لجريدة عمان:
2025-03-16@22:56:00 GMT

لماذا تتراجع ثقتنا في شركاتنا المحلية ؟

تاريخ النشر: 14th, August 2024 GMT

تعاني العديد من الشركات الحكومية والخاصة وشركات المساهمة العامة من تراجع مستويات الثقة في أدائها وقدراتها الإنتاجية والتسويقية ودورها في الاقتصاد الوطني، وكثيرًا ما ينظر المجتمع إلى هذه الشركات على أنها تستنزف خزينة الدولة ولا تقدم أي شيء للاقتصاد الوطني، كما يتم النظر بسلبية إلى أي تغييرات يتم إجراؤها في الإدارات العليا خاصة إذا تعلقت بتعيين القوى العاملة الأجنبية في مراكز قيادية مهمة أو قيام العاملين الأجانب بتقديم استقالاتهم.

وفي حقيقة الأمر هناك الكثير من الأسباب التي تجعل ثقة المجتمع في هذه الشركات متدنية؛ لعل في مقدمتها تجاهل هذه الشركات أهمية الدور الإعلامي والتسويقي في بناء علاقة إيجابية مع المجتمع. هناك شركات ذات أداء جيد على مستوى النتائج المالية أو على مستوى توظيف الشباب العماني أو على مستوى الإنتاج غير أنها تتوارى عن الأنظار لعدم اهتمامها بـ«تحسين السمعة التجارية»، وحتى عندما تعلن عن خدماتها أو منتجاتها فإنها تقدم إعلانات مشوّهة لا يمكنها بناء علاقة إيجابية مع المجتمع وإقناعه بأنها ذات فائدة للاقتصاد الوطني.

وعلى الرغم من أهمية الدور الإعلامي في بناء هذه العلاقة الإيجابية إلا أن الممارسات أو الأخطاء التي تقع فيها الشركات تؤثر سلبا على سمعتها التجارية، فلا يعقل أن تتكبّد شركة تستثمر في أحد القطاعات الاقتصادية النشطة خسائر، أو أنها لا تفعل شيئا تجاه خسائرها التي تتراكم من سنة لأخرى على الرغم من وجود مجالس إدارة لهذه الشركات وإدارات تنفيذية متخصصة، أو أن تتجاهل هذه الشركات مبادئ الحوكمة وتطبيقاتها فيقع موظفوها في أخطاء جسيمة تؤثر على المركز المالي للشركة؛ فمثل هذه الممارسات تؤثر دون أدنى شك على ثقة المجتمع الذي يشعر بريبة تجاه الشركة وأعمالها وممارسات موظفيها، وربما تنتقل هذه الريبة إلى العديد من الشركات الأخرى.

وفي هذا الإطار تبرز أهمية الحوكمة في مختلف أعمال الشركات، وأهمية الرقابة عليها من قبل الجهات المختصة، والرقابة كما أشرنا في مقال سابق تستهدف تصحيح الوضع في الشركة وتقويم أي أخطاء تقع فيها سواء كانت مقصودة أو غير مقصودة وهو ما يتطلب تعاون مجالس الإدارة والإدارات التنفيذية مع الجهات الرقابية حتى تستطيع الشركة تحقيق أهدافها.

