لجريدة عمان:
2024-09-11@03:11:08 GMT

أمريكا وانتخاباتها المناخية

تاريخ النشر: 14th, August 2024 GMT

كل الانتخابات الرئاسية الأمريكية لا تـمر دون أن يترتب عليها عواقب مهمة، لكن الناخبين الأمريكيين يواجهون قرارًا خطيرًا إلى حد غير عادي في عام 2024. فسوف تؤثر نتيجة الانتخابات الرئاسية هذا العام على السياسة الخارجية، والسياسة الاجتماعية، وسلامة النظام السياسي ذاته في الولايات المتحدة. لكن أيا من عواقبها لن تكون أعمق أو أبعد مدى من تلك التي قد تخلفها على الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ.

أثناء رئاسته، سَـحَـب دونالد ترامب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ، في حين عادت الولايات المتحدة في عهد الرئيس جو بايدن إلى الانضمام إليها، وتعهد ترامب بالتوسع في إنتاج النفط والغاز، كما تعهدت حملته بأنه سيسحب الولايات المتحدة مرة أخرى من اتفاقية باريس إذا فاز بولاية ثانية.

في المقابل، دعمت نائبة الرئيس كامالا هاريس، المرشحة الديمقراطية للرئاسة، الصفقة الخضراء الجديدة، وهي خطة طموحة وضعها الكونجرس للتصدي لتغير المناخ، أثناء خدمتها في مجلس الشيوخ في عام 2019، وبصفتها المدعي العام لولاية كاليفورنيا، حققت في ممارسات صناعة النفط، وحصلت على تسوية من شركة تابعة لشركة بريتيش بتروليوم بسبب انفجار خزانات غاز تحت الأرض، فضلا عن توجيه اتهامات ضد مشغل خط أنابيب مقره تكساس بسبب تسرب نفطي ضار بالبيئة.

من الواضح أن مواقف المرشحين بشأن أزمة المناخ شديدة التباين، ولكن قد يتساءل المرء: ما هي الكارثة التي قد تترتب على سحب ترامب المنتخب حديثًا الولايات المتحدة من اتفاق باريس للمرة الثانية، إذا كان بوسع الرئيس القادم، كما فعل بايدن، العودة ببساطة إلى الانضمام إليه؟ في الواقع، يدرك مستشارو ترامب هذا الاحتمال. ويُـقال إنهم يعملون على صياغة أوامر تنفيذية من شأنها أن تُـخـرِج الولايات المتحدة ليس فقط من اتفاق باريس للمناخ بل أيضا من اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، التي تُـعَـد الأساس الذي بُـني عليه اتفاق باريس. ومن ثم فإن إبطال هذه الخطوة يتطلب موافقة مجلس الشيوخ الأمريكي. ولا يمكن اعتبار موافقة مجلس الشيوخ أمرا مفروغا منه، نظرًا لتمثيل ولايات غنية بالنفط والغاز بوفرة في هذا المجلس.

علاوة على ذلك، من شأن رئاسة ترامب أن تهدد اتفاقيات مناخ ثنائية أخرى، قائمة ومحتملة. في الوقت الحالي، أصبحت اتفاقية المناخ المحتملة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والتي تهدف إلى التوفيق بين الأساليب المختلفة التي ينتهجها كل من الاقتصادين في كبح جماح الانبعاثات الغازية المسببة للانحباس الحراري الكوكبي، في حالة جمود بسبب اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية.

جمع الاتحاد الأوروبي بين نظام تصاريح الحد الأقصى والمقايضة وآلية تعديل الكربون الحدودية (CBAM) - هي في واقع الأمر ضريبة تُـفـرَض على المحتوى الكربوني المكافئ في الواردات من البلدان التي تقاعست عن تحديد سعر مناسب للانبعاثات. ولأن مناقشة سعر الكربون أمر غير وارد في الكونجرس الأمريكي، فقد مضت إدارة بايدن بدلا من ذلك في تقديم إعانات الدعم للإنتاج المنخفض الكربون في صناعات الصلب والألمنيوم ومنتجات أخرى.

من غير المرجح أن يستمر ترمب في تقديم إعانات دعم صديقة للمناخ، ناهيك عن الاستمرار في المفاوضات. وعلى هذا فمن المنتظر أن يطبق الاتحاد الأوروبي آلية تعديل الكربون الحدودية على الصادرات الأمريكية بشكل كامل. وسوف تُـفـضي هذه الخطوة لا محالة إلى إجراء انتقامي من جانب الولايات المتحدة.

علاوة على ذلك، في أواخر العام الماضي، تفاوضت الولايات المتحدة والصين بنجاح على بيان سانيلاندز الذي يؤكد التزامهما بالعمل معا لمكافحة تغير المناخ. كان هذا الالتزام من قبل أكبر اقتصادين في العالم بالحد من الانبعاثات مرهونا، من جانب كل من الدولتين، باستعداد الأخرى للقيام بالمثل. من اللافت للنظر أن الصين وافقت لأول مرة على إضافة الغازات المسببة للانحباس الحراري الكوكبي غير الكربونية - بما في ذلك الميثان، وأكسيد النيتروز، والمركبات الهيدروفلوروكربونية المستخدمة في تصنيع مكيفات الهواء - إلى اتفاقياتها السابقة.

