مسؤول أممي يصف المعاناة في السودان بين النزوح والمجاعة
تاريخ النشر: 14th, August 2024 GMT
قال مسؤول أممي، إن خمسة ملايين طفل سوداني أجبروا على الفرار من منازلهم بمعدل مذهل يبلغ 10.000 فتاة وفتى نازح في كل يوم.
التغيير: وكالات
قال المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، جيمس إلدر إن الأزمة الإنسانية التي يعيشها الأطفال في السودان هي الأكبر من حيث الأرقام ووصفها بأنها “أزمة إهمال”.
وأضاف أنه من خلال غض الطرف عن السودان وتجاهل المعاناة الهائلة هناك، تواصل الأطراف المتحاربة والمجتمع الدولي سابقة خطيرة من عدم الاكتراث العالمي تجاه الأطفال.
إلدر كان يتحدث عبر الفيديو من السودان، في المؤتمر الصحفي لوكالات الأمم المتحدة في جنيف، حيث قال: “تحدثت بالأمس مع عاملة طبية كبيرة أطلعتني على حجم العنف الجنسي خلال هذه الحرب. وأوضحت أنها كانت على اتصال مباشر بمئات النساء والفتيات، بعضهن في سن الثامنة، اللاتي تعرضن للاغتصاب. واحتُجز العديد منهن لأسابيع متواصلة. كما تحدثت عن العدد المحزن من الأطفال المولودين بعد الاغتصاب، الذين يتم التخلي عنهم”.
وقدم المسؤول الأممي صورة أخرى عن فريق كرة قدم محلي من الصبيان كان يلعب في أحد الأماكن الصديقة للأطفال التابعة لليونيسف في ولاية الخرطوم عندما سقطت قذيفة على ملعب كرة القدم، مما أسفر عن مقتل اثنين منهم، بينما أصيب الفريق بأكمله تقريبا.
وقال إلدر: “التقيت بهؤلاء الأطفال، سواء في المستشفى أو في أحد الأماكن الصديقة للأطفال التابعة لليونيسف. إنهم في حالة من الذهول”.
جيمس إلدر الخوف الأكبروأفاد المتحدث باسم اليونيسف بأن خمسة ملايين طفل أجبروا على الفرار من منازلهم بمعدل مذهل يبلغ 10,000 فتاة وفتى نازح في كل يوم، مما يجعل السودان أكبر أزمة نزوح للأطفال في العالم، واضطر العديد منهم إلى القيام بذلك عدة مرات.
وأشار إلى الإعلان عن تفشي المجاعة في مخيم زمزم في ولاية شمال دارفور، مشددا على أنه “بدون اتخاذ أي إجراء، قد يموت عشرات الآلاف من الأطفال السودانيين خلال الأشهر المقبلة”.
وقال إلدر كذلك: “إن الأمراض هي خوفنا الأكبر. وإذا تفشت الحصبة، أو الإسهال أو التهابات الجهاز التنفسي – مع الأخذ في الاعتبار أنه في ظل الظروف المعيشية الحالية، ومع هطول الأمطار الغزيرة والفيضانات، تنتشر هذه الأمراض مثل النار في الهشيم – فإن التوقعات المفزعة للأطفال في السودان سوف تتفاقم بشكل كبير”.
ولفت إلى أن أطفال السودان وعائلاتهم يحتاجون بشكل عاجل إلى وصول إنساني آمن ودون عوائق باستخدام جميع الطرق، عبر خطوط الصراع، واحترام القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، وزيادة هائلة في تمويل المانحين، ووقف فوري لإطلاق النار.
صراع وحشيوتحدث في المؤتمر كذلك رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في السودان، محمد رفعت الذي قال إن الصراع في السودان “وحشي بشكل مروع”، واتسم بالاستهداف العرقي للمدنيين والمذابح المفزعة.
وأشار إلى أن “الشعب السوداني يواجه أزمة تلو الأخرى، ولا نهاية تلوح في الأفق. كل يوم – ويبدو الأمر وكأنه كل ساعة تقريبا – يزداد الوضع سوءا في السودان”.
ونبه إلى أنه في السودان، لا يوجد منتصرون في هذه الحرب، وأنه في كل يوم، يتحمل الشعب السوداني وطأة هذا الصراع، حيث “يتم اقتلاع الأسر من جذورها؛ وتُحطَم مجتمعات بأكملها. وحولت مياه الفيضانات المنازل إلى أنقاض، وحول العنف الأحياء إلى مقابر”.
وأفاد رفعت بأن واحدا من كل خمسة أشخاص صار نازحا داخليا، وأن أكثر من نصف هؤلاء من الأطفال.
جوع ينتشروتطرق المسؤول الأممي كذلك إلى الجوع الذي وصل إلى مستويات كارثية، حيث يعيش جميع النازحين تقريبا في جميع أنحاء السودان أي نحو 97 في المائة منهم، في مناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي الحاد أو ما هو أسوأ.
وأفاد بأنه خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، “من المتوقع أن يواجه ما يقدر بنحو 25.6 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي الشديد مع انتشار الصراع واستنفاد آليات التكيف”.
