لجريدة عمان:
2024-09-11@03:04:25 GMT

تكامل المدرسة والبيت في جودة التعليم ومخرجاته

تاريخ النشر: 14th, August 2024 GMT

منذ أيام قليلة مضت تابعت حواراً شائقاً مع الشيخ والتربوي وعضو سابق بمجلس الشورى عامر بن أحمد قطن، وكان حديث الذكريات في الطفولة والغربة والعمل والتعليم، وحياة المثابرة والجهد، في السنوات التي سبقت النهضة العُمانية الحديثة ـ وتولي السلطان قابوس بن سعيد ـ تغمده الله بالرحمة والمغفرة ـ الحكم في عام 1970، وذكر الشيخ عامر، قصة سفره للخارج للعمل والتعليم، واستطاع الجمع بينهما في إحدى دول مجلس التعاون، وبعد عودته من الخارج، عمل في وزارة التربية والتعليم ـ وزارة المعارف في بداية السبعينيات، في التدريس وفي مهام إدارية في التربية والتعليم، ومن الأسئلة التي طُرحت عليه في هذا الحوار الماتع، رأيه في مسيرة التعليم في بلادنا كأحد التربويين الذين رافقوا المسيرة منذ بداياتها، فقال: لا شك أن الدولة أنفقت مئات الملايين على التعليم، وأنشأت المدارس في كل مكان، لكن لا بد أن نقول عند الحديث عن أي ضعف في مستويات التعليم، أن على الأسرة القيام بدور مواز للمدرسة، وأقصد أن على الأسرة متابعة دروس الأبناء يومياً، حتى يتحقق التكامل بين ما يتم في المدرسة وما يتم مراجعته في البيت وهكذا، حتى نتفادى الضعف والتسرّب من التعليم ومستويات الضعف بين الطلبة عموماً، وفي المقابل أرى أن الكثير من الحصص المدرسية تحتاج إلى إعادة نظر من الجهات المسؤولة عن التعليم، فهناك مواد في المناهج ليست ذات أهمية كالرياضة والفن، وربما غيرها من المواد التي ليست أساسية للطلبة عند وصوله إلى مراحل أعلى في مسيرتهم الدراسية، وهذه وجهة نظر عايشتها وأتمنى من الجهات المسؤولة أن تهتم بها، والاهتمام بدور البيت في التعليم حتى نحقق الجودة المرجوة من تعليم الأبناء.

ولا شك أن قضية التعليم وأزماته مقلقة للعديد من دول الوطن العربي والعالم، ويعزو البعض هذه المشكلات في القرن العشرين، والتي انتقلت إلى هذا القرن، ومنها أن الجودة كانت ضعيفة في الفترة الماضية لأسباب اقتصادية وتخطيطية، مع إدخال النظم الحديثة إلى التعليم في القرن الحادي والعشرين، والبعض الآخر يرى أن المشكلة في التطبيقات الجديدة وظروفها المختلفة، حيث برزت المعوقات العديدة خاصة في نوعية التعليم وأدواته مع اقتصاديات السوق ومتطلباته في ظل العولمة، وترى الباحثة الدكتورة محيا زيتون، في كتابها (التعليم في الوطن العربي في ظل العولمة وثقافة السوق)، أنه في ظل هذا الوضع، فإن تعليم المستقبل «يستمد معالمه وخصائصه من التطور اللاحق في المحيط الاقتصادي وتحولاته القادمة وفي المجال المعرفي والتقني بالأخص، كما أصبح مرتبطاً أيضاً بنظام عالمي جديد تتزايد فيه أهمية المنافسة في الأسواق العالمية كمعيار للتميّز. وتستعد العديد من الدول المتقدمة وتلك الساعية إلى التقدم لمواجهة التحديات لتغُير وتطوّر أنظمة التعليم والبحث العلمي، واتجه بعضها إلى التكتلات الاقتصادية والسياسية لتتيح قدرات مادية وبشرية ضخمة، علاوة على مزايا تنسيق الأهداف والسياسات لمواجهة قوى العولمة الشرسة».

وعلى الرغم من هذه الجوانب الإيجابية - كما تقول الدكتورة محيا - فإن ما تحقق في الوطن العربي ما زال محدود الأهمية وما زالت هناك آلاف المدارس في أماكن متعددة لا يوجد فيها خط هاتفي يسمح بإمكانية الاتصال بشبكة المعلومات الدولية، حتى في المدارس والجامعات الخاصة حيث يدفع الطلبة رسوماً باهظة، لم يبلغ بعد مستوى إتاحة الحاسوب الشخصي والاتصال بالشبكة معدلاً يتناسب مع عدد التلاميذ واحتياجات تدريبهم، ويبدو الإنجاز على مستوى الوطن العربي متواضعاً أيضاً إذا قيس بما حققته بعض البلدان النامية من تقدم ملحوظ في هذه المجالات».

