لجريدة عمان:
2024-09-11@03:08:27 GMT

على نفتالي بينيت أن يطيح بنظامي حكم

تاريخ النشر: 14th, August 2024 GMT

كانت المرة الأخيرة التي التقيت فيها بنفتالي بينيت في بيته بشمال تل أبيب ولم يمضِ وقت طويل على هجمات السابع من أكتوبر وقبيل توغل الجيش الإسرائيلي في غزة، بدا رئيس الوزراء الإسرائيلي قلقا من حمام دم، وكانت لديه أيضا خطة لاجتناب ذلك.

وضع بينيت -الذي اتسمت فترة حكمه القصيرة من 2021 إلى 2022 باتساع النطاق الأيديولوجي لحكومته- مفهوما من أربعة أجزاء: الاستيلاء على أطراف غزة دونما احتلال لمدنها، إمداد أهل غزة بالطعام والماء والدواء والملاذات الآمنة دون الوقود الذي تحتاج إليه حماس لتشغيل أنفاقها، استعمال «سلسلة من الغارات البرية المستهدفة المستمرة والمتواصلة» من أجل تخفيض تدريجي لجيش حماس وتدميره على مدى أشهر أو أعوام، وأخيرا توفير ممر خروج من غزة لمقاتلي حماس الراغبين في الاستسلام، وقد يكون ذلك في مقابل الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين.

تجاهل نتنياهو النصيحة، وبعد عشرة أشهر من الحرب الطاحنة، لم تحقق إسرائيل أيا من أهدافها الأساسية، فلم تنهزم حماس، ولا يزال قائدها يحيى السنوار على حريته وله مطالبه، ولا يزال عشرات الرهائن أسرى، وعشرات آلاف الإسرائيليين لا يزالون عاجزين عن الرجوع إلى بيوتهم، والبلد منقسم كما كان وأكثر انعزالا من ذي قبل، ويتأهب الإسرائيليون لحرب كبرى متعددة الجبهات ضد إيران ووكلائها.

فما الذي كان يمكن أن يريده بينيت من إسرائيل الآن؟ في ظل أن استطلاعات الرأي تظهره متعادلا مع نتنياهو أو متفوقا عليه بوصفه الشخص الذي يريده الإسرائيليون رئيسًا للوزراء فإن لرأيه أهميته.

قال لي بينيت الأسبوع الماضي حينما التقيت به في نيويورك «إنني أرى الكلمات توجه رسالة بينما الأفعال توجه رسالة مناقضة»، وكان يقصد بذلك سلوك نتنياهو في حرب غزة، لكنه كان يفكر أيضا في أسلوبه تجاه إيران التي باتت الآن أقرب من ذي قبل من تحقيق فتح نووي، برغم سنوات من تعهدات رئيس الوزراء العلنية بألا يسمح للجمهورية الإسلامية بالاقتراب من القنبلة إلى هذا المدى.

في ما يتعلق بغزة، رأى بينيت مساري عمل يمكن الدفاع عنهما، الأول -وهو الذي يفضله بوضوح- زيادة قصيرة وحادة وحاسمة في القوات من شأنها أن تقضي على حماس، إذ قال بينيت «لو أنك في حلبة ملاكمة وقد وجهت لخصمك للتو ضربة فإذا به يترنح، فإنك تستجمع قوته وتوجه لكمة أخرى». والخيار الثاني هو التوصل إلى صفقة رهائن، وإعلان وقف لإطلاق النار و«إرجاء القتال ليوم آخر». وهذا ما تفضله إدارة بايدن بوضوح، ولكن الأمر يتوقف بالنسبة لإسرائيل على أسئلة تتعلق باحتياطياتها والمدى الذي يمكنها فيه تحمل حرب شديدة الحدة.

ولكن ما يفعله نتنياهو هو غير هذا وذاك. فهو يتكلم بلسانين مختلفين، مراوحا بين الوعود بـ«النصر الكامل» والصفقة الفورية لإعادة رهائن إسرائيل إلى الوطن. وفي الوقت نفسه، يخوض حرب استنزاف قليلة الحدة، شبيهة باستراتيجية وليم وستمورلاند في فيتنام ضد عدو لا يكف عن تجديد قواه من دون أن تلوح نهاية في الأفق.

