مفاوضات جنيف السودانية ومفاجآت الجيش!
تاريخ النشر: 14th, August 2024 GMT
خلال هذا اليوم الخميس 15 أغسطس الجاري تنعقد في جنيف بسويسرا جولة ناقصة من المفاوضات المفترضة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لإنهاء الحرب في السودان، إثر محاولات تم فيها التأجيل أكثر من مرة لتلك المفاوضات بعد أن توقف استئنافها في منبر جدة نوفمبر الماضي.
وتأتي هذه الجولة المهمة برعاية ومشاركة من الولايات المتحدة، وتنظيم كل من المملكة العربية السعودية وسويسرا.
إصرار الجانب الأمريكي على انعقاد الجولة في موعدها وسط مؤشرات عن غياب وفد الجيش السوداني (فيما وصل وفد الفريق المفاوض للدعم السريع منذ يوم أمس) اضطرت الولايات المتحدة إلى أن تمهل الجيش السوداني أياماً ثلاثة لحضور الجلسة بحلول يوم 17 أغسطس، وفي هذا الإمهال من الطرف الأمريكي ما يؤكد اتفاق الولايات المتحدة والمجتمع الدولي على وضع حد للحرب المأساوية في السودان.
انهيار الوضع في السودان جراء الحرب وخطر الوصول إلى نقطة اللاعودة، كما حذرت من ذلك تقارير أممية متواترة، يجعل المراقب مستغرباً من موقف الجيش الذي بدا من الواضح أن الأسباب التي تمنع مشاركته في مفاوضات جنيف (رغم التمثيل الرفيع للمسؤولين الأمريكيين في رئاسة المفاوضات، كوزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن - ومندوبة الولايات المتحدة في المنظمة الدولة ليندا توماس غرينفيلد) أسباب تتصل بانقسام داخلي دفع الجيش مرتين للانسحاب من مفاوضات منبر جدة 1 و 2 ثم الانسحاب من مفاوضات المنامة خلال ديسمبر الماضي.
ويبدو واضحاً في ظل المخاطر الجسيمة للحرب، وضجر غالبية السودانيين من استمرارها على هذا النحو الخطير، وتداعي الدعوات السودانية والإقليمية والدولية لوقفها؛ أن الذي يمنع الجيش من التفاوض في جنيف هي؛ جهة سياسية في الداخل وترسل رسائل تحدٍ واضحة للمجتمع الدولي والإقليمي بما يجعلهما مدركين تماماً ما قد يترتب عن ذلك التعنّت من عواقب وخيمة، قد تضطر المجتمع الدولي إلى اللجوء لضغوط من نوع آخر على الجيش.
لا زالت هناك مهلة على الطاولة حتى حلول يوم 17 أغسطس، وإذا ما تعنّت الجيش في الرفض على ذلك النحو غير المقبول محلياً وإقليمياً ودولياً؛ فإن الذي يكمن بوضوح وراء ذلك التعنّت هو ما يظنه كثيرون من ارتهان الجيش لجهة سياسية تتحكم فيه، إذ أنه حتى معايير وقواعد الحرب العالمية لا تنطبق على موقف الجيش الذي لم ينتصر في الحرب ولم يجنح إلى السلم.
لطالما فنّد محللون سياسيون أعذاراً واهية للجيش السوداني في تبرير انسحابه من مفاوضات منبر جدة 1، و2 ثم انسحابه ثانياً من مفاوضات اتفاق المنامة السري في ديسمبر الماضي، بعد أن وقّع عليه بالأحرف الأولى كل من نائب قائد الجيش، ونائب قائد الدعم السريع بحضور أطراف دولية وإقليمية نافذة!
