حزب المؤتمر: الشراكة بين مصر والصومال تعزز الاستقرار في القرن الإفريقي
تاريخ النشر: 14th, August 2024 GMT
قال اللواء الدكتور رضا فرحات، نائب رئيس حزب المؤتمر، إن زيارة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود إلى مصر تجسد الدور المحوري الذي تلعبه الدولة المصرية في القارة الإفريقية، مشيرا إلى أن التنسيق والتعاون بين القاهرة ومقديشو يحمل أبعادا استراتيجية تتجاوز العلاقات الثنائية لتشمل استقرار وأمن منطقة القرن الإفريقي بأكملها.
وأضاف فرحات، بأن العلاقات المصرية الصومالية تمتد لعقود طويلة من التعاون والدعم المتبادل، حيث كانت مصر دائمًا تقف إلى جانب الصومال في أوقات الأزمات وتسهم في دعم استقراره وهذه العلاقة ليست مجرد تواصل دبلوماسي تقليدي، بل هي شراكة استراتيجية تهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة القرن الإفريقي.
وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن مصر تدرك جيدا الأهمية الجيوسياسية لمنطقة القرن الإفريقي، و التي تعد منطقة محورية في معادلات الأمن الإقليمي والدولي، لما لها من تأثير مباشر على خطوط الملاحة البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن لافتا إلى أن حماية القرن الإفريقي أصبحت ضرورة ملحة للحفاظ على أمن وسلامة المنطقة، ولذلك تسعى مصر إلى تعزيز علاقاتها مع دول المنطقة، وخاصة الصومال، لتأكيد دورها الريادي في دعم الاستقرار الأمني والسياسي للمنطقة.
العلاقات المصرية الصومالية نموذج للتعاون الاستراتيجي في المنطقةوأكد «فرحات»، أن التعاون مع الصومال يتسم بأبعاد متعددة تشمل الجوانب الاقتصادية، الأمنية، والسياسية مشيرا إلى أن الصومال عانى طويلا من ويلات الحروب والصراعات الداخلية، وهو بحاجة ماسة إلى دعم مستمر من دول شقيقة مثل مصر لتجاوز التحديات الأمنية وبناء مؤسسات الدولة وفي هذا السياق، تعمل مصر على تقديم كافة أشكال الدعم الممكنة، بدءا من تدريب الكوادر الأمنية الصومالية وصولا إلى تقديم الدعم الفني في مجالات التنمية والبنية التحتية.
وذكر نائب رئيس الحزب أن العلاقات المصرية الصومالية تعد نموذجا للعلاقات البناءة التي تستند إلى المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، مؤكدا أن هذه العلاقات من شأنها أن تفتح آفاقا جديدة للتعاون في مجالات متعددة، مما يعزز من قدرة البلدين على مواجهة التحديات المشتركة وتحقيق التنمية المستدامة لشعوب البلدين.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: رضا فرحات الرئيس الصومالي العلاقات المصرية الصومالية الجوانب الاقتصادية القرن الإفریقی إلى أن
إقرأ أيضاً:
عن الاستشراق ونقده وتطوره (1- 2)
د. هيثم مزاحم**
الاستشراق يعني معرفة الشرق، وهي ترجمة لمصطلح Orientalism في اللغة الانجليزية. وشاع مصطلح استشراق ومستشرق Orientalist للدلالة على معرفة الأشياء المتعلقة بالشرق.
لقد استعمل مصطلح مستشرق للمرة الأولى في مستهل عام 1766، حيث ورد في موسوعة لاتينية للتعريف بالأب بولينوس، وطبقًا لبعض المؤلفين تعود بداية استعمال هذه المفردة في انجلترا إلى العام 1780 تقريبًا. ومن ثم انتقل هذا المصطلح إلى اللغة الفرنسية عام 1799، ودخل إلى معجم أكسفورد عام 1812 وظهر عام 1838 في معجم الأكاديمية الفرنسية.
ارتكز معجم أكسفورد في تعريف الاستشراق على الرقعة الجغرافية للشرق الأقصى فقط، فجاء في تعريف المستشرق: إنه الفرد الياباني أو الصيني. ثم توسع التعريف ليشمل جميع الأقطار الواقعة في شرق الأرض وآسيا، بوصفها رقعة لدراسة الغرب للشرق.
أما رقعة الجغرافية الدينية للاستشراق فشملت المستشرقين الذين قاموا بدراساتهم منطلقين بدوافع دينية تبشيرية نصرانية أو يهودية، أو دوافع استعمارية، وحصروا الرقعة الجغرافية للاستشراق في حدود الأقطار الإسلامية فقط.
عرّف المستشرق الكبير ماكسيم رودنسن الاستشراق بأنه "اتجاه علمي لدراسة الشرق الإسلامي وحضارته".