وهذا يقودنا للحديث عن مكاسب أخرى للاقتصاد الوطني عندما تظل الشركات المحلية تحت دائرة الضوء، فالشركات التي تعمل في دائرة الضوء تكون أكثر خوفًا على سمعتها التجارية من الشركات التي تتوارى إعلاميا وبالتالي فإنها سوف تسعى دون أدنى شك لتحسين أدائها والمحافظة على إنجازاتها، وهذا يؤكد أهمية أن تركز الجهات الرقابية على تعزيز دور الإعلام خاصة في الشركات الحكومية وكذلك الشركات التي تمتلك الحكومة حصة فيها، ولعل الملتقيات الإعلامية السنوية التي تستعرض فيها الشركات والجهات الحكومية أداءها وخططها وما أنجزته من أعمال ومشروعات خلال عام سابق وما تخطط لإنجازه خلال العام التالي أو الأعوام المقبلة يضع الشركات والجهات الحكومية في دائرة الضوء وتحت نظرة المجتمع ورقابته، ولا مجال هنا للتراجع بل لا بد للجميع أن يسير نحو النجاح وأن يتغلب على العقبات التي تواجهه، وحتى عندما تتعرض الشركات لأي هزات عنيفة فإن المجتمع يقف معها لأنه كان شاهدا على نموها سنة تلو أخرى.

إن الاهتمام بالدور الإعلامي من جهة وتفعيل مبادئ الحوكمة والشفافية وتعزيز الرقابة تعد عوامل مهمة لإعادة بناء ثقتنا في الشركات المحلية التي تعد جزءًا أساسيًا في الاقتصاد الوطني ولا يمكن للاقتصاد أن يحقق النجاح في ظل وجود شركات ضعيفة لا تستطيع مواجهة المجتمع والتصالح معه وبناء علاقة إيجابية، فنجاح أي شركة مبنيّ على مدى اقترابها من المجتمع ومدى ولاء المجتمع لها وحرصه على شراء منتجاتها والاستفادة من خدماتها، وعلى الشركات أن تكون حاضرة بقوة في مختلف وسائل الإعلام وبما يؤدي إلى إعادة بناء ثقة المجتمع بعد ما شهدناه من تعليقات سلبية في العديد من وسائل الإعلام عن العديد من الشركات المحلية لأيّ سبب كان.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: هذه الشرکات من الشرکات العدید من

إقرأ أيضاً:

ثلاثية بناء الدولة: التعليم، العمل، والثقافة

14 مارس، 2025

بغداد/المسلة:

 رياض الفرطوسي

في مسيرة بناء أي دولة، هناك ثلاث ركائز لا يمكن إغفالها: التعليم، العمل، والثقافة. هذه العناصر ليست مجرد قطاعات منفصلة، بل هي منظومة متكاملة تحدد مسار الأفراد وتؤثر في استقرار المجتمع وتقدّمه. فالدولة القوية ليست تلك التي تمتلك الموارد فقط، بل التي تنجح في استثمار العقول، وتوجيه الطاقات، وترسيخ الهوية الثقافية بما يتناسب مع تطورات العصر.

إن نجاح أي مشروع وطني لا يُقاس فقط بقدرته على توفير الخدمات الأساسية، بل بقدرته على تحقيق رؤية شاملة تستند إلى المعرفة والإنتاج والوعي. بدون هذه الركائز الثلاث، تصبح الدولة عرضة للتراجع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، مما يؤثر على استقرارها ومستقبلها.

أولًا: التعليم – حجر الأساس في بناء الدولة

لا يمكن لأي مشروع وطني أن ينجح دون نظام تعليمي حديث وفعّال، حيث يكون التعليم أكثر من مجرد نقل للمعرفة، بل أداة لصناعة العقول القادرة على التفكير النقدي، واتخاذ القرار، والمساهمة في تطوير المجتمع.

في جميع المجتمعات، هناك تحديات تواجه قطاع التعليم، منها:

1. قدرة النظام التعليمي على استيعاب جميع الفئات، وضمان عدم تهميش أي شريحة اجتماعية.

2. جودة المناهج التعليمية ومدى ارتباطها بسوق العمل والتطورات التكنولوجية.

3. توفير بيئة تعليمية تحفز الإبداع والتفكير المستقل، بدلاً من التعليم التلقيني.

عندما تُحرم شرائح من المجتمع من فرصة التعليم الجيد، فإنها تصبح أكثر عرضة لمخاطر اجتماعية مثل البطالة، والتطرف، والفقر، مما يهدد استقرار الدولة ككل. لهذا، فإن الاستثمار في التعليم ليس مجرد خيار، بل ضرورة استراتيجية لضمان بناء دولة قوية ومستقرة.

