وصل المبعوث الأميركي الخاص، عاموس هوكستين، إلى لبنان اليوم الأربعاء، في إطار استئناف جهوده الرامية إلى خفض التصعيد بين حزب الله وإسرائيل وتجنب اندلاع حرب شاملة.

وخلال زيارته القصيرة إلى لبنان، التقى هوكستين برئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وقائد الجيش العماد جوزاف عون، كما عقد اجتماعاً مع عدد من نواب قوى المعارضة في مجلس النواب، وهم: جورج عدوان، فؤاد مخزومي، إلياس حنكش، وميشال الدويهي.

وتأتي زيارة المبعوث الأميركي للبنان في وقت تزداد فيه المخاوف من اندلاع حرب واسعة بين إسرائيل من جهة وحزب الله وإيران من جهة أخرى، بعد اتهام الأخيرة بقتل رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية، في طهران، ومقتل القائد العسكري البارز في حزب الله فؤاد شكر، بغارة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت أواخر يوليو الماضي.

وفي زيارته السابقة للمنطقة في يونيو الماضي، أعلن هوكستين أن وقف إطلاق النار في غزة سيؤدي إلى تخفيف التصعيد العسكري في جنوب لبنان، وهو ما فُهم حينها على أنه تعليق لمهمته حتى تحقيق ذلك الهدف.

هل الحل ممكن؟

أكد هوكستين، خلال مؤتمر صحفي من مقر الرئاسة الثانية في عين التينة بعد لقائه بري، أن "أي صفقة تتعلق بغزة ستسهم في التوصل إلى حل دبلوماسي في لبنان، وستحول دون اندلاع حرب أكبر، كما ستخلق الظروف المناسبة لعودة النازحين اللبنانيين إلى الجنوب وسكان شمال إسرائيل إلى منازلهم".

وأضاف أن "الرئيس الأميركي جو بايدن يعمل بلا كلل لتحقيق هذا الهدف، وقد طلب مني العودة إلى لبنان قبل استئناف المفاوضات بشأن غزة هذا الأسبوع".

وأشار إلى أن "الصراع المستمر بين حزب الله وإسرائيل يجب أن ينتهي عبر حلول دبلوماسية"، مؤكداً أن التوصل إلى حل دبلوماسي "أمر طارئ"، ويجب تهدئة الأوضاع على الحدود بين لبنان وإسرائيل.

من جانبه، جدد بري تأكيده على ضرورة "وقف الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة ولبنان"، معرباً عن "قلقه الشديد من التصعيد السياسي والعسكري الإسرائيلي"، كما أكد تمسك لبنان بالتمديد لمهام قوة "اليونيفيل" وفقاً لمنطوق القرار الأممي 1701، مشيراً إلى أن "لبنان يطالب بتطبيقه منذ لحظة صدوره عام 2006".

في السياق نفسه، شدد ميقاتي، خلال اجتماعه مع هوكستين، على أن "مدخل الحل يكمن في وقف إطلاق النار في غزة، وتطبيق قرارات مجلس الأمن، لا سيما القرار 1701، الذي يضمن استقرار الجنوب".

ما أهمية الزيارة؟

زيارة هوكستين إلى لبنان تحمل أهمية كبيرة، كما يرى الباحث في الشأن السياسي نضال السبع "خصوصاً أنها تأتي قبل يوم واحد من الجلسة المفترضة للمفاوضات في قطر".

ويوضح السبع في حديث لموقع "الحرة" أن "هوكستين، الذي اطّلع على مطالب الإسرائيليين، جاء إلى لبنان إما لنقل هذه المطالب أو لتقل تهديدات إسرائيلية"، لافتاً إلى أن "المبعوث الأميركي، خلال زياراته المتكررة للبنان على مدى الأشهر الماضية، ركّز على مطلب واحد هو إبعاد حزب الله عن الحدود الجنوبية لمسافة تتراوح بين 10 و15 كيلومتراً".

ويرى السبع أنه إذا تم تحقيق هذا المطلب عبر المفاوضات، "فقد يتم الوصول إلى تسوية"، أما إذا رفض حزب الله هذا المقترح، فلا يستبعد أن "يستغل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ذلك لافتعال أحداث أمنية تؤدي إلى تصعيد عسكري كبير في جنوب لبنان".

من جانبه يرى الباحث والكاتب السياسي، الدكتور مكرم رباح، أن زيارة هوكستين للمنطقة لن يكون لها تأثير على التطورات الجارية، مشيراً إلى أن المبعوث الأميركي "فقد قدرته على إقناع الجانب الإسرائيلي بأن الحكومة اللبنانية وحزب الله مستعدان للتفاوض."

ويضيف رباح في حديث لموقع "الحرة" أن "هوكستين لا يسعى لتهدئة الأوضاع، بل جاء لتحذير حزب الله وإيران من مغبة الدخول في حرب مفتوحة، وقد أبلغ الجانب اللبناني وحزب الله وإيران سابقاً بأن إدارة الرئيس بايدن تقف بحزم إلى جانب إسرائيل".