تنوعت اهتمامات المستشرقين من المعلومات الجغرافية والتاريخية عن الشرق ووصف المدن والقرى في كل قطر وجباله، وأنهاره وبحاره، وأنواع الزراعة والصناعة، والمعادن، والثروات. كما اشتملت دراساتهم على اللغات والفنون والأداب والحضارات والأديان في البلدان الشرقية. بل إن عددًا كبيرًا من المستشرقين - منذ بدايات الاستشراق - قد ركزوا أبحاثهم على معرفة الإسلام ودراسة علوم القرآن والسنة وسيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم والخلفاء والأئمة، والمذاهب الإسلامية.
الاهتمام الأوروبي بالدراسات الإسلامية والعربية
بدأ الاهتمام الأوروبي بالدراسات الإسلامية والعربية في القرن الحادي عشر ميلادي إثر الحملات الصليبية على العالم الإسلامي (1096 – 1143م) حيث صدرت أول ترجمة لاتينية للقرآن في العام 1143م (ترجمة روبرتوس) حيث كانت بداية الترجمات من اللغة العربية إلى اللاتينية واللغات الأوروبية تهدف الى خدمة الطموحات التبشيرية المسيحية من جهة، ونقل التراث الإسلامي واليوناني في الفلسفة والعلوم الطبيعية والرياضيات والفلك والطب إلى أوروبا من جهة أخرى. وبدأت الدراسة الجادة للغة العربية في أوروبا وبلغت ذروة ازدهارها في إسبانيا أيام تيار الإنسانية الإسباني المبكر، وقدمت الحرف المطبعي العربي في مطبعة العالم التي أسسها فيرويناند فون ميديشي، في ثمانينات القرن السادس عشر ميلادي، حيث طبع كتاب «القانون» لإبن سينا كأول كتاب بالأحرف العربية، وتوالت بعده طباعة الكتب العربية.
وكانت هذه الترجمة اللاتينية للقرآن ضعيفة وغير أمينة واعتمدت لأسباب تبشيرية ولم تنشر إلا بعد أربعة قرون حيث بقي مضمون القرآن مجهولًا في أوروبا لقرون طويلة إلى أن جاءت ترجمة كيتينيسيس. وطُبعت ترجمة روبرتوس بعد انقضاء أربعة قرون ومنها خرجت أول ترجمة إيطالية للقرآن (أريفابيني في سنة 1547م) وتوالت الترجمات إلى اللغات الأوروبية الأخرى، ففي سنة 1616 ترجم القرآن إلى الألمانية عن الإيطالية ونقل من الألمانية إلى الهولندية سنة 1614. ولم تتوارَ ترجمة روبرتوس عن الأنظار إلا بعد ظهور النسخة الإيطالية التي ترجمها ماراتشي سنة 1698 والتي تميزت بالدقة والأمانة.
كان للاهتمام الذي أولته حركة الإصلاح الديني في أوروبا لدراسة الكتاب المقدس بلغاته الشرقية أثره الإيجابي على الدراسات العربية أيضًا، لكن الأهداف السياسية والاقتصادية الأوروبية في صراعاتها وعلاقاتها مع العالم الإسلامي كانت العامل الأكبر في إذكاء الاهتمام باللغة العربية، حيث وضع المعجم العربي الذي لم يكتمل في القرن الثاني عشر ميلادي والذي يعتقد أن أحد الرهبان قد وضعه ليكون عونًا في عمليات التبشير.
وانتزعت هولندا زمام المبادرة في الدراسات العربية مع بداية القرن السابع عشر لمدة تقارب القرنين. فقد عرف الهولنديون أهمية الاستشراق نتيجة توسع تجارة بلادهم مع الهند ولمسوا فوائد معرفة اللغات الشرقية ومنها العربية حيث قام توماس اربنيوس بدراسة العربية والتعمق فيها حتى تمكن من وضع مختصر لقواعد اللغة العربية في إطار منهجي منظم سنة 1597. وفي عام 1617 ترجم ونشر كتاب «الجرومية والمائة عامل» للجرجاني.
وفي روما أيضًا تواصلت العناية باللغة العربية تمشيًا مع تطلعات الكنيسة حيث نشر كتاب الراهب الفرنسيسكاني مورتيلوتوس كتابه الجامع المسمّى «قواعد اللغة العربية»، حيث ناقش للمرة الأولى قواعد العربية في شكل مفصّل.
وفي انكلترا كذلك جرت مزاولة العربية لهدف لاهوتي بداية حيث نشر جوهن سيلدان مقطعًا من تاريخ ابن البطريق حول منشأ الكنيسة الاسكندرانية في سنة 1642. وتوالت بعده الترجمات للكثير من الكتب العربية على أيدي المستشرقين الإنكليز، خصوصًا المستشرق إدوارد بوكوكيوس (1604 – 1691) وكاستيليوس (1606 – 1674). ففي العام 1650 طبع أول كتاب بأحرف عربية في أوكسفورد وهو «لمع من أخبار العرب». وفي سنة 1655 أصدر بوكوكيوس فصولًا عدة من شروح المشنا (شروح التوراة) لابن ميمون بالعربية وترجمه باللاتينية.
أما في ألمانيا فكان الاهتمام باللغة العربية خلال القرن السابع عشر أقل بكثير مما كان عليه في هولندا أو إيطاليا أو فرنسا أو إنكلترا، وكان المهتمون من رجال اللاهوت في الغالب.