وسادت أنظمة التعليم في الوطن العربي ـ كما تقول الباحثة محيا ـ مظاهر سلبية أخرى تتنافى مع تطلعات المجتمع العربي للنهوض بالعلوم والتقنية وتطوير المؤسسات التعليمية، من أجل توافر المتطلبات الأساسية لهذه النهضة، وأهم هذه المظاهر وضوحاً هو «التزايد الكبير في أعداد طلبة التعليم العالي المتخصصين في العلوم الإنسانية والاجتماعية، مقابل الانخفاض في أعداد الطلبة في اختصاصات العلوم الأساسية والتطبيقية هذا في الوقت الذي تثبت فيه دراسات مختلفة أن نسبة الطلبة المتخصصين في الرياضيات والعلوم الهندسية هي التي ترتبط إيجابياً بمعدلات النمو الاقتصادي وهي الأكثر تحقيقاً بالتالي لعائد اجتماعي مرتفع لاستثمارات التعليم العالي. ولا يعني ذلك التقليل من شأن الدراسات الإنسانية والاجتماعية ومن أهميتها العلمية ومساهمتها في تقدم المجتمعات وتطورها، ولكن للأسف فإن توسع فرص التعليم العالي في هذه الاختصاصات تم على نحو مبالغ فيه ربما لتحقيق أغراض مالية محضة وليس لغرض خدمة أهداف ومتطلبات التنمية.

إن الكثير من المجتمعات العربية التي حققت نمواً مرتفعاً للطلبة في هذه الاختصاصات فيما عدا دول الخليج الغنية، اقترن توسع نموها ببقاء الإمكانات المتاحة من أعضاء هيئة تدريس ومكتبات وحجرات دراسة وتجهيزات وخلافه ، من دون تغير يذكر».

ولكن يجب كما ترى الباحثة محيا زيتون ألا نتجاهل أيضاً جانب الطلبة باطراد كعامل مهم لنمو القيد في الاختصاصات الإنسانية «فالإناث بعامة ونتيجة لوضعهن الاجتماعي يُقبلن على الالتحاق بالكليات الإنسانية والاجتماعية، والمرأة حتى بفرض دخولها عالم العمل تفضل وظائف معينة تتناسب مع تحملها المسؤولية الرئيسة في الأسرة مثل التدريس والوظائف المكتبية الحكومية. وقد ارتفعت نسبة الإناث الملتحقات بالجامعات في الوطن العربي في خلال العقد الماضي وفاقت نسبتهن نسبة الذكور في بعض الأقطار العربية، ويصبح من الطبيعي، إذن، أن ينعكس ذلك في شكل تزايد الالتحاق بالاختصاصات الإنسانية والاجتماعية على حساب العلوم الأساسية والتطبيقية.

لقد كان لتطبيق برامج التثبيت والتكيّف الهيكلي التي أرست الخطوط العريضة للتحول إلى اقتصاد السوق تأثيراتها السلبية الملحوظة على التعليم بعامة في الوطن العربي، وبالذات بالنسبة إلى القاعدة العريضة للسكان من الفئات الفقيرة والمخفضة الدخل. وانعكس تأثير هذا التحول أحياناً بشكل مباشر من خلال الحد من نمو الإنفاق العام وتدهور أوضاع مؤسسات التعليم والتزايد المطرد في عدد المدارس الخاصة على حساب العامة، وتزايد أعباء التعليم المالية على الأسر العربية إلى حد كبير».

وتتمثل الصعوبة الأولى، كما تشير الدكتورة محيا، في أن الموارد المخصصة للإنفاق في ميزانية الدولة تتجه إلى الانخفاض إذا ما قيست كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي «وقد بدأ هذا الاتجاه في أعقاب تطبيق برنامج التثبيت والتكيّف الهيكلي وسياسيات التقشف المالي بعامة التي تهدف لحد من عجز الموازنة العامة من خلال تخفيض النفقات، فيما تكمن الصعوبة الثانية في أن التعليم يتنافس على الموارد العامة مع قطاعات أخرى متعددة في الاقتصاد العربي، منها قطاعات اجتماعية ذات أولوية معينة مثل الصحة وقطاعات اقتصادية وأخرى عسكرية وأمنية. أمّا الأخيرة فتمتص جانباً لا يستهان به من الموارد العامة المخصصة لقطاع التعليم. وعلاوة على ذلك، فإذا كان نظام التعليم في الوطن العربي قد تطور في الماضي في ظل توافر نسبة في الموارد، وفي ظل مناخ عالمي مهادن اقتصادياً وسياسياً، فإن نظام التعليم في المستقبل وبعد مرور أعوام على الأخذ بالتحولات الهيكلية، عليه أن يتطور في ظل ظروف أكثر قسوة سواء من حيث قيود الموارد العامة التي يفرضها نمط التنمية، أو من حيث المناخ العالمي الذي يتزايد اتجاهه نحو تهميش أي اقتصاد في العالم لا يحقق إنجازات تنموية وتقنية ملموسة، أو في ظل تيارات كوكبية قوية تفرض حرية التجارة وتتيح لجهات ومؤسسات أجنبية النفاذ إلى أنظمة التعليم العربية والتأثير فيها بما يتفق بمصالحها».