قال بينيت «إنني أعلم أن هناك عددا من القتلى في صفوف حماس، وحينما تحصر القتلى، فإنك تفترض وجود عدد نهائي من المقاتلين». وأضاف قائلا عن حماس «ولكن لديهم شعبا كاملا من مليون نسمة يمكن الاعتماد عليه. فبوسعهم تجنيد عشرة آلاف آخرين في هذه الأثناء. وما هكذا ننتصر في الحرب».وهناك أيضا فشل نتنياهو الرهيب، وهو إيران. فعلى مدى سنين يحذر بينيت من «استراتيجية الأخطبوط» التي تتبعها إيران إذ يقيم نظامها الحاكم «وكلاء ومخالب في الشرق الأوسط كله والعالم ويمولهم ويسلحهم ويوجههم، ولا يكاد يدفع ثمنًا لذلك». وعلى مدى أكثر من عشرين سنة، قويت أذرع الأخطبوط -في لبنان وغزة والضفة الغربية وسوريا والعراق واليمن- بينما يصر نتنياهو على ضرورة أن ينصب التركيز على برامج إيران النووية.

«فجنينا الأمرين» كما قال بينيت في أسى، إذ أقامت طهران «إمبراطورية من الصواريخ والإرهاب» تطوق إسرائيل. لكن نتنياهو لم ينفذ القرارات بضرب منشآت إيران النووية حينما كانت الفرصة الواقعية سانحة لتدميرها في بداياتها. الآن باتت إيران فعليا على عتبة أن تصبح دولة ذات قوة نووية، قادرة على «إنتاج سريع لليورانيوم الملائم للأسلحة، في العديد من المنشآت، إن ارتأت أن تفعل ذلك» حسبما أشارت وثيقة معلومات أمريكية غير سرية وحديثة.

لو أن إيران قادرة على نشر رؤوس نووية على صواريخ بالستية -أو اقتسامها مع وكيل من قبيل حزب الله- فسوف تكون الدولة اليهودية على طريق الزوال. والسياسة الوحيدة القادرة على منع ذلك حسبما نبه بينيت هي «الإطاحة بالنظام الحاكم في إيران قبل أن يمتلك فعليا سلاحا نوويا».

وهو لا يتخيل تغييرًا للنظام على الطريقة العراقية، إذ تتقدم جيوش أجنبية نحو العاصمة. فإسرائيل لا تستطيع أن تقوم بذلك، ولا الأمريكيون قادرون.

ولكن في ذهنه بدلا من ذلك ما جرى في الاتحاد السوفييتي في الثمانينيات من القرن الماضي. ذلك أيضا كان نظام حكم هرما «متيبسا ومفككا» كما قال و«عميق الفساد والعجز ويحتقره شعبه». ولقد سقط الاتحاد السوفييتي جزئيا بسبب فرط ثقله. ولكنه أيضا تلقى ركلات في كعبيه - بانهيار عائدات النفط، والنزيف البطيء في أفغانستان، والدعم الغربي السري للحركات المعارضة من قبيل (التضامن) والرؤية الواضحة لهدف السياسة الغربية وهو انهيار الإمبراطورية الشيوعية، وليس الإدارة الدقيقة للوضع القائم.

يرى بينيت أن الفرصة مع إيران هي أن «رأس الأخطبوط أضعف كثيرا، وأكثر هزالا وأعجز عن احتمال الخطر من أذرعه. فما أحمقنا إذ ننخرط في حرب مع الأذرع في حين أن بوسعنا التعامل مع الرأس». يعني ذلك استئناف العقوبات الاقتصادية المشددة - فبفضل الإعفاءات المقدمة من الإدارة الأمريكية تقوم إيران اليوم بتصدير قرابة أربعة أمثال ما كانت تصدره من النفط قبل أربع سنوات - وتقوية حركة المعارضة الإيرانية وخاصة في ما يتعلق بمعدات الاتصالات.