التعليم ليس مسؤولية الحكومة فقط، بل هو مشروع وطني مشترك، يساهم فيه المجتمع بأكمله. فمن غير المنطقي أن يكون التعليم مجرد مرحلة نمطية في حياة الأفراد، بل يجب أن يكون جسراً نحو الفرص والتنمية، بحيث يكون التعليم المستمر جزءاً من ثقافة المجتمع، وليس مجرد مرحلة تنتهي بالحصول على شهادة.

إلى جانب ذلك، يجب التركيز على دور المعلم، الذي لا ينبغي أن يكون مجرد ناقل للمعلومات، بل قائداً تربوياً يساهم في توجيه العقول وتنمية التفكير النقدي. ومن هنا تأتي أهمية تحسين أوضاع المعلمين، وتوفير التدريب المستمر لهم، حتى يكونوا قادرين على مواكبة التطورات العالمية في أساليب التعليم.

ثانياً: العمل – بناء اقتصاد منتج ومستدام.

العمل ليس مجرد وسيلة لكسب العيش، بل هو العنصر الأساسي في تحريك عجلة الاقتصاد وتعزيز الاستقرار الاجتماعي. غير أن التحدي الحقيقي لا يكمن فقط في توفير فرص العمل، بل في خلق بيئة عمل تحفّز الإنتاجية، وتعزز الابتكار، وتوفر الأمان الوظيفي للعاملين.

في المجتمعات الحديثة، لم يعد النجاح الاقتصادي قائماً فقط على الموارد الطبيعية أو القوى العاملة التقليدية، بل أصبح مرتبطاً بقطاعات مثل الاقتصاد المعرفي، والتكنولوجيا، وريادة الأعمال. إن بناء دولة قوية يتطلب رؤية اقتصادية واضحة، حيث يتم توجيه الطاقات نحو القطاعات الأكثر إنتاجية، مع التركيز على تطوير المهارات والكفاءات بما يتناسب مع سوق العمل المتغيّر.

ومن القضايا التي يجب معالجتها لتحقيق بيئة عمل منتجة ومستدامة:

1. القضاء على البطالة المقنّعة: حيث يكون هناك عدد كبير من الموظفين في وظائف لا تضيف قيمة حقيقية للاقتصاد.

2. تحقيق التوازن بين العرض والطلب في سوق العمل: من خلال توجيه الشباب نحو التخصصات المطلوبة بدلاً من تخريج أعداد كبيرة في مجالات لا تحتاجها السوق.

3. تعزيز ثقافة ريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة: بحيث لا يكون الاعتماد فقط على الوظائف الحكومية أو التقليدية.

كما أن العمل ليس مجرد نشاط فردي، بل هو مسؤولية جماعية تحتاج إلى تخطيط استراتيجي طويل المدى، يراعي التغيرات العالمية، ويوفر بيئة عمل مستقرة تساعد على الابتكار والإبداع. فالعامل الذي يشعر بأنه مجرد ترس في آلة إنتاج لا يرى معنى لعمله، سيعاني من الإحباط، مما يؤثر على إنتاجيته واستقراره النفسي والمجتمعي.

لهذا، لا بد من تعزيز ثقافة العمل المنتج، بحيث لا يكون الهدف فقط هو “التوظيف” بل “التوظيف الفعّال”، الذي يساهم في رفع كفاءة الاقتصاد، وتحقيق النمو المستدام، وتحسين جودة الحياة.

ثالثًا: الثقافة – الوعي كأساس للدولة الحديثة

يقول المؤرخ كوردل هيل: “لكي تلغي شعباً، اجعله يتبنى ثقافة غير ثقافته، وابدأ بشل ذاكرته التاريخية.”

