لجريدة عمان:
2024-09-11@03:06:07 GMT

هل تأخرنا في الأوقاف الجامعية؟

تاريخ النشر: 14th, August 2024 GMT

‏أحد مفاهيم الوقف (Endowment) أنه تبرع دائم وبدون مقابل، فلا يمكن بيعه أو التصدق به أو هبته، ويعتبر من أعمال الخير والبر، والهدف من الوقف هو الانتفاع من ريعه وإنفاقه على الجوانب التي يحددها «الواقف»، وقد يكون الوقف ماديا كالنقود، أو عينيًا ويدخل في ذلك المباني والممتلكات التجارية والصناعية والتعليمية.

أنواع الأوقاف كثيرة منها: الوقف الأهلي أو ما يعرف بوقف الذرية، والوقف الخيري، أو المشترك بينهما. الأوقاف على المستوى الوطني بشكل عام، أغلبها تتعلق بأوقاف المساجد ومدارس تحفيظ القرآن الكريم، وأوقاف النخيل والأفلاج والبساتين والتي يصرف من ريعها لخدمة طلبة العلم، بيد أن الأوقاف الجامعية يجب أن تتعدى ذلك لتكون في مشروعات استثمارية تشمل الجوانب التعليمية، وفي السلع والخدمات التي تتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية. على المستوى العالمي، فإن قيمة الأصول الوقفية حسب النوع: جاءت أوقاف المؤسسات الدينية (Ensign (Peak Advisors بالولايات المتحدة الإمريكية في المرتبة الأولى بأصول مالية تصل إلى (124) مليار دولار، وبالنسبة للمؤسسات الوقفية الحكومية: جاءت الوكالة اليابانية للعلوم والتكنولوجيا في المقدمة باستثمارات تزيد على (80) مليار دولار. أما الأصول الوقفية الجامعية: فجاءت جامعة ستانفور الأمريكية في المرتبة الأولى باستثمارات تزيد على (75) مليار دولار، حسب البيانات التقديرية المنشورة في مايو (2023)، أيضًا فإن بعضًا من الجامعات الخليجية اهتمت بالأوقاف بشكل كبير ومنها: جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية بمشروعات عملاقة، واستثمارات تزيد على (23) مليار دولار. الأوقاف الجامعية بالجامعات السعودية تصدرت ترتيبًا متقدمًا بما لديها من أموال ومبانٍ وقفية، كما هو الحال في أوقاف جامعة الملك سعود، والتي أغلبها أوقاف تأخذ مسميات الأمراء، ورجال الأعمال، وكبار العلماء لتخليد منجزاتهم الشخصية أو العلمية، وبالتالي هذه الاستثمارات الوقفية تساهم في ديمومة المشروعات البحثية وفي دعم وتأهيل واستقطاب كفاءات التدريس في شتى مجالات العلوم.هناك من يعتقد، بأن الوقف يحتاج دائمًا إلى استثمارات كبيرة وأن مجالاته محدودة، وهذه من الإشكاليات التي أدت إلى التأخير في التوسع فيه أو شموليته لجميع مجالات الحياة المختلفة، وإن كان قانون الأوقاف الذي صدر في عام (2000) تطرق لبعض أنواع الأوقاف، إلا أنه لم يتضمن بشكل مباشر للأوقاف الجامعية، وبالتالي يأتي إنشاء المؤسسة العمانية الوقفية في (2024)؛ لنشر مفهوم الوقف وتوسيع مجالاته، وأيضًا لتكون هي الجهة التي تؤطر معايير الحوكمة لجميع أنواع الأوقاف، وبيت المال، وتساند المؤسسات الوقفية بالولايات والمحافظات.