وتلك جهود لا يمكن أن يقوم بها إلا رئيس أمريكي. فماذا عن الأزمة الراهنة مع إيران؟

سألت بينيت عن توقيت اغتيال إسماعيل هنية زعيم حماس في طهران. فقال بعد أن سكت طويلا «من الصعب للغاية اختيار أفعال معينة في ظل غياب استراتيجية» لكنه نبه أيضًا إلى أن إيران «لديها نقاط ضعف هائلة، وبخاصة في قطاع الطاقة، الذي يتركز إلى حد كبير في عدد قليل من المفاصل التي يمكن التعامل معها. ويجدر بالإيرانيين أن يخافوا الآن وليس العشرة مليون إسرائيلي. فهذه الطريقة السلبية التي يتولى بها أعداؤنا زمام الأمور ليست الطريقة الإسرائيلية».ترك بينيت رئاسة الوزراء وهو يتعهد بالبقاء بعيدا عن السياسة لعقد من الزمن على الأقل. وتركني دون أدنى شك في أنه على وشك الرجوع، بهدف الإطاحة بالائتلاف الحاكم عبر مناورات برلمانية خلال العام الحالي ثم خوض الانتخابات. وتعهد بتنظيف للبيت من شأنه أن يساعد على توحيد الإسرائيليين مرة أخرى.

قال: إنه «يجب تغيير جميع القيادات الكبرى في إسرائيل، في السياسة والجيش». فمن أجل إلحاق هزيمة بنظام حكم، لا بد أولا من إلحاق هزيمة بنظام حكم.

بريت ستيفنز من كتاب الرأي في نيويورك تايمز، متخصص في الشؤون الخارجية

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

كيف اختير السنوار رئيسا لحماس وما التغييرات التي شهدتها الحركة؟

سرايا - قال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أسامة حمدان إن مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة لا تحتاج إلى مبادرات جديدة من أجل التفاوض بشأنها، لأن كل المشاريع السابقة فشلت لعدم وجود ضمانة بأن تقبلها إسرائيل، وأضاف أن الأيام القادمة ستكشف عن مفاجآت في الضفة الغربية لا يريدها الاحتلال، وأنها ستدق المسامير في نعشه.

وأضاف حمدان -في حوار شامل مع الجزيرة نت سينشر لاحقا- أن الولايات المتحدة لا تمارس ضغطا حقيقيا على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أجل قبول المقترحات الأميركية التي سبق أن أعلنت حماس موافقتها عليها.

ونفى القيادي في حماس أن تكون هناك مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة بمعزل عن إسرائيل، وقال "نحن سمعنا في الإعلام بأن هناك حديثا أميركيا عن صفقة مباشرة مع حركة حماس، لكن حتى اللحظة لم يكن هناك شيء عملي، فالأميركيون لم يتصلوا بنا بشكل مباشر، ولا أرسلوا عبر الوسطاء شيئا من هذا القبيل".

وفي ما يتعلق بالتصريحات الإسرائيلية عن نجاح جيش الاحتلال في اغتيال القيادي في حماس محمد الضيف، شدد حمدان على أن "الأخ أبو خالد (محمد الضيف) بخير، ولا زال على رأس عمله ويمارس دوره كقائد للمقاومة، وكل ما نُشر من إشاعات لم يدفعه إلى الوراء، وما زال في موقعه يمارس دوره، ورغم مرور أكثر من 330 يوما من القتال لا هو ولا جنوده ولا أركانه كلت لهم عزيمة ولا تراجعت لهم إرادة".

وأرجع القيادي في حماس تماسك الجبهة الداخلية في القطاع إلى عدد من العوامل، أهمها:

التصاق الشعب الفلسطيني بقضيته على مدى نحو 75 سنة، فالآباء يورثون القضية للأبناء ثم للأحفاد رغم قسوة الظروف والأهوال التي مر بها هذا الشعب.
هذا الشعب ربط نفسه وقضيته مع الله، وبالتالي نشأت عنده حالة من الإيمان واليقين والتسليم؛ مما دفعه إلى المزيد من العمل من أجل تحقيق الهدف وهو التحرير.

المقاومة خرجت من نسيج الشعب الفلسطيني، ولم تنفصل عنه، وخلقت داخله بيئة كلها مقاومة تتكون من الابن والأخ والشقيق.

المقاومة استهدفت جيش الاحتلال الذي يقهر الشعب، ومن ثم رأى فيها هذا الشعب الفلسطيني عنوانا للثأر من الجرائم التي ترتكب في حقه.


