سؤال الخير والشر قديم قِدم الفلسفة نفسها. لكن ورغم الاعتراف بأن ما تفعله إسرائيل هو شر مطلق، ثمة ومضة من الإعجاب لدى القادة، وبعض الشعوب تجاه إسرائيل، حتى من الدول التي تُعدها العدو الأول. تلك الأمة العصامية التي لا تُمس، ذات الحصانة، التي لا تتوانى عن استخدام القوة المفرطة، والعمل السياسي الضاغط.
وإسرائيل ليست موضوع الإعجاب الوحيد في هذا السياق.
والعرّاب يشترك مع هتلر مع إسرائيل في أمور جوهرية: القدرة على وضع هدف، السعي بإصرار نحوه، تحقيقه، أيا كان الثمن. على الصعيد المهني، تضع الناس أهدافها، وآمالها أيضا. يعلم كل من كان له مكتب يوما أن اللعبة الاجتماعية، والماهرات الدبلوماسية، ضرورية للترقي، والحصول على أفضل الفرص. ثمة طبعا الصنف الذي يعمل بإخلاص، والذي تتوفر له مهارات تمنحه القدرة على الصعود. لكن ثمة نوع آخر: من يحبك الخطط بكل ما في الحبك من ارتباطات سلبية، من يتلاعب، ذو المبادئ المائعة. نحب أن نُصدق أن التخطيط الجيد، العمل الدؤوب، والرغبة القوية كافية لمنحنا ما نريد. لعل هذا وراء التغاضي عن أساليب البعض في الوصول لما يُريدون، وأن خسارتهم لأنفسهم عقاب كاف. وهو موقف لابد أن نُراجعه.
المعجبون بهذه النماذج، لا ينسون أن يقولوا: صحيح أنني لا أتفق مع فعله هنا وهناك. أو يقولون إنه إعجاب بما حققه، لا بالكيفية التي حققه بها. لكن هل فصل من هذا القبيل -أو تجاهله باعتباره شيئا هامشيا- مُمكن حتى؟ لم يُمكن لإسرائيل، لهتلر، للعراب، ولكل نماذج الشر أن تُحقق ما حققته، أن تصل لأهدافها التي وضعتها، دون الكيفية التي وصلت بها. فحصانة العرّاب قادمة من اقتصاصه غير العادل ممن يتحداه، أو يؤذي المقربين منه. توسع إسرائيل يعود لأفعال الإبادة، التطهير، والتهجير، وإن هذه الأفعال ليست عرضًا جانبيًا، بل عقيدة أساسية تُحرّكهم. وإلا لماذا نفشل في إيجاد نموذج «عصامي» آخر نتفق معه أخلاقيا. لأن طموح من هذا النوع، يأتي بالضرورة مع وسائل محدودة لبلوغه. وعلى هذا فالتعامل مع الفضائح التي تأتينا من السجون الإسرائيلية باعتبارها مجرد حوادث، بعيد كل البعد عن حقيقة كونها سياسات مقصودة.
يُخيل إلي أن نموذج العصامية: البدء من الكراج، والوصول إلى السيليكون ڤالي، مرغوب لحد يجعل الوسيلة مُبررة في سبيل الغايات.
تُخبرنا حلقة الأسبوع الماضي من برنامج اليوتيوب «في الحضارة» أن نيكولو مكيافيلي Niccolo Machiavelli المعروف بكتابه سيء السمعة «الأمير» قضى حياته مُدافعا عن الديمقراطية، وحكم الشعب، وأن هذا الكتاب -واحد من أكثر الكتب التي أُعيدت طباعتها في التاريخ- قادم من لحظة يأس وإحباط، بعد استبعاده -لاشتباهه في الاشتراك بالمؤامرة التي أسقطت عائلة ميديشي- بعد أن عاد المديشيون إلى السلطة، وكان يرجو منه أن يكسب ودهم، ليستعيد منصبه كأمين للجمهورية.
صارت القواعد السياسية التي وضعها مكيافيلي تُلهم الساسة، كما تُلهم نوعًا محددًا من الطموحين، المستعدين لبذل كل ما يُمكن بذله من أجل مزيد من السلطة أو المال.