بالطبع، أصر ترامب على أن الصين «تخدع» شركاءها الدوليين. وإذا تراجعت الولايات المتحدة عن التزاماتها المناخية، فسوف يكون لدى الصين كل الحوافز للقيام بالمثل. وسوف تكون الرسوم الجمركية بنسبة 60% التي اقترح ترامب فرضها على جميع الواردات من الصين بمثابة مسمار آخر في نعش بيان سانيلاندز.

من ناحية أخرى، سوف تسعى هاريس إلى تنشيط هذه المفاوضات، على الأقل إذا كان لنا أن نسترشد بدعمها للصفقة الخضراء الجديدة. لكنها تستطيع أيضًا أن تفعل أكثر من ذلك. فبوسعها أن تثبت استقلالها عن الرئيس السابق لها بإزالة الرسوم الجمركية العقابية التي فرضها بايدن على الواردات من المركبات الكهربائية الصينية، وبطاريات الليثيوم أيون، والألواح الشمسية (التي تغطي أيضا المعدات الشمسية الـمُـنـتَـجة بواسطة شركات صينية في ماليزيا، وكمبوديا، وتايلاند، وفيتنام).

تستند هذه الرسوم الجمركية إلى مبررات شَـتّـى. فهي تؤمن سلاسل التوريد المحلية. وهي تعوض عن الإعانات غير العادلة والإغراق من جانب الصين. وهي تمنح المصانع الأمريكية الوقت الكافي للتحرك إلى مستوى أدنى على منحنى التعلم الإنتاجي وخفض التكاليف في صناعات رئيسية كانت لتخضع لولا هذه الرسوم لهيمنة منافس استراتيجي.

وهي تَـعِـد بالأمل في خلق وظائف تصنيع إضافية. الحق أنها أهداف نبيلة. لكنها تأتي على حساب إعاقة التكيف مع تغير المناخ وتخفيف الانبعاثات. الواقع أن منع المركبات الكهربائية الصينية الاقتصادية يشجع سائقي السيارات في الولايات المتحدة على التمسك بمحركات الاحتراق الداخلي. كما أن فرض الضرائب على الألواح الشمسية الصينية يثبط من إقبال الأسر الأمريكية على تركيب ألواح خفيفة قابلة للتشغيل الفوري على شرفاتها، كما يفعل الألمان.

وعلى هذا فإن الرئيسة هاريس ستواجه معضلة. فسوف يكون لزاما عليها أن تقرر ما إذا كانت لتعطي الأولوية لوظائف التصنيع المحلية والاستقلال الاقتصادي عن الصين على مكافحة تغير المناخ. لا مفر من المقايضة. لكن هذا هو النوع من الأسئلة التي يُنتَـخَب الرؤساء ليبتوا فيها.

باري آيكنجرين أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، وهو مؤلف العديد من الكتب، بما في ذلك في الدفاع عن الدين العام.

خدمة بروجيكت سنديكيت

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة تغیر المناخ التی ت

إقرأ أيضاً:

عاجل - ترامب في المناظرة الرئاسية: فوز هاريس سينهي أمريكا

استمر المرشح الجمهوري دونالد ترامب، خلال المناظرة الرئاسية، في استفزاز المرشحة الديمقراطية، والهجوم عليها، قائلًا إن فوزها سيُنهي الولايات المتحدة ويجعلها شبيهة بفنزويلا.

مشاهدة بث مباشر مناظرة ترامب ضد هاريس

وانطلقت فجر اليوم، المناظرة الرئاسية الأمريكية بين بين المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، والجمهوري دونالد ترامب، وذلك في تمام الساعة التاسعة بالتوقيت المحلي للولايات المتحدة، والرابعة فجرًا بتوقيت القاهرة.

ويمكن مشاهدة المناظرة بالكامل على الهواء مباشرة من خلال قناة القاهرة الإخبارية في الفيديو التالي:

مناظرة "ترامب" و"هاريس" ومقعد البيت الأبيض

ويحاول المرشحان دونالد ترامب وكامالا هاريس كسب المناظرة وسط تقارب كبير في استطلاعات الرأي بين المرشحين، وستحدد المناظرة بشكل كبير الفائز بمقعد البيت الأبيض.

مقالات مشابهة

  • عاجل - ترامب عن إدارة بايدن وهاريس: دمرت الاقتصاد والأسوأ في الولايات المتحدة
  • عاجل - هاريس: حرب أفغانستان كلّفت الولايات المتحدة الكثير وأؤيد قرار بايدن في الانسحاب
  • «ترامب»: أمريكا تتجه نحو "حرب عالمية ثالثة " نتيجة للسياسات الحالية
  • ترامب: الولايات المتحدة فقدت هويتها في عهد إدارة بايدن
  • ترامب: فوز هاريس سيقود لحرب عالمية ثالثة.. وسيجعل أمريكا مثل فنزويلا
  • عاجل - ترامب في المناظرة الرئاسية: فوز هاريس سينهي أمريكا
  • ماسك يحذر من إفلاس الولايات المتحدة الأمريكية
  • مناقشة التزام عُمان بتعهداتها المناخية في حلقة عمل فنية
  • ميدفيديف: العقوبات على روسيا باقية حتى تنهار الولايات المتحدة.. والحرب الأهلية وشيكة
  • رئيس مركز معلومات المناخ: القطاع الزراعي الأكثر تأثراً بالتغيرات المناخية