يأتي إصدار المؤسسة العمانية الوقفية كذراع استثمارية نعمل على متابعة جوانب شؤون الأوقاف، وتنمية أموال بيت المال، لذا فهو بحاجة إلى حسن إدارة، ولذلك أعطيت المؤسسة العمانية الوقفية الاستقلال المالي والإداري؛ لكي تقوم بإدارة الأوقاف بأسلوب متجدد يساعد في سرعة اتخاذ القرارات الاستثمارية، ويساعد في عمليات تحليل السوق، وإدارة مخاطر الاستثمار، وأيضًا هذه المؤسسة تعمل على غرس الثقة بين الأشخاص أو الجهات التي يطلق عليهم اسم «الواقفين» لأن بناء الثقة أساس مهم في المحافظة على تثمير أموال الأوقاف، وفي حال معرفة الأفراد الذين يوقفون أموالهم بأنها تدار من قبل كفاءات علمية وتطبق المبادئ الإسلامية المعمول بها في شؤون الأوقاف فهذا يكون سببًا رئيسيًا في تعزيز مجالات الوقف في المجتمع، ويعمل على تشجيع الواقفين على الاستثمار في المجالات الوقفية بكل ثقة واطمئنان. هذه الثقة هي العامل المساعد في كون الجامعات الغربية تتفوق على الجامعات العربية في الاستفادة من الأصول الوقفية؛ لأن لديها نظامًا شفافًا في آليات التعامل مع الممتلكات الوقفية، وكيفية إدارتها واستثمارها بشكل مناسب.الأصول الوقفية الجامعية ليست من أدوات تنويع مصادر الدخل للجامعات فقط، بل تستند عليها هيئات ومنظمات التقييم المؤسسي والبرامجي لمؤسسات التعليم العالي، فأغلب تلك الهيئات تضع في الحسبان مصادر التمويل المتنوعة حيث تدخل الأوقاف الجامعية ضمن هذه المصادر التي تحصل عليها الجامعات من ريع أوقافها، بحيث لا يكون اعتمادها على الدعم الحكومي أو الرسوم الدراسية، كما أن الاعتمادات المالية المخصصة للجامعات الحكومية معرضة للتقلبات الاقتصادية، وبالتالي من الممكن أن تتأثر ميزانياتها للتخفيض، أو إلغاء بعض من مشروعاتها البحثية أو العلمية، الأمر الذي قد يؤثر سلبًا على تصنيفها ضمن الجامعات العالمية، ولكن الهيئة العمانية للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم، عند تحديث معايير الاعتماد المؤسسي قامت بإلغاء المعيار الفرعي المتعلق بالإدارة المالية الذي يدخل ضمن المعيار الرئيسي المتعلق بالحوكمة والإدارة، حيث تجدر الإشارة إلى أهمية المعيار الفرعي الملغى عند تقييم الاستدامة المالية للجامعات أثناء القيام بعلميات الاعتماد المؤسسي، وجود ذلك المعيار يساعد في معرفة مدى تنويع الإيرادات الجامعية والتي تدخل ضمنها الأوقاف الجامعية، عليه فإن إلغاؤه في هكذا توقيت لم يكن مناسبًا.

‏‏لعل ما يحدث لبعض مؤسسات التعليم العالي الوطنية من إخفاقات مالية خلال الفترات الماضية أحد أسبابه: عدم وجود استثمارات وقفية تساعدها في تنويع مصادر دخلها عند وجود صدمات مالية، إلا أن نظام جامعة السلطان قابوس الذي تم اعتماده هذا العام، يعتبر من الأنظمة المتميزة والذي على أساسه منحت الجامعة الصلاحيات التنظيمية للبدء في استثمارات الأوقاف، وبحيث تكون تلك الاستثمارات ضمن الإيرادات الذاتية للجامعة، ولكن الملاحظ أن جامعة التقنية والعلوم التطبيقية على الرغم من صدور نظامها قبل ثلاث سنوات تقريبًا، إلا أن نظامها لم يتطرق إلى الأوقاف الجامعية، الأمر الذي قد يفتح بابًا للنظر في إيجاد كيان مؤسسي يضم الأوقاف الجامعية لجميع مؤسسات التعليم العالي كافة، ويكون تحت إشراف مؤسسة وقفية جامعية الأمر الذي يساهم في تحسين ربحية أموال الأوقاف، لأن الكيانات أو الاستثمارات كلما كانت أصولها المالية أكبر، كلما ساعد ذلك على تخفيض التكاليف التشغيلية والإشرافية، ويؤدي إلى تعزيز الإيرادات المالية.

في الشأن الوطني أيضًا بلغ عدد مؤسسات التعليم العالي ما يزيد على (66) مؤسسة موزعة بين جامعات وكليات جامعية حكومية وخاصة، إلا أن أغلبها لم يأخذ مسار الأوقاف الجامعية كنوع من مصادر تنويع إيراداتها المالية، وقد يكون ضعف الجوانب التنظيمية والتشريعية والرقابية لمجالات الأوقاف الجامعية سببًا في ذلك، أيضًا فإن قانون الأوقاف اشتمل على جوانب محددة أغلبها تعنى بأوقاف المؤسسات، والصناديق الخيرية التي شهدت ارتفاعًا ملحوظًا حيث بلغ عدد المؤسسات الوقفية (48) مؤسسة منها: (35) مؤسسة وقفية عامة، و(13) مؤسسة وقفية خاصة، مع وجود صندوق وقفي واحد يعنى بالتكنولوجيا والتحول الرقمي ومؤسسة تعنى بدعم قطاع التعليم «سراج».

على الرغم من صدور قانون الأوقاف قبل (24) عامًا، إلا أن غالبية المؤسسات الوقفية تعتبر حديثة التشكيل وتأخذ التأسيس المناطقي في أهدافها، كما يلاحظ أن غالبية تلك المؤسسات لا تحدد رأسمالها في نظامها الأساسي، أو تصرح به إلا القليل، من ذلك على سبيل المثال: مؤسسة وقفية خاصة حددت مبلغ يزيد على (3.5) مليون ريال عُماني، ومؤسسة أخرى بمبلغ (100) ألف ريال عُماني، وبالتالي لا يوجد إطار موحد لجوانب الحوكمة والأطر والرقابية، وتحديد القيمة السوقية لأصولها المالية، مع الإشارة إلى المثال الذي بدأ ينشط وهي المؤسسة الوقفية سراج والتي تم تدشينها قبل فترة، حيث تمثل بداية طيبة لاستثمارات الأوقاف الجامعية.