ثمة تسامح غريب مع السلوك غير الأخلاقي. وإكبار لكل «نجاح» أيا تكن طريقة الوصول. وهو أمر لابد من إعادة التفكير فيه.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: التی ت
إقرأ أيضاً:
أفضل الصدقة التي أخبر عنها النبي .. اغتنمها
الصدقة، من أحبّ وأفضل الأعمال لله- عزّ وجلّ- هي الصدقة على المحتاجين والفقراء؛ لأنّ في إخراجها دليلٌ على صحة إيمان العبد بالله- تعالى-، ويقينه بأنّه هو الرزاق سبحانه.
وحثنا رسول -صلى الله عليه وسلم- على الصدقة، ورَغَّب بها جميع المسلمين حتى النساء.
أفضل الصدقةقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ أَوْ خَيْرُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ». متفق عليه، (عن ظهر غنى) معناه أفضل الصدقة ما بقي صاحبها بعدها مستغنيا بما بقي معه.
وقال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق، في منشور له عبر الصفحة الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: أن من الرحمة، وسلوك الرحمة، وجمال الرحمة، وحلاوة الرحمة أنها تجعل الإنسان يتكلم بالكلم الطيب، والكلمة الطيبة وصفها الله سبحانه وتعالى بأنها كلمة نامية تزيد من صاحبها، ولا تُنقصه في شيء.
قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} لعلهم يفكرون يعني لعلهم يتدبرون ويتأملون {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ}".
وتابع: "الكلمة الطيبة هذه صدقة، الكلمة الطيبة هي كشجرة، إذن ففيها النمو، ثابتة بجذورها في الأرض، وفروعها وصلت إلى عنان السماء، ثم إن ثمرتها تُؤكل وينتفع بها هكذا الكلمة الطيبة.
وعن النبي ﷺ كان يقول: «ورُبَّ الكلمة من رضوان الله لا يُلقي أحدكم إليها بالًا يُبنى له بها بيتٌ في الجنة، ورُبَّ كلمة من سخط الله لا يُلقي أحدكم إليها بالًا ... » أو كلمة يسخر بها « ... تهوي بصاحبها سبعين خريفًا في النار»".
واستشهد بما ورد عن عدي بن حاتم رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «اتقوا النار، ثم أعرض وأشاح بوجهه هكذا، ثم قال: اتقوا النار، ثم أعرض وأشاح، وفعل هذا ثلاثًا حتى ظننا أنه ينظر إليها ... » يعني إلى النار ، قال: «اتقوا النار ولو بشق تمرة شق تمرة ... » شق تمرة يعني نصف تمرة تصدق بها فإن «الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار».
وشدد عضو هيئة كبار العلماء على علو منزلة الكلمة الطيبة فقال :"انظر إلى العلو، انظر إلى النقاء، انظر إلى العموم يقول: « ... فمن لم يجد ... » فقير جدا ليس معه نصف التمرة ، هذا الفقير جدًا محروم يعني من الثواب أبدًا « ... فبكلمة طيبة» أخرجه البخاري.
فضل الصدقة للمريضورد عن ما فضل الصدقة للمريض أنه ينبغي على المعافين أن يحمدوا الله على العافية ، ولا يتعرضوا للبلاء ويتقوا أسباب العدوى والمرض وأماكن البلاء، ويهربون من المرض هروبهم من الأسد ، كما ورد في الأثر، كما ينبغي عليهم أن يسألوا الله الصحة والعافية والشفاء، ويتحصنوا بالأذكار والدعاء ، فرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أرشدنا إلى أن الصدقة دواء لكل الأمراض كما أن الدعاء يدفع البلاء، فقد ورد عن عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أنه قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «دَاوُوا مَرضاكُمْ بِالصَّدقةِ، وَأَعِدُّوا لِلْبَلاءِ الدُّعَاءَ ».
وقد ورد فيه كذلك أن الصدقة تمحو المعاصي والذنوب، التي تعد أحد أسباب المرض والبلاء، كما أن فيها دواء للأمراض البدنية وكذلك أمراض القلب، من ضغينة وغل وحسد وحقد كما أن الصدقة من أسباب انشراح الصدر وطمأنينة القلب، أي أنها تؤثر على الحالة النفسية للمريض، مما يساعده على الشفاء، فضلًا عن أن الصدقة تقي المريض ميتة السوء.