بسبب تواصل القصف الصهيوني الذي أوقف خدماته مما أثر بشكل كامل على حياة المواطنين الذين يتعرضون للقصف الصهيوني دون توقف، ولم يسلم النازحون من القصف والاستهداف، والموت حرقاً داخل خيامهم.

وأعلنت وزارة الفلسطينية في غزة، أمس بأن العدو الصهيوني ارتكبت مجزرتين ضد العائلات في قطاع غزة، وصل منها إلى المستشفيات 15 شهيدا و46 مصابا خلال الساعات الـ24 الماضية.

وأفادت وسائل إعلام فلسطينية باستشهاد 17 فلسطينيا جراء غارات جوية صهيونية على جباليا البلد شمال القطاع ومخيم البريج في وسطه.

ونسفت قوات العدو الصهيوني مربعات سكنية في بلدة بيت لاهيا ومخيم جباليا ومحيطه شمال قطاع غزة.

وأطلقت آليات العدو الصهيوني النار في المنطقة الشمالية الغربية لمدينة غزة، كما استهدفت مدفعية العدو الأحياء الجنوبية الشرقية لمخيم البريج وسط قطاع غزة.

ولايزال قطاع غزة يرزح تحت أتون حرب صهيونية مدمرة مستمرة منذ أكثر من 14 شهراً، أتت على كل شيء في القطاع المحاصر أساساً منذ 17 عاماً، إذ استشهد الآلاف فيه، وواصل معظم سكانه البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة النزوح مرات عدة، بسبب أوامر صهيونية تجبرهم على ذلك.

وردا على تلك الجرائم أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، أنها أطلقت أمس، رشقة صاروخية تجاه مستوطنة نتيفوت بغلاف غزة؛ ردا على المجازر الصهيونية بحق المدنيين.

واعترف جيش العدو الصهيوني، أنه رصد صاروخين أطلقا من قطاع غزة باتجاه منطقة نتيفوت، زاعما اعتراض أحدهما دون إصابات، بينما سقط الثاني في منطقة مفتوحة.

وتواترت في الأيام القليلة الماضية عمليات إطلاق الصواريخ من مناطق يتمركز فيها جيش العدو الصهيوني شمال قطاع غزة، وبينها بيت حانون، مما شكل «مفاجأة»، بحسب وسائل إعلام العدو الصهيوني.

بدورها، أعلنت سرايا القدس الليلة الماضية، أنها أوقعت رتلا من الآليات الصهيونية في حقل من العبوات المضادة للدروع وسط مخيم جباليا.

كما نشرت سرايا القدس مشاهد قالت إنها لقصف القوة الصاروخية مدينتي القدس المحتلة و«تل أبيب».. مشيرة إلى أن الاستهدافات تأتي ردا على استمرار العدوان واقتحام المسجد الأقصى.

من جهته أكد خطيب المسجد الأقصى المبارك الشيخ عكرمة صبري، أن عام 2024 كان الأكثر تصعيدا في انتهاكات العدو الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته الإسلامية.

ونقل المركز الفلسطيني للإعلام عن الشيخ صبري في تصريح صحفي، اليوم الأربعاء، قوله: إنّ «العدو الصهيوني استهدف خلال العام الماضي الأبرياء والمقدسات، وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك».. مُضيفاً: إنه «رغم كل هذه الجرائم يظل شعبنا صامدا متمسكا بحقوقه واثقا بالله عز وجل».

وأوضح أن العام المنصرم كان قاسيا ومؤلما بكثرة الأحداث المتوالية والمتعاقبة، وبخاصة فيما يتعلق بمدينة القدس والمسجد الأقصى، وما تضمنته من زيادة في وتيرة الاقتحامات وأعداد المقتحمين المستوطنين ونوعيتهم من وزراء وأعضاء كنيست.

وتابع قائلا: «هذا يؤكد أن الأطماع بحق الأقصى ليست مقصورة على الجماعات اليهودية المتطرفة، لكنه موقف سياسي وديني لدى اليهود، وسبق أن أصدرنا عدة فتاوى وبيانات بهذا الخصوص».

وأشار إلى أن الهيئة الإسلامية عقدت مؤخرا مؤتمرا أكاديميا بعنوان (الأقصى تاريخ وحضارة)، للتأكيد على أهمية الأقصى ومدى ارتباط المسلمين بهذا المسجد.

من جهة أخرى كشف معطيات تقرير فلسطيني أمس عن تصاعد ممارسات العدو الصهيوني خلال عام 2024، حيث هدم 970 مسكنًا ومنشأة في الضفة الغربية والقدس، في حين هدد بهدم 765 منشأة أخرى.

ووفقًا لتقرير مركز أبحاث الأراضي التابع لجمعية الدراسات العربية، فقد قام الاحتلال ومستوطنيه باقتلاع واعتداء على 59,163 شجرة، تم إعدام 52,373 منها بشكل كامل.

