لجريدة عمان:
2024-11-24@22:49:15 GMT

أمريكا وانتخاباتها المناخية

تاريخ النشر: 14th, August 2024 GMT

كل الانتخابات الرئاسية الأمريكية لا تـمر دون أن يترتب عليها عواقب مهمة، لكن الناخبين الأمريكيين يواجهون قرارًا خطيرًا إلى حد غير عادي في عام 2024. فسوف تؤثر نتيجة الانتخابات الرئاسية هذا العام على السياسة الخارجية، والسياسة الاجتماعية، وسلامة النظام السياسي ذاته في الولايات المتحدة. لكن أيا من عواقبها لن تكون أعمق أو أبعد مدى من تلك التي قد تخلفها على الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ.

أثناء رئاسته، سَـحَـب دونالد ترامب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ، في حين عادت الولايات المتحدة في عهد الرئيس جو بايدن إلى الانضمام إليها، وتعهد ترامب بالتوسع في إنتاج النفط والغاز، كما تعهدت حملته بأنه سيسحب الولايات المتحدة مرة أخرى من اتفاقية باريس إذا فاز بولاية ثانية.

في المقابل، دعمت نائبة الرئيس كامالا هاريس، المرشحة الديمقراطية للرئاسة، الصفقة الخضراء الجديدة، وهي خطة طموحة وضعها الكونجرس للتصدي لتغير المناخ، أثناء خدمتها في مجلس الشيوخ في عام 2019، وبصفتها المدعي العام لولاية كاليفورنيا، حققت في ممارسات صناعة النفط، وحصلت على تسوية من شركة تابعة لشركة بريتيش بتروليوم بسبب انفجار خزانات غاز تحت الأرض، فضلا عن توجيه اتهامات ضد مشغل خط أنابيب مقره تكساس بسبب تسرب نفطي ضار بالبيئة.

من الواضح أن مواقف المرشحين بشأن أزمة المناخ شديدة التباين، ولكن قد يتساءل المرء: ما هي الكارثة التي قد تترتب على سحب ترامب المنتخب حديثًا الولايات المتحدة من اتفاق باريس للمرة الثانية، إذا كان بوسع الرئيس القادم، كما فعل بايدن، العودة ببساطة إلى الانضمام إليه؟ في الواقع، يدرك مستشارو ترامب هذا الاحتمال. ويُـقال إنهم يعملون على صياغة أوامر تنفيذية من شأنها أن تُـخـرِج الولايات المتحدة ليس فقط من اتفاق باريس للمناخ بل أيضا من اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، التي تُـعَـد الأساس الذي بُـني عليه اتفاق باريس. ومن ثم فإن إبطال هذه الخطوة يتطلب موافقة مجلس الشيوخ الأمريكي. ولا يمكن اعتبار موافقة مجلس الشيوخ أمرا مفروغا منه، نظرًا لتمثيل ولايات غنية بالنفط والغاز بوفرة في هذا المجلس.

علاوة على ذلك، من شأن رئاسة ترامب أن تهدد اتفاقيات مناخ ثنائية أخرى، قائمة ومحتملة. في الوقت الحالي، أصبحت اتفاقية المناخ المحتملة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والتي تهدف إلى التوفيق بين الأساليب المختلفة التي ينتهجها كل من الاقتصادين في كبح جماح الانبعاثات الغازية المسببة للانحباس الحراري الكوكبي، في حالة جمود بسبب اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية.

جمع الاتحاد الأوروبي بين نظام تصاريح الحد الأقصى والمقايضة وآلية تعديل الكربون الحدودية (CBAM) - هي في واقع الأمر ضريبة تُـفـرَض على المحتوى الكربوني المكافئ في الواردات من البلدان التي تقاعست عن تحديد سعر مناسب للانبعاثات. ولأن مناقشة سعر الكربون أمر غير وارد في الكونجرس الأمريكي، فقد مضت إدارة بايدن بدلا من ذلك في تقديم إعانات الدعم للإنتاج المنخفض الكربون في صناعات الصلب والألمنيوم ومنتجات أخرى.

من غير المرجح أن يستمر ترمب في تقديم إعانات دعم صديقة للمناخ، ناهيك عن الاستمرار في المفاوضات. وعلى هذا فمن المنتظر أن يطبق الاتحاد الأوروبي آلية تعديل الكربون الحدودية على الصادرات الأمريكية بشكل كامل. وسوف تُـفـضي هذه الخطوة لا محالة إلى إجراء انتقامي من جانب الولايات المتحدة.

