لجريدة عمان:
2024-09-11@03:19:48 GMT

«المسرّحون».. كرة الثلج الضخمة

تاريخ النشر: 14th, August 2024 GMT

حين يصبح القانون لعبة في أيدي أصحاب الشركات، ويصبح القطاع الخاص مسرحًا كبيرًا ومسؤولًا مباشرًا عن إحدى مشاكل البلاد، دون أي اعتبار منه لأي نتائج قد تنتج عن هذا التلاعب، وهذا الاستهتار، فهناك خلل ما، إما في القانون، أو في أصحاب الشركات، وإما في المسؤولين عن ملف «المسرّحين» الذين صاروا مشكلة عصية على الحل، تضاف إلى مشاكل كثيرة يعاني منها المواطن، وبالتالي تنعكس آثارها، ونتائجها على الوطن بشكل عام.

ورغم أننا نقدّر الظروف التي مرت على الشركات خلال جائحة «كورونا» في 2019م، إلا أن الدولة أتاحت مجموعة من التسهيلات، والإجراءات -آنذاك- ساعدتها على تجاوز محنتها في تلك الفترة، إلا أنه وبعد سنوات من الجائحة، ما زالت بعض الشركات والمؤسسات الخاصة تستغل وبشكل بشع، وغير إنساني تلك الظروف الاستثنائية، وتتخذها ذريعة للتسريح، وشماعة تعلّق عليها فشلها، أو تلاعبها، عن طريق الضغط على العمال من أجل «التقاعد» المبكر، أو «تخفيض» الرواتب، وهذا ما يتم بالفعل، حيث يُجبر الموظفون ذوو الرواتب العالية في الشركات على الاختيار بين هذين الأمرين، إما: تخفيض الراتب، أو الإقالة القسرية أو الطوعية، وبذلك يخضع الكثيرون لأحد هذين الخيارين، من أجل أسرهم، ومن أجل الوفاء بالتزاماتهم، ويتم ذلك للأسف تحت أعين الجهات الرسمية، وبصرها، ورغم أن هذه الجهات تبذل جهدًا من أجل التوفيق والمصالحة بين طرفي النزاع، إلا أن لأصحاب الشركات ذرائعهم، ومبرراتهم، والتفافاتهم التي باتت مكشوفة للجميع، ولكنها في كل الظروف تقع تحت ذريعة «القانون» الذي تتخذه غطاء لإجراءاتها، وتعسفها، وتصرفاتها، ومجمل هذه الذرائع تختصر في جملة «الخسائر التي تتعرض لها الشركة»، أو «إعادة الهيكلة»، أو «عدم وجود مشاريع حكومية» تعتاش عليها، بل وصل الأمر إلى قيام بعض الشركات بإعلان إفلاسها، ثم يقوم أصحابها بإنشاء شركة أخرى باسم آخر، حتى يتخلصون من التزامات الموظفين، ويقومون بتسريح الجميع دون مساءلة قانونية واضحة، وفي كل الأحوال فإن المتضرر الأول والأخير هو المواطن الذي يقع بين سندان الشركات، ومطرقة الابتزاز «القانوني».

يخبرني أحد الشباب الذي عمل في شركة نفط مدة تزيد على عشرين عامًا أنه تعرض للظلم، والابتزاز، وتم تسريحه من العمل، بعد أن خيّروه بين تخفيض راتبه العالي، بنسبة تفوق الـ 70%، أو الاستغناء عن خدماته، وحين رفض الخيارين وجد نفسه، وأسرته يصارعان أعباء الالتزامات الحياتية، وأقساط البنوك، وضغوط الفواتير المختلفة، وما زال يصارع -كغيره- للخروج من صدمة التسريح القسري، وهذا هو حال الكثير من المواطنين الذين تم تسريحهم، دون أن يكون هناك أي بارقة أمل لحل هذه القضية المؤرقة، والتي باتت -مع قضية الباحثين عن عمل- على رأس سلّم أولويات المشاكل التي تقض مضجع المواطن، والتي تتجاوز آثارها النفسية والمادية طاقة، وقدرات الفرد، إلى المجتمع بشكل عام، ولك أن تتصور أسرة مستقرة هانئة ذات التزامات مالية معينة، تجد نفسها فجأة ودون سابق إنذار وقد انقلب حالها رأسا على عقب، وتحولت من أسرة ميسورة إلى أسرة معسرة، ومعوزة، غير قادرة على تلبية احتياجات حياتها، ولك أن تتخيل تلك الآثار التي قد تنجم عن ذلك، والتي تنعكس على مجمل المجتمع، وبالتالي تكبر كرة الثلج، ولا يمكن وقفها، حتى تنفجر في وجه من سكت عنها، أو تغاضى، وتركها لتحل نفسها بنفسها.