وبعد نجاح الثورة الفرنسية سنة 1789، انتزعت فرنسا الريادة في مجال الدراسات العربية، لأهداف استعمارية لفهم العالم العربي قبل غزوه وبعده. وقد بزغ مهد تيار التاريخانية ذاك في فرنسا على يد سلفستر دي ساسي (1758 – 1838) الذي تولى إدارة مدرسة اللغات الشرقية الحية التي أسستها الثورة الفرنسية سنة 1795 لمنافسة الجامعات البريطانية في عمليات الصراع على الشرق.
بدايات الاستشراق
يرى بعض الباحثين المسلمين أنه على الرغم من بدايات الاهتمام بالقرآن والإسلام في أوروبا منذ القرن الثاني عشر ميلادي، حين تمت ترجمة القرآن للمرة الأولى إلى اللاتينية بتوجيه من بطرس المبجّل رئيس ديركلوني، إلا أنه لا يمكن اعتبارها بدايات الاستشراق، لأن هذه الجهود، ومنها إنشاء مدارس للغة العربية بأوامر كنسية في القرن الثالث عشر، لم تكن مقاصدها معرفية بل تبشيرية. إذ أن الأوروبيين، غير اللاهوتيين، ما عرفوا أشياء محددة عن الإسلام الثقافي، من دون أغراض الجدال اللاهوتي المسيحي – الإسلامي، إلا بعد قيام الفرنسي أنطوان غالان (1646– 1715) بترجمة حكايات «ألف ليلة وليلة» وهي التي سحرت الكثير من المثقفين الأوروبيين، خصوصًا في القرن الثامن عشر عصر الرومانسية الأوروبية. فقد عرف هذا القرن تيارين ثقافيين كبيرين ومستقلين في الوقت نفسه هما تيار الرومانسية وتيار التاريخانية الأكاديمية. وكان رائد الرومانسية الشاعر الألماني الكبير فولفغانغ غوته الذي أصيب بسحر الشرق، متأثرًا بترجمة غالان لحكايات «ألف ليلة وليلة» وبترجمة لأشعار الشاعر الفارسي الكبير حافظ الشيرازي. غير أن تيار التاريخانية في ألمانيا وفرنسا وهولندا هو الذي بلور المعالم الأولى للاستشراق على مشارف القرن التاسع عشر.
يقول المستشرق يوهان فوك عن دوافع الاستشراق: "عندما يعمد الغرب إلى التعرّف على الشرق، «الاستشراق»، بدافع استعادة المستعمرات وإعادة التمدّد المسيحي، فمن الطبيعي أن لا تكون دراسته هذه واقعية أو حيادية. وإنما الهدف والغاية منها هي العثور على الخواصر الرخوة في الشرق، ومن الطبيعي أن لا تكون هذه الغاية علمية ولا واقعية. وفي مثل هذه الظروف المتشنّجة لن تقوم معرفة كلّ واحد من الفريقين للآخر دقيقة ولا حقيقية .. لقد كان الدافع التبشيري وتنصير المجتمعات الشرقية أهم عنصر لترجمة القرآن والكتب العربية".
نقد الاستشراق
تعرّض الاستشراق لحملات نقدية واسعة في القرن العشرين، بدأها عمر فروخ في كتابه (مع مصطفى الخالدي)"التبشير والاستعمار"، ومحمد البهي في كتابه "الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي"، في الخمسينيات من القرن الماضي، ثم تابعها أنور عبدالملك عام 1963 في مقالة شهيرة بعنوان "الاستشراق في أزمة"، ومن بعده كتب عبدالله العروي كتاب "الآيديولوجية العربية المعاصرة" الذي حمل فيه على المستشرق غوستاف فون غرينباوم في منتصف ستينيات القرن العشرين. وفي سبعينيات القرن الماضي نُشر كتيب لماكس تيرنر بعنوان "ماركس ونهاية الاستشراق" لينتقد الاستشراق باعتباره أحد آيديولوجيات الاستعمار وأدواته.
وجاءت دراسة إدوارد سعيد الشهيرة «الاستشراق» في العام 1978 لتشن حملة قاسية على الاستشراق باعتباره «مؤسسة استعمارية»، إذ عرّفه بأنه «المؤسسة المشتركة للتعامل مع الشرق – التعامل معه بإصدار تقريرات حوله، وإجازة الآراء فيه وإقرارها، وبوصفه، وتدريسه، والاستقرار فيه، وحكمه: وبإيجاز، الاستشراق كأسلوب غربي للسيطرة على الشرق، وامتلاك السيادة عليه». فالاستشراق على حدّ قوله هو "الفرع المنظم تنظيمًا عالميًا الذي استطاعت الثقافة الغربية من طريقه أن تتدبّر الشرق – بل حتى أن تنتجه – سياسيًا، واجتماعيًا، وعسكريًا، وعقائديًا، وعلميًا، وتخيليًا، في مرحلة ما بعد (عصر) التنوير".
** رئيس مركز الدراسات الآسيوية والصينية- لبنان
رابط مختصر