المقاومة تعلم اليوم أنها أفضل من أمس، وتتعلم في الميدان كيف تطور أداءها وتحتضن شعبها الذي يلتف حولها دائما.

المقاومة ركزت في معركتها على أهدافها ضد الاحتلال ولم تنجرف في معارك جانبية تثير ضدها الكثير من الغضب والحساسيات.

ونفى حمدان أن يكون اختيار يحيى السنوار رئيسا للمكتب السياسي في حماس جاء ردا على اغتيال إسماعيل هنية في طهران، "لأن ذلك لم يتم بطريقة ثأرية ذاتية فردية"، بل هناك معايير يتضمنها النظام الداخلي للحركة، وهناك شروط يجب أن تتوافر في أي قائد ينتخب لقيادتها.

وعند سؤاله عن التغييرات التي شهدتها حماس عقب تولي السنوار رئاستها، قال القيادي في الحركة إن "كل قائد له طريقته في إدارة الأعمال، والأخ أبو إبراهيم (السنوار) بدأ مباشرة العمل في إدارة الحركة وترتيب الأوضاع على المستوى القيادي بطريقة لا تعطي العدو فرصة لإحداث أي اختلال في قيادتها".

وأضاف أنه "نشأت حالة استقرار قيادي رغم الهزة التي حدثت نتيجة اغتيال رئيس الحركة أبو العبد (إسماعيل) هنية رحمه الله"، و"أنه والقادة معه الآن يديرون أمور الحركة بشكل مستقر وبالاتجاه ذاته الذي سارت عليه دوما".

وفي ما يتعلق بأحداث الضفة الغربية الحالية، قال حمدان إن الاحتلال الإسرائيلي كان يخطط لترحيل مليوني فلسطيني من الضفة إلى الأردن، و"هذا المشروع خطير جدا ليس على الفلسطينيين وحدهم، بل على كل المنطقة بما يمثله من انفجار وعدم استقرار".

وأضاف أن التصعيد الحالي في الضفة لم ينجح في تقويض الفعل المقاوم، "وأن الأيام القادمة ستكشف عن أن واقع الضفة سيكون مختلفا تماما عما يريده الاحتلال"، وأنها "ستدق المسامير في نعش الاحتلال".

وأشار القيادي في حماس إلى علاقات المقاومة في غزة بالسلطة الفلسطينية، وتحدث عن المبادرة السياسية التي تتعلق بأولويات المعركة وآلية العمل الفلسطيني المشترك للوصول إلى حكومة توافق وطني تدير كل فلسطين وتشارك فيها حماس وتكون جزءا منها.

كما تحدث عن الاتهامات التي تنال من المقاومة وقيامها بعملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، التي أدت إلى العدوان الإسرائيلي على غزة المستمر منذ 11 شهرا، وتناول كذلك مدى استعداد حماس إلى تسليم إدارة القطاع إلى سلطة جديدة منتخبة.


وتطرق أيضا إلى قضايا الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة وقدرتها على حمايتهم رغم مقتل بعضهم، ومدى صمود المقاومين ميدانيا في المعركة، بالإضافة إلى العديد من القضايا الأخرى التي يتناولها الحوار.


مقالات مشابهة

  • إسرائيل تنشر فيديو النفق الذي قُتل فيه الرهائن
  • غالانت: فيديو نفق حماس في رفح يؤكد أهداف الحرب التي يخوضها الجيش
  • البنتاغون: نقل إيران شحنات صواريخ باليستية إلى روسيا تطور مقلق
  • القنبلة الكهرومغناطيسية.. ما تأثير السلاح الذي تتطلع إليه إيران؟
  • «حماس»: مجزرة الاحتلال في خان يونس تؤكد مضي نتنياهو في العدوان على غزة
  • حماس: لن يرى الأسرى النور إن لم يُضغط على نتنياهو
  • حماس: إن لم يتم الضغط على نتنياهو وإلزامه بما تم الاتفاق عليه فلن ترى الرهائن النور
  • "ملك الدولار".. قصة العراقي الذي استغل المركزي الأمريكي لتحويل أموال إلى إيران
  • العمل العسكري ضد إيران.. خيار ردع أم مغامرة محفوفة بالمخاطر؟
  • كيف اختير السنوار رئيسا لحماس وما التغييرات التي شهدتها الحركة؟