هذه المقولة تختصر الدور الحاسم للثقافة في بناء الدول، حيث لا يمكن تصور دولة قوية بدون هوية ثقافية واضحة، تعكس قيم المجتمع وتاريخه، وفي الوقت نفسه، تكون قادرة على التفاعل مع العصر الحديث.

الثقافة ليست مجرد فنون وآداب، بل هي الوعي الجماعي الذي يحدد كيفية تعامل المجتمع مع نفسه ومع العالم من حوله. وعندما تكون الثقافة مشوهة أو مفروضة من الخارج، يصبح من الصعب بناء دولة متماسكة.

التحدي الأكبر ليس في رفض الجديد أو الانغلاق على الماضي، بل في تحقيق توازن ذكي بين الحفاظ على الهوية والانفتاح على التطور. ففي عالم اليوم، تلعب وسائل الإعلام والتكنولوجيا دوراً كبيرًا في تشكيل الوعي، مما يجعل الاستثمار في الثقافة والتعليم الإعلامي أمراً ضرورياً لحماية المجتمع من التلاعب وصناعة وعي زائف.

هناك ثلاث أولويات يجب التركيز عليها في مجال الثقافة:

1. تعزيز الهوية الوطنية، عبر برامج تعليمية وإعلامية تعرّف الأجيال بتاريخها الحقيقي.

2. دعم الإنتاج الثقافي المحلي، من خلال تشجيع الفنون والأدب والفكر المستقل.

3. التصدي لحملات التغريب والتشويه الثقافي، من خلال الوعي النقدي والانفتاح المدروس.

إن بناء وعي حقيقي يعني إعداد جيل قادر على التمييز بين الحقائق والدعايات المضللة، ومحصّن ضد محاولات تفكيك مجتمعه فكرياً وثقافياً.

نحو مشروع وطني متكامل

إذا كان الهدف هو بناء دولة قوية ومستقرة، فلا يمكن النظر إلى التعليم، والعمل، والثقافة على أنها قضايا منفصلة، بل يجب التعامل معها كأعمدة متكاملة في أي مشروع وطني.

فـالتعليم يصنع العقول.

والعمل يحول الطاقات إلى إنتاج.

والثقافة ترسّخ الهوية وتوجّه الوعي.

الدولة ليست مجرد مؤسسات، بل هي مشروع جماعي يحتاج إلى مشاركة الجميع، كلٌّ في مجاله، لإيجاد حلول عملية تضمن التنمية والاستقرار.

لا يمكن انتظار الحلول الجاهزة، بل يجب طرح الأسئلة الصحيحة، لأن من لا يسأل عن المستقبل، لن يكون جزءاً منه.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • تركيا الأولى عالميا ضمن الدول التي يصعب فيها امتلاك منزل!
  • لماذا غضب نتنياهو من صفقة تبادل الأسرى التي وافقت عليها حماس؟
  • متلازمة «الإعلام هو السبب».. لماذا نبحث دائما عن شماعة؟
  • لماذا تراهن الشركات التقنية على وكلاء الذكاء الاصطناعي؟
  • منصور بن زايد: يوم الطفل الإماراتي مناسبة نعزز فيها وعي المجتمع بحقوق الطفل واحتياجاته
  • محمد الشرقي يلتقي الباحث هادي اللواتي ويؤكد أهمية التراث الإسلامي في بناء الفرد والمجتمع
  • أمير طعيمة: أضع ضوابط خاصة لاختيار الأعمال التي أشارك فيها .. فيديو
  • محمد الشرقي يؤكد أهمية التراث الإسلامي في بناء الفرد والمجتمع
  • المشهداني يرعى لاحتفالية المركزية بمناسبة يوم المرأة الوطني وتحت شعار ( المرأة العراقية عزيمة الاستنكار )
  • ثلاثية بناء الدولة: التعليم، العمل، والثقافة