علاوة على ذلك، في أواخر العام الماضي، تفاوضت الولايات المتحدة والصين بنجاح على بيان سانيلاندز الذي يؤكد التزامهما بالعمل معا لمكافحة تغير المناخ. كان هذا الالتزام من قبل أكبر اقتصادين في العالم بالحد من الانبعاثات مرهونا، من جانب كل من الدولتين، باستعداد الأخرى للقيام بالمثل. من اللافت للنظر أن الصين وافقت لأول مرة على إضافة الغازات المسببة للانحباس الحراري الكوكبي غير الكربونية - بما في ذلك الميثان، وأكسيد النيتروز، والمركبات الهيدروفلوروكربونية المستخدمة في تصنيع مكيفات الهواء - إلى اتفاقياتها السابقة.

بالطبع، أصر ترامب على أن الصين «تخدع» شركاءها الدوليين. وإذا تراجعت الولايات المتحدة عن التزاماتها المناخية، فسوف يكون لدى الصين كل الحوافز للقيام بالمثل. وسوف تكون الرسوم الجمركية بنسبة 60% التي اقترح ترامب فرضها على جميع الواردات من الصين بمثابة مسمار آخر في نعش بيان سانيلاندز.

من ناحية أخرى، سوف تسعى هاريس إلى تنشيط هذه المفاوضات، على الأقل إذا كان لنا أن نسترشد بدعمها للصفقة الخضراء الجديدة. لكنها تستطيع أيضًا أن تفعل أكثر من ذلك. فبوسعها أن تثبت استقلالها عن الرئيس السابق لها بإزالة الرسوم الجمركية العقابية التي فرضها بايدن على الواردات من المركبات الكهربائية الصينية، وبطاريات الليثيوم أيون، والألواح الشمسية (التي تغطي أيضا المعدات الشمسية الـمُـنـتَـجة بواسطة شركات صينية في ماليزيا، وكمبوديا، وتايلاند، وفيتنام).

تستند هذه الرسوم الجمركية إلى مبررات شَـتّـى. فهي تؤمن سلاسل التوريد المحلية. وهي تعوض عن الإعانات غير العادلة والإغراق من جانب الصين. وهي تمنح المصانع الأمريكية الوقت الكافي للتحرك إلى مستوى أدنى على منحنى التعلم الإنتاجي وخفض التكاليف في صناعات رئيسية كانت لتخضع لولا هذه الرسوم لهيمنة منافس استراتيجي.

وهي تَـعِـد بالأمل في خلق وظائف تصنيع إضافية. الحق أنها أهداف نبيلة. لكنها تأتي على حساب إعاقة التكيف مع تغير المناخ وتخفيف الانبعاثات. الواقع أن منع المركبات الكهربائية الصينية الاقتصادية يشجع سائقي السيارات في الولايات المتحدة على التمسك بمحركات الاحتراق الداخلي. كما أن فرض الضرائب على الألواح الشمسية الصينية يثبط من إقبال الأسر الأمريكية على تركيب ألواح خفيفة قابلة للتشغيل الفوري على شرفاتها، كما يفعل الألمان.

وعلى هذا فإن الرئيسة هاريس ستواجه معضلة. فسوف يكون لزاما عليها أن تقرر ما إذا كانت لتعطي الأولوية لوظائف التصنيع المحلية والاستقلال الاقتصادي عن الصين على مكافحة تغير المناخ. لا مفر من المقايضة. لكن هذا هو النوع من الأسئلة التي يُنتَـخَب الرؤساء ليبتوا فيها.

باري آيكنجرين أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، وهو مؤلف العديد من الكتب، بما في ذلك في الدفاع عن الدين العام.

خدمة بروجيكت سنديكيت

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة تغیر المناخ التی ت

إقرأ أيضاً:

جانيت نشيوات.. طبيبة أردنية الأصل مرشحة لمنصب جراح الولايات المتحدة

طبيبة أسرة ووجه تلفزيوني. ولدت بين خمسة أبناء لأبوين مهاجرين أردنيين مسيحيين، وهي شقيقة جوليا نشيوات التي سبق وشغلت منصب مستشار الأمن الداخلي في إدارة الرئيس دونالد ترامب من 2020 إلى 2021.

إنها جانيت نشيوات، التي رشحها الرئيس المنتخب ترامب لشغل منصب "جراح عام" الولايات المتحدة في إدارته الجديدة.