أما الباحث والأكاديمي الإسرائيلي إيدي كوهين فيعتبر أن "هوكستين، فقد مصداقيته لدى الجانبين الإسرائيلي واللبناني"، مشيراً إلى أن "حزب الله يواصل تكرار تهديداته بالانتقام"، مؤكداً أن "لا مفر من هذا الانتقام، لكن السؤال فيما إن كانت إسرائيل سترد على هذا الانتقام، وما إذا كان ذلك سيقود إلى حرب شاملة".

وتصاعدت في لبنان دعوات تطالب بعدم استقبال هوكستين، إذ يتهمه البعض من "محور الممانعة" "بالتورط في اغتيال شكر"، حيث يزعم منتقدوه أنه "نقل للبنان موقفاً أميركياً مضللاً، مفاده أن الضاحية الجنوبية ومطار بيروت لن يكونا هدفاً لضربة إسرائيلية في الرد على مجزرة مجدل شمس".

ويشدد كوهين في حديث لموقع "الحرة" على أن التوتر ليس مع حزب الله وحده، مشيراً إلى أن النظام الإيراني يسعى للرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، متسائلاً (من قال إن إسرائيل هي من اغتالته؟!)، كما يشير إلى رغبة الحوثيين في الرد بعد قصف الحديدة، معرباً عن اعتقاده بأنه "لا مفر من حرب إقليمية واسعة وشاملة، قد تكون سريعة لا تستمر أكثر من بضعة أيام إلى أسبوعين، أو ربما تطول دون أن يعلم أحد مداها".

مشهد ضبابي

وفيما يخص جولة المفاوضات، المزمع عقدها في قطر غداً الخميس، يوضح السبع أنه "إذا اتفقت جميع الأطراف على الصفقة المطروحة، فسيعتبر الجميع رابحاً. حيث سيتمكن نتانياهو من تقديم نفسه للمجتمع الإسرائيلي على أنه نجح في تدمير البنية الأمنية والعسكرية لحركة حماس وتمكّن من استعادة الأسرى عبر العمليات العسكرية والمفاوضات".

من جهة أخرى، "سيستطيع قائد حركة حماس في غزة، يحيى السنوار، القول إنه واجه إسرائيل لمدة 11 شهراً وتمكن من الإفراج عن أسرى وإجبار المجتمع الدولي على إعادة إعمار غزة من خلال المفاوضات".

كما أن "أي إنجاز يحققه هوكستين في جنوب لبنان سيعدّ مكسباً له" وفقاً لما يقوله السبع "وقد يضمن له مكانة في إدارة المرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية الأميركية، كامالا هاريس، المحتملة".

كذلك ستعتبر الإدارة الأميركية الحالية، وفقاً لما يقوله الباحث في الشأن السياسي، أن "التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة أو اتفاق في جنوب لبنان إنجازاً كبيراً"، ومع ذلك، يشير إلى أن "رفض السنوار المشاركة في المفاوضات، وعدم قدوم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى المنطقة أمس الثلاثاء، يعتبر مؤشراً على أن المفاوضات قد تواجه الفشل".

جلسة مفاوضات الخميس تعتبر مفصلية، كما يشدد السبع "فإما أن تؤدي إلى تسوية كبرى على جبهتي غزة وجنوب لبنان، أو إلى تصعيد شامل في المنطقة".

من جانبه يؤكد رباح أن وصول لبنان إلى هذه المرحلة الخطرة يعود إلى "فشل الطبقة الحاكمة وحزب الله في تقديم تنازلات واضحة تساهم في إعادة تفعيل القرار 1701".

أما كوهين فيقول "الكرة الآن في ملعب حزب الله وإيران والحوثيين" واصفاً المشهد الحالي بالضبابي، لكنه في ذات الوقت يؤكد أن الجيش الإسرائيلي والإسرائيليين "مستعدون لأي طارئ".

يُذكر أن إسرائيل وجماعة حزب الله، المصنفة إرهابية، تتبادلان القصف بشكل شبه يومي عبر الحدود، منذ الهجوم الذي شنته حركة حماس في 7 أكتوبر على إسرائيل، الذي أدى إلى اندلاع الحرب في قطاع غزة. ومع اغتيال شكر، تصاعدت المخاوف من توسّع رقعة الحرب لتشمل لبنان والمنطقة بأكملها.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: المبعوث الأمیرکی حزب الله وإیران فی جنوب لبنان إلى لبنان وحزب الله إلى أن على أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

رمضان في سجون “إسرائيل”.. قمع وتجويع بحق الأسرى الفلسطينيين

 