إن قضية المسرّحين عن العمل ليست قضية عابرة، ولن يتوقف مسلسل التسريح، ما دامت شركات قطاع الخاص تتخذ من ثغرات القانون مدخلا، ومبررا، وسندا للاستغناء عن المواطن، وتتركه في الشارع يواجه مصيره، ولذلك يجب أن يكون هناك تشريع واضح وقوي، يجعل الشركات تفكر ألف مرة قبل أن تقوم بتسريح موظفيها، وترمي بهم في وجه الدولة كي تتحمل مسؤوليتها، بينما يجلس أصحاب الشركات في الظل ينعمون بخيرات البلاد، وتسهيلات الدولة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: من أجل

إقرأ أيضاً:

هنا الإسكندرية

للأسف، لم تعُدِ الكتابة عن الإسكندرية تشير إلى جمالها وشواطئها وشوارعها ومتعة التواجد بها، وإنما صارت تتضمن سوءَ الأوضاع وانهيارَ الخدمات، حالة الشوارع، والمرور، والمواصلات خاصة بعد توقف قطار أبو قير، وقطع الأشجار، واختفاء البحر، واقتصار رؤيته على القادر على دفع تكلفة الجلوس بالمطاعم والكافيهات المحتلة للكورنيش، وتأجير الشواطئ، وانتشار أعمال البلطجة، وظهور بؤر إجرامية اتخذت من مناطق التجمعات مركزًا لها ومنها كوبري 45 الذي يضاهي معماريًّا كوبري ستانلي لكنه تحول من ممشى ومتنزه إلى مقر للأنشطة العشوائية، والزحام خاصة مع استقبال ملايين المصطافين طوال فصل الصيف، فضلًا عن تفاقم مشكلة النازحين من الريف، والأسواق العشوائية، بالإضافة إلى أزمة اختفاء الأدوية، ومشكلات مدينة المعمورة السياحية ومنها تأجير شواطئها، وفرض رسوم دخول على مؤجري الوحدات بحجة أن الشاطئ ليس من ضمن خدمات الوحدة، ومافيا تأجير الشاليهات، وشبكات الأعمال المنافية للآداب.

وبالطبع، الغلاء الذي يحاصر المواطن في كل مكان، ليس فقط غلاء أسعار السلع وإنما غلاء أسعار الخدمات الأساسية من كهرباء ومياه وغاز.

وكل هذا في ظل تجاهل تام من السادة المسئولين لكل أزمات الحياة اليومية للمواطن السكندري، والخروج علينا كل حين بتصريحات رسمية تقدم تبريرًا واهيًا ملخصه أن الخطط الموضوعة سوف تحول الإسكندرية إلى مدينة سياحية عالمية!! ولا أدري ما المانع في الاهتمام بحل مشكلات أهل الثغر جنبًا إلى جنب مع خطط التطوير والتنمية؟ وإذا تعذَّر ذلك فلتكنِ الأولوية للمواطن السكندري، فإن تنمية المواطن وتحسين معيشته وتسهيل أموره الحياتية تأتي أولًا وقبل أي خطط تنموية أخرى.

مقالات مشابهة

  • هل الشركات والسوبر ماركت تحقق أرباح من التخفيضات؟
  • البحرية الروسية تبدأ مناورات “Ocean-2024” الضخمة في مختلف البحار والمحيطات
  • «المسرّعات المستقلة لدولة الإمارات العربية المتحدة للتغيُّر المناخي» تختتم الجلسة الاستشارية الأولى حول آلية تعديل الحدود الكربونية
  • الفساد والإصلاح
  • دائرة تسجيل الشركات تصدر تنويهاً لمراجعيها
  • دائرة تسجل الشركات تصدر تنويهاً لمراجعيها
  • بسبب تلوث جرثومي.. إقفال معملين للثلج في طرابلس
  • أبو عبيدة يعلق على العملية البطولية التي نفذها المواطن الأردني وأسفرت عن مقتل ثلاثة صهاينة
  • هنا الإسكندرية
  • أخنوش يزور مصنع غوشن هاي تيك في الصين..تأكيد الالتزام بمشروع البطاريات الكهربائية القنيطرة