ختامًا الأوقاف الجامعية من أهدافها الأساسية، دعم موازنات الجامعات، ومساندتها نحو تعزيز الإنفاق على التعليم والتعلم، وبناء المختبرات العلمية، وفي مجالات البحوث والدراسات، الأوقاف الجامعية هي مثابة مورد مالي حيوي لاستدامة الخدمات التشغيلية للجامعات، لذا فإن هناك حاجة لإيجاد بيئة تنظيمية وهيكلية مرنة بالجامعات تكون جاذبة للمجتمع تحفزهم على الاستثمار في الأوقاف الجامعية، ولا يمنع من محاكاة التجارب الجيدة المطبقة في الجامعات الإقليمية التي تقدمت في هذا المجال، وبالتالي على أفراد المجتمع وخاصة رجال الأعمال والأثرياء منهم، الإنفاق على الأوقاف الجامعية إحياءً لسنة الوقف في الإسلام.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الأوقاف الجامعیة الأصول الوقفیة التعلیم العالی ملیار دولار مؤسسة وقفیة إلا أن

إقرأ أيضاً:

تزوير الشهادات الجامعية.. جريمة مؤثمة وعقوبات مُغلظة أقرها القانون

بين الحين والآخر تتردد على مسامعنا وقائع عديدة متعلقة بتزوير الأوراق الرسمية، ويندرج ضمن ذلك التلاعب بالشهادات الجماعية، بغرض نيل امتيازات اجتماعية واقتصادية أو تحقيق مكاسب مادية أملا في بلوغ الثراء السريع.. وإزاء ذلك فقد أقر القانون عقوبات رادعة بشأن تلك الجرائم وهو ما نستعرضه على النحو التالي.

 

حبس سايس جراج لاتهامه بقتل شخص لخلافات سابقة بالخانكة حبس شاب اشعل النيران في والدته وابنة خالته بالقليوبية

 

 

كيف حدد القانون عقوبة تزوير الشهادات الجامعية؟ 

 

في ذلك الصدد، ورد في المادة 212 من قانون العقوبات، أن كل شخص ليس موظفًا قام بارتكاب تزوير كما فإنه يعاقب بالسجن المشدد أو لمدة قد تصل إلى السجن 10 سنوات.

 

كما أشارت المادة 214 من قانون العقوبات إلى أنه كل من استعمل تلك الأوراق المزورة، وهو يعلم تزويرها يعاقب بالسجن المشدد أو بالسجن لمدة ٣ إلى ١٠ سنوات.

 

كما نصت المادة 214 من قانون العقوبات أيضًا إلى أنه طالما ارتكب صاحب الأوراق جريمته لغرض إجرامي، فإن الجاني يصدر ضده العقوبة للجريمة الأشد في العقاب أو العقوبتان للجريمة، وبالتالي فإن مزور الشهادات الدراسية، تصل عقوبته إلى السجن لمدة 10 سنوات.

 

موضوعات ذات صلة:

 

خطفوه في عز النهار.. حكاية باسم وصديقه المحامي والنصب في مليون جنيه
الموت بأعلي سعر .. تفاصيل حبس مديرة بالطب البيطري و3آخرين بتهمة الرشوة في التجمع 
صدفة تقود ياباني للعثور علي جثة والدته بالمنزل عقب اختفائها منذ عقد.. ما القصة؟
مرافعة نارية ودموع أسرة الضحية وتأجيل القضية.. 7 مشاهد لمحاكمة طفل شبرا الخيمة


 

مقالات مشابهة

  • تزوير الشهادات الجامعية.. جريمة مؤثمة وعقوبات مُغلظة أقرها القانون
  • المدينة الجامعية بالشارقة تنال «الآيزو لنظام إدارة الجودة»
  • بالتعاون مع شركة ميم عين للتعليم الوقفية.. البنك الأهلي السعودي يطلق مبادرة” مالي”لتعزيز الثقافة المالية للأطفال
  • 80 % نسبة تسريع إجراءات إصدار إشهاد الوقف
  • المستشفيات الجامعية.. لابد من وقفة
  • وزير الخارجية: " لن نيأس أو نتوقف حتى وقف العدوان على الفلسطينيين" (فيديو)
  • وزير الخارجية يشدد على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار بالسودان وإدخال المساعدات
  • غانتس: تأخرنا في نقل التركيز العسكري من غزة إلى لبنان وإيران!
  • غانتس: "تأخرنا" في نقل التركيز العسكري من غزة إلى لبنان وإيران
  • نتيجة تقليل الاغتراب 2024: كل ما تحتاج معرفته حول التحويلات الجامعية