لذلك لا نعتقد أن التعنّت الأخير للجيش السوداني في رفض مفاوضات جنيف رفيعة المستوى سيمر بسلام هذه المرة، (حال لم يستدرك الجيش أمره ويلتحق بالمفاوضات في وقت متأخر) لأن الرسائل الخاطئة التي تبعثها مؤشرات الانقسام داخل الجيش تدل بوضوح على هيمنة لعناصر من النظام القديم عليه، تدل كثير من المؤشرات على دورها البارز في إشعال الحرب يوم 15 أبريل 2023م وإلا كيف يمكن تفسير موقف موضوعي للجيش في ظل الوضع الذي أصبح عليه حاله بعد هذه الحرب العبثية التي اضطرت إلى نزوح قيادة الحكومة برئاسة قائد الجيش إلى مدينة بورتسودان بعيداً عن العاصمة بسبب الحرب.
وبالرغم من تأكيد الولايات المتحدة للجيش السوداني أن مفاوضات جنيف هي امتداد لمفاوضات منبر جدة، ومكملة لها، إلا أن الجيش ظل يردد الأحجية التي تضع العربة أمام الحصان، فيما خص النقاش حول مفاوضات منبر جدة عبر بلاغة نسقية ضارة لا تعكس إلا انفصالاً خطيراً عن واقع أهوال الحرب وآثارها الكارثية المدمرة على حياة السودانيين.
ففي ظل نزوح أكثر من 12 مليون داخل السودان بسبب الحرب، وشبح المجاعة الذي يتهدد أكثر من 25 مليون سوداني والتقارير المفزعة للأمم المتحدة، لا يمكننا التسليم بأن موقف الجيش - والحالة هذه - مجرد وجهة نظر، لأن تخلف الجيش عن مفاوضات جنيف، سيعني احتمالاً لعواقب وخيمة تلوح في الأفق!
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الولایات المتحدة مفاوضات منبر جدة مفاوضات جنیف من مفاوضات
إقرأ أيضاً:
الجيش السوداني: مقتل 7 أشخاص بقصف للدعم السريع على الفاشر
السودان – أعلن الجيش السوداني، الأحد، مقتل 7 مدنيين من أسرة واحدة وإصابة 7 آخرين، جراء قصف مدفعي نفذته قوات “الدعم السريع” على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، غربي البلاد.
وبحسب الفرقة السادسة مشاة للجيش في الفاشر في بيان، “قامت مليشيا الدعم السريع بقصف أحياء مدينة الفاشر بالمدافع أمس السبت، وأدى ذلك إلى استشهاد أسرة كاملة مكونة من 7 أشخاص، بينهم طفلة عمرها 5 سنوات”.
كما أدى القصف إلى “إصابة 7 مدنيين آخرين، بينهم امرأة وكادر طبي بجروح عميقة، وتم نقلهم إلى المستشفيات لتلقي العلاج”، وفق المصدر ذاته.
وأكد البيان أن “الوضع في مدينة الفاشر تحت السيطرة، وقوات الجيش والقوات المساندة تعمل بتنسيق كامل، ولن يتم التفريط في شبر واحد من المدينة”.
ولم تعلق “الدعم السريع” فورا على بيان الجيش السوداني، لكنها تواصل منذ أيام قصفا مدفعيا على الفاشر، مما أوقع عشرات القتلى والجرحى، بحسب السلطات السودانية.
ومنذ 10 مايو/أيار 2024، تشهد الفاشر اشتباكات بين قوات الجيش و”الدعم السريع” رغم تحذيرات دولية من المعارك في المدينة، التي تعد مركز العمليات الإنسانية لولايات دارفور الخمس.
ويخوض الجيش السوداني و”قوات الدعم السريع” منذ منتصف أبريل/ نيسان 2023 حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا
ومنذ أسابيع وبوتيرة متسارعة، بدأت تتناقص مساحات سيطرة الدعم السريع في ولايات السودان لصالح الجيش، وتسارعت انتصارات الأخير في الخرطوم بما شمل السيطرة على القصر الرئاسي، ومقار الوزارات بمحيطه، والمطار، ومقار أمنية وعسكرية.
وفي الولايات الـ17 الأخرى، لم تعد الدعم السريع تسيطر سوى على أجزاء من ولايتي شمال كردفان وغرب كردفان وجيوب في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، بجانب 4 من ولايات إقليم دارفور (غرب).
الأناضول