وقال إن مزيج انعدام الأمن الغذائي والنزوح المستمر، من المرجح أن يؤدي إلى مزيد من التنقل عبر الحدود، مضيفا أن 84 في المائة من اللاجئين السودانيين في تشاد قالوا إن انعدام الأمن الغذائي كان السبب الرئيسي لتنقلهم.
وأشار كذلك إلى تأثير الفيضانات والأمطار الغزيرة التي تسبب المزيد من المعاناة للمجتمعات الضعيفة بالفعل بسبب الصراع المستمر، حيث تأثر أكثر من 73,000 شخص في 11 ولاية من ولايات السودان الـ18 منذ يونيو.
ولفت إلى أن القيود المفروضة على الوصول الإنساني، حدت بشدة من قدرة منظمات الإغاثة على توسيع نطاق عملها وإنقاذ الأرواح، وخاصة خلال موسم الأمطار الحالي.
شعب يستحق السلاموحذر رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في السودان من أنه “بدون استجابة عالمية فورية وواسعة النطاق ومنسقة، فإننا نخاطر بوقوع عشرات الآلاف من الوفيات التي يمكن منعها في الأشهر المقبلة”.
وأشار كذلك إلى أنه “في أسرة المنظمة الدولية للهجرة في السودان، أصبح الحزن رفيقا دائما. كل أسبوع، نحزن على فقدان صديق أو فرد من العائلة، أخذه العنف أو المأساة بعيدا عن أحبائه”.
وأثنى على شجاعة شعب السودان التي لا تصدق، “لكنهم يحتاجون إلينا الآن أكثر من أي وقت مضى للوقوف معهم”. وقال رفعت: “كل يوم نتأخر فيه، نفقد المزيد من الأرواح، وتتحطم المزيد من الأحلام، ويُسرق المزيد من المستقبل”.
وأضاف: “يتعين علينا معا أن نضمن ألا يفقد شعب السودان الأمل، وألا يقف وحيدا في أحلك ساعاته. كفى. يستحق شعب السودان السلام”.
* مركز أخبار الأمم المتحدة
الوسومالسودان الفاشر المنظمة الدولية للهجرة اليونيسف جنيف جيمس إلدر شمال دارفور محمد رفعت مخيم زمزم منظمة الأمم المتحدة للطفولةالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: السودان الفاشر المنظمة الدولية للهجرة اليونيسف جنيف جيمس إلدر شمال دارفور محمد رفعت مخيم زمزم منظمة الأمم المتحدة للطفولة المنظمة الدولیة للهجرة انعدام الأمن الغذائی الأمم المتحدة شعب السودان فی السودان المزید من إلى أن کل یوم
إقرأ أيضاً:
في غزة لا تنجو حتى بعد النزوح.. قصة أبو همام
نزح أحمد صيام من شمال غزة مع أسرته المكونة من 8 أفراد، بعد أن تصاعدت الهجمات الإسرائيلية، لكنه لم يحمل معه إلا ما خفّ وزنه وثقل وجعه، ولم يكن يتخيل أن يغادر منزله في يوم من الأيام بلا رجعة، ولا أن يُضطر إلى تركه دون أن يلقي نظرة أخيرة عليه.
وحين وصلت العائلة إلى دير البلح، كان الخبر قد سبَقهم: "الدار طارت.. والدكانة احترقت"، ومع هذا الخبر لم يعد للبيت، الذي بناه أبو همام حجرا فوق حجر، وشهد أولى خطوات أولاده، أي أثر.
ما كان فقدان البيت وحده هو الألم الأكبر، بل مصدر رزقه الوحيد -محل صغير لبيع الأدوات المنزلية- احترق بالكامل بفعل القصف، وذهبت معه سنوات من التعب والسعي لستر العائلة.
ووسط هذا الانهيار، وأثناء النزوح، تعرّض الابن الأكبر همام، لإصابة مباشرة في ركبته من شظية حادة اخترقت جسده الهشّ.
وكانت المراكز الطبية غير قادرة على التعامل مع حالته كما ينبغي، بسبب نقص حاد في الأدوية، وقوائم انتظار طويلة، وتكاليف علاجية تفوق طاقة العائلة. كما جلس همام أياما دون مسكنات كافية، ولا أمل واضح في الشفاء.
يروي الأب تفاصيل العلاج بتنهيدة ثقيلة، ويصف شعوره بالعجز كمن يطفو في بحر بلا ضفة.
إعلانويعرف صيام أن كل يوم تأخير في العلاج قد يترك أثرا دائما على قدم ابنه، لكن لا قدرة له على فعل شيء.
ورغم كل ما خسره، لا يزال أبو همام متمسّكا بغزة، لا يرى في التهجير خيارا، ولا في مغادرة الأرض خلاصا، ويقول لمن حوله إن البقاء هنا، ولو وسط الدمار، هو الكرامة الأخيرة التي لا يجب التنازل عنها.
وتختصر قصة عائلة صيام واقع آلاف الأسر في قطاع غزة، التي وجدت نفسها بين نيران القصف ومرارة النزوح، في ظل ظروف إنسانية تتفاقم يوما بعد يوم بفعل استمرار العدوان الإسرائيلي والحصار الخانق.