في ظل هذه الظروف لابد من السعي الجاد من أجل حشد الموارد المالية بطرق وأساليب مختلفة حتى لا يتم التوسع في التعليم بمراحله المختلفة على حساب نوعية التعليم وتراجع جودته وتقويض أهدافه الوطنية والقومية. فالارتقاء بالتعليم والتأهيل قضية أساسية ومهمة في مسيرتنا التنموية في بلادنا، وكل ما ننشده من أهداف ينطلق من التعليم، ومن بداياته التأسيسية ـ المرحلة الابتدائية ـ لأن أي بناء يحتاج إلى تأسيس، والتعليم العام في مرحلته الأولى هو الذي يحقق لنا النجاح المأمول، ويبعدنا عن السلبيات التي قد نواجهها في هذه المسيرة المهمة في توجهنا الحضاري والتنموي، وغيرها من الخطوات التي ننشدها في هذا الجانب، فجودة التعليم والنهوض به في كل المراحل، يبدأ من المراحل الأولى وهذا في اعتقادي هو الذي يرسي تعليما قويا وإبداعيا عند طلابنا، ويصحب الطالب في كل المراحل، وقد حققت وزارة التربية والتعليم العديد من الإجراءات، وحققت نجاحا يستحق التقدير ولا بد من المتابعة لكل تجديد وتغيير مع التقنيات الحديثة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الإنسانیة والاجتماعیة فی الوطن العربی التعلیم فی فی هذه

إقرأ أيضاً:

سماء الوطن العربي على موعد مع ظاهرة فلكية نادرة .. انتظروا الغروب

تشهد سماء مصر والوطن العربي ظاهرة فلكية نادرة تبدأ بعد غروب الشمس، وتعرف بظاهرة قلب العقرب حيث يقترن القمر في طور التربيع الأول بالنجم قلب العقرب. 

ويُشار إلى أن قلب العقرب ألمع نجم ضمن نجوم العقرب وهو نجم أحمر ضخم عملاق بحيث أن الشمس لا تعتبر شيء مقارنه به، حيث تبلغ كتلته 15 إلى 18 ضعف كتلة الشمس ويزيد نصف قطره على 448،793،612 كيلومتر.

رؤية القمر 

فيما فترة التربيع الأول حيث يظهر نصف القمر مضاء ونصفه الآخر مظلم الوقت المثالي لرصد تضاريس سطح القمر بواسطة المنظار أو تلسكوب صغير وذلك لأن الجبال والفوهات وغيرها تكون واضحة جدًا خاصة على طول الخط الذي يفصل بين الجانب النهاري والجانب الليلي نظرا لتداخل الضوء والظلال ما يعطي منظرا ثلاثي الأبعاد.

معلومات عن قلب العقرب

كما يبعد قلب العقرب حوالي 550 سنة ضوئية عن الأرض، وعمره حوالي 12 مليون سنة فقط وهو في خريف عمره، والنجوم مثل قلب العقرب التي تكون في المراحل النهائية من حياتها تفقد كتلتها بسرعة وهذا يؤدي إلى أن الغازات تتدفق بطريقة حلزونية حول النجم.

والنجوم ذات اللون الأحمر التي يمكن رؤيتها بالعين المجردة نادرة إلى حد ما، في الواقع، كما تعد كل النجوم الحمراء الساطعة التي نراها في سماء الليل بالعين المجردة هي إما عمالقة حمراء (مثل النجم الدبران) أو عمالقة ضخمه حمراء مثل النجوم قلب العقرب ومنكب الجوزاء.

مقالات مشابهة

  • أبوظبي تستضيف المنتدى العربي للمياه 16 سبتمبر الجاري
  • أبوظبي تستضيف «المنتدى العربي للمياه» 16 الجاري
  • حصول 35 مدرسة بالقاهرة على اعتماد جودة التعليم
  • انطلاق "المنتدى العربي للمياه" في أبوظبي 16 سبتمبر
  • انطلاق “المنتدى العربي للمياه” بدورته الـ6 في أبوظبي 16 سبتمبر
  • سماء الوطن العربي على موعد مع ظاهرة فلكية نادرة .. انتظروا الغروب
  • وزير التربية والتعليم يستعرض إجراءات انتظام العملية التعليمية
  • وزير التربية والتعليم يزور مدرسة النيل الدولية في أكتوبر
  • طرق وزير التربية والتعليم لجذب الطلاب إلى المدارس
  • توجيهات جديدة من وزير التربية والتعليم لمديري المدارس