الثورة/ متابعات

منذ اللحظة الأولى لدخول الأسرى الفلسطينيين إلى سجون الاحتلال، يواجهون تحديات قاسية، لكنهم يصرون على خلق حياة خاصة داخل المعتقلات، انتظارًا للحظة الإفراج التي تأتي عادة بصفقات تبادل تنظمها فصائل المقاومة.
فرغم ظلم الزنازين، يسعى الأسرى لصناعة واقع يمنحهم الأمل والقوة في مواجهة القمع الإسرائيلي.
ومع حلول شهر رمضان، تتضاعف هذه التحديات، لكن الأسرى يتمسكون بأجواء الشهر الفضيل رغم كل القيود والانتهاكات التي يفرضها الاحتلال عليهم.
ورغم القيود المشددة، يسعى الأسرى لصناعة أجواء رمضانية تذكرهم بالحرية، وتمنحهم قليلًا من الروحانيات وسط ظروف الاحتجاز القاسية، يحرصون على التقرب إلى الله بالدعاء والعبادات، رغم التضييق على أداء الصلاة الجماعية ومنع رفع الأذان.
حيث يقوم الأسرى بتحضير أكلات بسيطة بأقل الإمكانيات، مثل خلط الأرز الجاف مع قطع الخبز والماء لصنع وجبة مشبعة.
والتواصل الروحي مع العائلة بالدعاء لهم، خاصة بعد منع الاحتلال لهم من معرفة أخبار ذويهم.
ولكن كل هذه الممارسات تعرضت للقمع الشديد خلال الحرب الأخيرة على غزة، حيث فرض الاحتلال إجراءات أكثر تشددًا على الأسرى الفلسطينيين.

شهادات
كشف المحرر الغزي ماجد فهمي أبو القمبز، أحد الأسرى المفرج عنهم ضمن صفقة “طوفان الأحرار”، عن معاناة الأسرى في رمضان الأخير قبل الإفراج عنه، قائلًا: “أجبرنا الاحتلال على أن يمر رمضان كأنه يوم عادي بل أسوأ، فقد كان ممنوعًا علينا الفرح أو الشعور بأي أجواء رمضانية”.
ومع بدء الحرب، شدد الاحتلال قبضته على الأسرى عبر: تقليل كميات الطعام، حيث لم تزد كمية الأرز اليومية المقدمة للأسرى عن 50-70 جرامًا فقط، مما اضطرهم إلى جمع وجبات اليوم بأكملها لتناولها وقت الإفطار.
بالإضافة إلى منع أي أجواء رمضانية داخل السجون، بما في ذلك رفع الأذان أو أداء الصلوات الجماعية، حتى وإن كانت سرية.
ومصادرة كل المقتنيات الشخصية، ولم يبقَ للأسرى سوى غطاء للنوم ومنشفة وحذاء بسيط.
والاعتداءات اليومية، حيث كان السجان يقمع الأسرى لأي سبب، حتى لو ضحك أسيران معًا، بحجة أنهما يسخران منه!

تعتيم
ومنع الاحتلال الأسرى من معرفة أي أخبار عن عائلاتهم، بل تعمد نشر أخبار كاذبة لإضعاف معنوياتهم، مدعيًا أن عائلاتهم استشهدت في الحرب.
وقد عانى المحرر أبو القمبز نفسه من هذا التعتيم، إذ لم يعرف من بقي من عائلته على قيد الحياة إلا بعد خروجه من الأسر!.
ويواجه الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال انتهاكات خطيرة، في ظل صمت دولي مخجل، وفي رمضان، حيث يتضاعف القمع والتنكيل، تبقى رسالتهم واحدة، إيصال معاناتهم إلى العالم وكشف جرائم الاحتلال بحقهم، والمطالبة بتدخل المنظمات الحقوقية لوقف التعذيب والتجويع المتعمد داخل السجون، والضغط على الاحتلال للإفراج عن الأسرى، خاصة في ظل تزايد حالات القمع والإهمال الطبي.

مقالات مشابهة

  • كيف تفضح طموحات نتنياهو نقاط ضعف الاحتلال الإسرائيلي؟
  • الخارجية العراقية: وصلتنا رسائل بنية الكيان الصهيوني شن سلسلة ضربات على بلدنا
  • جيش الاحتلال الإسرائيلي يشن عدوانا على البقاع الغربي في لبنان
  • وزير الدفاع الإسرائيلي: إذا تجرأ الأعداء على رفع أيديهم ضد دولة إسرائيل مرة أخرى، فستُقطع هذه اليد
  • النائب فضل الله في تشييع شهداء مارون الراس: الإدارة الأميركية والعدو الإسرائيلي يبتزان لبنان
  • ضغوط أميركية للتفاوض مع إسرائيل ولبنان يطالب بتفكيك ألغام الاحتلال
  • أغلبية في إسرائيل تفضل إعادة الأسرى على القضاء على حماس
  • العالم يحبس أنفاسه.. غياب التوصل لاتفاق جديد قبل 18 أكتوبر يدفع الأزمة النووية الإيرانية إلى سيناريو الحرب الشاملة
  • 10 معوقات تمنع حزب الله من العودة إلى الحرب!
  • رمضان في سجون “إسرائيل”.. قمع وتجويع بحق الأسرى الفلسطينيين