ويتولى مَنْ يشغل منصب الجراح العام مهمة التحدث الرسمي بشأن قضايا الصحة العامة في البلاد، كما يلعب دورا محوريا في تقديم التوصيات بشأن الوقاية من الأمراض وكيفية التعامل مع حالات الطوارئ الصحية العامة، وبينها ما يتعلق بالأوبئة والكوارث الطبيعية.

وعن سبب اختياره لها، قال ترامب في بيان إن "الدكتورة نشيوات مدافعة شرسة ومحاورة قوية في مجال الطب الوقائي والصحة العامة."

من هي نشيوات؟

ونشيوات، التي ولدت قبل 48 عاما في بلدة كارمل بولاية نيويورك، انتقلت وعائلتها في عام 1982 إلى أوماتيلا، بولاية فلوريدا.

تخرجت من كلية الطب بالجامعة الأميركية لمنطقة البحر الكاريبي في جزيرة سانت مارتن التابعة لهولندا.

ثم أكملت الطبيبة برنامج الإقامة في طب الأسرة في جامعة ولاية أركنساس للعلوم الطبية في عام 2009.

وبحسب ترامب، تلتزم جانيت نشيوات في منصبها الجديد بـ"ضمان حصول الأميركيين على رعاية صحية جيدة وبأسعار معقولة".

وتظهر نشيوات بشكل دائم على شبكة "فوكس نيوز" الداعمة للحزب الجمهوري، مقدمة النصائح والاستشارات الطبية. 

كما تدير شبكة من مراكز الرعاية العاجلة في نيويورك ونيوجيرسي، ولها علامة تجارية خاصة بإنتاج المكملات الغذائية والفيتامينات".

Name that dish. #thanksgiving

Posted by Dr. Janette Nesheiwat on Thursday, November 23, 2023

وأشاد ترامب بعمل نشيوات "في الخطوط الأمامية في مدينة نيويورك" أثناء وباء كورونا، وعملها  خلال الكوارث الطبيعية مثل إعصار كاترينا وأعاصير جوبلين.

وخلال ظهورها على قناة "فوكس نيوز"، أكدت طبيبة العائلة فوائد التطعيم ضد كوفيد 19 والأمراض المعدية الأخرى.

كما أصدرت كتابا تحت عنوان "ما وراء سماعة الطبيب: معجزات في الطب".

والكتاب هو "مذكرات مسيحية تنبض بالحياة"، كما تصفه جانيت نشيوات على موقعها الرسمي، وتروي فيه تجاربها أثناء الوباء وبعده.

وكغيرها ممن اختارهم الرئيس المنتخب لشغل المناصب العليا في إدارته، يحتاج تعيين نشيوات في منصب الجراح العام موافقة الكونغرس.

جراح الولايات المتحدة

وأصبح المسمى الوظيفي جزءا من الثقافة الأميركية عام 1965، عندما طُلب من صانعي السجائر وضع ملصق على العبوات يحمل تحذير من الجراح العام من أن التدخين خطر على الصحة.

وتعد مهارات الاتصال مهمة لشغل هذه الوظيفة المطلوب فيها الترويج للثقافة الصحية، حيث توفر معلومات حول كيفية تحسين الصحة وتقليل مخاطر الإصابة بالمرض.

واكتسب الجراح العام السابق إيفريت كوب، الذي شغل المنصب من عام 1982 إلى عام 1989، شهرة لسعيه إلى كسر وصمة العار حول الحديث عن الإيدز في وقت تعرض فيه الرئيس الذي عينه حينها، رونالد ريغان، لانتقادات بسبب التقليل من شأن المرض.

مقالات مشابهة

  • ترامب في عالم أمريكا الجديد.. مؤشراتُ الانكفاء والبحث عن ذات أمريكا الضائع
  • جانيت نشيوات.. طبيبة أردنية الأصل مرشحة لمنصب جراح الولايات المتحدة
  • سياسة ترامب الخارجية ستُسرِّع مساعي الصين لقيادة العالم
  • من هي الأردنية مرشحة ترامب لمنصب جراح الولايات المتحدة؟
  • عبد المنعم سعيد: المرحلة الأولى من حكم ترامب ستتركز على الولايات المتحدة
  • عبد المنعم سعيد: تركيزالمرحلة الأولى من حكم ترامب على الولايات المتحدة
  • عبدالمنعم سعيد: المرحلة الأولى من حكم ترامب ستتركز على الولايات المتحدة
  • الأمين العام للناتو يلتقي ترامب في الولايات المتحدة
  • روته التقى ترامب في الولايات المتحدة
  • الصين:مستعدون للحوار مع الولايات المتحدة لدفع التجارة الثنائية للإمام