كما أشار التقرير إلى أن الاحتلال استولى على 53,055 دونمًا من الأراضي في الضفة والقدس خلال العام الماضي، وأغلق 955 طريقًا ومدخلًا في مختلف مناطق الضفة، بما في ذلك 76 إغلاقًا باستخدام بوابات حديدية.

وفي إطار تهجير الفلسطينيين، ذكر التقرير أن الاحتلال رحل 38 تجمعًا فلسطينيًا، يضم 355 أسرة (2209 أفراد)، بالإضافة إلى تصاعد البؤر الاستيطانية الرعوية بواقع 25 بؤرة، تهدد آلاف الدونمات بالمصادرة. وتناول التقرير أيضًا خطة ضم الضفة الغربية أو أجزاء كبيرة منها، عبر قرارات ضم أولية لمناطق مثل جنوب وشرق الخليل، الأغوار، ومحيط التجمعات الاستيطانية مثل أرئيل- محافظة سلفيت، ومعاليه أدوميم- شرقي محافظة القدس، وكفر عصيون الواقعة بين محافظتي بيت لحم والخليل، وكذلك الأراضي الواقعة خلف جدار الضم.

كما تم إصدار قرار استملاك أراضٍ جنوب الخليل من وزير المالية الإسرائيلي سموتريتش، ما يعد تجسيدًا عمليًا لسياسة الضم، ثم إقامة حوالي سبع بؤر استيطانية على الأراضي المصنفة «ب»، خمس بؤر منها على أراضي برية بيت لحم، وهي ضمن أراضي المحمية الطبيعية حسب اتفاقية أوسلو وملحقاتها.

اقتحمت قوات العدو الصهيوني، فجر أمس الأربعاء، مخيم بلاطة شرق نابلس.

وأفادت مصادر أمنية وفقا لوكالة الأنباء الفلسطينية، بأن قوات الاحتلال اقتحمت مخيم بلاطة برفقة جرافة عسكرية، وانتشرت في عدة حارات داخل المخيم وسط إطلاق كثيف للرصاص، ومداهمة عدة منازل وتفتيشها والعبث في محتوياتها.

كما اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، أمس الأربعاء، بلدة بيت فجار جنوب بيت لحم، وداهمت منزلين فيها.

وأفادت مصادر أمنية، بأن قوات الاحتلال اقتحمت البلدة وداهمت منزلي الشقيقين علي، وخالد عيسى طقاطقة وفتشتهما وعبثت بمحتوياتهما دون أن يبلغ عن اعتقالات.

من جهتها أكدت مديرة الإسناد والمناصرة في مؤسسة «أكشن ايد» رهام الجعفري، إن 77% من المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة لا يحصلون على حاجتهم من المواد الإغاثية، التي تدخل بكميات قليلة جدا.

وأشارت الجعفري في حديث لإذاعة «صوت فلسطين»، إلى أن الأشهر الثلاثة الماضية كانت الأقسى على أبناء شعبنا في ظل تفشّي المجاعة والأمراض وانهيار القطاع الصحي، واهتراء الخيام ونقص ملابس الشتاء.

في حين قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة (أوتشا) إن المستوطنين «تورطوا في حوالي 1400 حادثة عنف ضد المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية، خلال عام 2024».

وأضاف المكتب في بيان له، مساء أمس، أن الاعتداءات التي يقوم بها المستوطنون في الأراضي الفلسطينية المحتلة يتم توثيقها منذ نحو 20 عاما، مشيرا إلى تورط المستوطنين في حوالي 1400 حادثة خلال 2024.

وذكر أن الاعتداءات تضمنت اعتداءات جسدية، وإشعال حرائق، واقتحامات لتجمعات فلسطينية، بالإضافة إلى الإضرار بالأشجار المثمرة وتدمير الممتلكات.

ولفت إلى أن المستوطنين متورطون في حوالي أربع حوادث يومية في الضفة بما ذلك القدس الشرقية عام 2024، وأن ذلك تسبب في تهجير العديد من الفلسطينيين.

مقالات مشابهة

  • مقتل الضابط بجهاز المخابرات الفلسطيني رشيد شقو
  • باحث: تركيا تريد القضاء على الجماعات الكردية التي تُطالب بالاستقلال
  • وكالة الأنباء الفلسطينية تعلن مقتل الضابط بجهاز المخابرات الفلسطيني رشيد شقو
  • قلق امريكي من الفراغ الأمني في سوريا واستعادة داعش موطئ قدم بالعراق
  • الاحتلال يبدأ العام الجديد بمجزرة المواصي في خان يونس
  • الاحتلال يستهل 2025 بمجزرة بشعة في جباليا.. والمقاومة توقع رتلا لآلياته في حقل ألغام وتقصف «نتيفوت» 
  • 2024: عام قضائي حافل باستئنافية البيضاء ونخب سياسية ورياضية في مواجهة القضاء
  • السوداني: حماية المنتج المحلي زاد نسبة الإنتاج إلى 50% بالعراق
  • أسعار الذهب في الأسواق المحلية بالعراق
  • الصحة: 183 اصابة بالألعاب النارية والرصاصات العشوائية في ليلة رأس السنة بالعراق